برلمان تركيا يناقش «موازنة تكميلية» وخبراء لا يرون عن الاقتراض بديلاً

الليرة تهوي لأعمق قاع تاريخي مع ترقب توجهات «الفدرالي» الأميركي

البرلمان التركي شرع في مناقشة مشروع قانون الموازنة التكميلية المقدم من الحكومة (موقع البرلمان)
البرلمان التركي شرع في مناقشة مشروع قانون الموازنة التكميلية المقدم من الحكومة (موقع البرلمان)
TT

برلمان تركيا يناقش «موازنة تكميلية» وخبراء لا يرون عن الاقتراض بديلاً

البرلمان التركي شرع في مناقشة مشروع قانون الموازنة التكميلية المقدم من الحكومة (موقع البرلمان)
البرلمان التركي شرع في مناقشة مشروع قانون الموازنة التكميلية المقدم من الحكومة (موقع البرلمان)

بينما بدأ البرلمان التركي الأربعاء مناقشة مشروع الموازنة التكميلية المقدم من حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان بمبلغ يقترب من 43 مليار دولار بعد موافقة لجنة التخطيط والموازنة عليها، حذر خبراء من اتساع عجز الموازنة العامة إلى 50 مليار دولار مع نهاية العام.

وبلغ عجز الموازنة في الأشهر الخمسة الأولى من العام 263.6 مليار ليرة (10.12 مليارات دولار) على أساس سنوي ارتفاعاً من 124.6 مليار ليرة العام الماضي؛ بسبب زيادة الإنفاق قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو (أيار) الماضي، وتأثير زلزالي 6 فبراير (شباط).

وقال وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك، عبر «تويتر» الأحد، إن الحكومة تتخذ إجراءات لمعاودة إرساء الانضباط المالي والسيطرة على عجز الموازنة، ولن نسمح بانهيار دائم لمؤشرات المالية العامة.

وزادت الحكومة التركية، الأسبوع الماضي، الضريبة المفروضة على القروض على السلع والخدمات من 18 إلى 20 في المائة، والضريبة على سلع أساسية، مثل المناشف الورقية والمنظفات وحفاضات الأطفال من 8 إلى 10 في المائة.

ويناقش البرلمان مشروع قانون يتضمن زيادة ضرائب الشركات لتمويل جهود إعادة الإعمار بعد زلزالي فبراير.

وقال الخبير الاقتصادي التركي الدكتور، هاكان يلماظ، إن المشاكل الهيكلية في المالية العامة بدأت الظهور في نهاية شهر مايو، وبلغ عجز الموازنة 311 في المائة، وتحول الرصيد الأولي والرصيد المحدد للبرنامج الاقتصادي إلى عجز وتدهور بنسبة 110.4 في المائة و174 في المائة على التوالي.

وأضاف أنه في هذا الإطار، بلغ إجمالي عجز الموازنة 263.6 مليار ليرة تركية في نهاية مايو، وكان العجز الأولي المتوقع هو 25.7 مليار ليرة تركية.

وأشار إلى أن رصيد الموازنة الحالية تراجع من فائض قدره 293.3 مليار ليرة تركية في العام الماضي، إلى عجز قدره 116.4 مليار ليرة تركية هذا العام، ويرجع ذلك أساساً لعدم القدرة على تحقيق التوازن بين المصروفات والإيرادات.

وأكد يلماظ أنه لا بديل عن الاقتراض لتوفير الخدمات العامة الأساسية، موضحاً أنه بحسب بيانات تمويل الموازنة، بلغت نسبة تجديد الديون (الاقتراض الجديد وخدمة الدين) 127 في المائة في نهاية مايو بسبب العجز الأولي.

وأشار إلى أنه أثناء إعداد موازنة العام الحالي تم تحديد معدل نمو الاقتصاد بنسبة 5 في المائة، بالقيمة الحقيقية، والتضخم في نهاية العام بنسبة 24.6 في المائة، ومتوسط ​​سعر صرف الدولار 21.5 ليرة تركية.

وبحسب بيانات معهد الإحصاء التركي، بلغ التضخم في مايو (أيار) 38.6 في المائة على أساس سنوي.

وراجعت المؤسسات الدولية توقعاتها لمعدل النمو إلى ما بين 3 في المائة و4 في المائة بنهاية العام.

وأشار الخبير التركي إلى أن زيادة العجز في الحساب الجاري وعجز التجارة الخارجية لما فوق المستوى المبرمج إلى زيادة الحاجة إلى الموارد الخارجية في الاقتصاد بسبب كل من رصيد الحساب الجاري وصافي تدفق الموارد الخارجية.

وأوضح أنه بالنظر إلى الإيرادات والمصروفات حتى نهاية شهر مايو يتضح أن إجمالي المصروفات ارتفع بنسبة 95.4 في المائة على أساس سنوي، بسبب العجز في الحساب الجاري ونفقات الموظفين وأعباء الديون.

وأشار إلى أن الزيادة في عجز الموازنة تجاوزت معدل التضخم السنوي والنمو الحقيقي، وتم استخدام 42 في المائة من إجمالي اعتماداتها حتى نهاية مايو، ومقارنة بالسنوات السابقة، فإن معدل الاستخدام أعلى بمقدار 8.5 في المائة.

وقال إنه من ناحية أخرى، ارتفعت إيرادات ضرائب الموازنة العامة بنسبة محدودة بلغت 55.6 في المائة نتيجة تدني أداء الضرائب المباشرة، وتراجعت حصتها في إجمالي تحصيل الضرائب إلى مستوى منخفض نسبياً بلغ 37.4 في المائة، بسبب الآثار الموسمية.

وانتقدت المعارضة التركية مشروع القانون الخاص بالموازنة التكميلية. وقال النائب أوميت أوزلالي رئيس لجنة سياسات التنمية في حزب «الجيد» إن عجز الموازنة بسبب الزلزال ونفقات الانتخابات سيقترب من 50 مليار دولار.

وأضاف أنه «لا يمكن تفسير ذلك إلا من خلال التأثير المدمر للزلزال، والإنفاق الوحشي للغاية في فترة الانتخابات، والنتيجة أننا نواجه عجزا خطيرا جدا في الموازنة في إطار الاقتصاد الانتخابي».

في غضون ذلك، سجلت الليرة التركية أسوأ أداء لها في التاريخ وهبطت إلى مستوى 26.15 ليرة للدولار و28.83 ليرة لليورو في تعاملات الأربعاء، ترقبا للإعلان عن أرقام التضخم في الولايات المتحدة التي ستوجه سياسة بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي بشأن سعر الفائدة.

وبلغت خسائر الليرة أمام الدولار، الأربعاء، ما نسبته 0.1 في المائة مواصلة نزيفها في الأيام الخمسة الأخيرة.

وإجمالاً، فقدت الليرة التركية منذ بداية العام الحالي 31 في المائة من قيمتها أمام الدولار ونحو 39 في المائة أمام اليورو.


مقالات ذات صلة

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

الاقتصاد منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

انكمش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ أكثر من عام، كما أثرت الزيادات الضريبية في أول موازنة للحكومة الجديدة على خطط التوظيف والاستثمار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متسوقون يمشون في شارع أكسفورد في لندن (رويترز)

تراجع مبيعات التجزئة البريطانية أكثر من المتوقع قبيل موازنة ستارمر

تراجعت مبيعات التجزئة البريطانية بشكل أكبر من المتوقع في أكتوبر (تشرين الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية التي أضافت إلى مؤشرات أخرى على فقدان الزخم الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد عامل في مصنع «رافو» الذي يزوِّد وزارة الدفاع الفرنسية وشركات الطيران المدني الكبرى بالمعدات (رويترز)

فرنسا تقترح يوم عمل مجانياً سنوياً لتمويل الموازنة المثقلة بالديون

تواجه موازنة فرنسا الوطنية أزمة خانقة دفعت المشرعين إلى اقتراح قانون يُلزم الفرنسيين العمل 7 ساعات إضافية كل عام دون أجر، وهي ما تعادل يوم عمل كاملاً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد أشخاص يعبرون الطريق في شينجوكو، طوكيو (رويترز)

اليابان تخطط لإنفاق 90 مليار دولار في حزمة تحفيزية جديدة

تفكر اليابان في إنفاق 13.9 تريليون ين (89.7 مليار دولار) من حسابها العام لتمويل حزمة تحفيزية جديدة تهدف إلى التخفيف من تأثير ارتفاع الأسعار على الأسر.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
الاقتصاد منظر عام لأفق مدينة عمان (رويترز)

الأردن يقر موازنة 2025 ويخفض العجز الأولي إلى 2%

أقر مجلس الوزراء الأردني مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2025، تمهيداً لإحالته إلى مجلس الأمة خلال الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (عمان)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.