114 قتيلاً وأكثر من 300 مصاب بحريق خلال حفل زفاف في العراق

توقيف 9 أشخاص من العاملين في القاعة وإصدار مذكرات قبض بحقّ المالكين

TT

114 قتيلاً وأكثر من 300 مصاب بحريق خلال حفل زفاف في العراق

جنود ومُسعفون يتجمعون لمحاولة إنقاذ ضحايا الحريق بمحافظة نينوى (أ.ف.ب)
جنود ومُسعفون يتجمعون لمحاولة إنقاذ ضحايا الحريق بمحافظة نينوى (أ.ف.ب)

أعلن «الهلال الأحمر العراقي» ارتفاع حصيلة قتلى ومصابي حريق نينوى إلى أكثر من 450 شخصاً، من بينهم 114 قتيلاً على الأقل.

وكانت وسائل إعلام عراقية قد ذكرت، في وقت سابق، أن ما لا يقل عن 100 شخص لقوا حتفهم، وأُصيب أكثر من 150 في حريق بحفل زفاف في قضاء الحمدانية بمحافظة نينوى، في حين توقعت مصادر محلية ارتفاع عدد الوفيات.

مواطنون يتفقدون الأضرار بعد الحريق الذي شبّ خلال حفل زفاف في قضاء الحمدانية (أ.ف.ب)

وفي مستشفى الحمدانية العام، شاهد مصوّرُ «وكالة الصحافة الفرنسية»، بعد منتصف الليل، سيارات إسعاف تهرع ذهاباً وإياباً لنقل المصابين، في حين تجمَّع أمام المستشفى عشرات الأشخاص، منهم أقرباء للضحايا، وآخرون سكّان جاؤوا للتبرّع بالدم.

ووقف آخرون كذلك أمام شاحنة برّاد تكدّست فيها أكياس سوداء وُضعت فيها جثث القتلى، وفق المصوِّر.

«ألعاب نارية»

تقول السلطات إن «الألعاب النارية» ومواد بناء «شديدة الاشتعال» تقف خلف هذا الحريق الذي التهم قاعة للأعراس حيث تجمّع مئات المدعوين للمشاركة بحفل زفاف في بلدة قرقوش المسيحية الواقعة شرق مدينة الموصل، وتعرف كذلك باسم الحمدانية.

وقال المتحدّث باسم الدفاع المدني العراقي العميد جودت عبد الرحمن إن من بين الضحايا «رجالا ونساء وأطفالا».

وأوضح الدفاع المدني أن «معلومات أولية» تشير إلى أن سبب الحريق هو «استخدام الألعاب النارية أثناء حفل الزفاف»، ما أدّى إلى «إشعال النيران داخل القاعة بادئ الأمر»، ثمّ انتشر «الحريق بسرعة كبيرة».

وأضاف، في بيان، أن القاعة «مغلّفة بألواح الإيكوبوند»؛ وهي مادّة للبناء مكوّنة من الألمنيوم والبلاستيك و«سريعة الاشتعال»، موضحاً أن استخدام هذه الألواح في البناء «مخالف لتعليمات السلامة» المنصوص عليها قانوناً.

ووفق «الدفاع المدني»، فإن «الحريق أدّى إلى انهيار أجزاء من القاعة، نتيجة استخدام مواد بناء سريعة الاشتعال واطئة الكلفة تتداعى خلال دقائق عند اندلاع النيران».

وتابع «الدفاع المدني» بأن ما فاقم الأمر هو «الانبعاثات الغازية السامّة المصاحبة لاحتراق ألواح الإيكوبوند البلاستيكية السريعة الاشتعال».

وصباح اليوم، كان عناصر شرطة ودفاع مدني يتفقدون صالة الأعراس المحترقة تماماً، والتي تحوّلت إلى هيكل من الحديد المحترق، كما شاهد مصوّر من «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويروي مارتن إدريس البالغ من العمر 19 عاماً الذي يعمل في مطبخ القاعة ونجا من الحادثة: «اعتقدت أن انفجارا حصل في القاعة»، مضيفاً أن «النيران التهمت القاعة».

وتابع الشاب: «حينما دخلت إلى القاعة من جديد رأيت جثث ثلاثة أطفال محترقين»، عاداً أن إجراءات السلامة في المكان «لم تكن كافية».

وبحسب المتحدث باسم الدفاع المدني، فإن ما تسبب بهذا العدد الكبير من الضحايا هو أن «مخارج الطوارئ كانت مغلقة، والمتبقي باب واحد هو الباب الرئيسي لدخول وخروج الضيوف». وأضاف أن «معدات السلامة غير ملائمة وغير كافية للمبنى»، ما فاقم أيضاً من حدة الأعداد.

ومن بين الجرحى رانيا وعد (17 عاماً) التي أصيبت بحرق في يدها، ونُقلت إلى مستشفى الحمدانية مع شقيقتها المصابة أيضاً؛ لتلقّي العلاج.

وقالت الشابة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن العروسين «كانا يرقصان... حين طارت الألعاب النارية إلى السقف واشتعلت القاعة كلها».

وأضافت: «بعد ذلك لم نعد نرى شيئاً، اختنقنا فقط، ولم نعد نعرف كيف نخرج»، مؤكّدة أن عدد المدعوّين إلى حفل الزفاف «كان كبيراً جداً».

وشاهد مصوّرُ «وكالة الصحافة الفرنسية» عناصر الدفاع المدني والشرطة وهم يفتّشون بمساعدة أضواء هواتفهم الجوالة ومصابيح يدوية، أنقاض القاعة المحترقة، وسط ركام الكراسي المعدنية، في حين لم يبق من سقف القاعة إلا هيكلها الحديدي.

«جهود إغاثة»

وعلى أثر المأساة، قال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في بيان، إنّه طلب من «وزيري الداخلية والصحة استنفار كلّ الجهود، لإغاثة المتضرّرين جرّاء الحادث المؤسف».

وأعلنت وزارة الصحة بدورها «استنفار دوائر الوزارة في محافظة نينوى، والدوائر المجاورة لها، لإسعاف وعلاج المصابين»، و«إرسال شحنات تعزيزات طبية من بغداد والمحافظات الأخرى».

وأكد مدير دائرة الإعلام والعلاقات العامة في وزارة الداخلية سعد معن أنه تمّ «توقيف تسعة أشخاص من العاملين في القاعة كإجراء احترازي وإصدار مذكرات قبض بحقّ أربعة هم المالكون لهذه القاعة»، على أثر هذه الحادثة.

شاب عراقي يعاني من حروق يخضع للعلاج بعد الحريق في قضاء الحمدانية بمحافظة نينوى (د.ب.أ)

والحمدانية، التي تُعرَف أيضاً باسميْ قرقوش وبغديدا، هي بلدة مسيحية يتحدّث سكّانها لهجة حديثة من الآرامية، وقد زارها البابا فرنسيس في مارس (آذار) 2021، خلال جولته التاريخية في العراق.

ولحق دمار كبير هذه البلدة على أيدي تنظيم «داعش»، الذي سيطر على مناطق شاسعة من العراق بين عامي 2014 و2017.

وغادر هذه البلدة غالبية أبنائها عندما وقعت في قبضة تنظيم «داعش»، لكنّهم عادوا إليها تدريجياً منذ أعلن العراق انتصاره على الإرهابيين، وأُعيد إعمارها منذ ذلك الحين.

الوضع «مسيطَر عليه»

من جهتها، أكدت وزارة الصحة أن الوضع مسيطَر عليه في دائرة صحة نينوى، لافتة إلى أن هناك متابعة دقيقة من مركز العمليات في الوزارة لإسعاف المصابين جراء الحريق.

وقال المتحدث باسم الوزارة، سيف البدر، في تصريح صوتي تلقّته «وكالة الأنباء العراقية (واع)»، إنه «بتوجيه مباشر من قِبل وزير الصحة، فإن جميع دوائر الصحة مستنفَرة لتقديم الدعم لدائرة صحة نينوى»، مؤكداً أن «الوضع مسيطَر عليه بحدود دائرة صحة نينوى».

وأضاف أن «الدعم وصل من جميع المحافظات المجاورة وإقليم كردستان إلى دائرة صحة نينوى»، لافتاً إلى أن «هناك متابعة للإسعافات الأولية المقدَّمة للمصابين ووفق نوع الإصابة، حيث إن بعض الحالات تكون بسيطة إلى متوسطة، وأخرى تكون صعبة تُحال إلى المراكز التخصصية».

المكان الذي اندلع فيه الحريق بمحافظة نينوى (رويترز)

وغالباً ما لا يجري الالتزام بتعليمات السلامة في العراق، ولا سيّما في قطاعي البناء والنقل، كما أن البنى التحتية في هذا البلد متداعية نتيجة عقود من النزاعات، ما يؤدّي مراراً إلى اندلاع حرائق وكوارث مميتة أخرى.

وفي أبريل (نيسان) 2021، قضى أكثر من 80 شخصاً جراء حريق في مستشفى لمرضى «كوفيد» في بغداد نجم عن انفجار أسطوانات أكسجين.

وبعد ذلك ببضعة أشهر، في يوليو (تمّوز) من العام نفسه، لقي 64 شخصاً حتفهم جرّاء حريق في مستشفى بالناصرية في جنوب العراق اندلع في جناح لمرضى «كوفيد».


مقالات ذات صلة

إخلاء طارئ لطائرة بعد اشتعال النيران في هاتف أحد الركاب واحتراق مقعد

يوميات الشرق طائرة تابعة لشركة «ساوث ويست» الأميركية (أ.ب)

إخلاء طارئ لطائرة بعد اشتعال النيران في هاتف أحد الركاب واحتراق مقعد

تمكن طاقم طائرة من إجلاء أكثر من 100 راكب بعد أن اشتعلت النيران في هاتف أحد المسافرين على متن طائرة تابعة لشركة «ساوث ويست» الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا رجل إطفاء هندي يعمل على إخماد حريق في مدرسة (أ.ب)

مقتل نحو 10 أطفال حديثي الولادة جراء حريق في مستشفى بالهند

لقي ما لا يقل عن عشرة أطفال حديثي الولادة حتفهم في حريق يُعزى إلى عطل كهربائي في وحدة حديثي الولادة داخل مستشفى في جانسي بشمال الهند.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
المشرق العربي الحريق في موقف السيارات بالحمرا اندلع جراء انفجار مولّد كهربائي (الشرق الأوسط) play-circle 00:39

حريق هائل يلتهم عشرات السيارات بمنطقة الحمرا في بيروت (فيديو)

اندلع حريق كبير في مولّد كهرباء في موقف للسيارات في شارع الحمرا بالعاصمة اللبنانية بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق أحد الأجراس التي تبرعت بها لجنة تنظيم الألعاب الأولمبية في باريس سيتم تثبيتها في كاتدرائية نوتردام قبل إعادة افتتاحها (إ.ب.أ)

للمرة الأولى منذ حريق 2019... أجراس كاتدرائية «نوتردام» في باريس تُقرع مجدداً (صور)

دقت الأجراس الثمانية لبرج الجرس الشمالي لكاتدرائية نوتردام في باريس، التي تستعد لإعادة فتحها في 7 ديسمبر (كانون الأول)، اليوم (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا طائرة مليئة بالطرود المتجهة إلى وجهتها النهائية بمركز في لويزفيل بولاية كنتاكي الأميركية 9 ديسمبر 2016 (رويترز)

ليتوانيا تحمّل روسيا مسؤولية طرود متفجرة أشعلت حرائق

قال أحد معاوني الرئيس الليتواني جيتاناس نوسيدا، اليوم (الثلاثاء)، إن روسيا تقف وراء إرسال طرود متفجرة من ليتوانيا إلى دول أوروبية.

«الشرق الأوسط» (فيلنيوس)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)
تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)
TT

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)
تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة، و«سيعمل على إعادة المدنيين الأبرياء المحتجزين كرهائن إلى ديارهم».

وأضافت أنه «سيعيد فرض عقوبات أكثر صرامة على إيران، ومحاربة الإرهاب، ودعم إسرائيل».

ووفقاً لما نقله الموقع عن مصادر، فإن الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ عندما اتصل بترمب لتهنئته على فوزه في الانتخابات، أخبره هرتسوغ أن إطلاق سراح الرهائن الـ101 «قضية ملحة» وقال لترمب: «عليك إنقاذ الرهائن»، الذي قال رداً على ذلك إن جميع الرهائن تقريباً ماتوا على الأرجح، ولكن الرئيس الإسرائيلي ذكر أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تعتقد أن نصفهم ما زالوا على قيد الحياة.

وقال أحد المصادر: «لقد فوجئ ترمب، وقال إنه لم يكن على علم بذلك»، وأكد مصدران آخران أن ترمب قال إنه يعتقد أن معظم الرهائن ماتوا.

وعندما التقى هرتسوغ بايدن في البيت الأبيض في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، طلب منه العمل مع ترمب بشأن هذه القضية حتى يتولى ترمب منصبه.

وبعد يومين، عندما استضاف ترمب في اجتماع لمدة ساعتين في المكتب البيضاوي، أثار بايدن مسألة الرهائن واقترح عليه العمل معاً للدفع نحو التوصل إلى اتفاق.

وقال بايدن لعائلات الرهائن الأميركيين، في اجتماع عقد بعد ساعات قليلة من لقاء ترمب: «لا يهمني إن كان ترمب يحصل على كل الفضل ما دام أنهم سيعودون إلى الوطن».

ولفت الموقع إلى أن المفاوضات بشأن صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار عالقة منذ أكثر من ثلاثة أشهر.

وفي اجتماع عُقد في وقت سابق من هذا الأسبوع، أخبر قادة الجيش الإسرائيلي والموساد والشين بيت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنهم يعتقدون أن حركة «حماس» من غير المرجح أن تتخلى عن شروطها للانسحاب الإسرائيلي من غزة وإنهاء الحرب.

وأخبروه أنه إذا كانت الحكومة الإسرائيلية مهتمة بالتوصل إلى صفقة، فيجب عليها تخفيف مواقفها الحالية.

وتضع عائلات الرهائن والمسؤولون الإسرائيليون الآن آمالهم في نجاح ترمب، حيث فشل بايدن حتى الآن في إقناع نتنياهو بإنهاء الحرب في غزة مقابل تحرير الرهائن المحتجزين لدى «حماس».

وقبل أقل من شهرين من تنصيب ترمب، يبدو من غير المرجح أن يحدث اتفاق إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار في أي وقت قريب.

وبدلاً من ذلك، من المرجح جداً أن يرث ترمب الأزمة والمسؤولية عن الأميركيين السبعة المحتجزين لدى «حماس»، والذين يُعتقد أن أربعة منهم على قيد الحياة.