قيادات اليمين المتشدد الأوروبي تدعو لتعليق «شنغن» منعاً لدخول الإرهابيين

بعد نجاح منفذي هجمات مانشستر وبرلين وباريس في التنقل بين عواصم عدة

إجراءات أمنية في محطة القطارت الكبرى في العاصمة باريس («الشرق الأوسط»)
إجراءات أمنية في محطة القطارت الكبرى في العاصمة باريس («الشرق الأوسط»)
TT

قيادات اليمين المتشدد الأوروبي تدعو لتعليق «شنغن» منعاً لدخول الإرهابيين

إجراءات أمنية في محطة القطارت الكبرى في العاصمة باريس («الشرق الأوسط»)
إجراءات أمنية في محطة القطارت الكبرى في العاصمة باريس («الشرق الأوسط»)

طالبت قيادات حزبية وسياسية تنتمي لليمين المتشدد الأوروبي بتعليق العمل باتفاقية شنغن «للتأشيرة الموحدة»، وذلك لعرقلة حركة الإرهابيين، وفي ظل وجود تحذيرات بعودة أعداد منهم في القريب إلى أوروبا. وأيضاً حاول البعض من قيادات تلك الأحزاب الربط بين ملف الإرهاب وملف الهجرة واللجوء، وأن البعض من الإرهابيين يحاول دخول أوروبا في وسط الأعداد الهائلة من المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين القادمين إلى دول أوروبا.
ودعا هؤلاء إلى ضرورة مواجهة الأمر على الحدود الخارجية للاتحاد وليس بعد دخولهم. ففي روما، دعا سيناتور يميني إيطالي إلى تعليق اتفاقية منطقة التأشيرة الموحدة (شنغن)، وذلك لعرقلة تحرك الإرهابيين.
وأضاف نائب رئيس مجلس الشيوخ، روبرتو كالديرولي (حزب رابطة الشمال)، أن «الانتحاري الذي نفذ هجوم مانشستر، سلمان عبيدي، كان قد عاد لتوه من ألمانيا، تماماً مثل جميع أسلافه، كـ(أنيس) العامري الذي سافر من إيطاليا إلى برلين على متن شاحنة مسروقة، وصلاح الذي انتقل بين بروكسل وباريس ذهاباً وإياباً، ليلة المجزرة في صالة باتاكلان، وكذلك إرهابي نيس».
وأشار كالديرولي إلى أنه: «بفضل منطقة (شنغن)، يتحرك الإرهابيون، بالإضافة إلى المجرمين العاديين، دون عائق أو تفتيش، قبل وبعد الهجمات»، لذا «يجب تعليق اتفاقية شنغن على الفور ودون أي استثناءات أو تحفظات، على غرار ما فعلناه الآن في إيطاليا لأجل قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في تاورمينا، وكما تفعل فرنسا ودول أخرى في الاتحاد الأوروبي منذ مدة». وخلص كالديرولي إلى القول: «دعونا نعود إلى السيطرة على حدودنا، ومنع أمثال عبيدي وصلاح والعامري من المرور عبر مزيد من الدول دون تدقيق أو تفتيش».
جاء ذلك بعد أن طالب بارت ديويفر الحزب اليميني البلجيكي (تحالف الفلاماني) بتدابير صارمة من أجل احتواء تدفق اللاجئين، وقال: «يتعين على أوروبا تحمل مسؤوليتها وعدم مطالبة دول أخرى بالقيام بالعمل مكانها. وهذا يعني أنه تجب علينا إعادة إرسال المهاجرين نحو بلدانهم الآمنة، وأننا يجب أن نغلق حدود منطقة شنغن، وأن ننظم استقبال اللاجئين في المنطقة. وينبغي علينا استبعاد اليونان من منطقة شنغن إذا ما استمرت في ترك أبوابها مفتوحة على مصراعيها، وعدم ترك تركيا تقوم بالابتزاز. وإلا فإن الاستقطاب بين مختلف المجموعات السكانية سيزداد، مما يدفع بنا إلى حالة ميؤوس منها».
ومن جانبه، يرى فيليب ديونتر زعيم كتلة «الفلامس بلانغ» في بلجيكا، التي تمثل اليمين المتشدد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا بد من وقف المهاجرين والأفضل أن يحدث ذلك على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وهذا الأمر لم يحدث من قبل ولم يقم به التكتل الأوروبي الموحد، ولهذا يمكن القول إنه حان الوقت أن تتولى كل دولة حماية حدودها وإغلاقها ضد المهاجرين، وذلك بدلاً من تسليم إدارة الأمر إلى الاتحاد الأوروبي، وهي إدارة لم تعجب المواطنين ليس فقط في بريطانيا، وإنما أيضاً في دول أخرى»، مضيفاً أن غياب الأمن وزيادة الجرائم ووقوع هجمات إرهابية، هي أمور مرتبطة بشكل أو بآخر بعدم إحكام السيطرة على ملف الهجرة. وبدأت رسمياً اعتباراً من السابع من أبريل (نيسان) الماضي تطبيق الإجراءات الأمنية الجديدة لمراقبة الحدود الخارجية للدول الأعضاء في منطقة شنغن التي تتعامل بالتأشيرة الأوروبية الموحدة.
وجاء ذلك في إطار تحرك أوروبي مشترك لتفادي أي تهديدات إرهابية، وبالتالي فإن المسافر الذي يريد الخروج من منطقة شنغن التي تتعامل بتأشيرة موحدة، ويريد التوجه إلى الولايات المتحدة أو بريطانيا أو أفريقيا أو آسيا، سيخضع لعملية تدقيق فيما يتعلق ببطاقة الهوية وبياناته الشخصية.
وقبل أيام تلقت أوروبا تحذيرات جديدة من خطر عودة «الدواعش»، وما يمكن أن يشكله الأمر من تهديد للأمن الأوروبي ومخاوف من اعتداءات إرهابية جديدة، تستهدف المدنيين الأبرياء وبطرق مختلفة، وذلك في ظل مؤشرات على تدفق متزايد للمقاتلين من مناطق الصراعات، وخصوصاً في سوريا والعراق، إلى دول الاتحاد الأوروبي، بحسب تحذيرات صدرت عن الأمم المتحدة، وقال جان - بول لابورد رئيس لجنة مكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة إن أوروبا ستواجه هذا العام تدفقاً لمقاتلي تنظيم داعش الذين انهزموا في سوريا والعراق والذين يعتبرون أكثر خطورة من العائدين السابقين وأكثر خبرة بالحروب والمعارك.
ومن جانبه، قال فيليب لامبرتس زعيم كتلة الخضر في البرلمان الأوروبي، إن التعاون الأمني بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لم يصل بعد إلى الشكل المطلوب.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أضاف المسؤول الأوروبي، أن التعاون الأمني بين الدول الأعضاء في الاتحاد، لم يصل بعد إلى الدرجة المطلوبة، لا من حيث جمع المعلومات الأمنية أو تبادل تلك المعلومات، ويجب أن يكون التعاون أعمق في هذا الإطار، سواء بين الدول الأعضاء أو بين المؤسسات الأمنية والقضائية، وتسهيل عمليات أمنية مشتركة والتنسيق بين الأجهزة المعنية في إجراء تحركات وملاحقات للمشتبه في علاقتهم بالإرهاب، ويجب بشكل إجمالي تعزيز العمل المشترك في مجالات مختلفة.
ونجح عدد من المتورطين في تفجيرات باريس، في عبور الحدود المشتركة مع بلجيكا، بعد وقت قصير من الانفجارات؛ من بينهم صلاح عبد السلام وآخرون، كما نجح أنس العامري الذي تورط في عملية دهس للمارة في برلين أثناء أعياد الميلاد، في التنقل بين 5 دول أوروبية منها ألمانيا وهولندا وبلجيكا، حتى لقي مصرعه في إيطاليا أثناء كمين أمني داخلي.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».