لا يقتصر الصراع على «لؤلؤة البادية» السورية على الجانب العسكري بين دمشق وموسكو من جهة وتنظيم داعش من جهة ثانية، بل ظهر «صدام ثقافي» بين خبراء الآثار الدوليين للفوز بشرف إعمار مدينة تدمر التاريخية.
واستخدمت تدمر ورقة في حملات الدعاية باعتبارها قريبة إلى مخيلة المستشرقين والرأي العام. وتعرضت أكثر من غيرها لغزوات تبادل سيطرة، سواء كانت مبرمجة أم أصيلة، إلى أن تدخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بداية العام، ليغرف من سمعة هذه «اللؤلؤة»، ويعلن «النصر التاريخي» بخطاب تلفزيوني على وقع ألحان «قيصرية» عزفتها فرقة روسية على المسرح الروماني في تدمر.
منذ ذلك الوقت، راح رؤساء نحو مائة بعثة تنقيب وآثار يبحثون عن طريقة لحفر أسمائهم في السجل الذهبي وتخطي الحظر السياسي الذي يحول دون عودتهم إلى سوريا. وكان كايهودا سايتو، مستشار معهد التنقيب والآثار في كاشيهارا في مدينة نارا اليابانية، أحد الذين يمسكون بأحد أسرار «اللؤلؤة»، ذلك أنه الوحيد الذي خزن في حاسوبه صورا ثلاثية لـ«معبد بعل» الذي دمره تنظيم داعش. سايتو، المشغول بآثار تدمر التي عرفها لسنوات، غير مهتم بالسياسة واستخدام بوتين أو غيره لـ«معبد بعل» أو «قوس النصر» في الدعاية السياسية، بل هو معني بإعمار تدمر، ولفت الأنظار إلى عشرات المواقع المدمرة من أصل 4 آلاف و500 موقع سوري بينها ثمانية مسجلة في لائحة التراث العالمي مثل سوق حلب القديمة وتدمر، ومنها «المدن الميتة» ومسرح «بصرى» في مناطق المعارضة.
المفاجأة في مؤتمر «طريق الحرير: مشروع صداقة» في مدينة نارا، أن بين القطع الأثرية التي نقلت إلى إيطاليا كي ترمم على أنها دمرت من «داعش»، تبين أن قوات النظام دمرتها. أما المعضلة، فكانت ما إذا كان يمكن البدء بترميم الآثار قبل الوصول إلى تسوية في دمشق. لكن النقاشات، التي جرت وكأن الدمار حصل جراء كارثة طبيعية، أسفرت عن «نداء نارا» وتضمن «الوقوف إلى جانب الشعب السوري للحفاظ على إرثه الثقافي»، وعقد مؤتمر دولي لحل مشكلة «الصدام» بين المتنافسين على «اللؤلؤة».
صراع ثقافي على «اللؤلؤة» السورية
مؤتمر في اليابان يفصل إعمار تدمر عن التسوية السياسية
صراع ثقافي على «اللؤلؤة» السورية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة