وافقت الغرفة الكبرى في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، على البت في قضية العداءة الجنوب أفريقية كاستر سيمينيا، التي تحمل ذهبيتين أولمبيتين في سباق 800 م، والممنوعة عن المنافسات لرفضها تناول دواء لخفض مستويات هرمون التستوستيرون.
ووفق وكالة الصحافة الفرنسية، فازت سيمينيا (32 عاماً) بمعركة قضائية طويلة في يوليو (تموز) ضد سويسرا في المحكمة التي تتخذ من مدينة ستراسبورغ الفرنسية مقراً لها، والتي قضت بأنها كانت ضحية للتمييز، في قرار رمزي لا يكسر قوانين الاتحاد الدولي.
حيث إنها لجأت إلى هذا الخيار بعد أن رفضت المحكمة العليا السويسرية استئنافها ضد قواعد الاتحاد الدولي لألعاب القوى القاضية بضرورة تناولها دواء لخفض التستوستيرون إذا كانت ترغب في مواصلة المنافسات.
لكن السلطات السويسرية، مدعومة من الاتحاد الدولي لألعاب القوى، عبّرت عن نيتها في اللجوء إلى الغرفة الكبرى في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، صاحبة الأحكام الملزمة.
وجاء القرار الأولي للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأكثرية ضئيلة من أربعة قضاة مقابل ثلاثة.
من جهتها، قالت المحكمة القارية في بيان الاثنين دون تحديد موعد إعادة النظر في القضية «إنه في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، أحيلت القضية إلى الغرفة الكبرى بطلب من الحكومة السويسرية».
وكانت سيمينيا أشادت بقرار المحكمة الأوروبية، مؤكدة أن الحكم «ليس سوى البداية»، معربة عن أملها في أن يدفع الحكم جميع الهيئات الرياضية إلى «احترام كرامة وحقوق الإنسان للرياضيين الذين يتعاملون معهم».
كما رفضت سيمينيا، المصنفة على أنها تملك «اختلافات في النمو الجنسي»، تناول الأدوية المخفضة لنسبة هرمون التستوستيرون منذ أن أدخل الاتحاد الدولي لألعاب القوى هذه القواعد في 2018.
نتيجة لذلك، حُرمت من المنافسة في مسافة 800 م المفضلة لديها، وتم توسيع القواعد في مارس (آذار) من هذا العام، ما يعني أنها لا تستطيع المنافسة في أي مسافة ما لم تأخذ دواء خفض هرمون التستوستيرون.
وقالت سيمينيا بعد حكم يوليو: «حقوقي انتهكت، ومسيرتي تأثرت. كل ذلك ضار جداً، عقلياً وعاطفياً وجسدياً ومالياً»، علما أن هذا الحكم لا يسمح لها بالعودة إلى المنافسات.
وفي حديث لشبكة «بي بي سي» الثلاثاء، قالت سيمينيا: «بالنسبة لي إذا كنت امرأة، فأنت امرأة، بصرف النظر عن اختلافاتك... أدركت أني أريد عيش حياتي، وأقاتل من أجل معتقداتي. أعرف أني امرأة...».
وأضافت «في نهاية المطاف، أعرف أني مختلفة. لا أهتم بالمصطلحات الطبية، أو بما يقولونه لي. لا يقلل هذا الأمر مني بصفتي امرأة».
وأردفت العداءة «هذه اختلافات وُلدت معي وسأتقبلها. لن أشعر بالخجل لأني مختلفة».
وأثارت سيمينيا، الفائزة بذهبيتين أولمبيتين في 2012 و2016 وثلاثة ألقاب عالمية في سباق 800 م (2009 و2011 و2017)، جميع أنواع التساؤلات حول الأندروجين المفرط الذي يؤدي إلى ارتفاع مستوى هرمون التستوستيرون.
بعد فوز مثير للجدل في بطولة العالم لعام 2009 عندما كانت تبلغ 18 عاماً فقط، قدّم الاتحاد الدولي لألعاب القوى بعدها بعامين، ولأوّل مرة، قواعد تسمح للرياضيات اللاتي يعانين من فرط الأندروجين بالمنافسة، شرط أن تكون مستويات الأندروجين أقل من تلك المسجلة للرجال.
لكن في عام 2018، ألزم الاتحاد الدولي لألعاب القوى الرياضيات، من خلال العلاجات الدوائية، بخفض مستويات هرمون التستوستيرون لديهن إلى أقل من 5 نانومول لكل لتر من الدم لمدة ستة أشهر، من أجل التنافس في الأحداث الدولية من 400 م إلى ميل، ثم قلص المستوى إلى 2.5 نانومول لكل لتر في مارس في كل المسافات.
قوبل هذا القرار بامتعاض كبير في جنوب أفريقيا، حيث تم تفسيره على أنه وسيلة «لإبطاء» سيمينيا التي لم تنجح في طعنها المقدّم في المحكمة ضد هذا القرار، ولم تتمكن بالتالي من الدفاع عن لقب سباق 800 م في مونديال الدوحة عام 2019. وعجزت عن تجاوز تصفيات سباق 200 م المؤهلة لأولمبياد طوكيو 2020، وفشلت في الوصول إلى نهائي 5 آلاف متر في مونديال يوجين 2022.
وفي معركتها القضائية الطويلة، خسرت استئنافاً أمام محكمة التحكيم الرياضي، وقبل ثلاث سنوات أمام المحكمة السويسرية العليا التي أكدت ما توصلت إليه محكمة التحكيم، قبل لجوئها إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.