الأرجنتين في مفترق طرق الاختيار بين اليمين واليسار

إعلان الرئيسة اليسارية السابقة نيتها الترشح في الانتخابات المقبلة يضع البلاد أمام اختبار حقيقي

الرئيسة الأرجنتينية السابقة كريستينا دي كريشنر وسط جمع من مؤيديها (رويترز)
الرئيسة الأرجنتينية السابقة كريستينا دي كريشنر وسط جمع من مؤيديها (رويترز)
TT

الأرجنتين في مفترق طرق الاختيار بين اليمين واليسار

الرئيسة الأرجنتينية السابقة كريستينا دي كريشنر وسط جمع من مؤيديها (رويترز)
الرئيسة الأرجنتينية السابقة كريستينا دي كريشنر وسط جمع من مؤيديها (رويترز)

تشهد الأرجنتين حاليا حالة من الجدل السياسي، وذلك بعد أن أعلنت رئيسة الأرجنتين السابقة نيتها الترشح في الانتخابات التشريعية المقبلة، التي ستجرى خلال شهور.الإعلان من جانب كريشنر أعاد إلى الأذهان حقبة السياسات اليسارية، التي تشمل إعادة الدعم وضبط أسعار العملة في البلاد، إلا أن الأرجنتينيين لا يستطيعون أن ينسوا ما قام به الرئيس ماكري، الذي يمثل تيار اليمين والذي أعاد الثقة الاقتصادية في البلاد وفتح أذرع بوينس آيريس أمام الاستثمارات الخارجية، وأعاد حالة الاستقرار الاقتصادي.
ويرى محللون سياسيون، أن رئيسة الأرجنتين السابقة كريستينا فرنانديز دي كيرشنر وضعت نهاية لحمى التكهنات التي دارت حول مستقبلها بإعلانها ترشحها لمجلس الشيوخ. وبعد انتهاء الفترة الثانية لها رئيسة للبلاد وفي وقت تواجه اتهامات عدة خطيرة بالفساد. وقالت الرئيسة السابقة، إنها تدعو إلى وحدة صف جميع المواطنين الأرجنتينيين؛ لأنها على قناعة بأن هذه المرحلة التاريخية التي تشهد عدواناً ليبرالياً جديداً ضد جميع فئات المجتمع ليست مسألة تخص الأحزاب السياسية مهاجمة السياسات الحالية، على حد قولها.
ورغم أن ترشحها لمجلس الشيوخ كان خطوة متوقعة، فإن ما جاء بمثابة مفاجأة للكثيرين انفصال دي كيرشنر أن ائتلاف «جبهة النصر» التي كانت تتبعها سابقاً من أجل تشكيل حزب خاص بها تحت اسم «وحدة المواطنين».
وتعد هذه أخباراً إيجابية بالنسبة لإدارة الرئيس الحالي مارويثيو ماكري، التي سترى في هذا الأمر مؤشراً على وقوع انقسامات في صفوف المعارضة قبيل الانتخابات المقبلة.
من ناحية أخرى، من المقرر أن تخوض الرئيسة السابقة انتخابات مجلس الشيوخ داخل إقليم بوينس آيريس، الذي يتضمن مسقط رأسها في منطقة «مار ديل بلاتا»، وحال انتخابها، لن تكون المهمة الموكلة إليها بالجديدة بالنسبة لها، فقبل أن تتقلد الرئاسة عام 2007، عملت عضو مجلس شيوخ عن إقليم بوينس آيريس، وقبل ذلك كانت عضو مجلس شيوخ عن إقليم سانتا كروز، حيث ينتمي زوجها الراجل الرئيس نيستور كيرشنر. وتجدر الإشارة إلى أن نجل فرنانديز دي كيرشنر عضو بالبرلمان حالياً عن هذا الإقليم، بينما تتقلد شقيقة زوجها منصب الحاكم؛ ما يجعل الصورة تبدو وكأن المشهد السياسي تحول لشأن عائلي لآل كيرشنر.
اللافت أن إدارة ماكري التي ستترشح كيرشنر ضدها احتلت عناوين وسائل الإعلام مؤخراً نتيجة نجاحها في بيع سندات لمائة عام، ما اعتبرته الحكومة مؤشراً على تنامي ثقة المستثمرين في الأرجنتين في الوقت الذي شرعت الحكومة في تنفيذ إصلاحات جاذبة للمستثمرين. ومع ذلك، أثارت السندات التي بلغت قيمتها 2.75 مليار دولار جدالاً، مع انتقاد أصوات المعارضة داخل البرلمان مدة السندات والديون الإضافية المترتبة عليها. من جانبها، تصر الحكومة على أن السندات ضرورية لتمويل برامج البنية التحتية.
ورغم هذه الأنباء الإيجابية، أصيبت الحكومة بخيبة أمل عندما لم تنل الأرجنتين فرصة تصنيفها باعتبارها «سوقاً ناشئة». في الوقت الحالي، يظل تصنيف البلاد باعتبارها «سوقاً أقل من المتوسطة»، ما يشير ضمنياً إلى وجود مخاطرة أكبر أمام المستثمرين داخل الأرجنتين، مع انتظار الأسواق لمعاينة ما إذا كانت الإصلاحات التي نفذتها حكومة ماكري سوف تستمر، أم أنها ستلغى وتعاود البلاد سيرتها القديمة بتطبيق سياسات شعبوية في حال وصول اليسار إلى السلطة مجددا.
من ناحيته، يأمل ماكري في أن تنجح انتخابات التجديد النصفي في تشديد قبضته داخل البرلمان مع تحركه نحو النصف الثاني من فترته الرئاسية. وقد ترددت بالفعل بعض الأنباء الاقتصادية الإيجابية، منها شروع الاقتصاد الأرجنتيني في النمو بنسبة 0.3 في المائة خلال الربع الأول من عام 2017. أيضاً، يبدي التضخم الذي يمثل مشكلة طويلة الأمد على مستوى البلاد، مؤشرات على التباطؤ. ومع ذلك، لم تتضح بعد ثمار ذلك بالنسبة للمواطن الأرجنتيني العادي مع عدم حدوث تراجع في معدلات البطالة.
من جهة أخرى، من المحتمل أن يكون التضخم المرتفع والبطالة من العوامل التي تقف خلف قرار الرئيسة السابقة دي كيرشنر بالعودة إلى المشهد السياسي، ذلك أنه من المعتقد أن صبر الشعب تجاه حكومة ماكري سينفد إذا لم تظهر دلالات على تحسن الاقتصاد. في المقابل، رأى بعض السياسيين أن عضوية البرلمان ستمنح دي كيرشنر حصانة تعفيها من المحاكمة؛ الأمر الذي سيمثل فائدة حقيقية في وجه الاتهامات الموجهة إليها وأعضاء من إدارتها بالفساد وسيدعم ترشحها للانتخابات الرئاسية المقبلة في العام 2019.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.