تتوالى الحوادث المتعلقة بالنازحين السوريين وظاهرة الدخول غير الشرعي إلى لبنان وما يطلق عليها البعض «موجة النزوح الثانية»، وكان آخرها الخميس مع إعلان الجيش اللبناني عن تعرض أحد عناصره للصدم أثناء محاولة إيقاف حافلة صغيرة تُقل سوريين دخلوا خلسة إلى الأراضي اللبنانية.
وأعلنت قيادة الجيش أنه في 28 سبتمبر (أيلول) الحالي، وأثناء محاولة دورية من الجيش في منطقة القبور البيض عند الحدود الشمالية إيقاف آلية فان هيونداي تُقل سوريين دخلوا خلسة إلى الأراضي اللبنانية، أقدم سائق الآلية على صدم أحد عناصر الدورية محاولاً دهسه والفرار من المكان رغم إطلاق بقية العناصر طلقات تحذيرية في الهواء، ما اضطرهم لإطلاق النار نحو إطارات الآلية.
ولفتت القيادة إلى أنه «أسفر ذلك عن إصابة السائق وفقدانه السيطرة على الآلية واصطدامها بعمود كهربائي ومن ثم وفاته وقد نُقل إلى أحد مستشفيات المنطقة، فيما بوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص».
وفيما لم يعلن عن عدد السوريين الذين كانوا على متن الحافلة، قالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش اللبناني قام بإعادتهم إلى الحدود ليعودوا إلى بلدهم، كما يفعل مع كل السوريين الذين يتم إحباط محاولة دخولهم بطريقة غير شرعية إلى لبنان.
وتأتي هذه الحادثة في وقت يعلن فيها الجيش بشكل يومي عن إحباط محاولة تهريب لمئات الأشخاص عند الحدود السورية، في حين ترتفع الأصوات المطالبة بإيجاد حل سريع لهذه القضية والعمل على إعادة النازحين إلى بلدهم. لكن لا يبدو أن هذا الأمر سيكون سهلا في ظل المعارضة التي يلقاها لبنان من المجتمع الدولي والتي كان آخرها اعتبار المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية أن الظروف غير مواتية لعودة السوريين إلى بلدهم.
وفي لبنان رغم أن الحكومة كانت قد أعلنت عن إجراءات لمواجهة أزمة النزوح وقررت تشكيل وفد وزاري لزيارة سوريا لمتابعة ملف النازحين لكن لم يعلن حتى الآن عن خطوات تنفيذية في هذا الإطار، وهو ما يجعل رئيس حكومة تصريف الأعمال وعددا من المسؤولين عرضة للانتقاد من الأحزاب في لبنان. مع العلم بأنه من اللافت أن هناك شبه إجماع من قبل مختلف القوى السياسية على ضرورة حل هذه القضية بعدما باتت تشكل عبئا اجتماعيا واقتصاديا على لبنان.
وفي هذا الإطار، حذّرت النائبة غادة أيوب («القوات اللبنانية») من تحويل النزوح السوري إلى توطين، وطالبت التيار «الوطني الحر» و«حزب الله» وحلفاءهما بالتوجه إلى الدولة السورية بكلام صريح وواضح لناحية وجوب إغلاق الحدود أمام النزوح الاقتصادي الحاصل لأنه لم يعد نزوحاً إنسانياً، واصفةً ما يحدث بالاحتلال.
ودعت في حديث إذاعي إلى «وقفة شعبية رافضة لعمل المفوضية وللخطوات التي يتخذها الخارج بهدف دمج النازحين مع المجتمع اللبناني، مواكبةً للموقف الرسمي».
واتهمت أيوب الحكومة بالتلكؤ في هذا الملف، مشيرة إلى «الضياع في وجهات النظر لدى الوزراء وغياب الرؤية الواضحة»، مجددة التأكيد على أن «لبنان بلد عبور وليس بلد لجوء».
وقالت إن «(القوات) يعمل على جبهات عدة من خلال لجنة الإدارة والعدل للتصدي لمحاولات الاستفادة من أي ثغرات قانونية تسمح بإعطاء النازحين الجنسية أو أي ورقة تمكنهم من العمل في لبنان، ما يؤكد عدم اكتسابهم صفة النازح».
وزير العدل
وقضية النازحين كانت أيضا محور لقاءات وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري الخوري في إيطاليا، حيث التقى نظيره الإيطالي كارلو نورديو وتم التباحث في كيفية تعزيز التعاون القضائي بين البلدين على كافة الصعد، بحسب بيان لوزارة العدل. ومن أبرز الملفات التي بحثها الطرفان: ملف النزوح السوري ووضع القضاء في لبنان إذ أبلغ خوري نظيره موقف الحكومة اللبنانية من ملف النازحين كاشفاً أنهم «يزحفون إلى لبنان بأعداد كبيرة وهم بذلك لم يعودوا لاجئين بل صاروا نازحين اقتصاديين». وحذر من أن «الأمر سينعكس سلبا على أوروبا لأنها الهدف الحقيقي والمبطن للنازحين السوريين أما لبنان فهو محطة بالنسبة لهم».
كذلك، كشف الخوري لنظيره عن «حدة وخطورة الاكتظاظ في السجون اللبنانية الذي يسببه زحف النازحين وتجاوزاتهم التي ترفع نسبة الجريمة وعدد المساجين»، لافتاً إلى أن «البنية التحتية للسجون في لبنان لا تتحمل الاكتظاظ الناتج عن ارتفاع عدد المساجين».