تتواصل العمليات العسكرية الجوية التي يتولاها التحالف الدولي في مدينة الرقة، معقل تنظيم داعش في الشمال السوري، كما الطيران الروسي في محافظة دير الزور التي يسيطر التنظيم المتطرف على القسم الأكبر منها، ما تسبب بمقتل عشرات من المدنيين، بالتزامن مع الدمار الكبير الذي تُلحقه بالمناطق المذكورة، والذي عبّرت عنه نائبة مدير فرع الهلال الأحمر السوري في الرقة، قائلة إن «ما تشهده المدينة ليس تحريراً، بل تدميراً».
وأفادت حملة «الرقة تذبح بصمت»، الجمعة، بأن مقاتلات التحالف الدولي قصفت أحياء الرقة، بـ44 غارة جوية، خلال الـ48 ساعة الماضية، موضحة أن الغارات التي طالت حارة البدو وحي الثكنة وحي جامع الإمام النووي، في مدينة الرقة، أدت إلى مقتل 8 مدنيين، هم سيدة و7 أطفال، جميعهم من أسرة واحدة.
وتستمر المعارك العنيفة بين «قوات سوريا الديمقراطية»، المدعومة بالقوات الخاصة الأميركية من جهة، وعناصر تنظيم داعش من جهة أخرى، على عدة محاور في جنوب وشرق الرقة، وسط قصف مدفعي وصاروخي وجوي يطال مناطق الاشتباكات. وأعلن «داعش»، مساء الخميس، مقتل عشرات من عناصر «قوات سوريا الديمقراطية»، إثر عملية تفجير عربة مفخخة استهدفت تجمعاً لها في جنوب مدينة الرقة. وذكرت وكالة «أعماق»، الناطقة باسم التنظيم، أن «أحد عناصر التنظيم، ويدعى (أبو سمية الطاجيكي)، انطلق بعربة مفخخة نحو تجمعٍ للميليشيات الكردية بالقرب من سوق الهال، جنوب شرقي مدينة الرقة، وفجرها وسطهم، الأمر الذي أدى إلى مقتل أكثر من 40 عنصراً منها».
وفي هذا الوقت، ناشدت دينا الأسعد، نائب مدير فرع الهلال الأحمر السوري في مدينة الرقة، المنظمات الدولية والإنسانية والأمم المتحدة بوقف استهداف التحالف الدولي و«قوات سوريا الديمقراطية» المرافق العامة والبنية التحتية في مدينة الرقة، التي تشهد معارك منذ أكثر من شهرين.
وقالت الأسعد، التي تعيش حالياً في مدينة الرقة، لوكالة الأنباء الألمانية، إن «طائرات التحالف الدولي قصفت مبنى المشفى الوطني في مدينة الرقة، ليل الأربعاء - الخميس، بالقنابل الفوسفورية، كما تعرض المشفى لقصف بأكثر من 20 قذيفة استهدفت مولدات الكهرباء وسيارات المشفى وأقساماً داخل المشفى».
وأكدت الأسعد أن «المستشفى الوطني الذي تعرض للقصف والدمار موجود لخدمة أكثر من 100 ألف شخص في مدينة الرقة، أما عناصر تنظيم داعش فلهم مستشفيات ومراكز طبية خاصة بهم، ولا يتم إسعاف أي عنصر منهم في المشفى»، معتبرة أن «ما تشهد مدينة الرقة ليس تحريراً، بل تدميراً».
وأضافت: «لم تبق مدرسة أو مسجد أو مخبز، والمباني الحكومية تم تدميرها بشكل كامل، حتى آبار المياه التي يتزود بها المدنيون بعد قطع خط المياه الرئيسي الذي يغذي المدينة من نهر الفرات تعرضت للقصف، ولم يبق سوى مخبزين في مدينة الرقة بعد تعرض الأفران للقصف».
وأوضحت نائب مدير فرع الهلال الأحمر أن «أغلب المباني المكونة من 6 طوابق في المناطق القريبة من خطوط الاشتباك تم تدميرها نظراً لوجود قناصين من عناصر تنظيم داعش يصعدون إلى تلك المباني رغماً عن أصحابها الذين يخرجون منها بمجرد دخول قناصين من التنظيم إليها خوفاً من تعرضها للقصف».
من جهته، قال مدير فرع الهلال الأحمر في الرقة، الدكتور فواز العساف، لوكالة الأنباء الألمانية، إن «التحالف الدولي و(قوات سوريا الديمقراطية) تتبع سياسة الأرض المحروقة في معارك مدينة الرقة، فقد تم تدمير أكثر من 65 منشأة حكومية، أهمها معمل السكر، الذي يعد أكبر منشأة اقتصادية في محافظة الرقة، بالإضافة إلى مباني الدوائر الحكومية السورية والمدارس والأفران والمصارف، ناهيك بالأسواق التي أصبحت خالية من البضائع والمتسوقين الذين تستهدفهم القذائف التي تسقط على المدينة بشكل عشوائي».
«الائتلاف»
وكما في الرقة، كذلك في دير الزور، حيث أفاد «الائتلاف الوطني السوري» المعارض بـ«ارتكاب الطائرات الروسية مجزرة مروّعة راح ضحيتها ١٥ شهيداً مدنياً وعشرات الجرحى في بلدة التبني، الواقعة غرب مدينة دير الزور، حيث عمدت الطائرات إلى قصف البلدة عبر أكثر من 10 غارات».
وأشار «الائتلاف»، في بيان، إلى أن «القصف الذي وقع فجر الخميس، وإضافة إلى ما أوقعه من قتل ودمار، تسبب بحالة من الفوضى، وأجبر المدنيين على النزوح باتجاه قرى مجاورة هرباً من القصف العنيف».
وأضاف البيان: «تضاف هذه الجريمة إلى سلسلة جرائم الحرب المدانة التي يرتكبها الاحتلال الروسي بحق المدنيين، في خرق للقانون الدولي، وفي استمرار ممنهج لخطة تستغل العجز الدولي الذي يكتفي بمراقبة المشهد، منتظراً أن ينتهي المحتلون من ارتكاب جرائمهم بحق الشعب السوري».
وشدد «الائتلاف» على أن «محاربة إرهاب تنظيم داعش لا يمكن أن تتم من خلال قتل المدنيين، ولا من خلال دعم نظام بشار الإرهابي»، معتبراً أن «أي خلاص من الإرهاب والتطرف لا يمكن أن يأتي قبل أن يتم وقف دعم النظام، ووقف الجرائم التي يرتكبها داعموه، وحسم الموقف الدولي من هذا النظام الذي يتحمل المسؤولية الأساسية في انتشار الإرهاب في سوريا والمنطقة، ومحاسبته على كل الجرائم التي ارتكبها، هو وكل من دعمه».