ماكرون يزور الرباط اليوم في أول زيارة له خارج أوروبا

مصادر فرنسية: سنطلق مبادرات بشأن ليبيا... والمغرب يمكن أن يلعب دوراً مفيداً

ماكرون يزور الرباط اليوم في أول زيارة له خارج أوروبا
TT

ماكرون يزور الرباط اليوم في أول زيارة له خارج أوروبا

ماكرون يزور الرباط اليوم في أول زيارة له خارج أوروبا

في أول زيارة له إلى خارج أوروبا، اختار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يتوجه إلى الرباط التي يصل إليها ظهر اليوم، في بادرة تعكس حرص باريس على علاقات متميزة مع المغرب. ولأنها تريد تلافي أي سوء فهم أو إثارة حساسية أي طرف، خصوصاً الجزائر، حيث إن قصر الإليزيه حرص يوم الإعلان عن الزيارة الرئاسية على الكشف عن اتصال هاتفي بين ماكرون والرئيس عبد العزيز بوتفليقة، والتأكيد على أن الأول سيقوم «بزيارة رسمية للجزائر في الأسابيع القليلة القادمة».
ومن جهة أخرى، كان وزير الخارجية جان إيف لودريان في العاصمة الجزائرية لمدة يومين. لكن مصادر الإليزيه نفت، في معرض تقديمها للزيارة الرئاسية عصر أول من أمس، أن تكون هناك علاقة سببية بين وجود لودريان في الجزائر وزيارة ماكرون للمغرب. وجاء في بيان صادر عن الإليزيه بعد الاتصال الهاتفي أن ماكرون أكد لنظيره الجزائري أنه عازم على «بناء علاقات صداقة وثقة مع الجزائر» التي وصفها بـ«الشريك الاستراتيجي»، وأن الطرفين أكدا على أهمية تعاونهما في مجال مكافحة الإرهاب، وبحثا الملف الليبي، والوضع في بلدان الساحل. وقالت المصادر الرئاسية أمس إن لودريان يقوم بجولة دبلوماسية تتركز على الوضع في ليبيا. ولهذا الغرض فقد زار تونس والقاهرة قبل الجزائر، موضحة أن جميع هذه الاتصالات تندرج في إطار «دبلوماسية نشطة» تريد باريس القيام بها في بلدان المغرب.
بداية، حرص الإليزيه على تقديم الزيارة بأنها لإقامة اتصال «أولي» بين رئيسي الدولتين اللتين عرفت علاقاتهما في الماضي القريب بعض التوتر، ثم مالت إلى الانفراج. واللافت أن أياً من الوزراء أو رجال الأعمال لن يرافق ماكرون خلال إقامته في الرباط لمدة لا تتجاوز الـ24 ساعة؛ إذ سيصل بعد ظهر اليوم ويغادر قبل ظهر الغد. والواضح أنه أريد من ذلك إضفاء طابع من «البساطة» على الزيارة التي تتم بناء على دعوة من ملك المغرب محمد السادس، إضافة إلى الطابع «العائلي»، حيث ترافق الرئيس الفرنسي زوجته بريجيت. وسيلبي الرئيس الفرنسي دعوة إلى الإفطار في القصر الملكي ما سيبرز الطابع العائلي للزيارة، والرغبة في أن تكون فرصة «إقامة علاقة شخصية قوية مبنية على الثقة» ولكن كذلك للتأكيد على «المحافظة على الشراكة الاستثنائية» بين فرنسا والمغرب.
وفي الاجتماع المغلق بين ماكرون والملك محمد السادس، الذي سيليه اجتماع موسع يضم أقرب المستشارين، سيتم تناول العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، بما فيها التعاون في الميدان الأمني والحرب على الإرهاب، ولكن أيضا مصير الاتفاق حول المناخ، والتعاون في أفريقيا، والملفات الإقليمية، كالوضع الخطير في ليبيا والشرق الأوسط والأزمة في الخليج.
وبخصوص النقطة الأخيرة، فقد أشار قصر الإليزيه إلى أن رئيسي الدولتين «سيتشاوران من أجل النظر فيما يستطيع كل طرف أن يوفره» من أجل الوساطة بين البلدان الخليجية الثلاثة «السعودية والإمارات والبحرين» وقطر، التي اقترحها العاهل المغربي.
وليس سراً أن أحد الموضوعات الشائكة التي تعترض الدبلوماسية الفرنسية هو التعبير عن موقف من ملف الصحراء يرضي المغرب ولا يغضب الجزائر. وفي هذا السياق كررت مصادر الإليزيه أمس أن الموقف الفرنسي «لم يتغير»، وما زال يقوم على «دعم المبادرات التي تقوم بها الأمم المتحدة ووفق قرارات مجلس الأمن الدولي». وأضافت المصادر المشار إليها أنه «لن يحصل تغيير» في مواقف باريس من هذه المسألة.
وبشكل عام، تؤكد مصادر الإليزيه أن علاقة فرنسا ببلدان المغرب العربي «تتمتع بصفة الأولوية» في إطار سياستها الخارجية. لكن الرئيس ماكرون «يريد تجديدها وإنشاء شراكة جديدة بين أوروبا والمتوسط وأفريقيا، حيث سيكون لبلدان المغرب أن تلعب دورا مركزيا». وترى باريس، التي تظهر كثيرا من القلق إزاء الملف الليبي لما له من انعكاسات في مسألتي الإرهاب والهجرة المكثفة، أن الرباط يمكن أن تلعب دورا «مفيدا للغاية»، وذلك في إطار المبادرات الدبلوماسية التي قد تطلقها في المستقبل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».