نظرة عامة على التحقيقات الجارية بملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة

حاكم مصرف لبنان رياض سلامة (رويترز)
حاكم مصرف لبنان رياض سلامة (رويترز)
TT

نظرة عامة على التحقيقات الجارية بملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة

حاكم مصرف لبنان رياض سلامة (رويترز)
حاكم مصرف لبنان رياض سلامة (رويترز)

أبلغت ألمانيا لبنان شفهياً بصدور مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان (البنك المركزي) رياض سلامة الذي يخضع للتحقيق في اتهامات بغسل أموال واختلاس في بلده وفي الخارج، لكنه ينفي ارتكاب أي مخالفات.

ووفق وكالة «رويترز» للأنباء، تأتي هذه الخطوة بعد أسبوع واحد من إصدار فرنسا لمذكرة توقيف بحق سلامة البالغ من العمر 72 عاماً وبعد أيام فقط من إصدار منظمة الشرطة الدولية (الإنتربول) نشرة حمراء بإدراجه على قائمة المطلوبين.

فيما يلي عرض لما يتعين معرفته عن القضايا:

* تحقيقات أوروبية

بدأت التحقيقات بتدقيق سويسري حول ما إذا كان سلامة وشقيقه رجا اختلسا أكثر من 300 مليون دولار من مصرف لبنان بين عامي 2002 و2015.

ومنذ ذلك الحين، بدأت دول أوروبية منها فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ وليختنشتاين تحقيقاتها الخاصة فيما إذا كانت عشرات الملايين من الدولارات من الأموال التي يشتبه في اختلاسها من مصرف لبنان قد جرى غسلها في أوروبا.

وفي مارس (آذار) 2022، أعلنت وكالة التعاون في مجال العدالة الجنائية التابعة للاتحاد الأوروبي تجميد نحو 120 مليون يورو (130 مليون دولار) من الأصول اللبنانية في فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ وموناكو وبلجيكا في قضية قال ممثلو الادعاء في ميونيخ إن سلامة مشتبه بتورطه فيها.

وتوجه محققون أوروبيون إلى لبنان ثلاث مرات: الأولى في يناير (كانون الثاني) لاستجواب شهود والحصول على أدلة إضافية. والثانية في مارس لاستجواب سلامة. والثالثة في مايو (أيار) لاستجواب شقيقه رجا ومساعدته ماريان الحويك.

وأصدرت فرنسا مذكرة توقيف في 16 مايو بعد تغيب سلامة عن جلسة استماع في باريس. وأصدر الإنتربول في الأسبوع نفسه النشرة الحمراء الخاصة بسلامة الذي قال إنه سيطعن في المذكرة الفرنسية.

كما استدعت فرنسا رجا وماريان الحويك لحضور جلستي استماع في 31 مايو و13 يونيو (حزيران) على التوالي.

* تعثر التحقيق اللبناني

قالت السلطات اللبنانية إنها فتحت تحقيقها الخاص بعد تلقيها طلب تعاون قضائي سويسري.

ويشكك منتقدون فيما إذا كان القضاء اللبناني الذي تعتمد التعيينات فيه إلى حد كبير على الدعم السياسي، سيحقق بجدية في اتهامات مرتبطة بشخصية تحظى بمثل مكانة سلامة.

ولا ينكر القضاء وجود صعوبات. وقال أعلى قاض بلبنان في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 في تعليق عام إن التدخل السياسي في العمل القضائي أدى إلى وضع فوضوي يتطلب «ثورة في المقاربات» لحله.

وبحسب تقارير، واجه جان طنوس، القاضي المعين لقيادة التحقيق الأولي، عقبات كثيرة.

وذكرت «رويترز» أن المدعي العام التمييزي غسان عويدات منع طنوس من حضور اجتماع في باريس، العام الماضي، مع مدعين أوروبيين يحققون مع سلامة.

وفي يونيو 2022، أمر عويدات مدعياً بتوجيه اتهام رسمي إلى سلامة لكن المدعي رفض وسعى إلى التنحي عن القضية قبل أن تمنعه طعون قانونية من الحاكم.

وفي فبراير (شباط) اتُهم سلامة وشقيقه رجا ومساعدته ماريان الحويك بغسل أموال واختلاس وإثراء غير مشروع في تلك القضية.

وأدى تحقيق منفصل أجرته المدعية العامة في جبل لبنان غادة عون إلى اتهام سلامة في مارس 2022 بالإثراء غير المشروع في قضية تتعلق بشراء وتأجير شقق في باريس، بعضها من جانب مصرف لبنان.

وينفي سلامة المزاعم ويقول إن الادعاء له دوافع سياسية.

وتنتهي آخر ولاية لسلامة، ومدتها ست سنوات، في يوليو (تموز). ويرفض التنحي مبكراً ما لم يصدر في حقه حكم.

ويُتوقع أن تؤدي الأزمة السياسية، التي تركت لبنان دون رئيس وحكومة بصلاحيات كاملة، إلى تعقيد أي محاولة لاستبداله.


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
TT

«وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)

حين قرر «حزب الله»، ومن خلفه إيران، في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تحويل جبهة جنوب لبنان إلى جبهة دعم وإسناد لغزة، التزاماً باستراتيجية «وحدة الساحات» التي تقول إن كل القوى المحسوبة على طهران تتحرك تلقائياً لتدعم أي هجوم على أي منها، لم يستشر أحداً، لا الحلفاء ولا الأخصام، ولم يعد لأي من المؤسسات الدستورية لتغطية قراره هذا، لعلمه بوقتها أن أحداً لن يغطيه.

اليوم وبعد ما يتردد عن قراره فصل مساري غزة ولبنان، بالموافقة على وقف النار، باتت القوى التي تجنبت طوال الفترة الماضية انتقاد هذه السياسة علناً، لا تتردد باعتبار التزام الحزب السابق بهذه الاستراتيجية «خطأ استراتيجياً».

تحسين شروط

ولفت مؤخراً ما قاله الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الذي كان قد ساند «حماس» و«حزب الله» بعد «طوفان الأقصى»، عن وجوب «فصل المسارات ووقف استخدام الجنوب ساحة صراع لدعم غزة أو الضفة»، منتقداً استخدام إيران للبنان في «ربط المسارات من أجل تحسين شروط المناقشات حول موضوع النووي الإيراني».

أما حركة «أمل»، الحليف الأقرب لـ«حزب الله»، التي انخرطت ولو بشكل رمزي بحرب الإسناد، فتشير المعلومات إلى أنها لم تكن تؤيد استراتيجية «وحدة الساحات» لكنها وبعد بدء المواجهات جنوباً انخرطت بالحرب «دفاعاً عن لبنان».

ويتجنب نواب وقياديو الحركة الحديث بهذا الخصوص، إذ يصر «الثنائي الشيعي» على تظهير موقف واحد مرتبط بالحرب الراهنة.

لا مصلحة لبنانية فيها

وكان رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، حليف «حزب الله» منذ عام 2006، أول من خرج ليصف التزام «حزب الله» باستراتيجية «وحدة الساحات» بـ«الخطأ الاستراتيجي»، معتبراً أنها «تصب لصالح دول أخرى وليس لصالح لبنان».

ويشير عضو تكتل «لبنان القوي» جيمي جبور إلى أنه «تم العمل باستراتيجية وحدة الساحات حصراً عند تضامن (حزب الله) مع غزة، وفتحه لجبهة الإسناد التي رأينا منذ البداية ألا مصلحة لبنانية فيها، وإذ تبين لاحقاً أن موقفنا كان صائباً بتراجع الجميع عن هذا الإسناد عملياً، بما فيهم (حزب الله) الذي دفع وحيداً مع لبنان ثمن وحدة الساحات من غير أن نرى إيران، أم غيرها من الدول والقوى، تنضم تضامناً معه إلى هذه المعركة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن كل ما حصل بات يُحتم «إعادة النظر الجذرية باستراتيجية السلاح فور انتهاء المعارك»، مضيفاً: «آن الأوان لحوار داخلي يجعل السلاح في خدمة لبنان فقط دون سواه من الدول ضمن استراتيجية دفاعية تكون الدولة ومؤسساتها صاحبة القرار، ويكون الجيش اللبناني العمود الفقري والأساس في الدفاع عن لبنان».

مقاتل من «حزب الله» يطلق صاروخاً موجهاً (أرشيفية)

بالتسوية أو بالقوة

ويُعدُّ حزب «القوات اللبنانية» أبرز المعارضين لـ«وحدة الساحات»، وبالأصل لوجود «حزب الله» حزباً مسلحاً. وترى عضو تكتل «الجمهورية القوية» غادة أيوب أن «إيران اعتمدت استراتيجية (وحدة الساحات)، لأنها أرادت بذلك أن تكون لاعباً قوياً يتدخل في 5 بلدان عربية عبر أذرعه بدءاً من (حزب الله) في لبنان، والحوثيين في اليمن، و(حماس) في غزة، و(الحشد الشعبي) في العراق، والنظام السوري بوجود (فيلق القدس) والحرس الثوري الإيراني»، مشيرة إلى أنه «غداة إعلان (طوفان الأقصى) في 8 أكتوبر (تشرين الأول) لم تتحرك سوى ساحتين لمساندة (حماس) في غزة انطلاقاً من لبنان واليمن، وبذلك تعطلت استراتيجية وحدة الساحات التي ابتدعتها إيران، وسقطت بمجرد أن رفض النظام السوري الدخول في هذه الحرب لاعتبارات تتعلق بالوجود الروسي على أراضيه واعتبارات أخرى، وكذلك العراق، مع العلم أن إيران، وبالرغم من هذه الاستراتيجية، فهي لم تسلم من الضربات المباشرة على أراضيها والتهديدات المباشرة إذا ما أكملت في سياستها».

وتعدُّ غادة أيوب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الاستراتيجية تنتهي إما عن طريق التسوية مع إيران أو بالقوة»، لافتة إلى أن محور الممانعة أصبح «محوراً صوتياً أو سياسياً لا عسكرياً» كممانع للعلاقة مع إسرائيل لحين تبلور صورة الشرق الأوسط.

مدماك حزام النار

أما مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر، فيوضح أن «استراتيجية وحدة الساحات التي تم تفعيلها عند بدء الحرب على غزة، وشارك فيها اليمن وطبعاً (حزب الله) الذي أعلن جبهة جنوب لبنان جبهة دعم وإسناد، قررت إيران وقفها، وليس بشكل علني، لأنها واجهت ضربة عسكرية إسرائيلية كبيرة، وأصبح الاستمرار بهذه الاستراتيجية مكلفاً جداً، بخاصة على (حزب الله) الذي هو المدماك، أي الحجر الأساس في ما يُسمى حزام النار الذي أنشأته إيران لتطويق إسرائيل، الذي يُسمى سياسياً بـ(وحدة الساحات)».

ويلفت نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بدأ أخيراً تقليم أظافر (حزب الله) وصولاً لشبه إنهائه من خلال اقتلاع قدراته العسكرية، وهذا أمر مستمر»، موضحاً أن «إيران وأذرعها لم يقرروا فقط وقف العمل باستراتيجية وحدة الساحات، إنما باتوا يريدون وقف النار وإنهاء العمليات العسكرية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه».