10 أطباء عرب من فلسطينيي48 يحذرون من انهيار الخدمات الصحية في غزة

قالوا إن الناس يموتون من ارتفاع ضغط الدم والسكري بسبب نقص الدواء

عائلة فلسطينية ترتب منزلها في الخليل بعدما داهمته قوات الاحتلال واعتقلت اثنين من قاطنيه أمس (إ.ب.أ)
عائلة فلسطينية ترتب منزلها في الخليل بعدما داهمته قوات الاحتلال واعتقلت اثنين من قاطنيه أمس (إ.ب.أ)
TT

10 أطباء عرب من فلسطينيي48 يحذرون من انهيار الخدمات الصحية في غزة

عائلة فلسطينية ترتب منزلها في الخليل بعدما داهمته قوات الاحتلال واعتقلت اثنين من قاطنيه أمس (إ.ب.أ)
عائلة فلسطينية ترتب منزلها في الخليل بعدما داهمته قوات الاحتلال واعتقلت اثنين من قاطنيه أمس (إ.ب.أ)

حذرت مجموعة من الأطباء العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48)، قامت بجولة طبية في قطاع غزة، من أن ثمة نواقص هائلة في الأدوية والأجهزة الطبية، تهدد بانهيار كبير للأوضاع الصحية والطبية هناك، حيث بات الإنسان يموت من أبسط الأمراض. وقالوا إن «الحالة في غزة أصعب بكثير مما هي عليه في كل دول العالم الثالث».
وكان الأطباء العشرة قد وصلوا إلى قطاع غزة، في إطار نشاط تقوم به منظمة «أطباء لحقوق الإنسان»، العربية اليهودية، منذ سنوات عدة. وقد اطلع أفراد المجموعة على الأوضاع عموما في القطاع، إضافة إلى تقديم العلاجات المميزة. وقال البروفسور رفيق مصالحة، مدير قسم الأعصاب في مستشفى بئر السبع، الذي شارك في الجولة: «حين وصلنا إلى معسكر جباليا للاجئين، رأينا الفرحة على وجوه الناس وكأننا أتينا من كوكب آخر. لقد كانوا سعداء لمجرد أن هنالك من يتذكرهم، يزورهم، ويجلب معه الأمل. لكنني استمعت إلى شهادات مؤلمة من أشخاص مرضى، عن نقص في الأدوية وغلاء أسعارها. قالت لي بعض النساء، بأنهن حين يعانين آلاما، لا يذهبن إلى الأطباء بسبب كلفة الطبابة. وبدلا من ذلك يذهبن إلى الصيدليات، حيث يبيعهن الصيدلي دواء مسكنا للآلام. وهكذا يخففن من معاناتهن، ولكن من دون إجراء تشخيص طبي ومن دون الخضوع لعلاج مناسب. وهنالك أناس يموتون بسبب ذلك. ويحضر من يصل للعلاج في العيادات الخارجية للمشافي، إبرا اشتراها من صيدلية، حيث لا تتوفر الإبر في المشافي».
المعروف أن وفود الأطباء العرب من حاملي الجنسية الإسرائيلية، يقومون بزيارة غزة، مرة كل شهرين. إلا أن الزيارة هذه المرة بدت استثنائية، على خلفية الوضع الصعب الذي يعانيه القطاع، وكذلك على خلفية ادعاءات «حماس» بأن إسرائيل لا تصدر تصاريح للمرضى لكي يخضعوا للعلاج إما في إسرائيل أو في القدس الشرقية، وهي تصاريح تُمنح فقط لمن يحملون كتاب تحويل يشمل تغطية جميع تكاليف العلاج على حساب وزارة الصحة الفلسطينية، ويُمنح في العادة لمن يعانون أمراضا عضالا لا وجود لعلاج لها في مشافي القطاع. كما أن الوفد الذي ضمّ عشرة أطباء، كان الوفد الأكبر الذي زار غزة في خلال العقد الماضي، منذ بدء الحصار الإسرائيلي على القطاع، بعد صعود حماس إلى السلطة. وخلال زيارتهم، قام الأطباء بـ«ماراثون» عمليات جراحية على مدار أكثر من 24 ساعة يوميا ولمدة أسبوع. وحسب الدكتور صلاح حاج يحيى، الذي يشرف على عمل هذه الوفود، «فمن أصل 2.700 طلب لاستصدار تصاريح، تم رفض إصدار نصف هذه التصاريح بسبب المنع الأمني. لكن المشكلة لا تقتصر على الأمراض الخطيرة، فالناس هنا يموتون بسبب أمراض كضغط الدم والسكري. إن هنالك 195 نوعا من الدواء، من أصل 400 من أنواع الدواء التي تعد أدوية أساسية، ناقصة في القطاع. هنالك 450 نوعا من المعدات الطبية التي تستخدم لمرة واحدة غير موجودة، من أصل 800 من هذا النوع من المعدات».
وقام وفد الأطباء العشرة، المؤلف من مديري أقسام في المشافي الإسرائيلية، وأطباء خبراء في مجالات الأعصاب، والعظام، والجراحة، والطب الداخلي، وطب الأطفال، والصحة النفسية، بإجراء 14 عملية لإزالة الأورام، والقيام بفحوص منظارية، وفحوص عظام في مشافي الشفاء في غزة، والمشفى الأوروبي في خان يونس. كما قاموا بفحص 15 مريضا يعانون أمراضا مرتبطة بالجهاز الهضمي والكبد، كأمراض الكوليتيس، والباتيتس، والتشمع الكبدي وغيرها، وبفحص أكثر من 700 مريض في إحدى العيادات الصحية في معسكر جباليا للاجئين في وسط القطاع. وإلى جانب ذلك، افتتحوا عيادة طارئة في الفندق الذي نزلوا فيه، وقد وصلها عشرات المرضى في ساعات الفجر المتأخرة، لمقابلة الأطباء، ولإجراء فحوص، ولكي يحصلوا على علاجات، أو يستمعوا إلى نصائح بخصوص متابعة العلاج.
يقول خبير أمراض الجهاز الهضمي في مشفى «هيلل يافيه» في مدينة الخضيرة، الدكتور أمير مرعي: «الأطباء في غزة نشيطون وجادون، إلا أنهم لا يحصلون على تحديثات معلوماتية، بسبب المصاعب الكثيرة التي تواجههم وتمنعهم من المشاركة في المؤتمرات الطبية، وفي ورشات العمل الاستكمالية المهنية في دول الخارج. كما أن هنالك نقصا خطيرا في الأدوية الأساسية المعروفة والمستخدمة في أرجاء العالم. لا يوجد بالمطلق علاجات بيولوجية للمرضى الذين يعانون أمراضا معوية معدية، إلى جانب عدم وجود وسائل تشخيصية طبية. المعدات قليلة، مستهلكة، وقديمة جدا. هنالك ظروف عمل شديدة القسوة: الحجرات في المشافي وحجرات العمليات ضيقة، صغيرة، لا وجود للمكيف فيها، وتستخدم أحيانا، أيضا، مخزنا للمعدات، ومكتبا للطبيب، وغرفة نشاطات طبية».
ولهذا؛ فقد عقد الوفد في إطار زيارته، مؤتمرا طبيا بحضور 280 طبيبا وطبيبة فلسطينيين من المشافي المنتشرة في أرجاء القطاع. وقد شمل سلسلة من المحاضرات التي ألقاها الأطباء الآتون من إسرائيل بخصوص التحديثات الطبية في مجالات الأعصاب، والأمراض المعوية، وطبّ الكلى. كما أقيمت دورة أخرى إضافية في مجال الصحة النفسية. وأجرى الطبيبان النفسيان، الدكتور جمال دقدوقي والدكتور محمود منصور، دورة استكمالية لأكثر من 20 طبيبا غزاويا في مجال طرائق علاج حديثة للعنف، الإدمان، وحالات الانتحار. وقد اكتشف هذان الطبيبان وجود أطفال يعانون أعراض ما بعد الصدمة في أعقاب حملة الجرف الصامد، لم يتم علاجهم. ويقول الدكتور دقدوقي: «هنالك صدمات شديدة الخطورة. يعاني الناس لأنهم يرون مشاهد الحرب في كل يوم، في الشوارع ومن داخل الخيام، قريبا من منازلهم المهدومة. إن الوالدين في عائلة، اللذين يعانيان من الصدمة، لا يمكنهما الاهتمام بأطفالهما، ولا يمكنهما العمل. إن الناس يعانون أزمات اجتماعية شديدة الخطورة، فالفتيات يتزوجن في سن 14 عاما، لأن أهاليهم لا يملكون القدرة على إطعامهنّ، وهن يتطلّقن بعد شهرين. هنالك كارثة خطيرة تحدث في القطاع».
في إطار زيارته، قام أعضاء الوفد بإدخال أدوية ومعدات طبية ناقصة في غزة بقيمة 50 ألف دولار. من ضمن الأدوية التي تم تزويد وزارة الصحة الفلسطينية فيها 430 وحدة من وحدات الكراون، المخصصة لـ320 طفلا يعانون التليف الكيسي في المثانات، إلى جانب أدوية لمرضى الكلى، ودواء كالكسان لتخفيف الدم، والأنسولين للمصابين بمرض السكري. خلال اليومين اللذين قضاهما الوفد في القطاع، قام أعضاء الوفد الإسرائيلي بإجراء لقاءات ماراثونية مع مسؤولي الجهاز الصحي الفلسطيني ومديري خمسة مشافي، وقد سمعوا منهم عن المصاعب التي تعطل عمل الجهاز وعن حاجاته الفورية. والقضايا الرئيسية التي جرى طرحها، هي النقص في الكهرباء، أزمة السولار، النقص في الماء، تلويث مصادر المياه في القطاع، وإغلاق المعابر المؤدية إلى كل من إسرائيل ومصر. وفي جميع هذه اللقاءات، طرحت طلبات بتزويدهم بمعدّات طبية، وتجهيزات وأدوية، إلى جانب الحاجة إلى إجراء دورات تأهيلية.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.