قال باحثون من بريطانيا إن الاستخدام الشائع عالميا لمادة تريكلوسان المضادة للبكتريا يمكن أن يسهم في تكون أنواع من البكتريا المستعصية على المضادات الحيوية.
وأكد الباحثون تحت إشراف مارك فيبر من جامعة بِرمِنجهام البريطانية أنهم وجدوا أن هناك علاقة بين المناعة ضد المضادات الحيوية من مجموعة كوينولون واسعة المجال، وضد مبيد بيوتسيد شائع الاستخدام ضد البكتريا.
وعبر الباحثون عن تخوفهم من أن تشجع مادة تريكلوسان تكون أصول بكتيرية مستعصية على المضادات الحيوية.
تستخدم مادة تريكلوسان عالميا كمثبط للبكتريا في مستحضرات تجميلية ومعقمة وصناعة ملابس مثبطة للعرق ومنظفات منزلية وأدوات منظفة.
وأوضحت لورا بيدوك المشاركة في الدراسة أن «معرفة العلاقة بين كوينولون والاستعصاء على مادة تريكلوسان مهمة لأن مادة تريكلوسان أصبحت خلال 20 عاما موجودة في كل مكان في الطبيعة بل وفي الأنسجة البشرية نفسها».
تستخدم مجموعة مثبطات كوينولون المعروفة أيضا بمثبطات إنزيم جيراس في علاج الالتهابات البكتيرية في منطقة البطن والشعب الهوائية والعيون وكذلك المسالك البولية والأمراض التناسلية حيث تؤثر على إنزيم بعينه من البكتريا وهو إنزيم DNA - Gyrase.
ويتركز دور هذا الإنزيم في فتح المجموع الوراثي الموجود بشكل ملفوف في نواة الخلية بسبب ضيق المساحة هناك وذلك عندما يكون من الضروري قراءة هذا المجموع من أجل إنتاج مكونات أجزاء جديدة من الخلية.
تقوم مثبطات كوينولون بحجب هذا الإنزيم وبذلك منع صناعة بروتينات مهمة لحياة الخلية مما يؤدي لموت البكتريا الممرضة.
تعامل فريق الباحثين تحت إشراف فيبر خلال الدراسة مع بكتريا الإشريكية القولونية وبكتريا سلمونيلة كوليرا الخنازير.
وتم من خلال سلسلة من التجارب المختلفة دراسة العلاقة بين هذه البكتريا ومادة تريكلوسان.
وتبين للباحثين عدم وجود تأثير متبادل بين هذه المادة وهذا الإنزيم البكتيري.
ولكن البكتريا التي تحورت إلى سلالات أخرى كانت أقل حصانة ضد مادة تريكلوسان، حسبما أوضح الباحثون تحت إشراف فيبر في دراستهم التي نشرت في مجلة «جورنال أوف أنتيمايكروبال شيمثيرابي» المتخصصة في دراسات العلاج الكيماوي المضاد للبكتريا.
قال الباحثون إنه ونتيجة لحدوث تغيرات في المجموع الجيني، وتسبب البكتريا أيضا في جعل الممرِض مستعصيا على مجموعة مثبطات كوينولون، فإن المجموعة تؤدي أيضا إلى إعادة ترتيب الحمض النووي للبكتريا وتفعيل آليات دفاعية متعددة مما يؤدي إلى استعصاء البكتريا على مادة تريكلوسان.
ويعني ذلك من الناحية العملية أن البكتريا الممرضة التي يحدث فيها تغير في ترتيب إنزيم جيراس في المجموع الوراثي يمكن أن تتكاثر بشدة عندما توجد مادة تريكلوسان في الوسط المحيط بها؛ مما يعني أن مادة تريكلوسان التي أصبحت منتشرة في كل مكان يمكن أن تساعد على استمرار بقاء مثل هذه البكتريا التي لا تجدي معها مضادات كوينولون الحيوية.
بدأ استخدام منتجات تحتوي على تريكلوسان في التطبيقات الطبية والمستشفيات كمادة معقمة قبل نحو ثلاثة عقود ثم ارتفع عدد المنتجات التي تحتوي على هذه المادة الفعالة وغيرها من المواد التي روج لها على أنها «ذات التأثير المضاد للبكتريا» أو «المثبطة للرائحة».
ليس هناك أدلة كافية على وجود فوائد إضافية لهذه المادة مقارنة بالمواد المعقمة والمنظفة التقليدية.
وبدلا من ذلك فإن هناك قلقا متزايدا من أن زيادة انتشار هذه المواد في البيئة من شأنه أن يغير أنظمة بيئية بأكملها، ويعزز انتشار البكتريا المستعصية على المضادات الحيوية.
تأكد لباحثين آخرين من خلال دراسات سابقة وجود مادة تريكلوسان في دم الإنسان، وبوله، ولبن الأم.
وبسبب المخاطر المحتملة لهذه المادة على الصحة فقد حظر الاتحاد الأوروبي منذ نحو عامين استخدامها في منتجات مثل مراهم القدم، أو مستحضرات غسول الجسم التي يتم وضعها على مساحات كبيرة من الجسم وتظل موجودة على البشرة.
ومع ذلك فلا تزال هناك في الأسواق الكثير من المنتجات مثل مزيلات العرق تستخدم مادة تريكلوسان كأحد مركباتها.
ووجه أكثر من مائتي باحث وطبيب نداء في مجلة «إنفايرامنتال هيلث بيرسبكتيف» المعنية بأبحاث الصحة، طالبوا فيه بحظر مادة تريكلوسان عالميا وأشاروا في ذلك إلى دراسات حذرت من مخاطر مرتفعة للإصابة بالسرطان وغيره من الأمراض جراء استخدام هذه المادة.
تحد جديد يواجه المضادات الحيوية
«تريكلوسان» قد تتسبب في بكتريا مستعصية عليها
تحد جديد يواجه المضادات الحيوية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة