أثار موقف لاعب الجودو المصري كريم إبراهيم جدلاً «سوشيالياً»، بانسحابه من أمام اللاعب الإسرائيلي بيتر بالتشيك في بطولة العالم المقامة حالياً في أبو ظبي، بين من يرون في الانسحاب «موقفاً بطولياً»، ومن يعدّون المواجهة وهزيمة الخصم الإسرائيلي أفضل.
وكان اللاعب قد ذكر أنه استأذن مدربه قبل أن يرفض اللعب أمام اللاعب الإسرائيلي، في الدور الثاني لمنافسات وزن 100 كيلوغرام.
وشهد الخبر الذي نشرته وسائل إعلام محلية تفاعلاً لافتاً، كما حظي باهتمامٍ وجدل على «السوشيال ميديا»، وكتبت شيرين عرفة على حسابها في «إكس»: «على الرغم من خسارته البطولة، فقد اكتسب البطل كريم إبراهيم احترام 400 مليون عربي ومليار ونصف مليار مسلم، وسجل اسمه بحروف من نور».
وعلق «إم إس رفاعي» على حساب في «إكس» قائلاً: «أنا مش فاهم إيه البطولة في الانسحاب. الرجولة والبطولة كان دخل وهزمه وكسبه وطلع كل الغل اللي جوانا ضد إسرائيل، أنا مش موافق على هذا القرار، تنسحب ليه واستفدت إيه؟ إنت غلطان يا بطل».
بينما ذكر حساب ثالث باسم «مدثر أبو زيد»: «الموضوع كل مرّة بيتكرر فيها بحس إني مش قادر أحدّد هو اللي هو عمله ده صح ولا غلط. يعني أنا معنديش مانع ينسحب لو مباراة كرة أياً كانت أو ألعاب قوى أو كمال أجسام، مقبولة. لكن ينسحب من مباراة ألعاب قتالية دي لا مش صح»، موضحاً أنه لو مكان اللاعب كان سيلعب المباراة ويجتهد حتى يهزمه «وأقف رافع علم بلدي وعلم فلسطين».
وقال الناقد الرياضي المصري محمد الشحات إنه «قبل أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) وما حدث في غزة، كانت الساحات الرياضية هادئة في النزال الرياضي الذي يتصادف أن يلتقي لاعب عربي مع لاعب إسرائيلي»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «تاريخ انسحاب الرياضيين العرب أمام الإسرائيليين قديم ويعود إلى سنوات بعيدة، ولكنّ انسحاب بطل الجودو المصري كريم إبراهيم، في بطولة العالم للجودو بالإمارات، بعد رفضه مواجهة لاعب إسرائيلي، فجّر ثورة غضب عارمة لدى المصريين». وأضاف: «رغم أن كثيرين أشادوا بالانسحاب وآخرين لاموا اللاعب وطالبوه باللعب والفوز، ورفض مصافحة الخصم الإسرائيلي، فإن وجهتي النظر لم تعيشا هذا الموقف النفسي للاعب الذي يتابع كل دقيقة دماء أطفال ونساء ورجال فلسطين التي تُخصب الأراضي الفلسطينية، واقتراب القتلى من 40 ألفاً والجرحى من 80 ألفاً».
وتابع: «إنها مأساة لا يتحملها أي عربي، فلم يتمكّن اللاعب نفسياً من أن يواجه هذا الإسرائيلي، وقرّر الانسحاب، وفي الانسحاب رسالة رفض واعتراض على هذا الإسرائيلي».
وبدأت وقائع الانسحابات للرياضيين العرب أمام الإسرائيليين في البطولات الدّولية منذ عام 1991، وهي حادثة شهيرة للاعب الجزائري بطل أفريقيا في الجودو مزيان دحماني، الذي رفض اللعب في بطولة العالم ببرشلونة أمام لاعب إسرائيلي.
وتكرّرت حوادث الرفض والاعتراض والانسحابات العربية في أكثر من لعبة، إلى درجة أنها دفعت صحيفة عبرية لكتابة موضوع يشير إلى الشعور بالعزلة عبر هذه الكلمات: «العرب يجعلون منّا أضحوكة بانسحابهم أمام لاعبينا».
ورغم تعرض اللاعبين لعقوبات فإن هذه الظاهرة استمرت، ووصلت العقوبات إلى درجة إيقاف لاعب جزائري ومدربه لمدة 10 سنوات من الاتحاد الدّولي للجودو، بسبب انسحابه من مباراة في أولمبياد طوكيو لتفادي مواجهة لاعب إسرائيلي، وفق تقارير إعلامية.
في حديث لـ«الشرق الأوسط» يقول أيمن أبو عايد، الناقد الرياضي المصري: «هناك علاقات رسمية بين مصر وإسرائيل طبقاً لاتفاقية السلام التي عُقدت بعد حرب 6 أكتوبر 1973، وكانت المواجهات تحدث بين الرياضيين سواء كانوا مصريين أم عرباً وبين الإسرائيليين، ولكن في الأوضاع الحالية وما تتعرض له غزة من حرب شرسة وتهجير، أصبح كل المصريين وليس الرياضيون فقط رافضين ما يحدث»، وعدّ أبو عايد «تصرف البطل المصري وانسحابه أقل دعم معنوي يمكن أن نقدمه لإخواننا في غزة»، مؤكداً تأييده موقف اللاعب.