كانت الأزمة السورية موضوعاً رئيسياً بحثه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في لقاءين منفصلين في العاصمة الفلبينية، أمس، على هامش منتدى «آسيان»، مع كل من وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، ووزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون.
وعبر وزير الخارجية الروسي عن أمله في استمرار الاتصالات مع الولايات المتحدة في سوريا في المجالين السياسي والعسكري، عقب محادثاته تيلرسون، كما أكد على «الاتصالات في موضوع التسوية السورية تجري بين الجانبين الأميركي والروسي»، وقال إنه بحث مع وزير الخارجية الأميركي تطوير المذكرة الروسية - الأميركية - الأردنية، حول منطقة خفض التصعيد جنوب - غرب سوريا، وشدد على ضرورة احترام سيادة ووحدة الأراضي السورية، وكذلك على قرارات مجلس الأمن الدولي التي وضعت أسس المضي في العملية السياسية.
كما بحث لافروف تطورات المشهد السوري مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، وقال: «ناقشنا مع زميلي وزير الخارجية التركي الوضع حول تنفيذ الاتفاقات في إطار عملية آستانة»، لافتا إلى لقاء بمشاركة ممثلي الدول الضامنة سيجري في العاصمة الإيرانية طهران يومي 8 - 9 أغسطس (آب) الجاري.
وتم التوصل حتى الآن إلى اتفاقات حول ثلاث مناطق لخفض التصعيد، لكن بعيداً عن عملية آستانة، وجاء الإعلان عن المنطقة الأولى في جنوب - غرب سوريا بموجب اتفاق روسيا - أميركي - أردني، ومواكبة إسرائيلية، والثانية والثالثة، في الغوطة بريف دمشق، وفي ريف حمص، نتيجة محادثات في القاهرة برعاية مصرية. وبموجب تلك الاتفاقات تقوم قوات من الشرطة العسكرية الروسية بمهام المراقبة على خطوط التماس، وهي المسؤولة أيضاً عن الحواجز، بينما لا تنص تلك الاتفاقات على أي دور لقوات إيرانية، بل على العكس، تدعو إلى إبعاد الإيرانيين والميليشيات المسلحة الموالية لهم في سوريا عن تلك المناطق.
في غضون ذلك تواصل الدول الضامنة العمل على آليات تنفيذ اتفاق منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب في الشمال السوري. وقال وزير الخارجية الروسي إن «الاتفاق على معايير منطقة خفض التصعيد هناك ليس بالأمر السهل»، ووصف تلك المنطقة بأنها «الأكثر تعقيداً بين مناطق خفض التصعيد الأخرى التي اتفقت عليها الدول الضامنة في آستانة». وقال مصدر من العاصمة الروسية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن التعقيد حول المنطقة في إدلب يعود إلى عوامل عدة، في مقدمتها الانتشار الكثيف والكبير لتنظيم «جبهة النصرة»، لافتاً إلى أن «جميع الأطراف المشاركة في اتفاقات خفض التصعيد متفقة على أن هذا التنظيم جماعة إرهابية ولا يمكن أن يشملها أي اتفاق تهدئة أو هدنة، ولا بد من مواصلة التصدي لها»، وقال إن «إعلان الاتفاق على آليات خفض التصعيد هنا، قد يؤدي إلى نشوب مواجهات مسلحة واسعة بين مجموعات المعارضة المسلحة من جانب، و(النصرة) وفصائل متعاونة معها من جانب آخر، الأمر الذي يرجح أن تركيا تخشى تبعاته ولذلك تتعامل بحذر مع هذا الأمر، لا سيما أن إدلب تلاصق الحدود مع تركيا».
وأشار المصدر الروسي إلى عقبة ثانية تتمثل في «الخلافات الحادة القائمة بين بعض فصائل المعارضة السورية المسلحة في إدلب»، ورجح أن «الدول الضامنة ستبحث في آليات محددة لتجاوز هذه العقدة، ربما عبر العودة إلى التركيز على رسم حدود تفصل بين فصائل المعارضة، ومواقع (جبهة النصرة)، ويتم على هذا الأساس تحديد المناطق التي سيشملها خفض التصعيد». وكان لافروف قد أشار في سياق حديثه عن مناطق خفض التصعيد في إدلب إلى أن «ثلاثي الدول الضامنة، واللاعبين الآخرين، بما في ذلك الولايات المتحدة، لديهم نفوذ على جميع الفصائل المسلحة، باستثناء الإرهابيين بالطبع، الذين لن يتم إدراجهم أبداً تحت أي اتفاقيات»، وعبر بعد ذلك عن قناعته بأنه «في حال قامت الدول الثلاث، والتحالف الأميركي (الدولي ضد الإرهاب)، بالتزامن، باستخدام نفوذها على لاعبين محددين من الذين يحملون السلاح بأيديهم ضد بعضهم البعض «على الأرض»، عندها يمكن إيجاد اقتراحات وسط مقبولة من شأنها أن تساهم في وقف إطلاق النار، وتخلق ظروفاً مناسبة للعملية السياسية في سوريا.
في السياق، قال جاويش أوغلو لوسائل الإعلام التركية عقب اللقاء مع نظيره الروسي في مانيلا، أمس، إنه تناول مع لافروف آخر التطورات المتعلقة بالأزمة السورية، واجتماع آستانة المقبل. بجانب قضايا تخص العلاقات بين البلدين. ووصف اللقاء بـ«المثمر»، لافتا إلى أنه سيبحث التطورات حول سوريا في اجتماع لاحق مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون.
وقالت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» إن أنقرة تواصل اتصالاتها مع مختلف الأطراف بشأن التطورات في سوريا، لافتة إلى المباحثات التي جرت بين وزير الخارجية التركي والإيراني في إسطنبول، مؤخرا، ثم المباحثات بين مساعدي وزيري خارجية البلدين الجمعة الماضي، كانت لبحث التحضيرات الجارية للجولة القادمة من مباحثات آستانة.
وأشارت المصادر إلى أهمية الاتصالات الجارية مع موسكو لا سيما فيما يتعلق بالتطورات في الشمال السوري والخطوات التي تتخذها تركيا بشأن تطويق التمدد الكردي ومنع التواصل بين مناطق سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي، والربط بين عفرين ومناطق شرق الفرات، إلى جانب مناطق خفض التصعيد في سوريا ونطاقاتها والقوات التي ستشارك في حمايتها.
إلى ذلك، أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مجددا استعداد الجيش التركي للقيام بعمليات عسكرية مشابهة لدرع الفرات في سوريا «إن اقتضت الضرورة ذلك»، قائلا إننا مصرون على تنفيذ حملات جديدة لتوسيع منطقة عمليات «درع الفرات» التي شكلت خنجرا في قلب مشروع تشكيل ما أسماه «منطقة إرهابية بسوريا»، في إشارة إلى تشكيل كيان كردي في شمال سوريا.
وأضاف في كلمة في مالاطيا، شرق تركيا، مساء أول من أمس، أن جهات عدة تحاول تطويق تركيا عبر «منظمة حزب العمال الكردستاني» التي تغير اسمها باستمرار، في إشارة إلى التسميات التي تسمى بها امتداداتها داخل سوريا كحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري وذراعه العسكري وحدات حماية الشعب الكردية، مضيفا: «قريبا سنقضي على هذه المنظمة في تركيا وسنواصل ملاحقتها في سوريا والعراق».
وتابع أن «كل قوة تحاول توسيع نطاقها قدر الإمكان في المنطقة تحت ذريعة قتال المنظمات الإرهابية».
لافروف بعد لقاء تيلرسون وجاويش أوغلو: وضع إدلب بالغ التعقيد
مخاوف تركية من صدام بين «النصرة» والفصائل المعارضة في خفض التصعيد
لافروف بعد لقاء تيلرسون وجاويش أوغلو: وضع إدلب بالغ التعقيد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة