مستشارون أميركيون وطائرات «أباتشي» يسخنون معركة الرقة

وفد من الأمم المتحدة في الطبقة للمرة الأولى ومساعدات غذائية إلى ريف المحافظة

سوريون هاربون من المعارك في الجبهة الشرقية للرقة باتجاه ريفها أمس (أ.ف.ب)
سوريون هاربون من المعارك في الجبهة الشرقية للرقة باتجاه ريفها أمس (أ.ف.ب)
TT

مستشارون أميركيون وطائرات «أباتشي» يسخنون معركة الرقة

سوريون هاربون من المعارك في الجبهة الشرقية للرقة باتجاه ريفها أمس (أ.ف.ب)
سوريون هاربون من المعارك في الجبهة الشرقية للرقة باتجاه ريفها أمس (أ.ف.ب)

أجبر التقدم البطيء لـ«قوات سوريا الديمقراطية» داخل مدينة الرقة، معقل تنظيم داعش في الشمال السوري، الولايات المتحدة الأميركية على تفعيل حضورها في المعركة؛ إن كان من خلال زيادة مهام وحداتها الخاصة، أو عبر استقدام مروحيات «أباتشي» الهجومية لإشراكها في المواجهات المباشرة.
وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن إنه تم خلال الساعات الماضية رصد استخدام «الأباتشي» للمرة الأولى داخل مدينة الرقة، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن استقدام هذه المروحيات الهجومية جاء نتيجة عدم فعالية الطائرات الحربية في هذه المعركة، وكذلك بسبب التقدم البطيء الحاصل لـ«قوات سوريا الديمقراطية» التي لا تزال تقاتل في المدينة القديمة.
بالمقابل، رجّح أبو محمد الرقاوي، الناشط في حملة «الرقة تُذبح بصمت»، أن تكون واشنطن استخدمت هذه الطائرات عند اقتحام المدينة القديمة لأنها فعالة في الهجوم وقادرة على الاقتراب من الأرض وبالتالي استهداف عناصر «داعش» بشكل مباشر.
ويأتي قرار واشنطن بتكثيف استخدام «الأباتشي» بعد ساعات من إعلان الناطق باسم التحالف الدولي، أن المستشارين العسكريين الأميركيين الذين يساعدون المقاتلين الأكراد والعرب في مكافحة «داعش» في الرقة بسوريا؛ «أكثر عرضة للاشتباك مع العدو» مقارنة بعناصر الجيش الأميركي في الموصل بالعراق.
وتتلاقى معطيات الرقاوي مع ما قاله رامي عبد الرحمن، عن تقدم بطيء يُسجل للقوات ذات الغالبية الكردية التي تهاجم الرقة، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ذلك استدعى تدخلا أميركيا أكبر في المعركة. وأضاف: «المواجهات تتركز في الوقت الراهن في شرق وغرب وجنوب المدينة، وبالتحديد عند دوار الباسل ومفرق الجزرة ودوار الفروسية وجنوب شرقي العكيرشي وشرق السور كما في منطقة البتاني والسكن الشبابي».
من جهته، أفاد المرصد بـ«تواصل الاشتباكات بوتيرة متفاوتة العنف على محاور في المدينة القديمة وفي القسم الغربي»، فيما تحدثت وكالة «آرا نيوز» عن إحباط «(قوات سوريا الديمقراطية) ليل الأربعاء هجوماً بسيارة مفخخة شنه تنظيم داعش على مواقعها بحي هشام بن عبد الملك جنوب شرقي الرقة». ونقلت الوكالة عن مصدر في «القوات»، أن «انتحارياً من (داعش) حاول الوصول بسيارته المفخخة إلى مواقع (قسد) في حي هشام بن عبد الملك بالرقة، إلا أن مقاتلي معركة (غضب الفرات) تمكنوا من رصد العربة وتدميرها قبل أن تصل إليهم». وأضاف أن «العشرات من المدنيين قتلوا وأصيبوا بجروح يوم الأربعاء في الرقة بحي الدرعية، جراء زجهم من قبل (داعش) في ممرات مزروعة بالألغام». بالمقابل، أعلنت هذه القوات أنّها تمكنت من «تحرير» نحو 1500 مدني في حيي الدرعية والطيار بالمحور الغربي في الرقة؛ معظمهم أطفال ونساء وبينهم جرحى تم إسعافهم.
بدورها، قالت وكالة «أعماق» التابعة لـ«داعش» إن «4 من مسلحي (بي كا كا)؛ (القوات الموالية لحزب العمال الكردي التركي ويستخدم التنظيم الاسم للدلالة على القوات الكردية في المنطقة)، قتلوا، وأصيب 5 منهم، إثر تفجير عبوات ناسفة قرب السور القديم شرق مدينة الرقة». كما قالت «آرا نيوز» إن المكتب الإعلامي التابع لـ«ولاية الرقة» نشر تقريراً مصوراً لـ«استخدام المضادات الأرضية ضد طائرات التحالف وضد قوات (قسد) في الرقة».
ووفق آخر تقديرات «التحالف الدولي»، فإن هناك قرابة ألفين من مقاتلي «داعش» ما زالوا في الرقة، ما يعني أن عددهم انخفض قرابة 500 مقاتل منذ بدء الهجوم على المدينة قبل نحو 40 يوماً.
وبالتزامن مع التطورات الميدانية، برزت مستجدات لافتة على المستوى الإنساني؛ إذ أعلن «المرصد» أن وفدا من الأمم المتحدة جال بالسيارات في مدينة الطبقة، التي سيطرت عليها «قوات سوريا الديمقراطية» قبل نحو شهرين، واطَّلع بنفسه على الأوضاع الإنسانية، كما قام بزيارة المخيمات الموجودة هناك لتبيان أحوال النازحين الموجودين فيها.
يأتي ذلك بعد يوم واحد من إعلان «برنامج الأغذية العالمي» تمكنه من إيصال مساعدات غذائية براً للمرة الأولى منذ 3 سنوات إلى مناطق في محافظة الرقة السورية. وأورد في بيان صحافي أنه أوصل مساعدات غذائية إلى منطقة المنصورة وأماكن ريفية أخرى في شمال مدينة الرقة عبر «استخدام ممر بري افتتح حديثاً للمرة الأولى منذ 3 سنوات»، في إشارة إلى طريق يربط محافظة حلب (شمال) بمحافظة الحسكة مرورا بالرقة.
ويُقدر تقرير حديث أعدته حملة «الرقة تُذبح بصمت» عدد المحاصرين من المدنيين في الأحياء التي لا يزال يسيطر عليها «داعش» بنحو 70 ألف مدني... «يعيشون كارثة إنسانية حقيقية تتمثل في نقص شديد في الغذاء والماء، والحاجات الطبية الأساسية، وما يرافق لحظاتهم تحت الحصار من قصف عشوائي»، لافتا إلى أن «حصار المدينة وتعرضها للقصف أديا إلى انقطاع التيار الكهربائي منذ قرابة الشهرين، الذي تسبب بدوره في توقف مضخات المياه عن العمل، ومع حصار المدينة من جميع الجهات، تحولت أسواقها إلى مجمعات مهجورة خاوية».
ووفق التقرير، فلم يبقَ في الرقة سوى مستشفى وحيد يعمل؛ «وهو غير قادر على تحمل ضغط العمل الكبير لكامل الجرحى المدنيين بعدما خرجت جميع الصيدليات من الخدمة منذ أسابيع».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».