رحلة صعود مدربي الركلات الثابتة لتحديد نقاط ضعف المنافسين واستغلالها

جوفر الرجل الذي يقف وراء تفوق آرسنال في الركلات الركنية... رغم عدم يقين الكثير من المدربين بتعيين متخصص لذلك

نيكولاس جوفر متخصص الكرات الثابتة الذي حقق نجاحاً لافتاً في آرسنال (غيتي)
نيكولاس جوفر متخصص الكرات الثابتة الذي حقق نجاحاً لافتاً في آرسنال (غيتي)
TT

رحلة صعود مدربي الركلات الثابتة لتحديد نقاط ضعف المنافسين واستغلالها

نيكولاس جوفر متخصص الكرات الثابتة الذي حقق نجاحاً لافتاً في آرسنال (غيتي)
نيكولاس جوفر متخصص الكرات الثابتة الذي حقق نجاحاً لافتاً في آرسنال (غيتي)

التدريب على الكرات الثابتة أحد أصعب الأشياء التي لا يفضلها اللاعبون بسبب كثرة الوقوف لفترة طويلة أصبحنا نرى مشهداً يتكرر كثيراً في الدوري الإنجليزي الممتاز، فعندما يتم احتساب ركلة حرة أو ركلة ركنية، يظهر إلى جانب المدير الفني شخص آخر يصرخ بصوت عالٍ ويوجه التعليمات للاعبي فريقه لبضع ثوانٍ قبل أن يعود إلى مقعده مرة أخرى على مقاعد البدلاء.

ويعود الفضل في ذلك إلى حدٍ كبير إلى نيكولاس جوفر، متخصص الكرات الثابتة في آرسنال، الذي سجل هدفين من ركلتين ركنيتين في ديربي شمال لندن أمام توتنهام، وهو ما يعني أن آرسنال بقيادة المدير الفني الإسباني الشاب ميكيل أرتيتا قد عادل الرقم القياسي المسجل في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز والبالغ 16 هدفاً من ركلة ركنية في موسم واحد، والمسجل باسم وست بروميتش ألبيون في موسم 2016 - 2017. تحت إدارة توني بوليس، بالإضافة إلى أن آرسنال سجل هذا الموسم 22 هدفاً من كرات ثابتة بشكل عام - أكثر بأربعة أهداف من أقرب منافسيه في هذا الشأن، وهو إيفرتون. كما اهتزت شباك آرسنال بستة أهداف فقط من كرات ثابتة، ليأتي في المركز الثاني خلف مانشستر سيتي (اهتزت شباكه بهدفين). وتجب الإشارة إلى أن جوفر كان يعمل في مانشستر سيتي أيضاً، قبل أن يرحل في عام 2021 ويأتي بدلاً منه كارلوس فيسينز.

ولم يكن آرسنال ومانشستر سيتي هما الوحيدان من بين أندية الدوري الإنجليزي الممتاز اللذان استعانا بمتخصصين في الكرات الثابتة، فقد كان أوستن ماكفي يقوم بالدور نفسه مع أستون فيلا خلال اللقاء الذي فاز فيه فريقه على آرسنال على ملعب الإمارات بهدفين مقابل لا شيء في أبريل (نيسان) الماضي، كما يعمل ماكفي في الوقت نفسه مساعداً للمدير الفني لمنتخب أسكوتلندا. وتعاقد نوتنغهام فورست مع المدير الفني السابق لمنتخب إنجلترا تحت 19 عاماً، سيمون راسك، في ديسمبر (كانون الأول) للمساعدة في حل المشكلات التي يواجهها الفريق في الكرات الثابتة. وتعاقد تشيلسي مع برناردو كويفا من برنتفورد ليترأس قسم الكرات الثابتة الجديد اعتباراً من الموسم المقبل.

استغلال الكرات الثابتة بات أمراً يتطلب تدريباً خاصاً وفقاً لقدرات المنافسين (د.ب.أ)

يقول دين سميث، المدير الفني السابق لأستون فيلا، الذي منح جوفر أول فرصة للعمل في كرة القدم الإنجليزية عبر بوابة برنتفورد في عام 2016 ويتولى الآن قيادة فريق شارلوت في الدوري الأميركي لكرة القدم: «أعتقد أنه سيكون هناك المزيد والمزيد من هذا الأمر في المستقبل. لقد بدأت الأندية تهتم بشكل أكبر بالكرات الثابتة الآن، لكن من الصعب للغاية تدريب اللاعبين على الكرات الثابتة، لذا فالأمر يتطلب تعيين الشخص المناسب وجعل اللاعبين يؤمنون بأهمية ما يقدمه».

وكان آرسنال قد سجل خمسة أهداف فقط من كرات ثابتة في الموسم السابق لوصول جوفر، وكان ذلك ثالث أقل عدد من الأهداف لفريق من الكرات الثابتة في الدوري، ثم حدث تحول مذهل منذ أن أوصى أرتيتا بالتعاقد مع جوفر في أعقاب عدم تجديد عقده مع مانشستر سيتي بعد العمل هناك لمدة موسمين.

يقول سميث، الذي حاول إقناع جوفر بالعمل معه في أستون فيلا: «ما زلت أتحدث معه بانتظام، لذا فأنا سعيد بتقديمه لهذا العمل الجيد. لقد ذهب إلى مانشستر سيتي واستمتع حقاً بالعمل هناك، لكنه ربما كان مقيداً بكمية المعلومات التي كان يحصل عليها بسبب الطريقة التي يعمل بها جوسيب غوارديولا. لكنه بالتأكيد وجد نفسه في آرسنال».

وانضم برنتفورد أيضاً للأندية التي تستعين بمدربين متخصصين للكرات الثابتة في عام 2015 من خلال التعاقد مع الإيطالي جياني فيو، وهو مصرفي سابق يعمل الآن في واتفورد بعد أن عمل في توتنهام تحت قيادة أنطونيو كونتي. لكن سميث يتذكر أنه أعجب على الفور بجوفر، الذي عمل محللاً لمقاطع الفيديو في نادي مونبلييه ومنتخب كرواتيا، لكنه كان يبحث عن فرصة للتركيز على الركلات الثابتة.

يقول سميث: «لقد أحببت حقاً ما رأيته وما سمعته خلال المقابلة التي جمعتنا سوياً. لقد كان يمتلك شخصية جيدة، كما أن الطريقة التي يُقدم بها كل شيء للاعبين تساعدهم على تنفيذ ما يريده منهم بسرعة كبيرة. لقد أحبوه جميعاً وكانوا يريدون أن يفعلوا أي شيء من أجله. ربما لا يزال تدريب اللاعبين على الكرات الثابتة أحد أصعب الأشياء في عالم التدريب، لأن اللاعبين أنفسهم لا يفضلون ذلك كثيراً. إنهم يريدون أن يلعبوا مباريات من فرق تضم عدداً صغيراً من اللاعبين، ويريدون أن يتدربوا على كيفية إنهاء الهجمات، لكنهم لا يحبون التدريب على كيفية الوقوف لفترة طويلة. يجب إقناع اللاعبين بالتدريب على هذا الأمر وجعلهم يحبونه، وهو ما نجح فيه نيكولاس على الفور».

سجل برنتفورد 46 هدفاً من كرات ثابتة في المواسم الثلاثة التي عمل فيها جوفر هناك قبل أن ينتقل للعمل في مانشستر سيتي، ويقال إن أرتيتا لعب دوراً حاسماً في انتقاله لآرسنال بعد أن وجه الدعوة له لزيارته في فيلته في مايوركا. وبعد مساعدة مانشستر سيتي على الفوز بعدد من البطولات المتتالية، عاد جوف للعمل مع أرتيتا عندما حل محل أندرياس غورغسون في ملعب الإمارات.

وكان أحد ابتكارات جوفر الأكثر لفتاً للانتباه هذا الموسم هو اعتماد آرسنال على الضربات الركنية التي تُلعب للداخل بالقرب من حارس المرمى وليس بعيداً عنه، وهو الأمر الذي فعله الفريق في جميع الضربات الركنية الـ199 التي حصل عليها هذا الموسم، باستثناء ركلة واحدة فقط. ووفقاً لسميث، فإن ظهور جوفر في المنطقة الفنية لتوجيه التعليمات للاعبين يُعد أيضاً ابتكاراً.

يقول سميث: «لقد تطور نيكولاس وأصبح يقوم بهذا الدور لأنه كان يجلس دائماً في المدرجات في برينتفورد. قد يكون هناك اختلاف بسيط من حيث إمكانية التواصل من الخط الجانبي إذا كان هناك شيء يراه قد يجعل الركلة الثابتة لا تُنفذ بالشكل المطلوب ويجب تعديله. لكن إذا كان مدرب الكرات الثابتة قد عمل على مثل هذه الأمور في التدريبات خلال الأسبوع السابق، فيجب أن يعرف اللاعبون ما يجب القيام به على أي حال».

ومع ذلك، لا يبدو أن جميع المديرين الفنيين لأندية الدوري الإنجليزي الممتاز مقتنعون بهذا الاتجاه. ويُعد المدير الفني لتشيلسي، ماوريسيو بوكيتينو، أحد المديرين الفنيين غير المقتنعين بأهمية وجود مدرب متخصص في الكرات الثابتة، رغم قرار ناديه بتعيين المكسيكي كويفا، الذي عمل مع منتخب النرويج. وأشار المدير الفني لتوتنهام، أنغي بوستيكوغلو إلى أنه مقتنع تماماً بأن «هناك أشياء أكثر أهمية من الكرات الثابتة نحتاج إلى التركيز عليها»، رغم أن توتنهام تلقى تسعة أهداف من ركلات ركنية (بما في ذلك ستة أهداف في مبارياته العشر الماضية) و16 هدفاً من الركلات الثابتة بشكل إجمالي.

ربما يتعين على بوستيكوغلو أن يولي اهتماماً أكبر بالكرات الثابتة التي يمكن أن تساهم في كثير من الأحيان بنسبة تصل إلى 30 في المائة من إجمالي الأهداف المسجلة في موسم واحد. لقد سجل توتنهام 11 هدفاً من كرات ثابتة هذا الموسم حتى الآن، وهو ما يعني أن عدد الأهداف التي استقبلها الفريق من كرات ثابتة تزيد بخمسة أهداف عن تلك التي سجلها من كرات ثابتة، في حين أن عدد الأهداف التي سجلها ناد مثل آرسنال من الكرات الثابتة تزيد بـ16 هدفاً عن تلك التي استقبلها من كرات ثابتة. ويُعد مايل جيديناك، لاعب خط الوسط الأسترالي السابق الذي كان قائداً لفريق أستون فيلا تحت قيادة سميث عندما صعد الفريق للدوري الإنجليزي الممتاز في عام 2019. هو المسؤول عن تدريب لاعبي توتنهام على كيفية الدفاع في الكرات الثابتة التي تُحتسب ضد الفريق هذا الموسم بعد توليه المهمة خلفاً لكريستيان ستيليني، وعادة ما يجلس في المدرجات خلال المباريات.

وتولى المدير الفني المؤقت السابق لتوتنهام، رايان ماسون، مسؤولية تدريب اللاعبين على كيفية الهجوم في الكرات الثابتة التي تحتسب لصالح الفريق، في الصيف الماضي خلفاً لفيو، الذي عمل أيضاً مع منتخب إيطاليا المتوج بكأس الأمم الأوروبية 2020 ويقال إن لديه عدداً هائلاً من طرق تنفيذ الركلات الثابتة. لكن لم ينجح أي منها في أن يحقق تأثيراً إيجابياً، حيث استقبل توتنهام أربعة أهداف أكثر من إجمالي عدد الأهداف التي استقبلها من كرات ثابتة الموسم الماضي، وهدفين أكثر مما كان عليه الأمر في الموسم السابق، في حين لم يسجل سوى خمسة أهداف فقط من كرات ثابتة.

يقول سميث: «من المهم للغاية الاعتماد على مدربي الكرات الثابتة، وذلك لأن العديد من المباريات يمكن حسمها بهدف واحد من ركلة ثابتة. يقوم نيكولاس بالكثير من العمل التحليلي خارج الملعب في كل مباراة، ويحاول تغيير طريقة تنفيذ الكرات الثابتة وفق الطريقة التي يلعب بها الفريق المنافس. الأمر يتعلق بمحاولة تحديد نقاط الضعف في الطريقة التي تدافع بها الفرق المنافسة واستغلالها، وهنا نؤكد على أحقية (جوفر) في جائزة على ما حققه مع آرسنال».

*خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

غوارديولا: أتحمل عبء إثبات نفسي

رياضة عالمية بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي (أ.ب)

غوارديولا: أتحمل عبء إثبات نفسي

قال بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم إنه يتحمل عبء إثبات أنه يستطيع تصحيح مسار الفريق.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي (أ.ف.ب)

ماريسكا: تشيلسي لا ينافس على لقب البريميرليغ

قال إنزو ماريسكا، مدرب تشيلسي، إن فريقه الشاب لا ينافس على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية محمد صلاح سينتهي عقده مع ليفربول بنهاية الموسم (إ.ب.أ)

صلاح ودي بروين... متى نقول وداعاً؟

لمدة عقد تقريباً، كان أحد ألمع النجوم في سماء الدوري الإنجليزي، ويُصنف على أنه ربما يكون أفضل لاعب في جيله.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية مهاجم نيوكاسل ومنتخب إنجلترا كالوم ويلسون (رويترز)

هاو: نأمل أن تساعد عودة ويلسون في تحسين مسار نيوكاسل

تأثر احتفال إيدي هاو مدرب نيوكاسل يونايتد بعيد ميلاده الـ47 بخسارة فريقه 2-صفر أمام ضيفه وست هام يونايتد في الدوري الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (نيوكاسل)
رياضة عالمية شكوك حول مشاركة غيماريش في رحلة نيوكاسل إلى كريستال بالاس

شكوك حول مشاركة غيماريش في رحلة نيوكاسل إلى كريستال بالاس

تجنب لاعبا نيوكاسل غيماريش وويلوك إصابة خطيرة، لكن المدرب إيدي هاو قال إن الشكوك لا تزال تحوم حول مشاركتهما في المباراة أمام كريستال بالاس.

The Athletic (نيوكاسل)

غوارديولا: أتحمل عبء إثبات نفسي

بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي (أ.ب)
بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي (أ.ب)
TT

غوارديولا: أتحمل عبء إثبات نفسي

بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي (أ.ب)
بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي (أ.ب)

قال بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم إنه يتحمل عبء إثبات أنه يستطيع تصحيح مسار الفريق، بعد غيابه عن الانتصارات في آخر 6 مباريات، وخوض أحد أكبر التحديات هذا الموسم على ملعب ليفربول، الأحد.

وستؤدي الخسارة في «أنفيلد»، يوم الأحد، لابتعاد رجال غورارديولا بفارق 11 نقطة عن المتصدر في السباق على اللقب، لكن المدرب الإسباني قال إنه كان يفكر في الصورة الأكبر بدلاً من التداعيات المحتملة لمباراة واحدة.

وقال غوارديولا، الذي مدد عقده مع سيتي لعامين إضافيين مؤخراً: «بالطبع، أفكر فيما يمكنني فعله لمساعدتهم (اللاعبين)، لكن خلال مسيرتي الطويلة لاعباً ومدرباً، مررت بمثل هذه المواقف. عندما تعيشها، عليك تقبُّلها وتحديها. دون شكوى أو توجيه اللوم أو الإشارة إلى الأرقام أو التهرب من تحمُّل المسؤولية. إن لم تفز فستصبح في مشكلة، أدرك ذلك».

وأضاف في إجابة امتدت نحو 4 دقائق: «في اللحظة التي أشعر فيها بأنني لست إيجابياً للنادي، سيأتي (مدرب) آخر، ولكنني أريد الفرصة للمحاولة وإعادة بناء الفريق في مختلف الجوانب بدءاً من الآن وحتى نهاية الموسم والمواسم المقبلة. أطلب هذا التحدي وهذه الفرصة لفعل ذلك. أعرف ما نحتاج له وما علينا فعله. ليس لدينا نفس الاتساق السابق، لكن أي فريق في العالم خلال 10 أعوام كان أداؤه ثابتاً؟ أبلغوني بأحدهم. لا يوجد - ليس له وجود حتى في دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين أو التنس أو الغولف. هذا يثبت كيف نحن رياضيون ومنافسون. يكون الأمر أسهل عندما يكون لديك 10 أو 12 مباراة على التوالي، وكل اللاعبين جاهزون وفي أفضل حالاتهم. يجب أن أثبت نفسي الآن، وأن أجد حلاً وطريقة لتحقيق ذلك، وأنا أحاول كل يوم».