مُطلق النار على السفارة الأميركية في بيروت استهدف سفارات أخرى

قوى الأمن الداخلي اعتقلته في الضاحية الجنوبية

مبنى السفارة الأميركية في منطقة عوكر شمال بيروت (أ.ب)
مبنى السفارة الأميركية في منطقة عوكر شمال بيروت (أ.ب)
TT

مُطلق النار على السفارة الأميركية في بيروت استهدف سفارات أخرى

مبنى السفارة الأميركية في منطقة عوكر شمال بيروت (أ.ب)
مبنى السفارة الأميركية في منطقة عوكر شمال بيروت (أ.ب)

أظهرت التحقيقات مع مُطلق النار على السفارة الأميركية في بيروت، أنه كان قد استهدف، في شهر أغسطس (آب) الماضي، مجمع السفارات في وسط بيروت أيضاً برشق ناري.

وكان لبناني قد أطلق النار على مبنى السفارة الأميركية في بيروت، ليل 20 سبتمبر (أيلول) الماضي. وأوقفت «شعبة المعلومات» في قوى الأمن الداخلي، مطلع الأسبوع الماضي، المتورط، وذلك «بعملية نوعية» في ضاحية بيروت الجنوبية، وبدأت استجوابه.

وأظهرت التحقيقات الأولية معه أنه يعمل في توصيل الطلبات، وترصّد مداخل ومخارج الطرق المحيطة بالسفارة الأميركية عبر خرائط «غوغل»، وانتقل على دراجة نارية، وأطلق 9 رصاصات باتجاه حائط السفارة، قبل أن يرمي الحقيبة بغرض التمويه، ويخبئ سلاحه بين قدميه في رحلة العودة، وذلك على أثر ما اعتبره «تعاملاً قاسياً» معه، خلال إيصال طلبية قبل شهرين.

وأعلنت «المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي»، في بيان صادر عن «شعبة العلاقات العامة»، الخميس، أنه بنتيجة التوسع بالتحقيق معه، «اعترف أيضاً بإقدامه على إطلاق النار باتجاه مجمع السفارات في محلة زقاق البلاط (وسط بيروت)، ليل 25 أغسطس الماضي»، وقالت إنه «برَّر فعلته بأنه تلاسن مع أحد المواكب، خلال مروره قبل الحادثة بأيام، على جسر الرينغ (وسط بيروت)، حيث أكمل الموكب طريقه ودخل المجمع المذكور».

وقالت «مديرية قوى الأمن» إنه «من خلال مقارنة السلاح المضبوط مع المظاريف الفارغة التي عُثر عليها في موقع إطلاق النار قرب مبنى المجمع - والمضبوطة سابقاً، جاءت النتيجة إيجابية». وأُجرِيَ المقتضى القانوني بحقّه، وأُودع مع المضبوطات المرجع المختص بناء على إشارة القضاء.

وللشاب المتورط في إطلاق النار سجلٌّ حافل في إطلاق النار، ويبلغ 26 عاماً، وسبق أن أطلق النار في عام 2022 على المقر الرئيسي للأمن العام، وأقرّ بذلك خلال التحقيقات معه، قائلاً إنه تلاسن مع ضابط في الأمن العام بسبب الازدحام في تلك الفترة، لتقديم طلب الحصول على جواز سفر، فغادر المكان، وأطلق النار من بعيد، وسُجّلت الحادثة ضد مجهول.



«وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
TT

«وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)

حين قرر «حزب الله»، ومن خلفه إيران، في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تحويل جبهة جنوب لبنان إلى جبهة دعم وإسناد لغزة، التزاماً باستراتيجية «وحدة الساحات» التي تقول إن كل القوى المحسوبة على طهران تتحرك تلقائياً لتدعم أي هجوم على أي منها، لم يستشر أحداً، لا الحلفاء ولا الأخصام، ولم يعد لأي من المؤسسات الدستورية لتغطية قراره هذا، لعلمه بوقتها أن أحداً لن يغطيه.

اليوم وبعد ما يتردد عن قراره فصل مساري غزة ولبنان، بالموافقة على وقف النار، باتت القوى التي تجنبت طوال الفترة الماضية انتقاد هذه السياسة علناً، لا تتردد باعتبار التزام الحزب السابق بهذه الاستراتيجية «خطأ استراتيجياً».

تحسين شروط

ولفت مؤخراً ما قاله الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الذي كان قد ساند «حماس» و«حزب الله» بعد «طوفان الأقصى»، عن وجوب «فصل المسارات ووقف استخدام الجنوب ساحة صراع لدعم غزة أو الضفة»، منتقداً استخدام إيران للبنان في «ربط المسارات من أجل تحسين شروط المناقشات حول موضوع النووي الإيراني».

أما حركة «أمل»، الحليف الأقرب لـ«حزب الله»، التي انخرطت ولو بشكل رمزي بحرب الإسناد، فتشير المعلومات إلى أنها لم تكن تؤيد استراتيجية «وحدة الساحات» لكنها وبعد بدء المواجهات جنوباً انخرطت بالحرب «دفاعاً عن لبنان».

ويتجنب نواب وقياديو الحركة الحديث بهذا الخصوص، إذ يصر «الثنائي الشيعي» على تظهير موقف واحد مرتبط بالحرب الراهنة.

لا مصلحة لبنانية فيها

وكان رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، حليف «حزب الله» منذ عام 2006، أول من خرج ليصف التزام «حزب الله» باستراتيجية «وحدة الساحات» بـ«الخطأ الاستراتيجي»، معتبراً أنها «تصب لصالح دول أخرى وليس لصالح لبنان».

ويشير عضو تكتل «لبنان القوي» جيمي جبور إلى أنه «تم العمل باستراتيجية وحدة الساحات حصراً عند تضامن (حزب الله) مع غزة، وفتحه لجبهة الإسناد التي رأينا منذ البداية ألا مصلحة لبنانية فيها، وإذ تبين لاحقاً أن موقفنا كان صائباً بتراجع الجميع عن هذا الإسناد عملياً، بما فيهم (حزب الله) الذي دفع وحيداً مع لبنان ثمن وحدة الساحات من غير أن نرى إيران، أم غيرها من الدول والقوى، تنضم تضامناً معه إلى هذه المعركة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن كل ما حصل بات يُحتم «إعادة النظر الجذرية باستراتيجية السلاح فور انتهاء المعارك»، مضيفاً: «آن الأوان لحوار داخلي يجعل السلاح في خدمة لبنان فقط دون سواه من الدول ضمن استراتيجية دفاعية تكون الدولة ومؤسساتها صاحبة القرار، ويكون الجيش اللبناني العمود الفقري والأساس في الدفاع عن لبنان».

مقاتل من «حزب الله» يطلق صاروخاً موجهاً (أرشيفية)

بالتسوية أو بالقوة

ويُعدُّ حزب «القوات اللبنانية» أبرز المعارضين لـ«وحدة الساحات»، وبالأصل لوجود «حزب الله» حزباً مسلحاً. وترى عضو تكتل «الجمهورية القوية» غادة أيوب أن «إيران اعتمدت استراتيجية (وحدة الساحات)، لأنها أرادت بذلك أن تكون لاعباً قوياً يتدخل في 5 بلدان عربية عبر أذرعه بدءاً من (حزب الله) في لبنان، والحوثيين في اليمن، و(حماس) في غزة، و(الحشد الشعبي) في العراق، والنظام السوري بوجود (فيلق القدس) والحرس الثوري الإيراني»، مشيرة إلى أنه «غداة إعلان (طوفان الأقصى) في 8 أكتوبر (تشرين الأول) لم تتحرك سوى ساحتين لمساندة (حماس) في غزة انطلاقاً من لبنان واليمن، وبذلك تعطلت استراتيجية وحدة الساحات التي ابتدعتها إيران، وسقطت بمجرد أن رفض النظام السوري الدخول في هذه الحرب لاعتبارات تتعلق بالوجود الروسي على أراضيه واعتبارات أخرى، وكذلك العراق، مع العلم أن إيران، وبالرغم من هذه الاستراتيجية، فهي لم تسلم من الضربات المباشرة على أراضيها والتهديدات المباشرة إذا ما أكملت في سياستها».

وتعدُّ غادة أيوب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الاستراتيجية تنتهي إما عن طريق التسوية مع إيران أو بالقوة»، لافتة إلى أن محور الممانعة أصبح «محوراً صوتياً أو سياسياً لا عسكرياً» كممانع للعلاقة مع إسرائيل لحين تبلور صورة الشرق الأوسط.

مدماك حزام النار

أما مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر، فيوضح أن «استراتيجية وحدة الساحات التي تم تفعيلها عند بدء الحرب على غزة، وشارك فيها اليمن وطبعاً (حزب الله) الذي أعلن جبهة جنوب لبنان جبهة دعم وإسناد، قررت إيران وقفها، وليس بشكل علني، لأنها واجهت ضربة عسكرية إسرائيلية كبيرة، وأصبح الاستمرار بهذه الاستراتيجية مكلفاً جداً، بخاصة على (حزب الله) الذي هو المدماك، أي الحجر الأساس في ما يُسمى حزام النار الذي أنشأته إيران لتطويق إسرائيل، الذي يُسمى سياسياً بـ(وحدة الساحات)».

ويلفت نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بدأ أخيراً تقليم أظافر (حزب الله) وصولاً لشبه إنهائه من خلال اقتلاع قدراته العسكرية، وهذا أمر مستمر»، موضحاً أن «إيران وأذرعها لم يقرروا فقط وقف العمل باستراتيجية وحدة الساحات، إنما باتوا يريدون وقف النار وإنهاء العمليات العسكرية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه».