المؤتمر الخامس لحزب «الاتحاد الوطني» الكردستاني يكرس زعامة الطالباني

حضره زعيم «عصائب أهل الحق» لأول مرة

بافل الطالباني خلال كلمة في المؤتمر (موقع حزب الاتحاد الوطني)
بافل الطالباني خلال كلمة في المؤتمر (موقع حزب الاتحاد الوطني)
TT

المؤتمر الخامس لحزب «الاتحاد الوطني» الكردستاني يكرس زعامة الطالباني

بافل الطالباني خلال كلمة في المؤتمر (موقع حزب الاتحاد الوطني)
بافل الطالباني خلال كلمة في المؤتمر (موقع حزب الاتحاد الوطني)

بدأت، الأربعاء، أعمال اليوم الأول للمؤتمر الخامس لحزب «الاتحاد الوطني» الكردستاني، ويستمر لثلاثة أيام، وتشير أقوى التوقعات داخل الحزب إلى أن المناسبة ستكرس بقوة زعامة بافل الطالباني، نجل الرئيس الراحل ومؤسس الحزب جلال الطالباني، الذي دخل خلال السنتين الأخيرتين في خصومة شديدة مع ابن عمه لاهور الشيخ جنكي الذي كان يتشارك معه في زعامة الحزب.

وقد أشار الأخير إلى ذلك عبر تصريحات أدلى بها لوسائل إعلام كردية، مفادها أن «المؤتمر مصمم لإضفاء الشرعية على تفرد طالباني بقيادة الحزب».

وذلك ما يؤكده أيضاً، مصدر مقرب من الحزب، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «كل التوقعات تشير إلى أن المؤتمر سيكرس زعامة بافل الطالباني للحزب، وينهي حقبة الزعامة المشتركة مع ابن عمه التي تصدعت في السنتين الأخيرتين».

ويضيف أن «أوساط الحزب تميل إلى التخلص من حقبة الزعامة المشتركة، وتعدها مرحلة غير مفيدة، وأضرت بتماسك الحزب».

وذلك أيضاً ما أكده بيان للحزب نشره على موقعه الرسمي، أوضح فيه أن «تعديل النظام الداخلي للاتحاد الوطني الكردستاني سيكون إحدى مهام المؤتمر الخامس، حيث ستتعزز المركزية الحزبية، وستتخذ جميع القرارات بعد المؤتمر بالإجماع». والمركزية المشار إليها هنا تعني إلغاء الزعامة المشتركة داخل الحزب التي أقرها المؤتمر الرابع وإسناد مهام القيادة إلى بافل الطالباني.

وطبقاً للمعلومات التي نشرها الحزب عبر مواقعه ومنصاته الخبرية، فإن المؤتمر ينعقد بحضور رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، ورئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، إلى جانب زعماء وممثلي الأحزاب العراقية والكردية وسفراء وقناصل وممثلي عدد من الدول الإقليمية والعالمية، ولفت الانتباه حضور الأمين العام لـ«عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي الذي يزور إقليم كردستان لأول مرة. وحضر المؤتمر كذلك، رئيس «تيار الحكمة» عمار الحكيم، ورئيس منظمة «بدر» هادي العامري.

ويقام المؤتمر بمشاركة 600 عضو، ومن المنتظر أن يتم خلاله تقليص عدد أعضاء المجلس القيادي إلى 51 عضواً، من ضمنهم رئيس الاتحاد الوطني، كما يتم تقليص عدد أعضاء المكتب السياسي إلى 10.

ومن المقرر أن يتم في المؤتمر اقتراح تشكيل 3 مجالس، وهي: «المجلس الأعلى للسياسات والمصالح»، و«المجلس القيادي»، و«مجلس الإسناد»، وسيشرف رئيس الاتحاد الوطني مباشرة على مجلس الإسناد الذي يعمل على تأهيل الكوادر الجديدة من الشباب والنساء، كما سيكون مركزاً لتكوين القيادات الشابة، طبقاً لبيانات الحزب.

وكان آخر مؤتمر للحزب عقد عام 2019، وسبقه المؤتمر الثالث عام 2010، والثاني عام 2001، والأول عام 1992.

وقال بافل الطالباني خلال كلمة في المؤتمر: «نحن اليوم سنبدأ مرحلة جديدة معاً، علينا التصالح مع الشعب وتقوية وحدة صف حزبنا، ويجب أن نستعد لتقديم جميع التضحيات من أجل شعبنا، ونحن نمد يد السلام والأخوة لجميع الأحزاب الكردستانية وأي طرف يؤمن بالحرية ووحدة الصف وتقوية علاقاتنا مع إخواننا في بغداد، وتقوية الاتفاق الاستراتيجي بين الكرد والشيعة وإغنائها».

وأضاف أن «الاتحاد الوطني الكردستاني حزب قوي وحيوي لذا يعقد مؤتمره خلال المرحلة الراهنة وقبل إجراء عمليتين انتخابيتين، يجب علينا الدفاع عن شعبنا، ونجعل من كردستان جنة يعيش فيها الجميع بحرية، ويطرحون آراءهم بلا خوف، وأن ندافع عن حقوق النساء والمكونات».

من جانبه، قال زعيم «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، الذي سبق أن أُشير إلى حضوره لأول مرة في مؤتمر لحزب الاتحاد وفي إقليم كردستان بشكل عام، خلال كلمة في المؤتمر، إن «النجاح في الحكم الفيدرالي يستلزم الإيمان بالدستور الذي ينص على وحدة العراق»، في إشارة إلى الاتهامات التي يواجهها الكرد بشكل عام من قبل القوى الشيعية، بعدم احترامهم لنصوص الدستور التي تؤكد وحدة البلاد.

صورة نشرها موقع (العهد) التابع لحركة «العصائب» من كلمة قيس الخزعلي (الاتحاد الوطني الكردستاني)

وأضاف أن «مؤتمر الاتحاد الوطني يقام في ظل ظروف خاصة تشهدها كردستان والعراق والمنطقة، ونحن على أعتاب انتقالة من مرحلة لأخرى، ونتمنى لأعضاء الاتحاد التوفيق في واجبهم».

ولم ينس الخزعلي الإشارة إلى المشاكل المالية بين بغداد وإقليم كردستان، وخاصة المتعلقة بقضية رواتب الموظفين هناك، وذكر أن «كل عراقي في كل أرض العراق لا يقبل ويتألم إذا كان هناك موظف يتأخر راتبه في كردستان، وأن خير العراق يكفي لكل العراقيين ويفيض، ويمكن أن يساعد الدول الأخرى».

ويتمتع حزب «الاتحاد الوطني» بعلاقات إيجابية مع قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية خلال الدورة البرلمانية الحالية، وأسهم معهم في تجاوز هزيمتهم الانتخابية عام 2021، وتحويلها إلى نصر سياسي سمح لهم بتشكيل حكومة رئيس الوزراء محمد السوداني الحالية بعد انسحاب التيار الصدري الفائز بأكبر عدد من المقاعد (72 مقعداً) من البرلمان.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من «تغيير ديموغرافي» في كركوك

شؤون إقليمية موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)

تركيا تحذر من «تغيير ديموغرافي» في كركوك

حذرت تركيا من عمليات «تخل بالتركيبة الديموغرافية» لمحافظة كركوك العراقية، داعية إلى حماية حقوق التركمان بسبب «تطورات مقلقة» في نطاق التعداد السكاني.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قوة عسكرية مشتركة بين «البيشمركة» والجيش العراقي (موقع باس الكردي)

تفجير يودي بضباط وجنود من الجيش العراقي و«قوات البيشمركة» الكردية

أعلنت وزارة «البيشمركة» في حكومة إقليم كردستان، مقتل عدد من الضباط وجرح جنود، جراء انفجار أكثر من عبوة مزروعة في المكان نفسه، محدثة انفجاراً سُمع لمسافات بعيدة.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي بارزاني خلال مراسم حفل التخرج (الشرق الأوسط)

نيجرفان بارزاني: «البيشمركة» جزء رئيسي من منظومة الدفاع العراقية

جدد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، السبت، دعواته المتكررة لتوحيد صفوف قوات الأمن الكردية (البيشمركة) وعدها جزءاً مهماً من منظومة الدفاع العراقية.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مركب سياحي في البصرة (أ.ف.ب)

بغداد ترفض طلباً كردياً بتأجيل التعداد السكاني في المناطق «المتنازع عليها»

رفضت الحكومة المركزية في بغداد طلباً لحكومة إقليم كردستان بتأجيل إجراء التعداد السكاني في المناطق «المتنازع عليها» إلى موعد لاحق.

حمزة مصطفى (بغداد)

«وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
TT

«وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)

حين قرر «حزب الله»، ومن خلفه إيران، في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تحويل جبهة جنوب لبنان إلى جبهة دعم وإسناد لغزة، التزاماً باستراتيجية «وحدة الساحات» التي تقول إن كل القوى المحسوبة على طهران تتحرك تلقائياً لتدعم أي هجوم على أي منها، لم يستشر أحداً، لا الحلفاء ولا الأخصام، ولم يعد لأي من المؤسسات الدستورية لتغطية قراره هذا، لعلمه بوقتها أن أحداً لن يغطيه.

اليوم وبعد ما يتردد عن قراره فصل مساري غزة ولبنان، بالموافقة على وقف النار، باتت القوى التي تجنبت طوال الفترة الماضية انتقاد هذه السياسة علناً، لا تتردد باعتبار التزام الحزب السابق بهذه الاستراتيجية «خطأ استراتيجياً».

تحسين شروط

ولفت مؤخراً ما قاله الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الذي كان قد ساند «حماس» و«حزب الله» بعد «طوفان الأقصى»، عن وجوب «فصل المسارات ووقف استخدام الجنوب ساحة صراع لدعم غزة أو الضفة»، منتقداً استخدام إيران للبنان في «ربط المسارات من أجل تحسين شروط المناقشات حول موضوع النووي الإيراني».

أما حركة «أمل»، الحليف الأقرب لـ«حزب الله»، التي انخرطت ولو بشكل رمزي بحرب الإسناد، فتشير المعلومات إلى أنها لم تكن تؤيد استراتيجية «وحدة الساحات» لكنها وبعد بدء المواجهات جنوباً انخرطت بالحرب «دفاعاً عن لبنان».

ويتجنب نواب وقياديو الحركة الحديث بهذا الخصوص، إذ يصر «الثنائي الشيعي» على تظهير موقف واحد مرتبط بالحرب الراهنة.

لا مصلحة لبنانية فيها

وكان رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، حليف «حزب الله» منذ عام 2006، أول من خرج ليصف التزام «حزب الله» باستراتيجية «وحدة الساحات» بـ«الخطأ الاستراتيجي»، معتبراً أنها «تصب لصالح دول أخرى وليس لصالح لبنان».

ويشير عضو تكتل «لبنان القوي» جيمي جبور إلى أنه «تم العمل باستراتيجية وحدة الساحات حصراً عند تضامن (حزب الله) مع غزة، وفتحه لجبهة الإسناد التي رأينا منذ البداية ألا مصلحة لبنانية فيها، وإذ تبين لاحقاً أن موقفنا كان صائباً بتراجع الجميع عن هذا الإسناد عملياً، بما فيهم (حزب الله) الذي دفع وحيداً مع لبنان ثمن وحدة الساحات من غير أن نرى إيران، أم غيرها من الدول والقوى، تنضم تضامناً معه إلى هذه المعركة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن كل ما حصل بات يُحتم «إعادة النظر الجذرية باستراتيجية السلاح فور انتهاء المعارك»، مضيفاً: «آن الأوان لحوار داخلي يجعل السلاح في خدمة لبنان فقط دون سواه من الدول ضمن استراتيجية دفاعية تكون الدولة ومؤسساتها صاحبة القرار، ويكون الجيش اللبناني العمود الفقري والأساس في الدفاع عن لبنان».

مقاتل من «حزب الله» يطلق صاروخاً موجهاً (أرشيفية)

بالتسوية أو بالقوة

ويُعدُّ حزب «القوات اللبنانية» أبرز المعارضين لـ«وحدة الساحات»، وبالأصل لوجود «حزب الله» حزباً مسلحاً. وترى عضو تكتل «الجمهورية القوية» غادة أيوب أن «إيران اعتمدت استراتيجية (وحدة الساحات)، لأنها أرادت بذلك أن تكون لاعباً قوياً يتدخل في 5 بلدان عربية عبر أذرعه بدءاً من (حزب الله) في لبنان، والحوثيين في اليمن، و(حماس) في غزة، و(الحشد الشعبي) في العراق، والنظام السوري بوجود (فيلق القدس) والحرس الثوري الإيراني»، مشيرة إلى أنه «غداة إعلان (طوفان الأقصى) في 8 أكتوبر (تشرين الأول) لم تتحرك سوى ساحتين لمساندة (حماس) في غزة انطلاقاً من لبنان واليمن، وبذلك تعطلت استراتيجية وحدة الساحات التي ابتدعتها إيران، وسقطت بمجرد أن رفض النظام السوري الدخول في هذه الحرب لاعتبارات تتعلق بالوجود الروسي على أراضيه واعتبارات أخرى، وكذلك العراق، مع العلم أن إيران، وبالرغم من هذه الاستراتيجية، فهي لم تسلم من الضربات المباشرة على أراضيها والتهديدات المباشرة إذا ما أكملت في سياستها».

وتعدُّ غادة أيوب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الاستراتيجية تنتهي إما عن طريق التسوية مع إيران أو بالقوة»، لافتة إلى أن محور الممانعة أصبح «محوراً صوتياً أو سياسياً لا عسكرياً» كممانع للعلاقة مع إسرائيل لحين تبلور صورة الشرق الأوسط.

مدماك حزام النار

أما مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر، فيوضح أن «استراتيجية وحدة الساحات التي تم تفعيلها عند بدء الحرب على غزة، وشارك فيها اليمن وطبعاً (حزب الله) الذي أعلن جبهة جنوب لبنان جبهة دعم وإسناد، قررت إيران وقفها، وليس بشكل علني، لأنها واجهت ضربة عسكرية إسرائيلية كبيرة، وأصبح الاستمرار بهذه الاستراتيجية مكلفاً جداً، بخاصة على (حزب الله) الذي هو المدماك، أي الحجر الأساس في ما يُسمى حزام النار الذي أنشأته إيران لتطويق إسرائيل، الذي يُسمى سياسياً بـ(وحدة الساحات)».

ويلفت نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بدأ أخيراً تقليم أظافر (حزب الله) وصولاً لشبه إنهائه من خلال اقتلاع قدراته العسكرية، وهذا أمر مستمر»، موضحاً أن «إيران وأذرعها لم يقرروا فقط وقف العمل باستراتيجية وحدة الساحات، إنما باتوا يريدون وقف النار وإنهاء العمليات العسكرية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه».