بايدن يلتقي رئيس مجلس النواب لبحث أزمة سقف الدين وسط مخاوف من التخلف عن السداد

الرئيس الأميركي جو بايدن في اجتماع اقتصادي تحضره وزيرة الخزانة (أ.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن في اجتماع اقتصادي تحضره وزيرة الخزانة (أ.ب)
TT

بايدن يلتقي رئيس مجلس النواب لبحث أزمة سقف الدين وسط مخاوف من التخلف عن السداد

الرئيس الأميركي جو بايدن في اجتماع اقتصادي تحضره وزيرة الخزانة (أ.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن في اجتماع اقتصادي تحضره وزيرة الخزانة (أ.ب)

تتجه الأنظار نحو لقاء الرئيس الأميركي جو بايدن مع رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي (جمهوري) وكبار المشرعين، في البيت الأبيض يوم الثلاثاء، لمحاولة إيجاد أرضية توافق بين الإدارة والجمهوريين لحل أزمة سقف الدين، وتجنب أزمة اقتصادية كارثية تهدد بتخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها بحلول نهاية مايو (أيار) الحالي.

ويجتذب هذا الاجتماع الكثير من الاهتمام، خصوصاً مع بدء العد التنازلي لنفاد الأموال لدى الخزانة الأميركية، واقتراب شبح التخلف عن دفع الفواتير، ما لم يجرِ الاتفاق على رفع سقف الدين البالغ 31.4 تريليون دولار.

ويشارك في الاجتماع زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، والسيناتور الجمهوري ميتش ماكونيل، وزعيم الديمقراطيين في مجلس النواب حكيم جيفريز.

وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين (رويترز)

واستمرت المحادثات بين إدارة بايدن والجمهوريين في الكونغرس لأكثر من 3 أشهر وسط حالة من الشد والجذب؛ فالرئيس الديمقراطي يطالب برفع حد الاقتراض الذاتي للحكومة الفيدرالية من دون شروط مسبقة، وتدعمه الأغلبية الساحقة من الديمقراطيين في الكونغرس.

ويشبّه الديمقراطيون المحادثات مع الجمهوريين بشأن حد الديون كأنها «تفاوض مع إرهابيين يأخذون الاقتصاد الأميركي رهينة»، في وقت قال فيه مكارثي، إن مجلسه لن يوافق على أي اتفاق لا يخفض الإنفاق لمعالجة العجز المتزايد في الميزانية.

توقعات متشائمة

ولا يتوقع المحللون اتفاقاً فورياً لتفادي تعثر كارثي سيكون الأول في تاريخ الولايات المتحدة، وهو ما حذرت من حدوثه وزيرة الخزانة جانيت يلين، مضيفة أن الولايات المتحدة تقترب من «حافة الهاوية» بحلول الأول من يونيو (حزيران) ما لم يجرِ الاتفاق على رفع سقف الدين.

وتشير التوقعات إلى أن الطرفين سيفشلان على الأغلب في صياغة تسوية تشريعية، مع تمسك كل طرف بمواقفه.

ورفض الجمهوريون في الكونغرس عامي 2011 و2013 رفع سقف الدين، ما لم يوافق الرئيس الديمقراطي آنذاك باراك أوباما على كبح جماح الإنفاق الفيدرالي، وتقليل عجز الميزانية، وهو ما يطالب به الجمهوريون مرة أخرى الآن، لكن مع اتساع هوة الخلافات بشأن كيفية خفض الإنفاق، والحد من نمو الديون.

زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر (إ.ب.أ)

ولا يتوقع المحللون أن يسفر الاجتماع عن اتفاق نهائي حول خطة مالية يمكن أن تشمل رفعاً لسقف الدين، إذ يريد بايدن توسيع الإنفاق الفيدرالي، وخفض الديون المستقبلية من خلال زيادة الضرائب على الأغنياء والشركات الكبيرة، بينما يركز الجمهوريون على خفض الإنفاق في التعليم، وإلغاء الإعفاءات الضريبية لمشروعات بيئية لمكافحة التغير المناخي.

ووفقاً للدستور الأميركي يجب أن يأذن الكونغرس للحكومة الفيدرالية بالاقتراض لسداد التزاماتها المالية. وعادة ما يستخدم السياسيون هذا الأمر لممارسة مناورات حزبية، فالمواجهات التشريعية ليست بالأمر الجديد في دولة لديها انقسامات حزبية عميقة، في حين لدى الجمهوريين أغلبية ضئيلة في مجلس النواب، ويسيطر الديمقراطيون على مجلس الشيوخ بأغلبية ضئيلة.

بايدن مقابل أوباما

ويقول الجمهوريون إنهم لن يرفعوا سقف الدين من دون فرض قيود كبيرة على الإنفاق، وهو الموقف نفسه الذي اتخذوه عامي 2011 و2013، حينما كان بايدن نائباً للرئيس باراك أوباما.

واضطر أوباما للتوصل إلى اتفاق، خفض بموجبه بعض رواتب العمال الفيدراليين، وبعض البرامج العسكرية، وأمر بتجميد بعض البرامج في الرعاية الصحية.

وفي نهاية المطاف، وافق الكونغرس على رفع سقف الدين، وتجنب التخلف عن السداد، لكن الاقتصاد تعرّض لصدمات شديدة، بما في ذلك أول تخفيض على الإطلاق لتصنيف الولايات المتحدة الائتماني، وسريان عمليات بيع كبيرة للأسهم.

كما أدى الخلاف على رفع سقف الدين بين الجمهوريين وإدارة أوباما إلى هبوط كبير في نسبة تأييد الناخبين لأداء الرئيس، وانخفاض شعبيته إلى أقل من 40 بالمائة في استطلاعات الرأي.

السيناتور الجمهوري ميتش ماكونيل (إ.ب.أ)

وتبدو أزمة رفع سقف الديون الأميركية في 2023 أكثر خطورة من الأزمة التي تعامل معها أوباما؛ إذ يرفض الرئيس بايدن حجج الجمهوريين بأن الإنفاق الفيدرالي مرتفع للغاية، وأن الديون الحالية للولايات المتحدة تشكل تهديداً للنمو الاقتصادي، واقترح تسوية مالية بزيادة الضرائب على الأثرياء والشركات الكبيرة، وخفض إنفاق الحكومة على برامج الرعاية الصحية، لكن الجمهوريين رفضوا فرض ضرائب على الأثرياء، وطالبوا بايدن بخفض الإنفاق العسكري، ووقف دعم مشروعات مكافحة التغير المناخي.

ومن المرجح أن يتمسك بايدن الذي يعد مفاوضاً محنكاً، ويصف نفسه بأنه الأكثر خبرة بين الرؤساء، بموقفه خلال الاجتماع، والإصرار على ضرورة رفع سقف الدين من دون شروط مسبقة.

رهان محفوف بالمخاطر

ويراهن بايدن على أن الجمهوريين سيضطرون إلى رفع الراية البيضاء، وزيادة سقف الدين، لتجنب الكارثة الاقتصادية. وهو مستعد للمعركة، وتحميل الجمهوريين المسؤولية عن أي تداعيات اقتصادية، وإلقاء اللوم عليهم أمام الناخبين، بأنهم تسببوا بإيصال البلاد إلى حالة تخلف عن السداد لأول مرة في التاريخ.

ويتخوف المحللون من أن موقف بايدن المتصلب محفوف بالمخاطر، خصوصاً أن رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي مدعوم بكتلة من اليمين المتشدد الذي يحد من قدرته على المناورة. وقد أظهر اليمين الجمهوري في مجلس النواب القليل من الاستعداد للتوصل إلى حل وسط بحسن نية، وهو ما يضع أعباءً على النقاشات بشأن سقف الدين.

ويدرك بايدن الموقف الصعب الذي يواجهه، فحملته الانتخابية ستعتمد بشكل كبير على سجله التشريعي الذي حققه خلال العامين الماضيين، وعلى سمعته كشخص مستعد لتقديم التنازلات للطرف الآخر.

وبالتالي يجازف بايدن بدفع عواقب اقتصادية وخيمة في حال عدم التوصل إلى اتفاق مع الجمهوريين، بينما يمكنه أن يستغل التوصل إلى اتفاق وتجنب التخلف عن السداد، في الترويج لحملته بأنه رئيس يمكنه إنجاز الأمور المعقدة والتوصل إلى توافق.

ولن يكون المسار سهلاً، فحتى لو استطاع بايدن تقريب وجهات النظر مع رئيس مجلس النواب، فإن أي اتفاق بين الطرفين يتطلب تصويت أغلبية أعضاء مجلس النواب، وما لا يقل عن 60 صوتاً في مجلس الشيوخ. ومن الصعب رؤية صفقة يمكن أن تحظى بدعم فريق بايدن وأيضاً دعم الجمهوريين.

التعديل الرابع عشر

الخيار الآخر كما يقول الخبراء، هو ما يدرسه البيت الأبيض بشأن إمكانية استخدام التعديل الرابع عشر، لتجاهل رفع سقف الدين من خلال الكونغرس، وهو أمر قد يكسبه بعض الوقت لمواصلة دفع فواتير الحكومة الفيدرالية، لكنه مسار قد يعد خطراً على الاقتصاد، مع عدم الوضوح بشأن ردة فعل الأسواق المالية العالمية على هذه الخطوة.

وينص التعديل الرابع عشر المعروف باسم بند الدين العام، على صلاحية السلطة لمعالجة دين الولايات المتحدة والمصرح به، وهو ما يمكّن البيت الأبيض من رفع سقف الدين. ولكن هذه الخطوة لا تخلو من العقبات القانونية؛ لأن الجمهوريين سيطعنون فيه حتماً، ويتقدمون بشكوى أمام المحكمة الدستورية العليا، وبالتالي سيكون الاقتصاد الأميركي معرضاً لانهيارات قد تدفع الاقتصاد العالمي بدوره إلى الانهيار.

وهناك بعض الأحاديث بشأن خيارات أخرى أمام الرئيس، منها إصدار عملة معدنية بقيمة تريليون دولار، وإيداعها في مصرف الاحتياطي الفيدرالي، ما يمكن الولايات المتحدة من دفع الفواتير. لكن تداعيات هذه الخطوة على معدل التضخم ستكون كبيرة، وستثير الشكوك بشأن استقلالية الاحتياطي الفيدرالي.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.