تونس تشدد إجراءاتها الأمنية على الحدود بعد سرقة مئات الجوازات

TT

تونس تشدد إجراءاتها الأمنية على الحدود بعد سرقة مئات الجوازات

اتخذت السلطات التونسية إجراءات أمنية مشددة على حدودها إثر إعلان وزارة الخارجية رسميّاً عن سرقة مئات من جوازات السفر التونسية من مبنى قنصلية تونس، في مدينة ليون الفرنسية.
وذكرت مصادر أمنية أن هذه الإجراءات تشمل المطارات والمعابر الحدودية والموانئ البحرية، كما اتخذت إجراءات فورية بإلغاء صلاحية كل الجوازات السفر المسروقة، اعتماداً على الأرقام التسلسلية لهذه الجوازات.
وشددت الإجراءات الأمنية ضد القادمين إلى تونس من دول أوروبية، عبر التدقيق في هوياتهم في ميناء حلق الوادي بالضاحية الشمالية للعاصمة التونسية.
وكشفت نتائج التحقيق الأولية في حادثة سرقة القنصلية العامة التونسية في ليون، التي جرت السبت الماضي، من قبل مجهولين، عن سرقة نحو 450 جواز سفر، ذات أرقام تسلسلية محددة، ووثائق إدارية تهم عددا من التونسيين المقيمين في ليون، إضافة إلى مبلغ مالي تصل قيمته إلى أربعة آلاف يورو.
وأشارت الخارجية التونسية إلى فتح تحقيق في الموضوع، فيما تعهدت السلطات الفرنسية المختصة بالتنسيق مع مصالح القنصلية التونسية في مدينة ليون بالبحث والتحقيق في الحادثة لتحديد هوية الجناة ومتابعتهم قضائيّاً.
ومباشرة بعد هذا الحادث تم إعلام الجهات التونسية المختصة، التي تولت إلغاء جوازات السفر المفقودة لتصبح غير قابلة للاستعمال بأي شكل من الأشكال، وفق بلاغ لوزارة الخارجية التونسية.
وتخشى دوائر أمنية تونسية من إمكانية استغلال هذه الجوازات في تسلل مجموعات إرهابية وعناصر إجرامية إلى تونس، وإلى عدد من بلدان العالم باستعمال وثائق تونسية، ومن ثم تنفيذ أعمال إرهابية.
من ناحية أخرى، نفت حركة النهضة (حزب إسلامي مشارك في الائتلاف الحاكم) الاتهامات التي وجهها لها الحزب الدستوري الحر الذي تتزعمه عبير موسى، إحدى قيادات التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل، وأكدت أنها محض «افتراء»، ونبهت إلى «خطورة تلويث الحياة السياسية عبر تلويث الخصوم السياسيين ونشر الأكاذيب في حقهم»، في إشارة إلى ما نُشِر حول ميزانية الحزب وحساباته المالية.
ودعا عماد الخميري، المتحدث باسم «النهضة»، كل الأطراف التي لها شكوك حول ميزانية حزبه وحساباته المالية إلى التوجه إلى القضاء، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ميزانيتنا معروفة لدى الدوائر المسؤولة في الدولة، ولا يشاركها في الشفافية المالية كثيرون... والحركة تحتفظ بحق مقاضاة محترفي الكذب والتشويه».
ومن المنتظر، حسب مراقبين، أن تلاقي حركة النهضة محاربة شديدة من قبل رموز النظام السياسي السابق، الذي عرف خلال فترة حكم بن علي سيطرةً على كامل مفاصل الدولة، وعزز انتشاره في كل مناطق البلاد، وغالباً ما تجد قيادات النظام السابق دعماً وتحالفاً غير معلن مع التيار اليساري الراديكالي الذي يخشى من امتداد التيار الإسلامي والتفافه على الحياة السياسية والاجتماعية، عبر آلية الحكم المحلي والديمقراطية المحلية التي ستفرزها الانتخابات البلدية المقبلة.
وفي هذا الشأن، قال محسن الزغلامي، وهو محلل سياسي، إن الحملة ضد النهضة لها أبعاد سياسية على ما يبدو، وذلك من خلال استعداد عدد من التيارات السياسية للانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وتعبير حركة النهضة عن جاهزيتها الكاملة للدخول في الانتخابات، وفتحها قبل أيام أبواب الترشح أمام أنصارها والكفاءات المختصة.
وأشار الزغلامي في هذا السياق إلى تصريح اليسار الراديكالي، الذي دعا إلى «ضرورة ألا يسمح لـ(النهضة) أن يكون لها موقع قدم في البلديات».
ومن جهته قال صالح الزغيدي، وهو أحد رموز اليسار المذكور: «هل نترك (النهضة) ومَن شبه توجهها يضعون موطئ قدم ثابتاً وجدياً في بلديات مثل سوسة وصفاقس والقيروان وبنزرت...؟! الاستفاقة السريعة أصبحت ضرورية ومؤكدة».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.