رافق الموسيقار مالك جندلي الحراك السوري لأكثر من ست سنوات، عازفا من أجل السلام ومن أجل اللاجئين السوريين وتحديدا من أجل الأطفال، ولم يتردد في استخدام فردة حذاء طفل لاجئ، ليرفعها في حفلاته الأوروبية والأميركية، مذكرا بما مر بهذا الشعب وأطفاله من مآس، أقساها كان معاناة التشرد، من دون أن ينسى الحجر الصغير الذي حفرت عليه أقدم تدوين موسيقي في العالم، والذي عرف بمدونة اوغاريت الحضارة التي شهدها الساحل السوري قبل أكثر من ألفي سنة. في جولاته يعيد هذا الموسيقي المرهف نبض المدن السورية المدمرة ومآسي أهلها إلى الوجدان الإنساني.
في الرابع والعشرين من يونيو (حزيران) الجاري، سيحمل مالك جندلي «سيمفونية سورية من أجل السلام» إلى القارة الأسترالية حيث يحط هذا الموسيقار في دار الأوبرا في سيدني مشاركا بالأسبوع الوطني للاجئين في أستراليا. جندلي قال لـ«الشرق الأوسط» من مقر إقامته بنيويورك، بأن مشهد الدمار الهائل في وطنه الأم سوريا، كان مصدر إلهام كتابة سيمفونيته الأخيرة (تغريبة وطن) والتي نجح من خلالها في توظيف الألحان السورية والمقامات العربية في قوالب ونظريات الموسيقى الكلاسيكية.
«الموسيقى تجمع البشر»، يقول: «ومن واجبي كفنان عربي ملتزم، في المهجر، إرجاع نبض المدن السورية المدمرة إلى الوجدان الإنساني، ونشر رسالة سلام لأهلها العزل وخاصة الأطفال المشردين وملايين المهجرين قسراً حول العالم».
جولة أستراليا ستتضمن محاضرات أكاديمية في جامعة سيدني وندوات في البرلمان، سيقدمها جندلي مع فريق عمله بمؤسسة (بيانو من أجل السلام) التي أطلقها عام 2015. والفعاليات الأسترالية ستكون بمشاركة شخصيات عامة، وبالتعاون مع مراكز بحوث عدة وجمعيات حقوق إنسان ولاجئين مقيمين في هذه البلد.
يحسب لمالك جندلي أنه الفنان السوري الأكثر مساهمة في مساندة شعبه في السنوات الأخيرة، رغم أنه يعمل بمفرده، فلا هو سفير سلام ولا سفير طفولة أو نوايا حسنة معين من منظمات الأمم المتحدة، غير أنه لا يكف عن تقديم مساهماته كلما طلبت منه، ولا يبخل بها على أي جهة، ففي الأسبوع الماضي، مثلا، شارك في حفل خيري في العاصمة الأردنية عمان بالتعاون مع منظمة (أنقذوا الأطفال) بحضور الأميرة بسمة بنت طلال، زار خلالها مخيمات سوريا في الأردن. «نحاول من خلال الفن الهادف وورشات تعليمية في المخيمات بالإضافة إلى المسابقة الدولية للشباب، تحفيز المواهب الناشئة وتشجيع الأهل والأطفال للاستمرار في المدارس، على الرغم من قسوة الظروف». ويتابع: «هذا هو الفرق بين الفن كأداة (تسلية) والفن الجاد كـ(قوة ناعمة) مؤثرة في التغيير الإيجابي في محاولة لاختراق الصمت الدولي لطرح قضايانا الإنسانية على خشبة المسرح العالمي».
ومن أهداف المسابقة الدولية للشباب التي تحمل اسمه بالتعاون مع مؤسسة كارنيغي، احتضان المواهب الشابة وتحفيزها في البحث عن هويتها الثقافية. وقد شارك فيها أكثر من 40 موهبة شابة من 15 دولة حول العالم وأعلنت الجوائز في فبراير (شباط) الماضي. وكانت الجائزة الأولى من نصيب الكورية الأميركية ميشيل إميلي كيو، كما فاز الطفل السوري اللاجئ ورد لحام على جائزة «أفضل عازف صغير»، لكنه لم يتمكن من حضور حفل التكريم والمشاركة في أمسية كارنيغي في نيويورك بسبب حظر السفر على السوريين. أما جائزة العام المقبل فالباب مفتوح للتسجيل فيها حتى نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
خلال ست سنوات، جال مالك جندلي ابن مدينة حمص السورية الألماني المولد والأميركي الجنسية، عواصم العالم لتقديم حفلات موسيقية تروج للسلام في بلاده. نشاط استحق عليه أكثر من جائزة دولية بينها جائزة (غس) للسلام 2013 وجائزة الموسيقى الإنسانية عام 2014. كما منحته هيئة كارنيغي في نيويورك وهيئات أميركية أخرى لقب «المهاجر العظيم» لما أضافه من مساهمات إلى المجتمع.
جندلي يعيد نبض المدن السورية المدمرة إلى الواجهة
يستعد لتقديم سيمفونية من أجل السلام في القارة الأسترالية
جندلي يعيد نبض المدن السورية المدمرة إلى الواجهة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة