بينما يستعد رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية المدعومة من الأمم المتحدة فائز السراج، وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، لعقد ثالث اجتماع بينهما، في باريس غداً الثلاثاء، بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أفادت وسائل إعلام إيطالية بأن المبعوث الأممي الجديد لدى ليبيا غسان سلامة قد يحضر الاجتماع بناء على دعوة من الرئيس الفرنسي.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر دبلوماسي قوله: «أعلم أن حفتر في باريس بالفعل، ومن المقرر أن يصل السراج قريبا»، مضيفاً أن الرجلين سيلتقيان الثلاثاء. وقالت مصادر مقربة من حفتر لـ«الشرق الأوسط» إن حفتر قبل، بناء على وساطة، الاجتماع مجدداً مع السراج في العاصمة الفرنسية. وأوضحت المصادر، التي طلبت عدم تعريفها، أن حفتر، وإن كان لا يرى ما يستوجب لقاء السراج، في ظل ما وصفته المصادر بثبات المواقف السياسية المعروفة، استجاب لوساطة عربية ودولية للاجتماع مع السراج.
والتقى حفتر والسراج حتى الآن مرتين فقط منذ تولى السراج مهام منصبه قبل نحو عامين، لكنهما أخفقا في التوصل إلى اتفاق ينهي الملفات العالقة بينهما، خصوصا من جهة تفكيك علاقة حكومة السراج مع الميلشيات المسلحة الموجودة في العاصمة طرابلس، حيث يدير السراج أمور المدينة من مقر قاعدتها البحرية الرئيسية المعروفة باسم «بوستة». وقال مصدر في حكومة السراج مؤخرا إن الأخير وافق على عقد لقاء يجمعه في باريس مع المشير حفتر.
وأجرى حفتر والسراج محادثات في أبوظبي في مايو (أيار) للمرة الثانية منذ أكثر من عام ونصف العام، علما بأن حفتر استقبل السراج بوساطة مصرية في مقره بشرق ليبيا فور تسلمه مهام منصبه، بينما باءت محاولة أخرى للجمع بينهما في القاهرة بالفشل. وتناولت المحادثات اتفاق السلام المبرم في منتجع الصخيرات بالمغرب قبل نحو عامين، وتدعمه الأمم المتحدة ويأمل شركاء ليبيا في الغرب أن ينهي الاقتتال بين الفصائل التي تهيمن على البلاد منذ سقوط العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.
في غضون ذلك، جددت حكومة عبد الله الثني، اتهامها لقطر بدعم المتطرفين في ليبيا. وقال محمد الدايري وزير خارجية الحكومة الانتقالية التي تتخذ من مدينة البيضاء بشرق ليبيا مقرا لها ولا تحظى باعتراف المجتمع الدولي، إن حكومته قررت قطع علاقاتها مع الدوحة تضامنا مع الأشقاء في البحرين والسعودية والإمارات ومصر. وأضاف الدايري في تصريحات تلفزيونية له مساء أمس أن دعم قطر للمتطرفين يتمثل في إرسال سلاح مباشرة أو عن طريق وسطاء من دول أخرى، مشيرا إلى أن قطر تدعم المتطرفين في بلاده بشكل كبير، خصوصا تنظيم «الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة» والإخوان المسلمين. وأضاف: «هما يتمتعان بدعم قطر من ناحية السلاح، وخاصة (الجماعة المقاتلة)؛ كانت هي المنسق لشراء السلاح، ممثلة في وكيل وزارة الدفاع في حكومة على زيدان السابقة، وهو قيادي بارز في (الجماعة المقاتلة) ويقوم بتعريض أمن ليبيا وأمن الدول المجاورة للخطر». وتابع: «قطر كانت الداعم الأساسي لهذه الجماعة الإرهابية، وهي التي هددت أمن وكرامة الليبيين، وما قامت به قطر من دعم مادي وبالسلاح منذ عام 2012 هدد الأمن القومي العربي، بالإضافة إلى دول أخرى، مثلما هدد بريطانيا مؤخرا». ولفت إلى أن «سجل قطر في اعتداءاتها المتكررة والكثيرة على كرامة الشعب الليبي بعد ثورة 17 فبراير (شباط) لطالما أغضب قطاعات عريضة من الشعب الليبي»، على حد تعبيره.
في شأن ليبي آخر، قال الطبيب الفلسطيني أشرف الحجوج تعليقا على المرارة التي يشعر بها مع الممرضات البلغاريات بعد مرور نحو 10 سنوات على انتهاء قضية اتهامهم بحقن أطفال في مدينة بنغازي بمرض الإيدز: «حسبي الله ونعم الوكيل في كل من شوه اسمي واغتصب براءتي». وصرح الحجوج لـ«الشرق الأوسط»: «إنها 10 سنوات على حرية ناقصة، و8 سنوات قهرا وظلما، والباقي أنتم تعرفونه».
واتهمت السلطات الليبية إبان حكم العقيد القذافي قبل سقوطه عام 2011، الحجوج مع 5 بلغاريات، بحقن أكثر من 400 طفل بفيروس الإيدز بمستشفى بنغازي. وطبقا لتقرير بثته وكالة الصحافة الفرنسية، «فلم تسفر سنوات أمضتها في السجون الليبية وحكمان بالإعدام، عن كسر إرادة الممرضة البلغارية فالنتينا سيروبولو التي تستمتع بحريتها المستعادة بعد 10 سنوات، نتيجة حملة دبلوماسية قضائية، تكللت بالنجاح». وقالت هذه السمراء الرقيقة (58 عاما) التي تعكس عيناها شبابها الدائم: «نشاطي اليومي حملني على نسيان الإساءات. تعلمت أن أركز اهتمامي على الوضع الصحي والحرية والعائلة». وبتأثر؛ تتذكر هذه الممرضة تلك اللحظات وتقول: «خطفوني في إحدى أمسيات 1999»، وأضافت: «سد رجال فمي بشريط لاصق، ثم عذبوني طوال أشهر، عبر صدمات كهربائية وضرب بالعصي وتهديدات بالكلاب. أما الوقت المتبقي، فكنت أمضيه وحيدة في زنزانة أنتظر الموت».
من جهتها، قالت ناسيا نينوفا (52 عاما) الممرضة التي تعنى بالأطفال حديثي الولادة: «عندما أيقظنا الحراس، تخوفت من تنفيذ حكم الإعدام». كما أوضحت فاليا تشيرفنياشكا، الممرضة الستينية المؤمنة: «عندما وصلت سيسيليا لاصطحابنا، رأيتها كما لو أني أرى العذراء مريم». ولم يكشف السر المتعلق بالدور الدقيق الذي اضطلعت به الزوجة السابقة للرئيس السابق، على صعيد الإفراج عن الممرضات، رغم تشكيل لجنة تحقيق في فرنسا.
وبصفته مشاركا في هذه العملية، وصف وزير الخارجية البلغاري السابق سالومون باسي ما حصل على كل المستويات؛ تدخل الاستخبارات البريطانية، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي. وقال: «كانت مباراة طويلة خاضتها حتى النهاية المجموعة الدولية، وانضم إليها الرئيس ساركوزي في الدقيقة الأخيرة لتسجيل هدف الانتصار».
وبعد الإفراج عن الممرضات، وجهت فرنسا والاتحاد الأوروبي شكرا للدوحة، فأثارا بذلك تكهنات حول مساهمة مالية من قطر، لأن باريس وبروكسل أكدتا أنهما لم تدفعا شيئا. وأبرمت مجموعة عقود بين باريس وطرابلس في سياق الإفراج عن الممرضات. وتم استقبال القذافي في فرنسا نهاية عام 2007.
ودائما ما تظهر ادعاءات جديدة يصعب التحقق منها وتؤجج الغموض؛ ففي العام الماضي انتشرت الفرضية المثيرة للجدل عن إقدام مسؤولين ليبيين على حقن أطفال بفيروس الإيدز عن سابق تصور وتصميم، كما يتبين من قراءة أوراق خاصة برئيس الحكومة الليبية السابق شكري غانم. وقال حارس شخصي سابق للقذافي مؤخرا في تصريح للتلفزيون البلغاري إن قطر دفعت، بناء على طلب باريس، 300 مليون دولار لليبيا، ونفى هذا التأكيد مبعوث سابق للاتحاد الأوروبي في طرابلس.
ويعيش الطبيب الفلسطيني أشرف الحجوج مع عائلته في هولندا. وتعيش ممرضتان في منزلين مجاورين قدمهما محسن بلغاري سخي، أما الثلاث الأخريات فلم يشأن السكن في الشقق المقدمة لهن. وبعد العاصفة الإعلامية ومشاريع الأفلام والكتب وحفلات الاستقبال التي تلت الإفراج عنهن، بدأت الممرضات حياة بسيطة ينخرها الأسف الناجم عن عدم تلقيهن أي تعويض عن سنوات العذاب الثماني.
ثالث اجتماع بين السراج وحفتر غداً بحضور المبعوث الدولي
حكومة الثني تجدد اتهامها لقطر بدعم الإرهاب
ثالث اجتماع بين السراج وحفتر غداً بحضور المبعوث الدولي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة