د. فهد بن سعد الماجد
* الأمين العام لهيئة كبار العلماء

بوصلة الاعتدال الإسلامي... الموقف من الجماعات أنموذجاً

معرفة اتجاه الاعتدال الإسلامي في القضايا العلمية والعملية، مهمة، وترجع أهميتها إلى أمور: أحدها: أن الاعتدال سمة الإسلام، قال تعالى: (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله). والمستقيم: السهل المختصر، والسبل: ما يفرِّق يميناً وشِمالاً عن الصراط المستقيم. وقال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً). قال ابن عباس وغيره: الوسط العدل. وقال ابن الجوزي: وأصل ذلك أن خير الأمور أوساطها، والغلو والتقصير مذمومان. والثاني: أهمية إشاعة الاعتدال في المجتمعات والجاليات المسلمة؛ إذ به يستقيم المسلم فكراً وسلوكاً، وتتهيأ الأجواء الاجتماعية للتنمية الشاملة والتطور الإنساني والاجتماعي.

ما لا يريد أن يفهمه المتطرفون..

يمتلك الإسلام نظرية شاملة عن «السلام»، ومن مقاصده الكبرى التي تنزَّل عليها هذا الدين العظيم: «تحقيق السلام في العالم»، وقد يكون ذلك غريبًا عند بعض غير المسلمين، الذين تكونت لديهم صورة نمطية مشوهة عن دين يزخر بِكَمٍّ كبير من المبادئ والقيم والمثل؛ لكن ليس هذا الإشكال؛ الإشكال: أن بعض المسلمين قد لا يكون ذلك مفهومًا لديهم بوضوح، والسبب: أن الكثير لا يحسن قراءة الأفكار الأصيلة، والمقولات الأساس، وذلك مظهر من مظاهر الوهن الفكري. وعند إطلاق كلمة «السلام» ينصرف الذهن مباشرة إلى أنه ضد الحرب ليس إلا؛ بيد أنه في الإسلام أوسع نطاقًا من ذلك: يبدأ من السلام مع النفس بالإيمان الذي يمنحها الطمأنينة، ثم الس

الفتوى والتنمية

تعد كلمة «التنمية»، من أكثر الكلمات رواجًا في لغة العصر في المقالات والحوارات، وهي تُعنى: بالرقي بحياة الإنسان وأدواته في هذه الحياة. وفي مجتمعاتنا المسلمة تكتسب هذه الكلمة قدرًا كبيرًا من الأهمية، لأنها ما زالت في طور النماء. ولا بُدَّ لأي تنمية أن يكون لها أسئلة توجه إلى أنشطة المجتمع ومؤسساته وأفراده، وبقدر ما تكون هذه الأسئلة صحيحة ومؤثرة، بقدر ما تكون التنمية في خطها الصحيح، ذلك لأن «الأسئلة الصحيحة مقدمة للتصحيح». ومن الطبيعي أن تسأل التنمية على سبيل المثال عن أسلوب حياة الناس الذي يؤثر في طبيعة التنمية.

ابن تيمية.. وجناية المتطرفين

رحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام الحراني، نزيل دمشق، المولود سنة 661 هـ، والمتوفى سنة 728 هـ، وعاش 67 سنة وأشهرا. وما أعظم جناية المتطرفين عليه، فهم أبعد ما يكونون عن منهجه، وهو أعلى ما يكون عن تطرفهم الذي نتجت عنه استباحة دماء المسلمين، وتكفير جمهورهم، إضافة إلى التعدي على المسالمين الآمنين، وقد قال ابن تيمية نفسه عن ذلك: «ولهذا يجب الاحتراز من تكفير المسلمين بالذنوب والخطايا، فإنه أول بدعة ظهرت في الإسلام، فكفّر أهلها المسلمين واستحلوا دماءهم وأموالهم». ونستطيع أن نتبين تمايز ابن تيمية عن المتطرفين في شتى الأنحاء العلمية والعملية.. وفي المنهج والسلوك.

ما لم تقله السطور.. في وداع الملك عبد الله وبيعة الملك سلمان

كان المشهد حزينا، والموقف مهيبا، الحزن بوفاة الملك عبد الله، رحمه الله، والهيبة في بيعة الملك سلمان، وفقه الله، وبينما كانت الآلام تبرِّح بجسد المملكة في وداع قائدها، كانت العزائم تنهض بهذا الجسد في بيعة قائدها الجديد. ولسان حال السعوديين كلهم لم يمت عبد الله وسلمان موجود، فميزة هذه المملكة التي تفردت في الوجود، وتعززت في الحضور، هي أن قائدها وعلى امتداد قرونها الثلاثة، منذ أن نصر الإمام محمد بن سعود دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب، رحمهما الله، ميزتها هو أن قادتها امتداد طبيعي بعضهم لبعض، وذلك ما صنع سياسة مستقرة وأفقا واضحا. رحل عبد الله ولم ترحل سجاياه الفاضلة، فسيبقى ذكره المجيد بعدله ورأفت