إحباط هجمات على القوات الأميركية في العراق وسط دعوات «الثأر» لغزة

رئيس وزراء أسبق يتحدث عن «معركة طويلة الأمد»

قاعدة «عين الأسد» الجوية في الأنبار غرب العراق (أرشيفية-أ.ب)
قاعدة «عين الأسد» الجوية في الأنبار غرب العراق (أرشيفية-أ.ب)
TT

إحباط هجمات على القوات الأميركية في العراق وسط دعوات «الثأر» لغزة

قاعدة «عين الأسد» الجوية في الأنبار غرب العراق (أرشيفية-أ.ب)
قاعدة «عين الأسد» الجوية في الأنبار غرب العراق (أرشيفية-أ.ب)

تصاعدت في العراق دعوات «الثأر والانتقام» من إسرائيل بعد القصف الذي استهدف مستشفى المعمداني في قطاع غزة، مساء الثلاثاء، وفيما دعا سياسيون عراقيون إلى «طرد السفيرة الأميركية من بغداد»، والاستعداد لمعركة طويلة الأمد، أحبط الجيش الأميركي هجومين بطائرات مسيرة على قاعدتي «حرير» و«عين الأسد» العسكريتين، غربي وشمالي البلاد.

ويتوقع سياسيون عراقيون أن تنخرط فصائل مسلحة أكثر في أزمة قطاع غزة بعد الهجوم الذي استهدف المستشفى، لكن من المحتمل أن تستهدف الهجمات «الانتقامية» التي يتحدثون عنها مواقع مصالح أميركية في العراق وبلدان مجاورة.

وقال مسؤول في حكومة إقليم كردستان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «دفاعات قاعدة (الحرير) العسكرية التي تتواجد فيها قوات أميركية، قرب مدينة أربيل، أسقطت ظهر اليوم (الأربعاء) مسيرة مجهولة كانت تنوي مهاجمتها».

صورة وزعها جهاز مكافحة إرهاب إقليم كردستان للمسيرة التي أسقطتها دفاعات قاعدة «حرير» العسكرية قرب أربيل اليوم

ورغم ذلك، كانت وسائل إعلام كردية تقول إن «القاعدة قصفت بالفعل بطائرة مسيرة»، فيما تبنى فصيل مسلح يطلق على نفسه «تشكيل الوارثين - غرفة عمليات طوفان الأقصى» الهجوم على القاعدة الأميركية.

وقال الفصيل في بيان نشرته وسائل إعلام، إنه «ضمن عمليات إسناد طوفان الأقصى، نعلن استهداف قاعدة الاحتلال الأميركي في شمال العراق، قاعدة (الحرير)، بطائرة مسيرة في تمام الساعة الثانية عشرة من ظهر الأربعاء»، فيما لم يتسن التأكد من صحة البيان وخلفية هذا الفصيل.

وبحسب دراسة نشرها معهد واشنطن للدراسات في 2022، فإن «تشكيل الوارثين» هو جماعة لها صلة متكررة بالعمليات الحركية التي يديرها «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني والتي يُقصد منها أن تكون «قابلة للإنكار».

وكشف تقرير لـ«الشرق الأوسط»، أمس الثلاثاء، أن فصائل عراقية موالية لإيران شكلت غرفة عمليات للمقاومة من 3 بلدان، إلى جانب حركة «حماس»، فيما أكدت المصادر أن المزيد من المقاتلين تدفقوا خلال الأيام الماضية إلى سوريا ولبنان.

وقبل هجوم قاعدة «حرير»، أحبط الجيش الأميركي هجوماً استهدف قواته في قاعدة «عين الأسد»، في محافظة الأنبار، بعدما اعترض طائرتين مسيرتين قبل أن تصلا إلى هدفهما، وفقاً لوكالة «رويترز».

وجاءت الهجمات في وقت رفعت فيه واشنطن مستوى التأهب تحسبا لهجمات من جماعات تدعمها إيران في ظل تصاعد حاد في التوتر في المنطقة بسبب حرب إسرائيل مع حركة «حماس».

وجاء الهجومان بعد ليلة مضطربة في بغداد ومدن أخرى، إذ خرج المئات إلى الشوارع للتنديد بالقصف الذي تعرض له مستشفى غزة.

وهتف المتظاهرون بشعارات مناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل وقالوا إنهم يريدون اقتحام السفارة الأميركية بسبب دعم واشنطن لإسرائيل.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر أمنية عراقية أن «معلومات وردت إلى جهات إنفاذ القانون تفيد بأن مجموعات محلية تنوي محاصرة بعثات دبلوماسية في بغداد».

وقالت «كتائب حزب الله»، إن الولايات المتحدة التي تساند إسرائيل في قتل الأبرياء يجب أن تخرج من العراق، وتابعت في بيان صحافي، «إن لم يخرجوا فإنهم سيذوقون نار جهنم في الدنيا قبل الآخرة».

ودعا رئيس كتلة «الصادقون» النيابية، التابعة لحركة «عصائب أهل الحق»، إلى «بدء الثأر والانتقام من الكيان الصهيوني عبر حرق سفاراته في كل العالم، وطرد السفيرة الأميركية من العراق».

صورة نشرها الجيش الأميركي من زيارة رئيس أركان الجيش العراقي الفريق أول ركن عبد الأمير يار الله إلى قاعدة «عين الأسد» في أغسطس الماضي

وقال رئيس «منظمة بدر»، هادي العامري، إنهم «لن يترددوا في اعتبار الولايات المتحدة والغرب شركاء في المذبحة».

في السياق، دعا رئيس الوزراء الأسبق، عادل عبد المهدي «العراقيين إلى الاستعداد لمعركة طويلة الأمد مع الغرب وإسرائيل»، فيما دعا البرلمان العراقي إلى «تنفيذ قرار اتخذه عام 2019 بإخراج القوات الأميركية وقوات الناتو بكل مسمياتها من العراق».

والحال، أن الفصائل المسلحة تبدي حماسة كبيرة لتنفيذ علميات عسكرية لاستهداف مصالح أميركية في العراق ومواقع أخرى، وفقاً لتعبير قيادي في «الإطار التنسيقي»، لكن حتى الآن يبدو أنهم يتحركون تحت إشراف وأوامر إيرانية.

وللولايات المتحدة 2500 جندي في العراق ولديها 900 في سوريا في مهمة لتقديم المشورة والعون لقوات محلية في قتال تنظيم داعش الذي تمكن في 2014 من الاستيلاء على مساحات شاسعة من البلدين.

وخلال الأعوام المنصرمة، استهدفت جماعات مسلحة مدعومة من إيران بشكل متكرر القوات الأميركية في العراق والسفارة الأميركية في بغداد بالصواريخ لكن مثل تلك الهجمات هدأت بموجب هدنة مبرمة منذ العام الماضي في فترة ينعم فيها العراق بهدوء نسبي.

واتهم مسؤولون أميركيون جماعة «كتائب حزب الله» بالمسؤولية عن هجمات سابقة على مصالح أميركية ونفت الجماعة تلك الاتهامات.

وخلال الأيام الماضية، كررت شخصيات عراقية مقربة من الفصائل المسلحة حديثاً عن «خطة للرد على هجوم إسرائيل»، لكن من دون تفاصيل محددة، بينما يتداولون تخمينات متباينة عن شكل وحجم الرد.

وقال القيادي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأمور بدأت تتضح الآن (...) الهجوم على مستشفى قد يسرع وتيرة الأحداث، وقد نشهد عمليات متفرقة، ليس بالضرورة أن تكون على الجبهة بين غزة وإسرائيل».


مقالات ذات صلة

جمال مصطفى: عرفنا في المعتقل بإعدام الرئيس ونقل جثته للتشفي

خاص عائلة صدام وتبدو حلا إلى يساره (أ.ف.ب) play-circle 03:44

جمال مصطفى: عرفنا في المعتقل بإعدام الرئيس ونقل جثته للتشفي

ليس بسيطاً أن تكون صهر صدام حسين، وسكرتيره الثاني، وابن عشيرته، وليس بسيطاً أن تُسجن من عام 2003 وحتى 2021... فماذا لدى جمال مصطفى السلطان ليقوله؟

غسان شربل
المشرق العربي جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

قالت وزارة الخارجية العراقية إن بغداد وجهت رسائل لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية و«التعاون الإسلامي» بشأن «التهديدات» الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

قال مسؤول دفاعي أميركي إن قائداً كبيراً بـ«حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية خلال حرب العراق، قُتل بسوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، الجمعة، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه القوات المسلحة باتخاذ إجراءات بحق كل من يشن هجمات باستخدام الأراضي العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام «منتدى السلام» في دهوك (شبكة روداو)

وزير الخارجية العراقي: تلقينا تهديدات إسرائيلية «واضحة»

قدّم مسؤولون عراقيون تصورات متشائمة عن مصير الحرب في منطقة الشرق الأوسط، لكنهم أكدوا أن الحكومة في بغداد لا تزال تشدّد على دعمها لإحلال الأمن والسلم.

«الشرق الأوسط» (أربيل)

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)
جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)
TT

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)
جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

قالت وزارة الخارجية العراقية اليوم (السبت) إن بغداد وجهت رسائل لمجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بشأن «التهديدات» الإسرائيلية.

وأضافت الخارجية العراقية في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية، أن بغداد طالبت في رسائلها بإلزام إسرائيل بوقف «العنف المستمر في المنطقة والكف عن إطلاق التهديدات».

وأوضح البيان أن إسرائيل «تخلق مزاعم وذرائع في المنطقة بهدف توسيع رقعة الصراع»، مؤكداً أن لجوء العراق إلى مجلس الأمن «يأتي انطلاقاً من حرصه على أداء المجلس لدوره في حفظ السلم والأمن الدوليين».

كما شدد البيان على أن العراق كان «حريصاً على ضبط النفس فيما يتعلق باستخدام أجوائه لاستهداف إحدى دول الجوار».

وكان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أعلن أمس، أنَّ بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل، وأكد حسين، في كلمة خلال «منتدى الجامعة الأميركية» بدهوك في إقليم كردستان، أنَّ «القوات المسلحة تلقّت أوامر من رئيس الحكومة بمنع أي هجمات تنطلق من الأراضي العراقية»، وشدد على أن بلاده «لا تريد الحرب، وتسعى لإبعاد خطرها»، وفقاً لوكالة الأنباء الرسمية.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد ذكر، في وقت سابق، أنه بعث برسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حثّ فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلحة الموالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.