بسبب الاكتظاظ والركام ونقص الوقود... توزيع المساعدات في غزة عملية معقّدة

الكمية التي تصل إلى القطاع أقل بكثير من المعتاد

طفلة فلسطينية هربت من منزلها تحمل طبقها من الطعام الذي حصلت عليه في نقطة توزيع الغذاء حيث لجأت هي وعائلتها إلى الخيام التي أقيمت في مركز تديره الأمم المتحدة (أ.ف.ب)
طفلة فلسطينية هربت من منزلها تحمل طبقها من الطعام الذي حصلت عليه في نقطة توزيع الغذاء حيث لجأت هي وعائلتها إلى الخيام التي أقيمت في مركز تديره الأمم المتحدة (أ.ف.ب)
TT

بسبب الاكتظاظ والركام ونقص الوقود... توزيع المساعدات في غزة عملية معقّدة

طفلة فلسطينية هربت من منزلها تحمل طبقها من الطعام الذي حصلت عليه في نقطة توزيع الغذاء حيث لجأت هي وعائلتها إلى الخيام التي أقيمت في مركز تديره الأمم المتحدة (أ.ف.ب)
طفلة فلسطينية هربت من منزلها تحمل طبقها من الطعام الذي حصلت عليه في نقطة توزيع الغذاء حيث لجأت هي وعائلتها إلى الخيام التي أقيمت في مركز تديره الأمم المتحدة (أ.ف.ب)

تواجه عملية توزيع المواد الغذائية والإمدادات الطبية في غزة عثرات بسبب النقص الحاد في الوقود، ونهب المتاجر، وتكدس الشوارع بالركام الذي خلفه القصف الإسرائيلي، والاكتظاظ الناجم عن نزوح المدنيين، بحسب تقرير أعدته «رويترز».

ويقول المسؤولون عن المساعدات إنه رغم الزيادة الطفيفة في الإمدادات، فإن عدد شاحنات المساعدات التي تدخل غزة، وهو في المتوسط 14 شاحنة يومياً، لا يزال ضئيلاً مقارنة مع 400 شاحنة كانت تدخل في الأوقات العادية يومياً لسكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة ويحتاجون الآن إلى مواد أساسية مثل الخبز.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم، إن «مستوى المساعدات الإنسانية المسموح بدخولها إلى غزة حتى هذه اللحظة غير كافٍ على الإطلاق ولا يتناسب مع احتياجات الناس في غزة، مما يؤدي إلى تفاقم المأساة الإنسانية».

من جهتها، أشارت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) أمس (الاثنين) إلى أنها سلمت مئات الأطنان من الطحين (الدقيق) إلى 50 مخبزاً في غزة في اليوم السابق، مما ساعد على خفض أسعار الخبز بواقع النصف، وإلى الملاجئ التي تستضيف مئات الآلاف من الأشخاص.

فلسطينيون يحملون أكياساً من البقول المجففة من مركز إمداد المساعدات الذي تديره الأمم المتحدة (أ.ف.ب)

لكن الوكالة، التي تدير أكبر عملية للمساعدات في غزة، قالت إن اقتحام الجياع من سكان غزة لثاني أكبر مستودعاتها يوم الأحد سيزيد من تعقيد عملها على الأرجح.

وتواجه القاعدة اللوجستية التابعة لـ«الأونروا» عند معبر رفح الحدودي صعوبات في أداء مهامها بسبب لجوء ثمانية آلاف نازح إليها. وتعد القاعدة حيوية لتوزيع المساعدات.

وأضافت الوكالة أن 67 من موظفيها في غزة قُتلوا منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وهو أكبر عدد يُقتل من موظفي الأمم المتحدة في أي صراع في مثل هذه الفترة القصيرة.

وأوضحت المتحدثة باسم «الأونروا» جولييت توما، أن أولوية الوكالة هي تقديم المساعدات إلى 150 من الملاجئ التي تضم 670 ألف نازح على الأقل، والأولوية الأخرى هي توفير دقيق القمح للمخابز.

وذكرت أن القيام بأي شيء أكثر من ذلك «يفوق قدرتنا بكثير».

وأضافت أن عدد النازحين يزيد بأربعة أمثال عما خططت له «الأونروا» قبل الحرب باعتباره أسوأ سيناريو.

وقال الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر إن مستودعاته في مدينة غزة تعرضت «لأضرار جسيمة» أمس (الاثنين) وخرجت عن الخدمة.

النازحون الفلسطينيون الذين فروا من منازلهم ينتظرون عند نقطة توزيع الطعام حيث يحتمون في الخيام التي أقيمت في مركز تديره الأمم المتحدة (أ.ف.ب)

وتفرض إسرائيل حصاراً على قطاع غزة وترفض السماح بإدخال الوقود وتقول إن «حماس» قد تستخدمه في تحقيق أهداف عسكرية.

وقال جوناثان كريكس مدير الإعلام في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في فلسطين: «التهديد المستمر الذي يشكله القصف والركام ونقص الوقود يجعل الطرق خطيرة للغاية ويتعذر السير عليها في مناطق كثيرة من قطاع غزة». وأضاف أنه رغم إدخال «اليونيسيف» الإمدادات الطبية للقطاع، أصبح «التوزيع أكثر صعوبة».

الصرف الصحي «بشع»

انخفضت تدفقات المساعدات إلى غزة بشكل حاد منذ أن بدأت إسرائيل قصف القطاع الفلسطيني رداً على هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر.

وأثارت حصيلة القتلى جراء القصف الإسرائيلي غضب العالم. وقالت السلطات الطبية في قطاع غزة اليوم (الثلاثاء) إن 8525 شخصاً، من بينهم 3542 طفلاً، قُتلوا. ويقول مسؤولو الإغاثة إن التوزيع صعب في شمال غزة تحديداً، وهو المحور الرئيسي للعملية العسكرية الإسرائيلية، وأوقفت بعض الجهات جميع عمليات التسليم.

وقال كريستيان ليندماير المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية اليوم، إن المنظمة لم ترسل مساعدات إضافية إلى المستشفيات في شمال غزة منذ 24 أكتوبر بسبب غياب الضمانات الأمنية. وأضاف أن هناك كارثة وشيكة في الصحة العامة بسبب النزوح الجماعي والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للمياه والصرف الصحي.

وأضاف أن منشآت الرعاية الصحية في غزة تعرضت إلى 82 هجوماً منذ بدء الصراع في السابع من أكتوبر، وقُتل 491 شخصاً في الهجمات، من بينهم 16 من العاملين في مجال الصحة وقت الخدمة، وتضررت 28 سيارة إسعاف أو دُمرت.

وقال ريك برينان مدير برنامج الطوارئ بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، لـ«رويترز» إن الأوضاع مزرية مع نزوح 1.4 مليون شخص في مثل هذه المنطقة المكتظة بالسكان. وأضاف: «الصرف الصحي بشع؛ أعني أنني كنت أتحدث للتو مع زميلة في (الأونروا)، قالت إن الظروف المعيشية دون المستوى الإنساني. أين يذهب الناس إلى المرحاض؟ كيف يمكنك التخلص من كل هذه المخلفات؟».

وتابع أن مثل هذه الأوضاع تهيئ الظروف لتفشي أمراض مثل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي والجلد مثل الجرب.

وفي القاهرة، قال المبعوث الأميركي الخاص ديفيد ساترفيلد، الذي يتفاوض مع إسرائيل ومصر بشأن تسليم المساعدات، إن تقديم المساعدات الإنسانية أمر بالغ الأهمية لغزة، التي يقول سكانها إن الغذاء والماء على وشك النفاد.

أشخاص يوزعون الطعام في مخيم مؤقت للنازحين في خان يونس بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال في مؤتمر صحافي: «هذا مجتمع على حافة الهاوية ويائس... وعلى جهات الأمم المتحدة أن تثبت أن المساعدات ليست عرضية».

وتباطأ تدفق المساعدات من مصر بسبب نظام التفتيش المتفق عليه مع إسرائيل والذي تنطلق بموجبه الشاحنات من معبر رفح على امتداد الحدود المصرية - الإسرائيلية قبل العودة باتجاه غزة. ووصفت جولييت توما النظام بأنه «مرهق للغاية».


مقالات ذات صلة

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

المشرق العربي تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

ينشغل الفضاء السياسي والشعبي العراقي بصورة جدية هذه الأيام باحتمالات توسيع إسرائيل دائرة حربها؛ لتشمل أهدافاً كثيرة في عموم البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

تقف يومياً ولساعات طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة خبز» واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

من «سبايك»إلى «ألماس»... «حزب الله» يستخدم صواريخ استنسختها إيران من طراز إسرائيلي

عناصر من «حزب الله» تشارك في تمرين عسكري خلال جولة إعلامية نُظمت في عرمتى بلبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «حزب الله» تشارك في تمرين عسكري خلال جولة إعلامية نُظمت في عرمتى بلبنان (أرشيفية - رويترز)
TT

من «سبايك»إلى «ألماس»... «حزب الله» يستخدم صواريخ استنسختها إيران من طراز إسرائيلي

عناصر من «حزب الله» تشارك في تمرين عسكري خلال جولة إعلامية نُظمت في عرمتى بلبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «حزب الله» تشارك في تمرين عسكري خلال جولة إعلامية نُظمت في عرمتى بلبنان (أرشيفية - رويترز)

أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، السبت، نقلاً عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين، بأن «حزب الله» اللبناني استخدم نوعاً من الصواريخ، استنسخته إيران من طراز إسرائيلي استولى عليه الحزب في حرب 2006.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولي دفاع إسرائيليين وغربيين وخبراء في الأسلحة قولهم إن من المعتقد أن مقاتلي «حزب الله» استولوا على صواريخ «سبايك» المضادة للدبابات خلال حرب 2006، وأرسلوها إلى إيران التي صنعت نسخاً منها.

وبعد 18 عاماً، يستخدم مقاتلو «حزب الله» الصواريخ، بعد تسميتها «ألماس»، ضد قواعد مدفعية إسرائيلية وأنظمة اتصال ودفاع جوي بقوة ودقة كافية، لتُشكل تهديداً خطيراً على القوات الإسرائيلية.

وقال محمد الباشا، محلل أسلحة الشرق الأوسط، الذي يدير شركة استشارية للمخاطر مقرها فرجينيا، للصحيفة، إن صاروخ «ألماس» مثال على الاستخدام المتزايد للأسلحة المُصنعة في إيران، والتي «تُغير بشكل أساسي ديناميكيات القوة الإقليمية».

وأضاف الباشا: «ما كان في السابق يعد انتشاراً تدريجياً لأجيال الصواريخ القديمة تحوَّل إلى نشر سريع للتكنولوجيا المتطورة عبر ساحات القتال النشطة».

ووفق الصحيفة، فصواريخ «ألماس» من بين مخزونات أسلحة «حزب الله» التي استولت عليها القوات الإسرائيلية منذ بدء غزوها للبنان قبل نحو شهرين، وفقاً لمسؤولين دفاعيين إسرائيليين، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة معلومات استخباراتية حساسة.

وبرزت الصواريخ بوصفها أحد الأسلحة الأكثر تطوراً بين مخبأ كبير من الذخائر ذات الجودة المنخفضة في الغالب، بما في ذلك صواريخ «كورنيت» المضادة للدبابات المصممة في روسيا.

وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأسبوع الماضي أن القوات الإسرائيلية المتقدمة في جنوب لبنان عثرت على مخزونات كبيرة من الأسلحة الروسية التي تعزز قدرة «حزب الله» القتالية.

و«ألماس» صاروخ موجه لا يحتاج إلى خط نظر مباشر لإطلاقه من المركبات البرية والطائرات دون طيار والمروحيات والصواريخ المحمولة على الكتف. إنه ما يُسمى بصاروخ الهجوم العلوي، ما يعني أن مساره الباليستي يمكن أن يضرب من فوق أهدافه مباشرة بدلاً من الجانب، ويضرب الدبابات؛ حيث تكون مدرعة بشكل خفيف وعرضة للخطر.

يبدو أن معرضاً، خلال عام 2023 يعرض المعدات العسكرية الإيرانية التي استضافتها وزارة الدفاع، أظهر صاروخين قصيري المدى من طراز «ألماس». وهناك ما لا يقل عن 3 أنواع معروفة من صواريخ «ألماس»، كل منها مطور عن سابقتها.

وفي يونيو (حزيران) الماضي، قال باحثو «ألما» في إسرائيل إن «حزب الله» يبدو أنه يستخدم الجيل الرابع الأحدث الذي -من بين تحسينات أخرى- أرسل صوراً أكثر وضوحاً لرحلته إلى مشغليه.

ويمكن أن يحمل صاروخ «ألماس» نوعين من الرؤوس الحربية، وفقًا لمجموعة «CAT-UXO»، وهي مجموعة للتوعية بالذخائر. ويمكن لأحدهما أن ينفجر على مرحلتين، ما يسهل اختراق الدروع، والآخر عبارة عن قنبلة وقود هوائية تنفجر في كرة نارية.

وظهرت صواريخ «ألماس» لأول مرة بعد سنوات من انتهاء حرب «تموز 2006». فبعد وقت قصير من انتهاء الحرب، فحص الجيش الإسرائيلي مخزون المعدات التي نشرها في لبنان. ووفق الصحيفة، ظهرت تناقضات بين ما جرى إدخاله إلى لبنان، وما تمت إعادته، وما تم تأكيد تدميره في القتال. وأصبح من الواضح أن نظام صواريخ «سبايك» بأكمله، بما في ذلك قاذفة وعدة وحدات صاروخية، قد تُرك على الأرجح في الميدان، وفقاً لاثنين من مسؤولي الدفاع الإسرائيليين.

ومنذ تلك اللحظة، عرفت إسرائيل أن هناك خطراً كبيراً من نقل الأسلحة إلى إيران؛ حيث يمكن تفكيكها وعكس هندستها.