أحمد أبو هشيمة: السوق المصرية واعدة لكنها بحاجة لتعديلات تشريعية

رجل الأعمال دعا في حوار مع {الشرق الأوسط} إلى تسهيل الاستثمارات الخليجية في بلاده

أحمد أبو هشيمة
أحمد أبو هشيمة
TT

أحمد أبو هشيمة: السوق المصرية واعدة لكنها بحاجة لتعديلات تشريعية

أحمد أبو هشيمة
أحمد أبو هشيمة

دعا رجل الأعمال المصري، أحمد أبو هشيمة، رئيس شركة «حديد المصريين» إلى تدخل الدولة لتسهيل إجراءات الاستثمارات الخليجية، خاصة السعودية والإماراتية والكويتية، مشددا على ضرورة إيجاد حلول جذرية لمشكلة الطاقة التي تعانيها البلاد.
وقال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن السوق المصرية واعدة لكنها تحتاج لتعديلات تشريعية، واقترح على الرئيس المقبل الذي سيختاره المصريون نهاية هذا الشهر، إيجاد طريقة قانونية يلغي بها أحكاما صدرت في الفترة الماضية بفسخ تعاقدات بين الدولة والمستثمرين طالما لم يكن فيها شبهة جنائية أو شبهة استيلاء على المال العام، وذلك حتى تعود الثقة للمستثمر سواء كان مصريا أو خليجيا أو أجنبيا.
وشدد على ضرورة احترام الدولة للتعاقدات التي تبرمها مع المستثمرين، وقال: «نحن في مصر مرفوعة ضدنا قضايا دولية بـ35 مليار دولار، وهذا طبعا يضر بسمعة البلد الاستثمارية». وتحدث عن صناعة الحديد بمصر قائلا إنها تأثرت منذ ثورة يناير (كانون الثاني) 2011 بنسبة من عشرة في المائة إلى 15 في المائة من الإنتاج، إلا أنه أوضح في المقابل أن نسبة التأثر ليست كبيرة؛ لأن كثيرا من المصانع كانت متوقفة أصلا منذ ما قبل ثورة يناير.
وشرح أبو هشيمة تجربته مع حكم جماعة الإخوان والرئيس السابق محمد مرسي، التي استمرت لمدة سنة، وعن علاقته بثورة الشعب ضد مرسي في 30 يونيو (حزيران) 2013. كما تطرق إلى ملابسات دخوله مجال الاستثمار في الإعلام وما يتردد عن خطط للتوسع فيه، إلا أنه قال إن فكرته عن هذا المجال تغيرت، وأضاف: «أؤكد أنني لن أتوسع في النشاط الإعلامي ولا توجد نية لذلك». وإلى أهم ما جاء في الحوار.

* ما موقف صناعة الحديد في مصر بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات التي شهدتها البلاد؟
- صناعة الحديد مثلها مثل أي صناعة كثيفة الطاقة، من الممكن أن تكون قد تأثرت بمشكلة نقص الطاقة مثل انقطاع الكهرباء وانقطاع الغاز عن المصانع التي تعتمد على الغاز، كمصانع الدرفلة أو الصهر. كما أنها تأثرت بمتغيرات كثيرة مثل ارتفاع سعر الغاز والكهرباء والمياه وزيادة الرواتب والأجور. لكن نحن في «حديد المصريين» نستطيع أن نقول إننا تغلبنا على بعض هذه المعوقات من خلال الاعتماد على أحدث تكنولوجيا وصلت إليها صناعة الحديد، وتستخدم أقل كمية من الغاز وأقل كمية من الكهرباء.. أستطيع أن أقول إننا نسير على ما يرام والحمد لله. كما أن السوق المصرية واعدة جدا، ويوجد طلب كبير جدا. ومهما كانت الظروف سيئة، فإن لديك «فرصا استثمارية كبيرة».. مثلا يوجد نقص قدره 7.5 مليون وحدة سكنية، منها مليون وحدة ستبنيها الإمارات في مصر، وهناك أيضا حاجة لبناء 45 ألف مدرسة، بالإضافة إلى الحاجة لإقامة بنية تحتية بمصر كبيرة جدا. وبالتالي ما زال الطلب على الحديد سيستمر بشكل قوي لمدة من عشر سنوات إلى 20 سنة.
* تقصد أن السوق المصرية تعد من الأسواق الواعدة؟
- نعم.. سواء فيما يتعلق بصناعة الحديد أو الإسمنت، أو كل ما يتعلق بالبناء. ولا شك أن كل القطاعات في مصر تأثرت بالسلب خلال السنوات الثلاث الماضية، أي بعد ثورة 2011. وبالنسبة لصناعة الحديد يمكن أن تقول إنها تأثرت بنسبة من عشرة في المائة إلى 15 في المائة من الإنتاج. وهي نسبة ليست كبيرة، لأن كثيرا من المصانع كانت متوقفة أصلا منذ ما قبل ثورة يناير.
* وهل مصنعو الحديد، وأنت واحد منهم، يوجد لديهم خطط للتوسع في الإنتاج بمصر خلال الفترة المقبلة؟
- لا أخفي عليك.. لو كنت أنا من يضع برنامج رئيس الدولة، فسأوصي، وأنا أرى أمامي مشكلة كبيرة في الطاقة، بوقف أي مشروعات جديدة تحتاج إلى طاقة كثيفة لمدة خمس سنوات، إلى أن تحل هذه المشكلة، لأنه لا يمكن أن تؤسس مصانع بمليارات الجنيهات (الدولار يساوي نحو سبعة جنيهات) وأنت لا تعرف من أين ستأتي لها بالطاقة التي ستشغلها. فلنعمل على قدر ما هو موجود، وإذا كان هناك طلب شديد في السوق، فيمكن أن نستورد. ما نحتاج إليه اليوم هو الاهتمام بما هو موجود، وأن ينتج ما هو موجود بأقصى قوة، وبعد ذلك ننظر إلى الجديد بعد أن نحل مشاكل الطاقة.
* تعني أنه كان من طموحك أن تتوسع في صناعة الحديد؟
- لا.. لا. حتى لو كانت توجد طاقة بالشكل المطلوب، إلا أنني لا أريد أن أزيد دائما على 25 في المائة من حصة السوق المصرية من الحديد، لكن يمكن أن أتوسع في شمال أفريقيا أو في أفريقيا نفسها. هذا ممكن. هذا طموح مشروع. لكن في مصر دائما أقول إنني لا أريد أكثر من 25 في المائة من السوق.
* لكن البعض يقول إن لديك خططا لمشروعات ضخمة مستقبلا؟
- هذا الأمر يخص رؤية اقتصادية عامة لمصر من خلال مجموعة مشاريع كبرى، تشمل مشاريع كثيفة الطاقة تعتمد على استيراد الطاقة من دول عربية. وهذا المشروع قدمت رؤية عنه تحت اسمه «الحلم»، وهو يعتمد على طموحات وآمال في عودة الزخم حول السوق العربية المشتركة، وتحقق هذه السوق على أرض الواقع. وأنا دائما أدعو لأن يكون لدينا اقتصاد عربي موحد وعملة موحدة.. أحلم بهذا.. طالما لدينا نقص في الطاقة في مصر فلنستوردها من بلد مثل ليبيا، أو الجزائر الغنية بالغاز، أو من عمان أو قطر. وكذلك مع السعودية من خلال شبكات تبادل الكهرباء في أوقات الذروة. وكذا الإمكانيات المالية الكبيرة في دول الخليج التي تقف إلى جوار مصر، وعلى رأسها طبعا السعودية والإمارات والكويت. مشروع «الحلم» يعتمد على إقامة مصانع كثيفة الطاقة مثل الإسمنت والحديد والأسمدة، إضافة لإقامة مصانع متوسطة وصغرى ومتناهية الصغر. وحددت لهذا «الحلم» منطقة شمال غربي خليج السويس، بحيث يكون فيها محطتان للكهرباء، واحدة تعمل بالفحم المستورد، على الميناء، وتنتج 4000 ميغا، والأخرى تعمل بالغاز المستورد وتنتج نحو 1500 ميغا، لتشغيل المصانع، والفائض يجري بيعه للدولة. ويتضمن المشروع تجهيز الأراضي بالمرافق وغيرها. وكل هذا يستوعب نحو 300 ألف فرصة عمل مباشرة، ومليون فرصة عمل غير مباشرة. هذه رؤية اقتصادية متكاملة بالدراسات وأقدمها هدية لمصر.
* هل عرضت هذا المشروع على أطراف أخرى؟
- تحدثت مع مسؤولين كبار حول هذه الرؤية. وبعد انتخابات الرئاسة نأمل أن يكون خيرا، أيا كان من سيفوز في هذه الانتخابات.. وأنا كمواطن مصري سأعطي صوتي للمشير عبد الفتاح السيسي، رغم أنني أحترم منافسه حمدين صباحي الذي تقبل تحمل هذه المسؤولية الضخمة. وهذا المشروع لا يحتاج لرجال أعمال فقط للدخول فيه، ولكنه يحتاج إلى دول أيضا.
* على ذكر السيسي وصباحي.. كيف ترى علاقة رجل الأعمال بالسياسة؟
- من أسباب ثورة 2011 ربط المال بالسياسة في الدول المبتدئة في الديمقراطية. وهذا النموذج غير مطلوب في الوقت الحالي. مصر فيها نسبة فقر تتعدى 60 في المائة أو 70 في المائة. ربط السياسة بالاقتصاد في مثل هذه الدول مستفز، وفيه تضارب في المصالح، ولكن يمكن بعد سبع سنوات أو ثماني أن يكون لدينا نموذج جيد مثل أي بلد في العالم، مثل أميركا أو تركيا، أو أي بلد يمكن أن تجد فيه رجل المال والأعمال والصناعة منخرطا في السياسة، ويمكن أن يكون سياسيا. لكن أنا أبتعد.. لأنني لا يمكن أن أستفز الشعب. وبمنتهى الأمانة أكل العيش (الاهتمام بالعمل) اليوم أهم شيء بالنسبة للمصريين.. أما السياسة فإنها لم تفعل شيئا للبلد على مدى السنوات الثلاث الأخيرة. وأتمنى من كل رجال الأعمال ألا يدخلوا أنفسهم في السياسة خلال المرحلة المقبلة، وأن نركز خلال السنوات الأربع أو الخمس المقبلة على أكل العيش.. من لديه مصنع يهتم به ويزيد من إنتاجه، ويعظم من طاقاته، وكذلك من لديه منشأة تجارية أو أعمال حرة، أن يعطيها كل اهتمامه، حتى تكون الأعمال هي الأهم، لأنها هي التي ستعطي النتائج الإيجابية.. تأثير السياسة أصبح سلبيا إلى حد ما. في المرحلة الحالية لن أقبل بمنصب وزير أو نائب في البرلمان. تركيزي كله في الصناعة، وأرى أنني سأعطي في هذا المجال أكثر من السياسة.
* لكن القرارات السياسية تؤثر على الاقتصاد. والحكومات الأخيرة اتخذت إجراءات منها إصدار القانون الخاص بمنع الطعن على العقود. كيف ترى مثل هذه الإجراءات؟
- طبعا أنا من ضمن المؤيدين، مائة في المائة، لأي قرارات تشجع الاستثمار، وهذا كان اقتراحي أثناء الحديث عن حوافز الاستثمار. بل بالعكس، ومع احترامي الكامل لاستقلالية السلطة القضائية، أرى أنه على رئيس الدولة المقبل أن يصدر قانونا يلغي به كل الأحكام القضائية التي صدرت بفسخ تعاقدات بناء على دعاوى قضائية من أطراف ليست لها مصلحة مباشرة في تلك التعاقدات، طالما لم يكن فيها شبهة جنائية أو شبهة استيلاء على المال العام، وذلك حتى تعود الثقة للمستثمر سواء كان مصريا أو خليجيا أو أجنبيا، من أجل تشجيع الاستثمار. هذا قانون واحد، لكن لو كنت صاحب قرار، فسأوجه بتعديل ما لا يقل عن 40 قانونا من أجل تحفيز المستثمرين.
* مثل ماذا؟
- أهمها تعديلات تحقق تسهيل الإجراءات. وتطبيق نظام الشباك الواحد للتراخيص، الذي لم يطبق حتى الآن بالطريقة المثلى. لا بد من الفصل بين الأرض الصناعية والأرض التجارية والأرض الزراعية والأرض الخاصة بـ(البناء لـ) محدودي الدخل.. الوضع الحالي بالنسبة لاستخدامات الأراضي لا توجد فيه فروق واضحة. لا يمكن أن تعطي متر الأرض بألف جنيه لرجل الصناعة.. هذا المستثمر الصناعي لن يعمل لديك. لو كان المستثمر يريد الأرض من أجل بناء كمبواند (مجمع سكني متكامل يكون للطبقات العليا عادة) فلتعطه متر الأرض بأي ثمن حتى لو كان بخمسة آلاف جنيه. ولو كان يريد الأرض للاستثمار الزراعي فلا بد من تسعير مناسب للمتر. خلاصة القول هو أن المطلوب ليس دعما من الدولة، ولكن على الدولة أن تتخذ إجراءات تشجيع الاستثمار وأن تحترم التعاقدات التي تبرمها. نحن (في مصر) مرفوعة ضدنا قضايا دولية بـ35 مليار دولار، وهذا طبعا يضر بسمعة مصر الاستثمارية. وأتمنى حل هذه المشاكل من دون اللجوء للتحكيم الدولي. ومن ضمن الإجراءات المطلوبة أيضا إلغاء ضريبة المبيعات على السلع الرأسمالية، وأن أرفع الجمارك لمدة خمس سنوات، وأعطي للصعيد (محافظات الجنوب) حوافز إعفاء من الضرائب لمدة خمس سنوات أو عشر سنوات، لأنه، من الأساس، لا يوجد استثمار. الحقيقة توجد مجموعة كبيرة من الحوافز التي يمكن القيام بها لتشجيع الاستثمار.
* وكيف ترى علاقة رجل الأعمال بالإعلام، خاصة أن لك استثمارات في مؤسسة «اليوم السابع» الإعلامية، وتوقعات بأن تزيد الاستثمارات في الإعلام في الفترة المقبلة؟ فما الإغراء وراء دخول هذا المجال؟
- إن أردت الحقيقة، فإنه لا يوجد أي إغراء. وأقول لك الآن إن فكرتي تغيرت. هذا ليس مجالي. أنا رجل صناعة. كما أن الإعلام اليوم لم يعد مجرد تلفزيون أو صحيفة، ولكن أصبحت توجد مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه مؤثرة جدا. الإعلام أصبح متنوعا. حين دخلت مجال الإعلام، كنت داخلا على أساس استثماري، ولكن للأسف، ليس لدينا بعد الفكر عن كيفية أن تستثمر في أمر كهذا وتحقق منه أرباحا. والصراعات في هذا المجال كبيرة جدا. أنا رجل صناعة، وأؤكد لك أنني لن أتوسع في مجال الإعلام، ولا توجد نية لذلك. صحيح أنه كانت هناك خطط، لكن الآن، أقول لا..
* هل تعرضت لمواقف جعلتك تتوقف عن خطط أخرى للاستثمار في الإعلام؟
- لا مواقف ولا شيء.. كل ما هنالك، بالنسبة لي، هو أنني لا أحب أي مجال فيه صراعات دون إنتاج. أنا أحب أن نتصارع من أجل أن ننتج.. أي أن يكون لدينا عمل وإنتاج، نستطيع أن ننجح فيه، لكن الصراعات من أجل الفشل وتضييع الوقت، فهذا ليس طريقي.
* في النصف الأول من القرن الماضي بمصر كان رجال المال من الباشاوات يمولون العمل الخيري، مثل تعليم طلاب وتمويل أبحاث وغيرها، لكن حاليا يبدو اهتمام رجال الأعمال مقتصرا على السياسة والإعلام؟
- شهادتي في رجال الأعمال في هذا المجال يمكن أن تكون مجروحة، لكن لا شك أن هناك رجال أعمال كثيرين بمصر شرفاء. نحن ننادي بالرأسمالية الاجتماعية في هذا الوقت. على سبيل المثال في شركاتنا نهتم كثيرا جدا بالعمل الاجتماعي في كل الأنشطة. سواء تشجيع الشباب من خلال مسابقة «حلم جديد»، وهي تعنى بتبني أي شاب لديه اختراع جديد، وإذا وجدنا أن هذا الاختراع مفيد فسيفوز بمليون جنيه وندخل معه شركاء أيضا. هذا بالإضافة إلى أننا نوفر الآلاف من فرص العمل، وهذا أفضل عمل اجتماعي في الفترة الحالية. أضف إلى ذلك أن لنا مشروعا لتوصيل المياه لقرى فقيرة خاصة في محافظة الفيوم (جنوب القاهرة). كما كنا من أكبر الداعمين لثورة 30 يونيو في الخارج، سواء بالدعم في الإعلام الغربي أو في تأييد الدستور الجديد، وأشياء أخرى كثيرة ليس من الضروري أن نتحدث عنها. من المهم لرجل الصناعة ورجل الأعمال أن يتبنى العمل الاجتماعي كمسؤولية اجتماعية، خاصة في دولة مثل مصر تعاني الفقر منذ ما قبل ثورة 2011 وزادت وتفاقمت بعد الثورة.
* كيف تنظر، بوصفك رجل أعمال، للسنة التي حكم فيها مرسي، وجماعة الإخوان، مصر؟
- الشعب المصري العادي لم يكن يعرف من هم الإخوان في الحقيقة. ربما كان السياسيون والإعلاميون يعرفونهم جيدا. وبغض النظر عن حصول الإخوان على 88 مقعدا في برلمان (2005 * 2010) لكن أي دور ملموس لهم لم يكن موجودا. من هو رجل الصناعة الإخواني المعروف؟ لا يوجد.. يقولون لك أصلهم تجار.. التجارة جميلة وموصى بها، لكن هي ليست تقييما لرجل أعمال. وتسأل أيضا عن شخصية إخوانية متميزة، مثل عالم أو ما أشبه ذلك.. من؟ لا يوجد.. ثم إن الشعب هو الذي أتى بالإخوان في انتخابات البرلمان والرئاسة بعد ثورة 2011 التي كانت لها أسبابها. وحين جاء الإخوان للحكم الذي يطمحون إليه بشدة منذ تأسيس الجماعة عام 1928، استغلوا هذا الحكم أسوأ استغلال. ومن الغباء أنهم لم يوافقوا على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. أنا أرى أن جماعة الإخوان انتهت في 2013، لأن الشعب هو الذي رفض نموذج الإخوان في الحكم، ولن يقبل بأي حكم فيه انفراد أو استبداد. الشعب المصري كما أنه بسيط إلا أنه ذكي أيضا. وسنة حكم الإخوان تسببت للأسف في تأخرنا كثيرا جدا.. ومن ضمن توابع هذه السنة أننا اليوم نرى قتل الناس في الشوارع.. قتل المدنيين ورجال الشرطة والجيش. لماذا كل هذا العنف؟ حين أجبر الشعب الرئيس الأسبق حسني مبارك على الخروج من الحكم، رغم أنه كان منتخبا، لم يتبع ذلك أعمال قتل.. فلماذا حين يجبر نفس الشعب مرسي على الخروج من الحكم، يتبع ذلك موت الكثير من الناس سواء من الطلاب أو الشرطة أو الجيش؟ هل هذا من أجل مقعد الرئاسة؟ إذن أنت كنت تنظر للكرسي وعاشقا للكرسي، فلا تمثل علينا وتقول لنا إنني حكم إسلامي. ثم إن مصدر الشرعية ليس الصندوق الانتخابي فقط، بل الشعب ككل. ولو كان مرسي وافق في ذلك الوقت على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة لكان يمكن أن يتحول لبطل قومي. ولو كان المعتصمون من أنصاره في ساحتي رابعة العدوية والنهضة استجابوا لنداء الحكومة بفض الاعتصام، لكنا اليوم أمام موقف مغاير تماما. غير مسموح طبعا بأن يتسبب 200 ألف أو 300 ألف إخواني، أو أيا كان عددهم، بتهديد الأمن القومي لـ90 مليون نسمة. اليوم أصبح الإخوان مدانين أمام الشعب بارتكاب أعمال عنف وتخريب. كما أن الشعب نفسه هو الذي يرفضهم.
* وهل كانت لك مواقف معينة مع أطراف من الإخوان أثناء حكم مرسي؟
- أولا لم يضغط أحد علي في أي شيء.. سمعت كلاما كثيرا عن أنهم ضغطوا على رجال أعمال آخرين. أنا لم تكن لي علاقة مباشرة مع أي شيء تجاري أو غير تجاري مع الإخوان. ومع ذلك خرجت شائعات كثيرة عن أن لي علاقة بهم، لكن هذا غير صحيح.. لا من خلال جمعيات رجال الأعمال التابعة لهم، مثل جمعية «ابدأ» ولجنة «تواصل» أو غيرهما من المنظمات الإخوانية المعروفة. وقلت مائة مرة يا ناس الدولة فيها أجهزة قوية جدا، ولو كان لي علاقة مع الإخوان، حتى لو كانت عادية، لكان قد جرى الإعلان عن ذلك. أنا أثق في الله وفي نفسي. ثم إن الإخوان هم الذين كانوا يحكمون الدولة. مثلا.. أنا أؤيد انتخاب المشير السيسي للرئاسة، لكن لو فاز منافسه صباحي، فهل هذا يعني أن أغلق مصانعي وأقول للستة آلاف عامل الذين يعملون فيها مع السلامة، وأمشي. لا.. لأنني أعمل لبلدي وليس لفرد. ثم إن الناس الذين تعاملوا مع الإخوان وهم في الحكم، لا ينبغي أن تعاقبهم اليوم.. عيب، لأن الإخوان وقتها كانوا في السلطة والجميع يتعامل مع السلطة حتى لو كان لا يؤيدها.
* ماذا تقول عن شكاوى رجال الأعمال في بعض دول العالم الثالث من كثرة تغير الأنظمة وبالتالي تغير السياسات الاقتصادية؟
- بالطبع هذه مشكلة كبيرة.. وتمثل واحدة من أهم العراقيل التي تواجه المستثمرين على المدى البعيد. ولذلك أقول إن الرئيس المقبل لمصر، إذا أراد أن يفعل شيئا تتوارثه الأجيال ويخلد اسمه، فعليه أن يصدر دستورا اقتصاديا لمدة خمسين سنة مقبلة، إلى جانب الدستور العادي العام. يأتي بخبراء أجانب وعرب ومصريين، ويعكفون على دراسة حالة مصر، والإمكانات التي فيها، ثم يخرجون بدستور اقتصادي يستفتى عليه الشعب، بحيث يكون بمثابة خطة اقتصادية طويلة المدى تحظى بموافقة المصريين. ومن شأن مثل هذا الدستور أن يؤمن مستقبل الدولة وخطط التنمية فيها ويؤمن المستثمرين. ومع هذا أريد أن أتوجه برسالة لدول الخليج وأقول: أتمنى أن تواصلوا الوقفة الرجولية التي كانت متوقعة منكم، ولكن نريدها في صورة استثمارات، بعد أن نهيئ لكم مناخ الاستثمار. الاستثمارات ستكون مربحة لكم ولمصر، والقطاع الخاص هو الأمل، وكذا القطاع الحكومي الخليجي، مثل الصناديق السيادية، فنحن في حاجة لاستثمارات ضخمة جدا، خاصة بعد الاستقرار السياسي الذي سنكون قد حققناه بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.