كأس الملك سلمان للأندية العربية: عشاق اللعبة يترقبون «صراع الكبار»

الطائف وأبها والباحة ستكون مسرحاً لرونالدو وبنزيمة وكانتي ونيفيز وكوليبالي

رونالدو سيقود النصر في كأس الملك سلمان للأندية العربية (عبد العزيز النومان)
رونالدو سيقود النصر في كأس الملك سلمان للأندية العربية (عبد العزيز النومان)
TT

كأس الملك سلمان للأندية العربية: عشاق اللعبة يترقبون «صراع الكبار»

رونالدو سيقود النصر في كأس الملك سلمان للأندية العربية (عبد العزيز النومان)
رونالدو سيقود النصر في كأس الملك سلمان للأندية العربية (عبد العزيز النومان)

أيام قليلة تفصل الجماهير العربية عن انطلاق بطولة كأس الملك سلمان للأندية العربية، التي ستقام للمرة الأولى بنظام يبدو مغايراً عما كانت عليه في السابق، إذ تُلعب بنظام التجمع في مدينتي الطائف وأبها على أن يُسدل الستار سريعاً على البطولة التي ستنطلق يوم 27 يوليو (تموز) الحالي، وتقام المباراة النهائية للبطولة في 12 أغسطس (آب) المقبل.

وأقيمت تصفيات المراحل الأولية خلال الأشهر الثلاثة الماضية، قبل اكتمال الفرق المتأهلة لدور المجموعات، حيث وزعت الفرق على أربع مجموعات، تضم كل مجموعة أربعة فرق يتأهل منها المتصدر ووصيفه لخوض دور ربع النهائي، ثم دور نصف النهائي على أن يقام نهائي البطولة في مكان سيحدد لاحقاً.

وكانت «الشرق الأوسط» قد نشرت وفقاً لمصادرها الخاصة أن النهائي قد يقام في مدينة جدة، وتحديداً ملعب مدينة الملك عبد الله الرياضية في حال جمعت المباراة النهائية فريقين يملكان جماهيرية كبيرة، أو يتم تحديد إحدى المُدن السابقة «أبها» أو «الطائف» لإقامة النهائي هناك.

ومبدئياً سيكون ملعب الملك فهد بمدينة الطائف مسرحاً لمباريات المجموعتين الأولى والثالثة، فيما سيحتضن ملعب الأمير سلطان بن عبد العزيز بمدينة المحالة في أبها مباريات المجموعتين الثانية والرابعة.

روبن نيفيز (نادي الهلال)

«عراقة عربية وتنافس حميم»

ستشهد البطولة مشاركة عدد من كبار الفرق في المنطقة العربية، ويتقدم هذه الفرق الرباعي السعودي، الاتحاد والنصر والهلال والشباب، بالإضافة إلى الزمالك المصري والسد القطري والوحدة الإماراتي والشرطة العراقي والوداد المغربي ومواطنه الرجاء والترجي التونسي وأهلي طرابلس الليبي.

وشهدت البطولة في آخر نُسخها سيطرة للعرب الأفارقة، وذلك بعدما حقق الرجاء الرياضي المغربي لقب النسخة الأخيرة، حيث أقيم نهائي البطولة في المغرب، وحملت اسم كأس الملك محمد السادس للأندية الأبطال، وذلك بعدما كسب ضيفه الاتحاد السعودي عن طريق ركلات الترجيح، فيما حقق النجم الساحلي التونسي لقب النسخة التي قبلها، حيث أقيم نهائي البطولة في مدينة العين الإماراتية وانتهت المباراة بفوز تونسي أمام الهلال السعودي بنتيجة 2 - 1.

وفي 2017 حقق فريق الترجي الرياضي التونسي لقب البطولة العربية بعد فوزه على الفيصلي الأردني بنتيجة 3 - 2 في النهائي الذي أقيم على ملعب الإسكندرية في مصر، وذلك بعد توقف للبطولة دام عامين.

وبصورة إجمالية يتصدر فريق الترجي الرياضي التونسي قائمة أكثر الفرق العربية تحقيقاً للبطولة بعدد ثلاثة ألقاب، ويناصفه الصدارة فريق الكرخ العراقي، فيما يحضر خلفهما بعدد بطولتين كل من الهلال السعودي والشباب السعودي وكذلك الاتفاق، بالإضافة إلى الرجاء الرياضي المغربي ووفاق سطيف الجزائري والنادي الصفاقسي التونسي.

ويملك عدد من الفرق لقبا واحدا، حيث يأتي فريق الاتحاد بالإضافة إلى غريمه التقليدي الأهلي، والزمالك المصري والسد القطري والأهلي المصري والشرطة العراقي والوداد المغربي والنادي الأفريقي التونسي وفريق وداد تلمسان الجزائري.

غوتا (نادي الاتحاد)

«عودة للواجهة بعد تراجع لسنوات»

حظيت بطولة الأندية العربية بدعم كبير وغير مسبوق من جانب السعودية في السنوات الأخيرة، وذلك بعد إعلان الاتحاد العربي لكرة القدم عودة البطولة بدعم كبير، وأطلق عليها حينها اسم بطولة كأس الشيخ زايد للأندية الأبطال لنسخة واحدة؛ تقديراً لهذه الشخصية ولما تمثله من مكانة في قلوب العرب.

انتقل مستوى المنافسة في البطولة بعد عودتها لمرحلة متقدمة بعدما كادت أن تفقد قوتها في السنوات الأخيرة التي شهدت غياب مشاركة كثير من الفرق القوية والبارزة فيها، وتم رفع قيمة جوائز الأبطال للفرق المشاركة رغبة في تحفيز الفرق للمشاركة والاستمرار بالبطولة العربية.

ولجأ الاتحاد العربي لكرة القدم حينها إلى طريقة استثنائية لاختيار الفرق المشاركة في البطولة عن طريق الدعوات؛ نظراً لتألق كل نادٍ في الدوري الخاص به والبطولات القارية، وذلك لزيادة المتابعة الجماهيرية للبطولة.

وتاريخياً فقد انطلقت البطولة العربية في 1982 وكانت بنظام مختلف ومشاركة محدودة قبل أن تغيب في العام التالي ثم تعود ويحققها الاتفاق حينها، لتستمر البطولة حتى عام 1989 ثم تتوقف لمدة عامين، وتعود في عام 1992 ويحققها فريق الشباب السعودي وتستمر حتى 2009.

عادت البطولة مجدداً بعد توقفها لمدة عامين وأقيمت نسخة واحدة ثم توقفت مجدداً لمدة عامين لتعود في 2017 قبل أن تشهد عودة مغايرة في 2018 وبدعم مالي كبير واستمرت حتى الآن رغم التوقف الذي أعقب فترة جائحة «كورونا».

«دعم سعودي كبير للبطولة»

وتم اختيار النسخة الحالية من البطولة لتحمل اسم «كأس الملك سلمان للأندية الأبطال»، وذلك تقديراً للدعم الكبير الذي يحظى به الاتحاد العربي لكرة القدم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.

وأعلن الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل رئيس الاتحاد العربي لكرة القدم، إطلاق اسم «كأس الملك سلمان للأندية» على بطولة الأندية العربية في نسختها الحالية، والتي تبلغ جوائزها 10 ملايين دولار. وقال الفيصل في فبراير (شباط) الماضي تعليقاً على قرار الإعلان: «اعتزازاً بالدعم الكبير الذي يحظى به الاتحاد العربي لكرة القدم من خادم الحرمين الشريفين، ‏يسرني وزملائي أعضاء مجلس إدارة الاتحاد العربي لكرة القدم الإعلان عن تسمية بطولة الأندية العربية 2023 باسم كأس الملك سلمان».

كريم بنزيمة سيستهل مشواره في الطائف في أولى مباريات كأس الملك سلمان (نادي الاتحاد)

«نجوم مرتقبون في النسخة القادمة»

تتصدر الأندية السعودية قائمة أكثر الفرق امتلاكاً للأسماء البارزة الذين سيحطون رحالهم في البطولة العربية للمرة الأولى، يأتي على رأس هذه القائمة البرتغالي كريستيانو رونالدو قائد فريق النصر الذي سيحضر مع فريقه للمشاركة في البطولة العربية، بالإضافة إلى الكرواتي مارسيلو بروزوفيتش وكذلك البرازيلي تاليسكا، أما في الاتحاد فيحضر الفرنسي كريم بنزيمة الذي انضم إلى الفريق هذا الصيف قادماً من ريال مدريد الإسباني، وكذلك مواطنه نغولو كانتي، بالإضافة إلى البرتغالي غوتا.

وفي الهلال يحضر البرتغالي روبن نيفيز والسنغالي خاليدو كوليبالي، بالإضافة إلى النجوم الدوليين الذين يضمهم أزرق العاصمة سالم الدوسري وسلمان الفرج ومحمد كنو وياسر الشهراني، أما الشباب فيحضر في قائمته الأرجنتيني إيفر بانيغا والبولندي كريتشوفياك، والكثير من الأسماء البارزة والصفقات المتوقعة في الفترة القادمة.

كما تضم بقية الفرق المشاركة عددا من الأسماء البارزة والمتوقع أن تضع لها بصمة في البطولة العربية، حيث يحضر في الاتحاد المنستيري المهاجم المالي بوبكار تراوري واللاعب طه الخنيسي في فريق الكويت الكويتي وجواو بيدرو في الوحدة الإماراتي وأنيس سلتو في أهلي طرابلس الليبي، بالإضافة لنجوم الوداد المغربي ومواطنه الرجاء وكذلك فريق السد القطري والزمالك المصري وهذه أبرز الفرق المشاركة في البطولة.

كوليبالي سيدافع عن الهلال في البطولة العربية (نادي الهلال)

«مباريات منتظرة»

ووفقاً لجدول البطولة الذي أعلنه الاتحاد العربي لكرة القدم، فإن مباريات دور المجموعات ستنطلق في 27 يوليو الحالي وتستمر مطلع أغسطس المقبل، حيث تقام الجولة الأخيرة يومي 2 و3 أغسطس المقبل، حيث تُلعب المباريات بصورة متتابعة من أجل إنهاء البطولة في وقت قصير.

وبحسب جدول البطولة، فإن دور ربع النهائي سيقام يومي 5 و6 أغسطس، في حين سيقام نصف نهائي البطولة في التاسع من الشهر نفسه، ويقام نهائي البطولة في الثاني عشر من أغسطس.

فرحة لاعبي الزمالك هل ستتكرر في البطولة العربية؟ (الزمالك المصري)

وسيجمع الدور ربع نهائي البطولة بين متصدر المجموعة الأولى بوصيف المجموعة الثانية، في حين سيواجه متصدر المجموعة الثانية وصيف المجموعة الأولى في مواجهات تُقام على ملعب الأمير سلطان في أبها، أما متصدر المجموعة الثالثة فسيواجه وصيف المجموعة الرابعة، وسيكون متصدر المجموعة الرابعة أمام وصيف المجموعة الثالثة.

يُذكر أن البطولة تقام بين مدينتي أبها والطائف، حيث توزَّع الفرق على 4 مجموعات، يتأهل متصدر المجموعة ووصيفها، إذ تضم المجموعة الأولى «الاتحاد»، و«الترجي» التونسي، و«الشرطة» العراقي، والفائز من المواجهة التأهيلية، في حين يحضر في المجموعة الثانية «الهلال»، و«أهلي طرابلس» الليبي، و«الوداد» المغربي، و«السد» القطري.

فريق الوداد البيضاوي المغربي سيخوض مواجهات قوية في البطولة (رويترز)

أما المجموعة الثالثة فيحضر فيها كل من «النصر» و«الشباب» بجوار «الزمالك»، و«الاتحاد المنستيري» التونسي، في حين يحضر في المجموعة الرابعة «شباب بلوزداد» الجزائري، و«الرجاء الرياضي» المغربي، و«الكويت» الكويتي، و«الوحدة» الإماراتي.


مقالات ذات صلة

قطر تستضيف النسخ الثلاث المقبلة لكأس العرب 2025 و2029 و2033

رياضة عربية إنفانتينو خلال رئاسته اجتماع «فيفا» اليوم (أ.ب)

قطر تستضيف النسخ الثلاث المقبلة لكأس العرب 2025 و2029 و2033

منح مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم قطر شرف احتضان النسخ الثلاث المقبلة من كأس العرب، أعوام 2025 و2029 و2033، الأربعاء، على هامش كونغرس فيفا المقرر الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
رياضة عربية الشيخ حمد بن خليفة بن أحمد آل ثاني (الشرق الأوسط)

قطر تحتضن كأس العرب في ديسمبر 2025

عبّرت قطر عن رغبتها باستضافة كأس العرب لكرة القدم مرّة ثانية توالياً في كانون الأول/ديسمبر 2025، بحسب ما كشف وزير الشباب والرياضة الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
رياضة عربية الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وزير الرياضة القطري (تصوير: بشير صالح)

حمد بن خليفة: قطر تخطط لتنظيم الأولمبياد… وكأس العرب ستعود قريباً

كشف الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وزير الرياضة القطري ورئيس اللجنة المنظمة لبطولة كأس آسيا 2023 أن قطر ستكون جاهزة لاستضافة كأس العرب في العام المقبل.

فهد العيسى (الدوحة )
رياضة عربية كأس الملك سلمان للأندية العربية (الشرق الأوسط)

جاهزية مركبات النقل لخدمة مشجعي كأس الأندية العربية

أعلنت الهيئة العامة للنقل، الاثنين، رفع نسبة جاهزية مركبات النقل لخدمة مشجعي كأس الملك سلمان للأندية العربية 2023.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة عربية لاعبة متعبة بعد سباق للدراجات (اتحاد اللجان الأولمبية العربية)

هيمنة جزائرية على ميداليات دورة الألعاب العربية

تواصل الجزائر، البلد المستضيف لدورة الألعاب العربية، هيمنتها على صدارة جدول الميداليات المحققة منذ انطلاق الدورة بنسختها الخامسة عشرة في الخامس من يوليو (تموز).

عبد الله المعيوف (الجزائر)

سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

TT

سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب)
الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب)

سيلين حيدر، لاعبة منتخب لبنان للشابات وقائدة فريق أكاديمية بيروت، قصة رياضية شابة خطفتها أقدار الحرب من ملاعبها إلى سرير المستشفى. في لحظة واحدة، تحوَّل حلم اللاعبة التي تعشق الحياة وتعيش من أجل كرة القدم إلى صراع مرير مع إصابة خطيرة في الرأس، نتيجة قصف إسرائيلي استهدف منطقة الشياح، مكان إقامتها.

سيلين ليست فقط لاعبة موهوبة، هي ابنة الوطن الذي دفعها لتحمل مسؤوليات أكبر من عمرها، وهي مَن رفعت راية لبنان في بطولات غرب آسيا، وحملت معها طموحات جيل يؤمن بأن الرياضة أداة تغيير، لا ضحية للظروف. أصابتها شظايا الحديد التي اخترقت سلام بيتها، لكن صوت والدتها، سناء شحرور، لا يزال يردد: «ابنتي بطلة، ستعود لتقف وتكمل حلمها».

 

والدة سيلين حيدر تمنى نفسها بسلامة ابنتها (الشرق الأوسط)

 

وسط الألم، تقف عائلتها وزملاؤها ومدربوها كتفاً بكتف، يعزفون لحن الأمل. من كلمات صديقاتها عن شخصيتها الحنونة وضحكتها التي لم تفارق وجهها، إلى حملات الدعم التي نظمها زملاؤها في الفريق، الكل يترقب اللحظة التي تستيقظ فيها سيلين لتُكمل رحلتها، ليس فقط على أرض الملعب، بل في الحياة نفسها.

في ظل ظروفٍ مأساوية، تسرد والدتها، سناء شحرور، تفاصيل لحظة لا تُنسى، لحظة اختلط فيها الخوف بالأمل. رسالة بسيطة من سيلين تطلب وجبتها المفضلة تحولت إلى كابوسٍ بعد دقائق، عندما أُصيبت إثر تطاير شظايا الحديد. وبينما كانت الأم تمني نفسها بتحضير الطعام، وجدت نفسها تواجه الحقيقة المُرّة في المستشفى في قسم العناية الفائقة.

 

عباس حيدر والد اللاعبة سيلين (الشرق الأوسط)

القصة بدأت عندما اضطرت عائلتها للنزوح من منزلهم بسبب الحرب، في حين بقيت سيلين وحدها في المنزل لتكمل دراستها الجامعية، بعد قرار وزير التربية اللبناني عباس الحلبي باستكمال التعليم، رغم الحرب. وفي إحدى الليالي، أرسلت سيلين رسالة لوالدتها عبر تطبيق «واتساب»، تطلب منها إعداد وجبتها المفضلة. بضحكة خفيفة، ردَّت الأم: «وجهك فقري، سأقوم بإعدادها لك». دقائق بعد ذلك، تلقت الأم اتصالاً غيّر حياتها؛ الرقم الغريب على الهاتف أخبرها بأن ابنتها تعرضت لإصابة في الرأس.

جمع من أصدقاء اللاعبة يلتفون في المستشفى الذي ترقد فيه (الشرق الأوسط)

 

لم تصدِّق الأم ما سمِعَتْ، لا سيما أن سيلين كانت قد أبلغت بأنها ابتعدت عن مكان الاستهداف. شعرت بالذعر والارتباك وبدأت تبحث عن معلومات متضاربة حول حالتها، وتقول شحرور: «لم أعد أعرف ماذا أفعل وكنت في موقف لا أحسد عليه صرت أتجول في البيت من دون جدوى. اتصلت بوالدها وذهب لمستشفى السان جورج قبلي، لأنني كنت بعيدة جداً عنها».

وتكمل شحرور بأنها حين وصلت إلى المستشفى، وجدت ابنتها مغطاة بالدماء، لا تستطيع الحركة، وقد أُصيبت بكسر في الجمجمة ونزف في الرأس. المشهد كان مرعباً، لكن الأم لم تفقد الأمل. وقفت بجوارها وهي تصرخ: «قومي يا سيلين!»، ولكن الأطباء كانوا يؤكدون أن وضعها حرج للغاية، وأن المسألة مسألة وقت.. وتضيف: «الأطباء يقولون لنا إنها مسألة وقت؛ سأنتظرها سنة واثنتين وثلاثاً لكي تستيقظ».

في المستشفى، تجلس الأم يومياً بجانب سرير سيلين، تتحدث معها، تخبرها عن زيارات الأصدقاء، وتعدها بأطيب الأكلات عندما تستيقظ، وتخبرها بأنها ستشتري لها دراجة نارية جديدة، تحاول أن تمنحها القوة بالكلمات، رغم أن سيلين لا تستجيب. تقول الأم: «قلت لها إنني رأيتُ في الحلم أنها استيقظت وغمرتني. أنا أنتظر هذا الحلم يتحقق، حتى لو استغرق الأمر سنوات».

 

هنا خلف هذا الباب الموصد ترقد لاعبة منتخب لبنان نتيجة إصابتها (الشرق الأوسط)

 

أما والدها عباس حيدر، فيصف وضعها بالمستقر دون تحسُّن كبير. يحكي عن شظية حديد أصابت رأسها نتيجة القصف الإسرائيلي، مما تسبب بكسر في الجمجمة ونزف داخلي أدى إلى دخولها في غيبوبة. ويشيد والدها بدعم الاتحاد اللبناني لكرة القدم قائلاً: «منذ اللحظة الأولى، لم يترك الاتحاد اللبناني لكرة القدم عائلة سيلين وحدها؛ قام رئيس الاتحاد السيد هاشم حيدر بتأمين نقلها من مستشفى سان جورج إلى مستشفى الروم، وتابع حالتها بشكل مباشر. الأمين العام للاتحاد جهاد الشحف، رغم غيابه عن لبنان، ظل على اتصال مستمر مع العائلة».

عباس يحاول جاهداً أن تتماسك أعصابه عند الكلام، يحكي ويفضفض لعله يخفف من وطأة الألم؛ فابنته المدللة وآخر العنقود بحالة فُرِضت عليها بسبب الحرب التي يعيشها لبنان منذ شهرين تقريباً، ويقول بحرقة: «سيلين تنتظر دعاء الجميع لتعود لحياتها وفريقها ومنتخب لبنان، وكي تعود أقوى، وتُتوَّج بلقب غرب آسيا، وترفع اسم لبنان، وسننتظرها لترفع علم لبنان مجدداً مع أصدقائها. هذا الجيل الذي يجب أن يبني لبنان وطناً حراً علمانياً بعيداً عن كل الطوائف والمذاهب التي خربت بلدنا».

زملاؤها في فريق أكاديمية بيروت كانوا أيضاً في صدمة كبيرة. ميشال أبو رجيلي، صديقتها وزميلتها في الفريق، قالت إنها لم تصدق في البداية أن إصابة سيلين خطيرة، لكنها أدركت حجم الكارثة بعد سماع الأخبار. تروي كيف أن سيلين كانت دائماً مبتسمة داعمة لزميلاتها ومحبة للحياة. تتذكر رسالتها في عيد ميلادها: «عقبال المليون دولار»، وتقول إنها تنتظر عودتها لتعيد البهجة إلى الفريق.

 

حلم اللاعبة الشابة بات ضحية الحرب (الشرق الأوسط)

 

مدربها في الفريق سامر بربري تحدث عن التزامها العالي وتطورها المذهل كلاعبة. انضمت إلى أكاديمية بيروت منذ ثلاث سنوات، وتدرجت من فريق دون الـ17 عاماً إلى ما دون الـ19. وحققت مع الفريق عدة بطولات، من بينها لقب بطولة الشابات في الموسم الماضي ولقب السيدات، وصفها بأنها قائدة بالفطرة، محترفة في الملعب، وضحكتها لا تفارق وجهها.

رغم الألم الذي تعيشه العائلة، لا تزال والدة سيلين تحتفظ بأمل كبير: «رسالتي للعالم أن سيلين ليست مجرد لاعبة، بل هي رمز لجيل يحب الحياة. أتمنى أن تنتهي الحرب، وأن نعيش أياماً أفضل. الشعب اللبناني لا ينكسر، وسيلين ستعود لتكمل حلمها وترفع علم لبنان مجدداً».

زملاء سيلين نظموا حملة تبرعات لدعم الناس المحتاجة، وأطلقوا دعوات للصلاة من أجل شفائها. الجميع ينتظر اللحظة التي تفتح فيها سيلين عينيها وتبتسم مجدداً، فكما قالت زميلتها ميشال إن الحياة تليق فقط بأولئك الذين يحبون الحياة كسيلين.