«كابسارك»: «نيوم» ستصبح منتجاً هيدروجينياً منخفض التكلفة على مستوى العالم

السعودية تتمتع بواحدة من أقل تكاليف مصادر الطاقة المتجددة دولياً

خلال إطلاق كتاب «مستقبل الهيدروجين العالمي: السعودية وخارجها» (الشرق الأوسط)
خلال إطلاق كتاب «مستقبل الهيدروجين العالمي: السعودية وخارجها» (الشرق الأوسط)
TT

«كابسارك»: «نيوم» ستصبح منتجاً هيدروجينياً منخفض التكلفة على مستوى العالم

خلال إطلاق كتاب «مستقبل الهيدروجين العالمي: السعودية وخارجها» (الشرق الأوسط)
خلال إطلاق كتاب «مستقبل الهيدروجين العالمي: السعودية وخارجها» (الشرق الأوسط)

تتحرك السعودية نحو هدفها القادم لتصبح منتجاً ومستهلكاً عالمياً ومصدراً للهيدروجين النظيف، حيث من المقرر أن تنتهي بحلول عام 2026 من إنشاء أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم في منطقة «نيوم» السعودية. كما حققت أدنى تكلفة لإنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة، وفقاً لما يكشفه كتاب أطلقه مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك).

ويهدف الكتاب الذي يحمل عنوان «مستقبل الهيدروجين العالمي: السعودية وخارجها»، والواقع في 800 صفحة، إلى تقديم تحليل شامل للتحديات المحلية والدولية التي تواجه السعودية في مجال الهيدروجين النظيف، ويناقش ما تعمل عليه الدول في هذا المجال، بالإضافة إلى طرق سد الفجوات التكنولوجية التي تواجه قطاع الهيدروجين النظيف.

وكانت شركة «نيوم للهيدروجين الأخضر» أنجزت أعمالاً متقدمة جداً في إنشاء أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم في مدينة «أوكساغون» الصناعية ضمن منطقة «نيوم»، الذي سيمدّ دول العالم بطاقة نظيفة على نطاق واسع، وباستثمار إجمالي قدره 8.4 مليار دولار.

مدينة «أوكساغون» الصناعية على ساحل البحر الأحمر في «نيوم» (موقع نيوم)

ومن ضمن ما تم ذكره في الكتاب في هذه النقط، أنه من المتوقع أن تكون تكلفة الهيدروجين الأخضر المنتج في «نيوم»، أقل من دولارين للكيلوغرام، وهي من بين أدنى المعدلات في العالم. وإذا استمرت تكاليف الكهرباء والمحللات الكهربائية الخضراء في الانخفاض، فسوف تنخفض أيضاً تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر. يقول الكتاب: «لا تتمتع المملكة العربية السعودية بالهيدروكربونات منخفضة التكلفة فحسب، بل أيضاً بمصادر الطاقة المستدامة، مما يضمن مكانة ثابتة في أي سوق للطاقة في المستقبل».

وتتمتع السعودية بواحدة من أقل تكاليف مصادر الطاقة المتجددة على مستوى العالم، مما سيساهم في خفض تكاليف إزالة الكربون في جميع أنحاء المملكة. ويمكن لـ«نيوم» أن توفر الطاقة المتجددة والنظيفة لإنتاج المواد الكيميائية (منخفضة الكربون)، والصلب، والألومنيوم، والأسمدة، والتعدين على نطاق صناعي. وفي المنطقة، يمكن استخدام الهيدروجين ومشتقاته لتحقيق استقرار نظام الكهرباء وكذلك تخزين الطاقة وتوزيعها. كما يمكن استخدامه وقوداً للنقل البري والبحري على سبيل المثال، وفق ما جاء في الكتاب.

وبالإضافة إلى إمكانية استخدام الهيدروجين في الأسواق المحلية والإقليمية، فمن الممكن تصديره. وهذا هو محور إنتاج الهيدروجين الأخضر في «نيوم». فمع الموارد المتجددة الممتازة، والأراضي الوفيرة منخفضة التكلفة، والتشريعات المواتية، ستمتلك «نيوم» كل الأصول اللازمة لتصبح منتجاً هيدروجينياً منخفض التكلفة على مستوى عالمي.

وخلص الجزء المرتبط بـ«نيوم» في الكتاب إلى القول: «كانت المملكة مورداً موثوقاً للطاقة الأحفورية للأسواق العالمية منذ عقود. والآن، مع وجود نيوم في قلب تطوير الوقود الخالي من الكربون، أصبحت في وضع ممتاز لتصبح مورداً مهماً للطاقة النظيفة».

إطلاق الكتاب

وخلال حفل إطلاق الكتاب، الذي أقيم في الرياض، قال رئيس جمعية اقتصاديات الطاقة السعودية الدكتور ماجد المنيف، إن السعودية لديها الموارد الطبيعية والقدرة الصناعية والقرب الجغرافي من أسواق الطاقة المتنامية.

وذكر المنيف أن المملكة تمتلك أدنى أسعار لإنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة في العالم، ومساحة الأرض المناسبة لمشاريع الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى 234 تريليون قدم مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي، وسعة تخزين محتملة تبلغ 25 غيغاطن من ثاني أكسيد الكربون.

وأكمل أن الموقع الاستراتيجي للمملكة بصفتها مركز ربط تجارياً بين القارات الثلاث، يمكّنها من أن تلعب دوراً رائداً في مجال الهيدروجين بنوعيه الأخضر، والأزرق.

وأكد المنيف أن أحد الركائز الرئيسية للمملكة هو الوفاء بتعهدها نحو تحقيق صافي الانبعاثات الصفري بحلول عام 2060.

ولفت نائب رئيس المعرفة والتحليل في «كابسارك»، أكسل بيرو، إلى أهمية تحويل الهيدروجين من مادة كيميائية متخصصة إلى سلعة قابلة للتداول على مستوى العالم. وأشار إلى أن إطلاق كتاب متخصص في مستقبل الهيدروجين بالشراكة مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية يأتي ضمن مبادرات المركز لنشر المعرفة في جميع قطاعات الطاقة والبيئة، وسعيه المستمر لتوفير بيانات ومعلومات موثوقة تساهم في دعم قطاع الطاقة محلياً وعالمياً.

من جهته، شرح الباحث في برنامج النفط والغاز في مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية، وأحد مؤلفي الكتاب رامي شبانة، لـ«الشرق الأوسط» أن الهيدروجين التقليدي يجري إنتاجه من خلال الغاز الطبيعي، بالتالي يتسبب في إطلاق انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، التي بدورها تؤثر سلبياً على المناخ، ولذلك لدى الدول خطط للوصول إلى الحياد الصفري بحلول 2060.

وأوضح شبانة، الذي يمتلك خبرة تمتد إلى 15 سنة في مجال أبحاث الطاقة، أنه يمكن استخراج الهيدروجين من مصادر متعددة، منها غاز الميثان، بالإضافة إلى الماء.

وتابع شبانة، أن لدى المملكة طاقة شمسية، وطاقة الرياح، والميثان، وتكنولوجيا حجز الكربون وتخزينه في مناطق كثيرة، وأنها من الممكن أن تلعب دوراً فعالاً في الاقتصاد الهيدروجيني في المستقبل.

يذكر أن المملكة أطلقت مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، تمهيداً للوصول إلى الحياد الصفري بحلول 2060، كما التزمت بتوليد 50 في المائة من الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة بحلول عام 2030، وذلك من أجل خططها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط، وتعزيزاً للجهود الدولية لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة.


مقالات ذات صلة

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

الاقتصاد مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مقر الشركة في العاصمة السعودية الرياض (أكوا باور)

​استثمارات «أكوا باور» في أفريقيا تتجاوز 7 مليارات دولار

تجاوزت استثمارات «أكوا باور» السعودية وهي أكبر شركة خاصة بمجال تحلية المياه بالعالم والأولى في مجال الهيدروجين الأخضر حاجز 7 مليارات دولار

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد محطة تعبئة الهيدروجين للشاحنات والسيارات في برلين (رويترز)

ألمانيا والهند تتفقان على التعاون في مجال الهيدروجين

تعتزم ألمانيا والهند تعزيز التعاون بينهما في مجال الهيدروجين الصديق للمناخ في التحول نحو الطاقة النظيفة، خاصة إذا تم استخدام مصادر طاقة متجددة في إنتاجه.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد تدرس «سوناطراك» جدوى سلسلة قيمة الهيدروجين الأخضر من الجزائر إلى الاتحاد الأوروبي (موقع الشركة)

«سوناطراك» وشركاؤها يوقعون مذكرة لدراسة توفير الهيدروجين الأخضر من الجزائر إلى أوروبا

قالت شركة «سوناطراك» الجزائرية إنها وقعت مذكرة تفاهم مع عدد من الشركاء لتقييم جدوى سلسلة قيمة الهيدروجين الأخضر من الجزائر إلى الاتحاد الأوروبي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الاقتصاد محطة تعبئة الهيدروجين للشاحنات والسيارات في برلين (رويترز)

طموح ألمانيا في قطاع «الهيدروجين» يواجه انتكاسات

يواجه الرهان الطموح لألمانيا على «الهيدروجين» انتكاسات كبيرة، بعد أن غيّر اثنان من أكبر مورديها المحتملين مسارهما.

«الشرق الأوسط» (برلين)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.