الارتفاع غير المتوقع للتضخم في الولايات المتحدة قد يؤخر خفض أسعار الفائدة

لا يزال يمثل تحدياً بالنسبة لـ«الاحتياطي الفيدرالي» ولحملة إعادة انتخاب بايدن

أشخاص يتسوقون في قسم المواد الغذائية بمتجر بيع بالتجزئة في كاليفورنيا (أ.ف.ب)
أشخاص يتسوقون في قسم المواد الغذائية بمتجر بيع بالتجزئة في كاليفورنيا (أ.ف.ب)
TT

الارتفاع غير المتوقع للتضخم في الولايات المتحدة قد يؤخر خفض أسعار الفائدة

أشخاص يتسوقون في قسم المواد الغذائية بمتجر بيع بالتجزئة في كاليفورنيا (أ.ف.ب)
أشخاص يتسوقون في قسم المواد الغذائية بمتجر بيع بالتجزئة في كاليفورنيا (أ.ف.ب)

ارتفعت أسعار المستهلك في الولايات المتحدة الشهر الماضي، في إشارة إلى أن التضخم لا يزال يمثل تحدياً بالنسبة إلى مجلس الاحتياطي الفيدرالي وإلى حملة إعادة انتخاب الرئيس جو بايدن، وكلاهما يعول على التخفيف المستمر لضغوط الأسعار هذا العام.

وقالت وزارة العمل يوم الثلاثاء إن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.4 في المائة في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى فبراير (شباط)، وهي أعلى من رقم الشهر السابق البالغ 0.3 في المائة، حيث ساهم البنزين والمأوى، بما في ذلك الإيجارات، بأكثر من 60 في المائة في الزيادة الشهرية. وبالمقارنة مع العام السابق، ارتفعت أسعار المستهلكين بنسبة 3.2 في المائة الشهر الماضي، أي أسرع من وتيرة يناير السنوية البالغة 3.1 في المائة.

وباستثناء أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة، ارتفع التضخم الأساسي أيضا بنسبة 0.4 في المائة في الفترة من يناير إلى فبراير، وهو ما يتوافق مع زيادة الشهر السابق وبوتيرة أسرع مما يتوافق مع هدف «الاحتياطي الفيدرالي» بنسبة 2 في المائة. تتم مراقبة التضخم الأساسي من كثب بشكل خاص لأنه يوفر عادة قراءة أفضل للاتجاه المحتمل للتضخم.

وعلى الرغم من الأرقام المرتفعة لشهر فبراير، يتوقع معظم الاقتصاديين أن يستمر التضخم في الانخفاض ببطء هذا العام. وفي الوقت نفسه، قد يؤكد الارتفاع الطفيف في الشهر الماضي على النهج الحذر الذي يتبعه «الاحتياطي الفيدرالي» تجاه تخفيضات أسعار الفائدة.

وانخفض التضخم الإجمالي من ذروته البالغة 9.1 في المائة في يونيو (حزيران) 2022، على الرغم من أنه يتراجع الآن بشكل أبطأ مما كان عليه في الربيع والصيف الماضيين.

ومن المؤكد أن تصورات الناخبين للتضخم سوف تحتل مكانة مركزية في الانتخابات الرئاسية هذا العام. وعلى الرغم من سوق العمل الصحية وسوق الأسهم المرتفعة بشكل قياسي، تظهر استطلاعات الرأي أن الكثير من الأميركيين يلومون الرئيس جو بايدن على الارتفاع في أسعار المستهلكين الذي بدأ في عام 2021. وعلى الرغم من تخفيف الضغوط التضخمية بشكل كبير، فإن متوسط الأسعار لا يزال أعلى بكثير من سنوات مضت حيث كان عند ثلاثة مستويات.

وفي خطابه عن حالة الاتحاد الأسبوع الماضي، سلّط بايدن الضوء على الخطوات التي اتخذها لخفض التكاليف، مثل تحديد سقف لسعر الإنسولين لمرضى الرعاية الطبية. كما انتقد الكثير من الشركات الكبرى لتورطها في «التلاعب بالأسعار» وما يسمى «التضخم الانكماشي»، حيث تقوم الشركة بتقليص كمية المنتج داخل العبوة بدلاً من رفع السعر.

وقال بايدن: «الكثير من الشركات ترفع الأسعار لزيادة أرباحها، وتفرض المزيد والمزيد مقابل أقل وأقل».

وأشار رئيس «بنك الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول في شهادته أمام الكونغرس الأسبوع الماضي إلى أن المصرف المركزي يقترب من خفض أسعار الفائدة. وبعد اجتماعهم في يناير، قال مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» في بيان إنهم بحاجة إلى «ثقة أكبر» في أن التضخم يتراجع بشكل مطرد إلى المستوى المستهدف البالغ 2 في المائة. ومنذ ذلك الحين، قال كثير من صناع السياسة في «بنك الاحتياطي الفيدرالي» إنهم يعتقدون أن الأسعار سوف تستمر في الانخفاض. واقترحوا أن أحد الأسباب هو أن المستهلكين يقاومون الأسعار المرتفعة بشكل متزايد من خلال البحث عن بدائل أرخص.

ويتوقع معظم الاقتصاديين أن يتم خفض سعر الفائدة الأول من قبل «بنك الاحتياطي الفيدرالي» في يونيو، على الرغم من أن شهر مايو (أيار) ممكن أيضا. عندما يخفض «بنك الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة القياسي، فإنه بمرور الوقت يقلل من تكاليف الاقتراض للرهون العقارية وقروض السيارات وبطاقات الائتمان والقروض التجارية.

أحد العوامل التي يمكن أن تبقي التضخم مرتفعا هو الاقتصاد الذي لا يزال يتمتع بصحة جيدة. وعلى الرغم من أن معظم الاقتصاديين توقعوا حدوث ركود في العام الماضي، فإن التوظيف والنمو كانا قويين وما زالا في صحة جيدة. وتوسع الاقتصاد بنسبة 2.5 في المائة العام الماضي، ويمكن أن ينمو بنفس الوتيرة تقريباً في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، وفقاً لفرع «أتلانتا» التابع لـ«الاحتياطي الفيدرالي».

وفي الأسبوع الماضي، قالت وزارة العمل إن أصحاب العمل أضافوا 275 ألف وظيفة قوية في فبراير، وهي الأحدث في سلسلة من مكاسب التوظيف القوية، وظل معدل البطالة أقل من 4 في المائة للشهر الخامس والعشرين على التوالي. وهذا هو أطول خط من نوعه منذ الستينات.

ومع ذلك، ارتفع معدل البطالة من 3.7 في المائة إلى 3.9 في المائة، وتباطأ نمو الأجور. كلا الاتجاهين يمكن أن يجعل «الاحتياطي الفيدرالي» يشعر بثقة أكبر في أن الاقتصاد يتباطأ، ما قد يساعد في الحفاظ على انخفاض التضخم ويقود البنك المركزي إلى البدء في خفض أسعار الفائدة.

وبعيد صدور بيانات التضخم، انخفض الذهب، وتمسك الدولار بمكاسبه، وتعرضت السندات الحكومية لبعض ضغوط البيع، ما أدى إلى ارتفاع العائدات. وارتفع العائد على السندات لأجل 10 سنوات بمقدار 2.3 نقطة أساس إلى 4.127 في المائة، بينما ارتفع العائد على السندات لأجل عامين بمقدار 2.9 نقطة أساس إلى 4.563 في المائة. في حين ارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل ست عملات أخرى، بنسبة 0.14 في المائة إلى 102.93، بعد أن سجل أدنى مستوى له في شهرين تقريباً عند 102.33 الأسبوع الماضي.


مقالات ذات صلة

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

الاقتصاد المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

سيذهب الغانيون إلى صناديق الاقتراع في السابع من ديسمبر لاختيار رئيس جديد وبرلمان، في انتخابات تراقبها الأوساط الاستثمارية من كثب.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
الاقتصاد رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو - إيويالا في اجتماع سابق بمقر المنظمة في مدينة جنيف السويسرية (أ.ف.ب)

ولاية جديدة لرئيسة منظمة التجارة العالمية وسط شبح «حروب ترمب»

قالت منظمة التجارة العالمية إن رئيسة المنظمة نغوزي أوكونجو - إيويالا أُعيد تعيينها لفترة ثانية في اجتماع خاص يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
الاقتصاد مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» إن بنك «إتش إس بي سي» سينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين بعد 8 سنوات من إطلاقها.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد موظفان يرفعان علم الصين أمام مقر البورصة في جزيرة هونغ كونغ (رويترز)

الصين تمدد الإعفاءات الجمركية على بعض المنتجات الأميركية حتى 2025

قالت الصين إنها ستمدد إعفاءات التعريفات الجمركية على واردات بعض المنتجات الأميركية حتى 28 فبراير 2025.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا يلقي كلمته أمام البرلمان في طوكيو الجمعة (أ.ف.ب)

اليابان تستكمل ميزانية إضافية بقيمة 92 مليار دولار لحزمة إنفاق جديدة

استكملت الحكومة اليابانية ميزانية تكميلية بقيمة 92 مليار دولار، الجمعة، لحماية الأسر من ارتفاع تكاليف المعيشة

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
TT

«المركزي الروسي»: الاقتصاد آمن بأسعار النفط الحالية ومهدد دون 60 دولاراً

العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

قال البنك المركزي الروسي إن مستويات أسعار النفط الحالية لا تشكل تهديداً لاستقرار الاقتصاد الروسي، لكنها قد تتحول إلى تحدٍّ خطير إذا انخفضت الأسعار دون الهدف الذي حُدد في الموازنة والذي يبلغ 60 دولاراً للبرميل.

وتشكل عائدات النفط والغاز نحو ثلث إيرادات الموازنة الروسية، وعلى الرغم من التوقعات بتراجع هذه النسبة في السنوات المقبلة، فإن إيرادات السلع الأساسية تظل تلعب دوراً محورياً في الاقتصاد الروسي، كما أن سعر النفط بالروبل يعد عنصراً مهماً في الحسابات المالية للموازنة.

ووفقاً لحسابات «رويترز»، فإن سعر مزيج النفط الروسي «أورال» في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) قد تجاوز السعر المُستخدم في حسابات موازنة الدولة لعام 2024، وذلك بفضل الانخفاض الحاد في قيمة الروبل. وأكد البنك المركزي أن سعر النفط «أورال» بلغ 66.9 دولار للبرميل بداية من 15 نوفمبر.

وفي مراجعته السنوية، قال البنك المركزي: «لا تشكل مستويات أسعار النفط الحالية أي مخاطر على الاستقرار المالي لروسيا»، لكنه حذر من أنه «إذا انخفضت الأسعار دون المستوى المستهدف في الموازنة، البالغ 60 دولاراً للبرميل، فإن ذلك قد يشكل تحديات للاقتصاد والأسواق المالية، بالنظر إلى الحصة الكبيرة التي تمثلها إيرادات النفط في الصادرات الروسية».

كما أشار البنك إلى أن روسيا قد خفضت إنتاجها من النفط بنسبة 3 في المائة ليصل إلى 9.01 مليون برميل يومياً في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك في إطار التزامها باتفاقات مجموعة «أوبك بلس». وأضاف أن الخصم في سعر النفط الروسي مقارنة بسعر المؤشر العالمي قد تقلص إلى 14 في المائة في أكتوبر، مقارنة بـ 16-19 في المائة في الفترة من أبريل (نيسان) إلى مايو (أيار).

الإجراءات لدعم الروبل فعّالة

من جانبه، قال نائب محافظ البنك المركزي الروسي، فيليب جابونيا، إن البنك سيواصل اتباع سياسة سعر صرف الروبل العائم، مؤكداً أن التدابير التي اتخذها لدعم قيمة الروبل كافية وفعالة.

ووصل الروبل إلى أدنى مستوى له منذ مارس (آذار) 2022، إثر فرض أحدث جولة من العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي. وفي خطوة لدعم العملة الوطنية، تدخل البنك المركزي، وأوقف شراء العملات الأجنبية بداية من 28 نوفمبر.

وفي مؤتمر صحافي، صرح جابونيا: «نعتقد أن التدابير المتبعة حالياً كافية، ونحن نلاحظ وجود مؤشرات على أن الوضع بدأ في الاستقرار». وأضاف: «إذا كانت التقلبات قصيرة الأجل الناجمة عن مشكلات الدفع تشكل تهديداً للاستقرار المالي، فنحن نمتلك مجموعة من الأدوات الفعّالة للتعامل مع هذا الوضع».

وأكد جابونيا أن سعر الفائدة القياسي المرتفع، الذي يبلغ حالياً 21 في المائة، يسهم في دعم الروبل، من خلال تعزيز جاذبية الأصول المقومة بالروبل، وتهدئة الطلب على الواردات.

وكانت أحدث العقوبات الأميركية على القطاع المالي الروسي قد استهدفت «غازبروم بنك»، الذي يتولى مدفوعات التجارة الروسية مع أوروبا، ويعد المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية في السوق المحلية. وقد أدت هذه العقوبات إلى نقص حاد في سوق العملات الأجنبية الروسية، ما تَسَبَّبَ في حالة من الهلع واندفاع المستثمرين نحو شراء العملات الأجنبية. ورغم هذه التحديات، أصر المسؤولون الروس على أنه لا توجد أسباب جوهرية وراء تراجع قيمة الروبل.

النظام المصرفي يتمتع بمرونة عالية

وفي مراجعة للاستقرار المالي، يوم الجمعة، قال المركزي الروسي إن الشركات الصغيرة فقط هي التي تواجه مشكلات في الديون في الوقت الحالي، في وقت يشكو فيه بعض الشركات من تكاليف الاقتراض المرتفعة للغاية مع بلوغ أسعار الفائدة 21 في المائة.

وأضاف أن نمو المخاطر الائتمانية قد أدى إلى انخفاض طفيف في نسبة كفاية رأس المال للبنوك الروسية في الربعين الثاني والثالث، لكنه وصف القطاع المصرفي بأنه يتمتع بمرونة عالية. كما نصح البنوك بإجراء اختبارات ضغط عند تطوير منتجات القروض، بما في ذلك سيناريوهات تتضمن بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترات طويلة.