هل يعاني إيفرتون من تداعيات الثورة المالية للدوري الإنجليزي؟

كان ضمن الأندية الخمسة الكبار التي نادت بالإصلاح في 1992 لكن نتائجه جاءت عكس ما تمناه

لاعبو إيفرتون افتتحوا الدوري بثلاثة خسائر في مؤشر لا يبدو جيدا هذا الموسم (رويترز)
لاعبو إيفرتون افتتحوا الدوري بثلاثة خسائر في مؤشر لا يبدو جيدا هذا الموسم (رويترز)
TT

هل يعاني إيفرتون من تداعيات الثورة المالية للدوري الإنجليزي؟

لاعبو إيفرتون افتتحوا الدوري بثلاثة خسائر في مؤشر لا يبدو جيدا هذا الموسم (رويترز)
لاعبو إيفرتون افتتحوا الدوري بثلاثة خسائر في مؤشر لا يبدو جيدا هذا الموسم (رويترز)

لقد مرت 40 سنة منذ أعظم موسم في تاريخ إيفرتون، عندما فاز بالدوري الإنجليزي وكأس أبطال الكؤوس ووصل إلى نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي. لكنه كان إنجازاً غريباً حقاً، حيث جاء في وقت كان من الصعب فيه أن نرى كيف يمكن لكرة القدم الإنجليزية أن تستمر في ظل المآسي والكوارث التي تعاني منها.

كان إيفرتون - جنباً إلى جنب مع مانشستر يونايتد وآرسنال وليفربول وتوتنهام - أحد الأندية «الخمسة الكبار» التي قادت لإطلاق الدوري الإنجليزي الممتاز في عام 1992، وهو الحدث الذي يُنظر إليه الآن على نطاق واسع على أنه كان خطوة ضرورية في إعادة ميلاد اللعبة.

لكن هذه الخطوة أدت أيضاً إلى تبني ما يمكن وصفه بالاقتصاد الليبرالي الجديد بكرة القدم: فالبطولة الوحيدة التي فاز بها إيفرتون منذ انطلاق الدوري الإنجليزي بشكله الجديد هي كأس الاتحاد الإنجليزي عام 1995، وبعد التعرض لثلاث هزائم متتالية في الدوري في بداية هذا الموسم، يبدو أن الفريق يمضي الموسم الرابع على التوالي وهو يواجه شبح الهبوط.

لكن التغيير كان ضرورياً، فبعد خمسة أيام من فوز إيفرتون بلقب الدوري في موسم 1984-1985، لقي 56 شخصاً مصرعهم في حريق في برادفورد. وفي نفس اليوم، توفي مشجع لليدز يونايتد يبلغ من العمر 15 عاماً عندما انهار عليه جدار أثناء شجار خلال إحدى المباريات في برمنغهام. وبعد أربعة أيام، تغلب إيفرتون على رابيد فيينا في نهائي كأس الكؤوس الأوروبية. وبعد أسبوعين من ذلك، لقي 39 شخصاً مصرعهم في أعقاب مشاجرة جمهور ليفربول في نهائي كأس أوروبا في ملعب هيسل في بروكسل.

وفي الأسبوع الذي أعقب حريق برادفورد، نشرت صحيفة «صنداي تايمز» افتتاحيتها الشهيرة التي أشارت فيها إلى أن كرة القدم أصبحت «رياضة عشوائية تُلعب في ملاعب عشوائية يشاهدها بشكل متزايد أشخاص عشوائيون»، وطالبت بتطبيق أدنى معايير السلامة والأمان.

لكن كيف يمكن تمويل ذلك؟ لقد رفضت الصحيفة في افتتاحيتها فكرة الدعم، بحجة أن «كرة القدم، مثل أي شيء ترفيهي آخر على المستوى الاحترافي، لا شيء إذا لم تجتذب الجماهير بمزاياها الخاصة». لكن ما لم تدركه صحيفة «صنداي تايمز» - إلى جانب الغالبية العظمى من الناس في اللعبة - هو أن تحسين تجربة المشجعين سوف ينجح بسرعة في تغطية التكاليف على جميع المستويات. ففي السنوات الأربعين التي مرت منذ ذلك الحين، تضاعف عدد الحضور الجماهيري في مباريات الدوري. فهل كان انطلاق الدوري الإنجليزي الممتاز بشكله الجديد والنموذج الاقتصادي الذي قدمه ضرورياً لتحقيق ذلك؟ ربما يقول أولئك المرتبطون بالأندية الكبرى نعم، وبأنهم بحاجة إلى الثراء لرفع المعايير وأن جميع الأندية في كل مكان قد استفادت من ذلك.

ربما يكون هذا صحيحاً بشكل جزئي، على الرغم من أن نظرية الاقتصاد المتدرج أو المتسرب (أن يقود أثرياء وأصحاب الشركات الكبرى والمستثمرون ورجال الأعمال مسيرة النمو الاقتصادي داخل المجتمع، وبالتالي فإن تمتعهم بأي مزايا أو فوائد إضافية مثل المكاسب الرأسمالية أو الإعفاءات الضريبية ستتسرب نتائجه إلى جميع الأشخاص في دوائر المجتمع) فقدت مصداقيتها الآن: ربما كانت الشهرة التي اكتسبتها الأندية الرائدة من خلال تعاقدها مع نجوم أجانب لامعين - رغم أنهم كانوا في كثير من الأحيان من اللاعبين كبار السن في بداية الأمر - أفضل أداة تسويق ممكنة لكرة القدم الإنجليزية ككل. ونظراً لأن هذا هو المسار الذي سلكته كرة القدم الأوروبية مع ظهور دوري أبطال أوروبا، فربما كان الدوري الإنجليزي الممتاز بشكله الجديد ضرورياً لكي تتمكن الأندية الإنجليزية من المنافسة.

لكن آخرين يشككون في هذا، فالسير بوب موراي، على سبيل المثال، الذي كان رئيساً لنادي سندرلاند في ذلك الوقت، يعتقد أن تطوير المنشآت، بالإضافة إلى العائدات من البث التلفزيون، كان كفيلاً برفع مستوى كرة القدم على أي حال. وبعبارة أخرى، ينسب الدوري الإنجليزي الممتاز الفضل إلى نفسه في ظاهرة كانت ستحدث بالفعل: ثورة اقتصادية تم تنفيذها تحت غطاء الضرورة المتوقعة!

لكن في حال توزيع الأموال بشكل أكثر عدالة والتعامل مع الأمر بعيداً عن النواحي التجارية (على الرغم من أنه تجب الإشارة، من باب الإنصاف، إلى أن الدوري الإنجليزي الممتاز احتفظ على الأقل بتوزيع متساوٍ نسبياً لحقوق البث التلفزيوني المحلي)، فإن فرقاً كثيرة ستصبح قادرة على المنافسة، ولن تبدو الفجوة بين الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري الدرجة الأولى واسعة للغاية.

هل ينقذ ملعب إيفرتون الجديد النادي من أزماته المالية (ا ب ا)

لكن السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل كان هذا هو المستقبل الذي تصورته الأندية الخمسة الكبرى آنذاك؟ وهل تصورت هذه الأندية أن الرأسمالية التي تخضع لقواعد تنظيمية خفيفة ستجتذب رجال الأعمال الأثرياء والشيوخ من جميع أنحاء العالم والدول والأسهم الخاصة والمخادعين والمقامرين؟ يجب الإشارة هنا إلى أن ثلاثة أندية فقط من الخمسة الكبار الأصليين فازت بالدوري الإنجليزي الممتاز (مانشستر يونايتد وآرسنال وليفربول)، ولم يحصل أحد الأندية الخمسة الكبار على لقب الدوري إلا مرة واحدة فقط خلال السنوات الإحدى عشرة الماضية (ليفربول). وهناك شعور بأن هذه الأندية الكبرى لم تتمكن من مجاراة النماذج الاقتصادية التي نفذتها. ويواجه إيفرتون معركة شرسة لكي لا يكون أول من يهبط من بين هؤلاء الخمسة الكبار.

وفي العقد الذي سبق عام 1992، فاز إيفرتون بلقب الدوري مرتين، وبلقب كأس الاتحاد الإنجليزي مرة، كما وصل للمباراة النهائية على ملعب ويمبلي أربع مرات أخرى. لقد كان إيفرتون ثالث أكثر الأندية نجاحاً في تاريخ إنجلترا. ولولا الحظر الذي فُرض على الأندية الإنجليزية في أعقاب كارثة هيسل، ربما أصبح إيفرتون خامس فريق إنجليزي يفوز بكأس أوروبا ويستفيد من نجاحه بالفوز بلقب الدوري في عامي 1985 و1987. وكانت الأندية الخمسة الكبرى هي صاحبة أعلى متوسط حضور جماهيري في معظم أواخر الثمانينات من القرن الماضي.

فهل كان إيفرتون يبالغ في تقدير إمكانياته دائماً؟ أم أن المشكلة كانت تتمثل في أنه لم يكن لديه أبداً الإمكانات الاقتصادية التي تتمتع بها بعض الأندية الأخرى؟ لقد كانت هناك سنوات من الحكمة الاقتصادية واحتلال أحد المراكز العشرة الأولى تحت قيادة المدرب ديفيد مويز، لكن الفجوة المالية كانت واضحة دائماً. فهل كان بإمكان الإدارات المختلفة أن تغير هذا الوضع، أم أنه كان من المحتم ألا يتمكن إيفرتون أبداً من احتلال أحد مراكز القمة؟

لقد تزايد الشعور بأن هذا النادي لا يرغب في التكيف مع الوضع المتدهور. لقد كان النادي يتعاقد مع لاعبين تجاوزوا قمة عطائهم الكروي؛ ففي ظل ملكية فرهاد موشيري بدا الأمر لفترة طويلة وكأن هناك تعلقاً مرضياً بالتعاقد مع اللاعبين كبار السن الذين تراجع مستواهم، وكأن التعاقد مع اللاعبين الصغار في السن لإكسابهم الخبرات اللازمة ثم بيعهم بمقابل مادي أكبر وتحقيق ربح جيد أمر لا يليق بهذا النادي!

وكانت النتيجة هي وصول النادي إلى الفوضى الحالية: أربعة مواسم متتالية يحصل فيها النادي على أموال أكثر من التي أنفقها، لكنه لا يزال يعاني من أجل الامتثال لقواعد الربح والاستدامة في الدوري الإنجليزي الممتاز، في حين تتصارع مجموعة من المُلاك المحتملين حول الحطام المتبقي من كارثة سنوات موشيري!

شون دايك مدرب إيفرتون سيواجه تحديات الإنقاذ مرة أخرى (رويترز)cut out

لكن على الأقل هناك احتمال لبناء ملعب جديد. قد يكون هذا استنزافاً قصير المدى للموارد، لكنه سيؤدي إلى زيادة الإيرادات على المدى البعيد، وهذا هو جوهر كرة القدم الحديثة. لكن يتعين على إيفرتون الوصول إلى هذا المستقبل. لقد أشارت أول 87 دقيقة ضد بورنموث في نهاية الأسبوع الماضي إلى أن إيفرتون لديه القدرة على القيام بذلك؛ لكن ما حدث بعد ذلك ألقى بظلال من الشك على ما إذا كان الفريق يمتلك العقلية اللازمة لحصد الانتصارات، وسط كل هذه الاضطرابات والأجواء السلبية. لكن بعيداً عن كل هذه التفاصيل، فإن المحرك الأساسي هو التغيير الاقتصادي الذي أصلح اللعبة في عام 1992 والثورة التي بدأت تلتهم الأندية التي قادت هذا التغيير!

*خدمة «الغارديان»

الطفرة الاقتصادية لإصلاح الدوري الممتاز قد تكون على وشك التهام أحد الأندية «الخمسة الكبرى» الأصلية


مقالات ذات صلة

غوارديولا: «عفواً... فزت بـ6 ألقاب في البريميرليغ»

رياضة عالمية بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي (أ.ف.ب)

غوارديولا: «عفواً... فزت بـ6 ألقاب في البريميرليغ»

ربما لم يكن بيب غوارديولا بهذه الحدة خلال مؤتمر صحافي. فهو يأسر الحضور بانتظام، خصوصاً في أوقات كهذه.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية روبن أموريم تحدث باستفاضة في أول مؤتمر صحافي له مدرباً ليونايتد (أ.ف.ب)

أموريم في مؤتمره الصحافي الأول... ماذا قال وماذا يعني؟

أكد كبار المسؤولين في مانشستر يونايتد أن أول لقاء لروبن أموريم مع وسائل الإعلام المجتمعة كان مجرد مؤتمر صحافي قبل المباراة.

The Athletic (مانشستر)
رياضة عالمية أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام هوتسبير (أ.ف.ب)

بوستيكوغلو: قد أفقد وظيفتي في عيد الميلاد!

سيكمل أنجي بوستيكوغلو 50 مباراة في قيادة توتنهام هوتسبير المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم السبت.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية روبن أموريم المدرب الجديد لمانشستر يونايتد (رويترز)

أموريم: أنا «الحالم» القادر على إعادة أمجاد يونايتد!

قال المدرب البرتغالي روبن أموريم إنه الرجل المناسب لإعادة مانشستر يونايتد أخيراً إلى مجده السابق.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية بن وايت (يمين) سيغيب أشهراً عن آرسنال بداعي الإصابة (رويترز)

وايت يبتعد لأشهر عن آرسنال بعد جراحة في الركبة

يواجه مدافع آرسنال رابع الدوري الإنجليزي لكرة القدم بن وايت خطر الغياب أشهراً عدّة بعد خضوعه لجراحة في الركبة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)
صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)
TT

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)
صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)

أصبحت جملة «محمد صلاح هو الوحيد الذي...» شائعةً للغاية خلال السنوات الأخيرة عند الحديث عن أي بيانات أو إحصاءات هجومية في عالم كرة القدم. ويقدم النجم المصري مستويات استثنائية منذ انضمامه لليفربول عام 2017، إذ سجل وصنع أهدافاً قادت الريدز إلى منصات التتويج المحلية والعالمية.

ولا يزال صلاح يواصل العطاء بشكل مثير للإعجاب. ففي وقت سابق من هذا الشهر، أحرز هدفاً في المباراة التي فاز فيها الريدز على برايتون بهدفين مقابل هدف وحيد، وكان ذلك هو هدفه رقم 164 في الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو ما يعني تجاوزه أسطورة ليفربول السابق روبي فاولر ووصوله إلى المركز الثامن في قائمة أفضل هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز عبر تاريخه.

وبعد ذلك، وبفضل تمريرته الحاسمة وهدفه رقم 165 في المباراة التي فاز فيها ليفربول على أستون فيلا بهدفين دون رد، أصبح صلاح أول لاعب في الدوريات الخمس الكبرى في أوروبا هذا الموسم يسجل ويصنع عشرة أهداف أو أكثر في جميع المسابقات، إذ سجل عشرة أهداف وصنع مثلها في 17 مباراة فقط هذا الموسم.

وكان الوحيد الذي انضم إليه في هذا الإنجاز مواطنه ونجم آينتراخت فرانكفورت عمر مرموش، وهو ما جعل الناس يقولون مرة أخرى: «محمد صلاح هو الوحيد أيضاً الذي سجل وصنع عشرة أهداف أو أكثر في جميع المسابقات هذا الموسم».

صلاح وصل هذا الموسم إلى أفضل معدل في صناعة الأهداف (أ.ف.ب)

بدأ ليفربول مسيرته بعد رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب بشكل رائع، إذ حقق أرني سلوت الفوز في 9 من أول 11 مباراة له في الدوري الإنجليزي الممتاز، كما تأهل ليفربول إلى الدور ربع النهائي لكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، ويتصدر مجموعته في دوري أبطال أوروبا باعتباره الفريق الوحيد الذي حقق أربعة انتصارات من أربع مباريات.

ولم يكن من الغريب أن يكون صلاح المساهم الرئيسي في وصول الفريق إلى صدارة جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد فوزه على أستون فيلا. والآن، يتوقع الكمبيوتر العملاق التابع لشركة «أوبتا» للإحصاءات أن يفوز الريدز باللقب. وكان موسم 2019-20، عندما فاز بلقب الدوري، الموسم الوحيد الذي جمع فيه ليفربول عدداً أكبر من النقاط بعد مرور 11 جولة من الموسم (كان قد حقق الفوز في عشر مباريات وتعادل في مباراة واحدة في أول 11 جولة من الموسم).

وأمام أستون فيلا بقيادة مديره الفني أوناي إيمري، لم تكن تمريرة صلاح الحاسمة في الهدف الذي سجله داروين نونيز متعمدة، حيث كان النجم المصري يحاول الركض نحو المرمى بنفسه قبل أن يسقطه ليون بايلي، ثم اندفع نونيز نحو الكرة المرتدة ووضعها في الشباك، لكن السبب الرئيسي وراء هذا الهدف هو صلاح أيضاً، لأنه انطلق بسرعة فائقة في هجمة مرتدة سريعة بعد قطع الكرة من ركلة ركنية لأستون فيلا.

وأحرز صلاح الهدف الثاني بطريقته المعتادة، فبعد قطع الكرة من دييغو كارلوس في منتصف الملعب، اندفع النجم المصري نحو المرمى بسرعة هائلة وسدد الكرة في مرمى الحارس الأرجنتيني إيميليانو مارتينيز المتوج مؤخراً بجائزة أفضل حارس مرمى في العالم. وتشير الأرقام والإحصاءات إلى أن صلاح سجل وصنع في مباراة واحدة بالدوري الإنجليزي الممتاز للمرة 35، ولا يتفوق عليه في هذا الأمر سوى واين روني (36 مرة)، وبالتالي فإن صلاح بحاجة إلى التسجيل والصناعة في مباراة واحدة أخرى ليصبح أكثر من فعل ذلك في تاريخ المسابقة.

لقد كان أداءً استثنائياً مرة أخرى من اللاعب البالغ من العمر 32 عاماً، بعد أن صنع هدفين يوم الثلاثاء الماضي ليقود الريدز للفوز برباعية نظيفة على بطل ألمانيا باير ليفركوزن في دوري أبطال أوروبا.

وعلاوة على ذلك، فإن وصوله إلى 10 أهداف و10 تمريرات حاسمة في 17 مباراة فقط يجعله أسرع لاعب يفعل ذلك مع ليفربول في آخر 40 موسماً. ويأتي النجم الأورغوياني لويس سواريز في المركز الثاني، إذ فعل ذلك في 23 مباراة في موسم 2013-14.

بقاء صلاح في ليفربول بات ضرورة حتمية بالنسبة لمسؤولي وجماهير النادي (الشرق الأوسط)

دعونا نتوقف قليلاً عن استخدام عبارة «محمد صلاح هو الوحيد...»، ونقول هذه المرة إن اللاعبين الوحيدين الذين ساهموا في أهداف أكثر من صلاح هذا الموسم في جميع المسابقات في الدوريات الخمس الكبرى هم هاري كين (24 هدفاً)، ومرموش (24 هدفاً) وروبرت ليفاندوفسكي (21 هدفاً).

وهذا هو الموسم الرابع على التوالي الذي يتجاوز فيه صلاح الرقم 10 في كل من تسجيل وصناعة الأهداف، كما أنه الآن في أفضل معدل له على الإطلاق من حيث المساهمة في الأهداف لكل 90 دقيقة منذ وصوله إلى ملعب «آنفيلد» قبل أكثر من سبع سنوات. لقد ساهم صلاح في 20 هدفاً في 1347 دقيقة فقط هذا الموسم، وهو ما يعني تسجيل أو صناعة هدف كل 67.5 دقيقة في جميع المسابقات هذا الموسم. وخلال موسمه الأول المذهل مع النادي في 2017-18، الذي سجل فيه 44 هدفاً وصنع 14 هدفاً، وصل متوسط مساهماته في الأهداف إلى هدف كل 71 دقيقة.

لقد عودنا صلاح دائماً على تسجيل الأهداف، كما يخلق الفرص لزملائه بطريقة استثنائية. لقد تمكن من صناعة 10 أهداف أو أكثر في كل موسم من المواسم التي قضاها في ليفربول، باستثناء موسم 2020-21 عندما صنع 6 أهداف. ومع ذلك، يبدو صلاح في طريقه لأن ينهي الموسم الحالي بأعلى حصيلة له مع الريدز في موسم واحد، حيث لا يحتاج إلا لصناعة 7 أهداف أخرى ليتجاوز أكبر عدد من التمريرات الحاسمة له في موسم واحد، الذي وصل إلى 16 تمريرة حاسمة في موسم 2022-23. ويعد صلاح ومواطنه مرموش اللاعبين الوحيدين اللذين صنعا 10 أهداف أو أكثر في الدوريات الخمس الكبرى في أوروبا في جميع المسابقات هذا الموسم، في حين أن 7 لاعبين فقط في هذه الدوريات صنعوا فرصاً من اللعب المفتوح أكثر من صلاح (30 فرصة).

صلاح لاعب رئيسي في وصول الفريق إلى صدارة الدوري (أ.ف.ب)

في الحقيقة، يعد صلاح أهم لاعب في ليفربول مرة أخرى هذا الموسم. وبالمقارنة مع زملائه في الفريق، فإن مساهمات صلاح في الأهداف تتجاوز تقريباً ضعف مساهمات أي لاعب آخر (لويس دياز 11 مساهمة تهديفية)، كما صنع النجم المصري فرصاً من اللعب المفتوح تزيد عن أي لاعب آخر بما لا يقل عن تسع فرص (كودي غاكبو 21 فرصة). وعلاوة على ذلك، فإن صلاح، الذي صنع 30 فرصة من اللعب المفتوح، قد تجاوز صانع اللعب الأبرز في ليفربول ترينت ألكسندر أرنولد بفارق 12 فرصة، حيث صنع النجم الإنجليزي الدولي 18 فرصة من اللعب المفتوح هذا الموسم.

لقد شارك صلاح في 100 هجمة من اللعب المفتوح في جميع المسابقات، وهو ما يزيد بنحو 24 هجمة على الأقل عن أي لاعب آخر في ليفربول. ورغم كل ما يقال، فمن الواضح أن صلاح لا يزال في قمة مسيرته الكروية، أو قريباً منها، وهو الأمر الذي يجعل انتهاء عقده بنهاية الموسم الحالي يخلق الكثير من القلق بين عشاق الريدز.

ربما يكون من المفهوم أن النادي لم يكن في عجلة من أمره لتقديم عرض ضخم لصلاح هذا الصيف، نظراً لأن أداء صلاح كان مخيباً للآمال، مثل أي لاعب آخر بالفريق، بعدما تبخرت آمال ليفربول للفوز باللقب في موسم 2023-24.

النجم المصري قدم مستويات استثنائية منذ انضمامه لليفربول (أ.ب)

وكان صلاح قد لعب مباراة واحدة فقط في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال الفترة بين يوم رأس السنة الجديدة والمباراة التي خاضها الفريق على ملعبه أمام مانشستر سيتي في 10 مارس (آذار). وخلال الفترة من عودته للمشاركة في المباريات وحتى نهاية الموسم، سجل صلاح 3 أهداف فقط في 11 مباراة بالدوري، من بينها ركلة جزاء في المباراة التي انتهت بالتعادل مع مانشستر يونايتد بهدفين لكل فريق، وهدف وتمريرة حاسمة في الفوز بأربعة أهداف مقابل هدفين على توتنهام، بعد انتهت آمال الفريق تماماً في المنافسة على لقب الدوري.

لكن لو كانت هناك أي شكوك حول مستوى صلاح، وكيف سيتأقلم مع طريقة اللعب تحت قيادة المدير الفني الجديد أرني سلوت، وما إذا كان لا يزال يستحق الأموال الكبيرة التي سيحصل عليها في حال تمديد عقده، فمن المؤكد أن كل هذه الشكوك قد تلاشت تماماً الآن. خلال الموسم الماضي، تعرض صلاح لانتقادات في بعض الأحيان بسبب بقائه كثيراً بجوار خط التماس وعدم الدخول إلى عمق الملعب، لكن الخريطة الحرارية لتحركاته داخل الملعب خلال الموسمين الماضي والحالي تُظهر أنه يتحرك في عمق الملعب بشكل أقل الآن تحت قيادة سلوت، إذ يتحرك في تلك المساحة على الجانب الأيمن من منطقة الجزاء في كثير من الأحيان، وهذا هو المكان الذي يقدم فيه أفضل مستوياته، كما تُظهر خريطة مشاركته في الأهداف.

تشير التقارير إلى أن ليفربول فتح محادثات بالفعل مع صلاح، إلى جانب فيرجيل فان دايك وألكسندر أرنولد، اللذين تنتهي عقودهما أيضاً في الصيف المقبل. من المؤكد أن قوة النجم المصري في التفاوض قد زادت كثيراً بعد المستويات الرائعة التي قدمها في الأسابيع الأخيرة، وهو ما دفع أحد المشجعين إلى رفع لافتة في مباراة ليفربول يوم السبت الماضي كتب عليها: «إنه يُطلق السهام، جددوا تعاقد محمد الآن»، في إشارة إلى احتفاله الشهير بالقوس والسهم عند إحراز الأهداف. يحقق صلاح أرقاماً مذهلة منذ وصوله إلى ليفربول، فقد سجل 221 هدفاً وصنع 97 هدفاً في 366 مباراة مع النادي، ولم يسجل أقل من 23 هدفاً في موسم واحد. لكن السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: إلى متى يُمكن للنجم المصري الاستمرار في تقديم هذه المستويات؟ من الصعب الإجابة على هذا السؤال، لكن مشجعي ليفربول يأملون بالتأكيد أن يستمر الملك المصري في ملعب «آنفيلد» لفترة طويلة مقبلة.

* خدمة «الغارديان»