موسكو تتمهل في الرد على العقوبات الأميركية الجديدة

انتقدت «الرؤوس الحامية» في الولايات المتحدة... ولندن رحبت بتدابير واشنطن

عسكريون بريطانيون يزيلون مقعداً وُجد عليه العميل الروسي سكريبال وابنته بعد تسميمهما في سالزبيري في 23 مارس الماضي (إ.ب.أ)
عسكريون بريطانيون يزيلون مقعداً وُجد عليه العميل الروسي سكريبال وابنته بعد تسميمهما في سالزبيري في 23 مارس الماضي (إ.ب.أ)
TT

موسكو تتمهل في الرد على العقوبات الأميركية الجديدة

عسكريون بريطانيون يزيلون مقعداً وُجد عليه العميل الروسي سكريبال وابنته بعد تسميمهما في سالزبيري في 23 مارس الماضي (إ.ب.أ)
عسكريون بريطانيون يزيلون مقعداً وُجد عليه العميل الروسي سكريبال وابنته بعد تسميمهما في سالزبيري في 23 مارس الماضي (إ.ب.أ)

حمل الكرملين بقوة، أمس، على أوساط أميركية قال إنها تعمل على تأجيج الخلافات بين موسكو وواشنطن، من خلال الدفع برزم عقوبات جديدة ضد روسيا بـ«ذرائع واهية». وتجنّبت موسكو التصعيد بداية، وبدا أنها لن تتسرع في إعلان تدابير جوابية على العقوبات الأميركية الجديدة، قبل أن تلوّح بتدابير انتقامية.
في غضون ذلك، سيطرت حال الترقب على الأسواق الروسية وأوساط المال والأعمال بعدما تكبدت شركات حكومية كبرى خسائر فادحة في تعاملات الأمس، بسبب الإجراءات الأميركية.
وبعد مرور يوم على إعلان وزارة الخارجية الأميركية عن رزمة عقوبات جديدة أميركية طالت شركات روسية ومؤسسات قريبة من الكرملين، عكس رد الفعل الأول للديوان الرئاسي الروسي محاولة روسية لعدم التصعيد. ورغم أن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف رفض بقوة «الذرائع غير المبررة» التي أعلنتها الإدارة الأميركية لفرض العقوبات الجديدة، التي ربطتها واشنطن بحادث محاولة اغتيال عميل الاستخبارات الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته في بريطانيا، إلا أنه عمد في الوقت نفسه إلى تخفيف الأجواء وتجنّب الإشارة إلى إجراءات جوابية من جانب موسكو.
وقال بيسكوف: «لقد سمعنا إعلاناً رسمياً بشأن العقوبات الجديدة، واستمعنا إلى مصدر رفيع المستوى تحدث عن بعض القيود ضد روسيا. وفي حين أننا لم نفهم ما هو المغزى، سيكون من الخطأ الحديث عن تدابير مضادة».
وزاد أن روسيا ترى أنّه «من غير المقبول بشكل قاطع ربط هذه القيود الجديدة، التي ما زلنا نعتبرها غير قانونية، بقضية سالزبيري. مرة أخرى، نرفض بشدة أي اتهامات بشأن تورط روسيا في هذه القضية. لم تكن لروسيا أي علاقة بحوادث استخدام الأسلحة الكيماوية. علاوة على ذلك، لا يمكننا حتى التحدث بشكل لا لبس فيه حول من وكيف تم استخدام هذه الأسلحة في المملكة المتحدة، لأننا لا نملك معلومات ولم نحصل على رد على الاقتراح المقدَّم إلى الجانب البريطاني للتحقيق المشترك في هذا الحادث الذي يسبب قلقاً خطيراً».
وفي حين أن إشارة بيسكوف ركزت على رزمة العقوبات التي طالت أربع شركات روسية كبرى هي «إيرفلوت» الناقل الجوي الحكومي الأكبر، ومصرف «في تي بي» (بنك التجارة الخارجية) الذي يدير تعاملات الحكومة الروسية التجارية، وشركة «الروسا» (أضخم شركة لإنتاج الماس الخام)، و«روسال» (مؤسسة حكومية عملاقة تسيطر على قطاع الألمنيوم في روسيا)، فإن المخاوف الروسية تزايدت بعد الإعلان عن تحضيرات جارية لفرض تدابير إضافية واسعة تُقيّد التعامل مع النظام المصرفي الروسي، والديون السيادية الروسية.
وبرزت تداعيات الإعلان عن هذه العقوبات فوراً، إذ خسرت هذه الشركات في تعاملات البورصة الروسية بين 5.5 و9 في المائة فور إعلان اللائحة، رغم أنها تدخل حيز التنفيذ عملياً بعد أسبوعين، كما هوت العملة المحلية الروبل وفقدت نحو 4 في المائة من قيمتها خلال يوم واحد.
من جانبها، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا خلال مؤتمر صحافي إن «الجانب الروسي سيبدأ بإعداد إجراءات انتقامية، ردّاً على هذا التحرّك الجديد غير الودّي من قبل واشنطن». وأضافت أن السلطات الأميركية اختارت «عمداً طريق المواجهة في العلاقات الثنائية التي وصلت عملياً إلى أدنى المستويات بسبب جهودهم».
وحملت التدابير أبعاداً سياسية عبر دعوة الإدارة الأميركية لوضع روسيا على لائحة الدول الداعمة للإرهاب. ورغم سيطرة أجواء ترقب وقلق على الأسواق الروسية، استبعد بيسكوف أن تكون لرزمة العقوبات الإضافية تأثير مباشر على النظام المالي الروسي، وشدّد على أن «النظام المالي للبلاد مستقر تماماً، وقد أثبت استقراره في أوقات صعبة للغاية. على خلفية استمرار عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات شركائنا في الخارج، يجب علينا الحفاظ على نظامنا المالي في حالة جيدة. هذا واضح. مثل هذه القرارات التي يتخذها الأميركيون غير ودية، ولا يمكن تفسيرها على خلفية الأجواء البناءة التي سادت في الاجتماع الأخير للرئيسين»، في إشارة إلى قمة هلسنكي التي جمعت الرئيسين دونالد ترمب وفلاديمير بوتين.
بدوره، قال وزير المالية أنطون سيلوانوف إن الحكومة والبنك المركزي لديهما «كل الأدوات اللازمة لضمان الاستقرار المالي»، مشيراً إلى أن الاقتصاد الروسي أصبح «في السنوات الأخيرة أكثر مرونة لمقاومة الصدمات الخارجية».
وأعلن بيسكوف أن روسيا تحتفظ بالأمل في بناء علاقات بناءة مع واشنطن، لأن هذه العلاقات ليست فقط في مصلحة شعبينا، ولكنها أيضاً مهمة للاستقرار والأمن في جميع أنحاء العالم. لكنه في مقابل الموقف المرن حيال الإدارة الأميركية، حمل بقوة على الهيئة التشريعية الأميركية التي مرَّرَت رزم العقوبات الأخيرة. ورأى أن «الكثير من الأشخاص أصحاب الرؤوس الحامية في الهيئات التشريعية يقومون أحياناً بتصرفات تتجاوز المعقول. نحن نحاول أن نفهم مدى علاقة هذا بالموقف الرسمي».
واعتبر أن فكرة إدراج روسيا ضمن الدول الداعمة للإرهاب تصبّ في هذا الاتجاه، مضيفاً أنه «بعد أن رأينا فلول المجموعات الإرهابية المتبقية في سوريا، ندرك جيداً من وكيف يرعى هذه الجماعات، يمكننا توجيه هذا السؤال لدول أخرى: من هم الرعاة الحقيقيون للإرهاب؟».
وكانت الخارجية الأميركية قد أعلنت، أول من أمس، أنها «كشفت أن الحكومة الروسية استخدمت الأسلحة الكيميائية أو البيولوجية في خرق للقوانين الدولية» في عملية تسميم العميل الروسي السابق المزدوج سيرغي سكريبال وابنته يوليا، مطلع مارس (آذار)، في سالزبيري ببريطانيا. وفي أعقاب ذلك، تم تبادل طرد الدبلوماسيين بين موسكو وأبرز دول الغرب في الربيع.

وفي مؤتمر صحافي هاتفي لوزارة الخارجية الأميركية، أول من أمس، عدّ مسؤول رفيع المستوى أن العقوبات الجديدة المرتقبة تدخل في إطار قانون مكافحة الأسلحة الكيماوية والبيولوجية.
وأوضح المسؤول الذي فضل عدم كشف اسمه، أن العقوبات تشمل حظر بيع روسيا تكنولوجيا «حساسة»، كتلك المستخدمة في الأجهزة الإلكترونية ومعدات المعايرة، وهي تكنولوجيا كان يسمح ببيعها سابقاً كل حالة على حدة. وقد تشمل هذه العقوبات، وفق المسؤول نفسه، صادرات بمئات الملايين من الدولارات إلى روسيا.
وقال إن الإدارة الأميركية أبلغت الكونغرس بالإجراءات التي ستتخذها، متوقعاً أن يتم تنفيذها بحلول 22 أغسطس (آب) الحالي. وأضاف: «نعلن اليوم أننا حددنا بموجب قانون مكافحة الأسلحة الكيماوية والبيولوجية أن حكومة الاتحاد الروسي قد استخدمت الأسلحة الكيماوية أو البيولوجية بما يخالف القانون الدولي (...). هذا عامل محفز لفرض عقوبات إلزامية بموجب قانون مكافحة الأسلحة الكيماوية والبيولوجية». وتابع: «أبلغنا الكونغرس اليوم أننا ننوي أن نفرض عقوبات ضد الاتحاد الروسي في عدد من الجوانب عملا بهذا القانون، وأهمها فرض حظر على كل السلع أو التكنولوجيات الحساسة بالنسبة إلى الأمن القومي والتي تسيطر عليها وزارة التجارة وفقاً للوائح إدارة التصدير. وتخضع هذه السلع حاليا لترخيص يتم تحديده على أساس كل حالة على حدة، ولكن من الآن فصاعدا، عندما تدخل هذه العقوبات حيز التنفيذ، فسنرفض طلبات الحصول على هذه التراخيص بشكل قاطع».
إلا أن المسؤول أكد أنه ستكون هناك استثناءات لتقديم المساعدات الخارجية لروسيا وللشعب الروسي. كما أفاد بأن الولايات المتحدة الأميركية تطبق هذا القانون للمرة الثالثة؛ إذ استخدم المرة الأولى ضد كوريا الشمالية، ثم سوريا، والآن ضد روسيا. وذكر المسؤول أنه بموجب القانون، ستكون هناك متابعة من طرف السلطة التنفيذية الأميركية، للتأكد من أن روسيا استوفت سلسلة الشروط في غضون 3 أشهر من الجولة الأولى من العقوبات، ملوحا باحتمال فرض جولة ثانية من العقوبات إذا لم تلتزم موسكو بالشروط المطروحة.
وفي حال عدم احترام هذه المطالب، سيتم إصدار دفعة جديدة من العقوبات «الصارمة»، كما قال المسؤول الأميركي، حتى إنها قد تذهب إلى حد منع شركات الطيران الروسية من الهبوط في المطارات الأميركية أو حتى تعليق العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وأوضح المسؤول الأميركي أن الشروط الصعبة التي ستلتزم بها الولايات المتحدة في تقييم روسيا هي التأكد من أن موسكو لم تعد تستخدم أسلحة كيماوية أو بيولوجية، وامتثالها للقانون الدولي، وعدم استخدام أسلحة كيماوية أو بيولوجية قاتلة ضد مواطنيها. ثانياً، أن روسيا قدمت ضمانات موثوقة بأنها لن تشارك في المستقبل في مثل هذه الأنشطة، والسماح لعمليات تفتيش ميدانية يقوم بها مراقبو الأمم المتحدة أو غيرهم من المراقبين المحايدين المعترف بهم دولياً، أو وسائل أخرى موثوق بها لضمان عدم استخدام الحكومة الأسلحة الكيماوية أو البيولوجية في انتهاك للقانون الدولي.
وأكد المسؤول أنه تم إخطار الروس بهذه العقوبات، وقال: «لقد بذلنا قدراً كبيراً من المشاركة الدبلوماسية قبل الإعلان عن العقوبات».
ورحَّبت لندن بالتدابير الأميركية الجديدة، وقال متحدث باسم الحكومة إن «الرد الدولي القوي على استخدام الأسلحة الكيميائية في شوارع سالزبيري يبعث لروسيا رسالة لا لبس فيها، بأن سلوكها المتهور لن يبقى دون عقاب». وكانت لندن نسبت إلى الحكومة الروسية مسؤولية تسميم سكريبال وابنته بغاز توفيتشوك الذي طور في الاتحاد السوفياتي السابق في نهاية الحرب الباردة. ونفت موسكو أي علاقة لها بالموضوع، مُطالِبة بأدلة.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.