اقتصاديون: «الفيدرالي» سيضطر إلى إبقاء الفائدة مرتفعة لفترة أطول مما تتوقعه الأسواق

نسر يعتلي واجهة مبنى «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي» في واشنطن (رويترز)
نسر يعتلي واجهة مبنى «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي» في واشنطن (رويترز)
TT

اقتصاديون: «الفيدرالي» سيضطر إلى إبقاء الفائدة مرتفعة لفترة أطول مما تتوقعه الأسواق

نسر يعتلي واجهة مبنى «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي» في واشنطن (رويترز)
نسر يعتلي واجهة مبنى «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي» في واشنطن (رويترز)

سيضطر الاحتياطي الفيدرالي إلى إبقاء أسعار الفائدة عند مستوى مرتفع لفترة أطول مما تتوقعه الأسواق ومحافظو المصارف المركزية، وفقاً لخبراء اقتصاديين أكاديميين استطلعت صحيفة «فاينانشيال تايمز» آراءهم.

يعتقد أكثر من ثلثي الذين شملهم الاستطلاع في استطلاع «فاينانشيال تايمز - شيكاغو بوث» أن «الاحتياطي الفيدرالي» سيقوم بخفضين أو أقل هذا العام في الوقت الذي يكافح فيه لإكمال «الميل الأخير» من معركته مع التضخم. تم تقسيم الاستجابة الأكثر شيوعاً لتوقيت الخفض الأول بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول).

وهذه بداية متأخرة عما كان متوقعاً في الأسواق المالية، حيث يتوقع المتداولون ثلاثة تخفيضات هذا العام، على أن يأتي الخفض الأول بمقدار ربع نقطة مئوية في يونيو (حزيران) أو يوليو. وتشهد التوقعات الحالية للاحتياطي الفيدرالي، التي من المقرر تحديثها يوم الأربعاء، أيضاً ثلاثة تخفيضات في عام 2024.

يشير استطلاع «شيكاغو بوث» إلى أن المستثمرين قد يضطرون إلى كبح جماح المزيد من الرهانات على التيسير من الاحتياطي الفيدرالي، الذي من المتوقع أن يبقي أسعار الفائدة عند أعلى مستوى لها منذ 23 عاماً عند 5.25 إلى 5.5 في المائة يوم الأربعاء.

قال جيسون فورمان، الخبير الاقتصادي في جامعة هارفارد، الذي كان واحداً من 38 مشاركاً تم استطلاع آرائهم هذا الشهر: «يريد مصرف الاحتياطي الفيدرالي حقاً خفض أسعار الفائدة. كل لغة الجسد تدور حول الخفض. إن البيانات ستجعل من الصعب عليه القيام بذلك. أتوقع أن يكون الميل الأخير من التضخم عنيداً للغاية».

وإذا كان الاقتصاديون على حق، فإن ذلك من شأنه أن يخيب آمال إدارة بايدن، الحريصة على انخفاض تكاليف الاقتراض إلى مستويات ما قبل الوباء عاجلاً وليس آجلاً. وهذا من شأنه أن يخفف من مخاوف الناخبين من أن الرهن العقاري أصبح أمراً لا يمكن تحمله قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني).

وقد سعى الرئيس الأميركي إلى تخفيف الضغوط المفروضة على أصحاب المساكن المحتملين من خلال الإعفاءات الضريبية المبينة في خطاب حالة الاتحاد هذا الشهر، ولكن من غير المرجح أن تخلف هذه الفائدة تأثيراً كبيراً مثل خفض تكاليف الاقتراض.

ويعتقد فنسنت راينهارت، المسؤول السابق في مصرف الاحتياطي الفيدرالي، الذي يشغل الآن منصب كبير الاقتصاديين في مصرف «دريفوس وميلون»، أن التقويم السياسي سيؤثر على واضعي أسعار الفائدة.

وقالت راينهارت، التي لم تشارك في الاستطلاع: «البيانات تقول إن أفضل وقت لخفض أسعار الفائدة هو سبتمبر، لكن السياسة تقول يونيو. أنت لا تريد أن تبدأ التخفيضات مع اقتراب الانتخابات».

أظهرت بيانات مؤشر أسعار المستهلك ومؤشر أسعار المنتجين تضخماً أعلى من المتوقع الأسبوع الماضي. وارتفع التضخم في مؤشر أسعار المستهلكين لشهر فبراير (شباط) إلى 3.2 في المائة، من 3.1 في المائة في الشهر السابق، في حين بلغ التضخم في مؤشر أسعار المنتجين 1.6 في المائة، مرتفعاً من 1 في المائة في يناير (كانون الثاني)، مما يشير إلى أن معظم الانخفاض في تكاليف السلع بعد الوباء تم احتسابها.

وقال إيفي بابا، الأستاذ في جامعة كارلوس الثالث في مدريد: «تشير أحدث الأرقام إلى ارتفاع التضخم، لذلك لا ترغب في التدخل بسرعة كبيرة إذا كنت من محافظي المصرف المركزي. من الأفضل أن ننتظر حتى تظهر الأرقام الفعلية أن التضخم قد هبط إلى ما يقرب من 2 في المائة ثم يتحرك، بدلاً من الاعتماد على التوقعات».

وكانت البيانات المتعلقة بسوق الوظائف والنمو أقوى أيضاً، مما دفع المشاركين إلى زيادة الثقة في أن الاقتصاد الأميركي سيحقق هبوطاً سلساً - حيث يستطيع بنك الاحتياطي الفيدرالي تحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة دون ارتفاع حاد في البطالة - مقارنة مع استطلاع ديسمبر (كانون الأول). وتوقع أقل من نصف المشاركين حدوث ركود قبل عام 2026.

وقال ستيفن تشيكيتي، الأستاذ في جامعة برانديز: «لا يزال الاقتصاد الأميركي نشطاً للغاية. لا تزال هناك بعض مخاطر التباطؤ في النصف الثاني من العام، ولكن ليس بالقدر الذي كنت أتوقعه قبل ثلاثة أشهر».

وقال بعض المشاركين إن النمو الأفضل يمكن أن يؤثر أيضاً على استعداد الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة. وقالت هيلدا بيورنلاند، أستاذة الاقتصاد في كلية «بي آي» النرويجية للأعمال: «أرى الطلب على وجه الخصوص أقوى في الولايات المتحدة منه في الدول الأوروبية»، التي تعتقد أن الأسواق سيتعين عليها الانتظار حتى نوفمبر لإجراء أول خفض لأسعار الفائدة.


مقالات ذات صلة

«المركزي» التركي يمدد تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن

الاقتصاد المصرف المركزي التركي (رويترز)

«المركزي» التركي يمدد تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن

مدَّد البنك المركزي التركي تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن على التوالي، إذ قرر إبقاء سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع دون تغيير عند 50 في المائة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد سبائك من الذهب النقي بمصنع «نوفوسيبيرسك» لصياغة وتصنيع المعادن الثمينة في روسيا (الشرق الأوسط)

الذهب يبلغ أعلى مستوى في أسبوع مع تراجع الدولار

ارتفعت أسعار الذهب لأعلى مستوى في أسبوع بدعم من تراجع الدولار، بينما تنتظر السوق تعليقات من مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي حول الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جزء من احتياطي الذهب في مجمع بنك البرتغال المحصّن في كاريغادو (رويترز)

بعد انخفاضاته الحادة الأسبوع الماضي... الذهب يعاود ارتفاعه

ارتفعت أسعار الذهب اليوم الاثنين بعد التراجع الحاد الذي شهدته الأسبوع الماضي، لكن التوقعات بشأن تخفيضات أقل لأسعار الفائدة الأميركية حدّت من هذا التعافي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد المستهلكون يتسوقون في أحد مراكز التسوق في لوس أنجليس (أ.ف.ب)

التضخم الأميركي يرتفع كما هو متوقع في أكتوبر

ارتفع مؤشر أسعار المستهلك الأميركي (التضخم) بنسبة 2.6 في المائة عن العام السابق في أكتوبر، وهو ارتفاع طفيف عن الزيادة السنوية في الأسعار في سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد باول في مؤتمره الصحافي بعد قرار لجنة السياسة النقدية (أ.ف.ب)

باول بعد قرار خفض الفائدة: جاهزون للتعامل مع المخاطر

قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن التضخم الأساسي لا يزال مرتفعا نوعاً ما، موضحاً أن «سوق العمل ليست مصدراً للضغوط التضخمية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.