تركيا تطلق استراتيجية ضد «الإسلاموفوبيا» وتتهم دولاً كبرى بـ «دعم الإرهاب»

الحكومة دعت إلى عدم استخدام المصطلح «لأنه يعكس عداء مصطنعاً للإسلام»

محمد جورماز رئيس هيئة الشؤون الدينية التركية («الشرق الأوسط»)
محمد جورماز رئيس هيئة الشؤون الدينية التركية («الشرق الأوسط»)
TT

تركيا تطلق استراتيجية ضد «الإسلاموفوبيا» وتتهم دولاً كبرى بـ «دعم الإرهاب»

محمد جورماز رئيس هيئة الشؤون الدينية التركية («الشرق الأوسط»)
محمد جورماز رئيس هيئة الشؤون الدينية التركية («الشرق الأوسط»)

أطلقت تركيا استراتيجية جديدة لمكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا التي تنتشر بشكل كبير في المجتمعات الغربية ولا سيما في أوروبا حيث يتم إلصاق الإرهاب بالإسلام ومن ثم ينشأ العداء للإسلام والمسلمين.
وقال رئيس هيئة الشؤون الدينية التركية محمد جورماز إن الهيئة قررت إطلاق استراتيجية ترتكز على بعدين الأول عبارة عن لقاءات ستعقد مع المسلمين المقيمين في أوروبا، والثاني لقاءات مع مجتمعات غير مسلمة، وبحث سبل درء خطر وقوع العالم في براثن هذه الظاهرة الخطيرة وما ينجم عنها من مشاكل.
وفي هذا الإطار ستعقد هيئة الشؤون الدينية التركية أول اجتماع في الفترة من 22 إلى 25 مايو (أيار) الجاري في مدينة سكاريا، غرب تركيا، بمشاركة ملحقي الهيئة ومستشاريها في الدول الأجنبية، يعقبه لقاء موسع لمسلمي أوروبا، وممثلي ديانات أخرى.
ويشارك في اجتماع سكاريا ممثلون عن رئاسة الشؤون الدينية في 120 بلدا، فضلاً عن مستشاري الخدمات الدينية لبحث سبل مكافحة المنظمات الإرهابية تحت عنوان «مكافحة استغلال الدين»، فضلا عن جلسات خاصة لمكافحة المنظمات التي تتبع أفكاراً آيديولوجية وانفصالية وعنصرية.
كما تخصص جلسات تحمل عناوين: «اللاجئون المسلمون والأقلية المسلمة في أوروبا» و«معاداة الأتراك والإسلاموفوبيا الصاعدة» و«السياسات المعادية للإسلام والمراحل القانونية» و«العلاقات مع المنظمات الأهلية» و«فعاليات الأهداف المشتركة مع المؤسسات الشريكة» و«الخطابات التي تحمل محتوى العنف ومكافحة التطرف» و«الإسلاموفوبيا وانتهاكات حقوق الإنسان».
وستناقش الجلسات أيضاً المشاكل التي يعاني منها الشرق الأوسط ودول البلقان وآسيا الوسطى، وأوروبا ودول أوراسيا وروسيا والبلطيق وأفريقيا، كل على حدة.
وعبر جورماز عن قلقه الشديد تجاه المرحلة التي وصلت إليها الإسلاموفوبيا في الوقت الراهن قائلا في تصريحات لوكالة أنباء الأناضول التركية أمس الأحد: «هناك تطوران مهمان يتعلقان بالشرور الناجمة عن الإسلاموفوبيا، أولهما خروج هذه الظاهرة من سياق الفوبيا وتحولها إلى عداء ما وراء الكراهية، والثانية انتشارها ضمن فئات المجتمع وخروجها عن منصات الإعلام والسياسة».
وشدد على ضرورة بحث مسألة مكافحة الإسلاموفوبيا مع رجال دين من مختلف المعتقدات والأديان، فضلاً عن المسلمين أنفسهم.
وتشهد دول غربية كثيرة تنامي ظاهرة «الإسلاموفوبيا» (العداء أو الخوف من الإسلام) التي عززت من تقدم اليمين المتطرف في الانتخابات التي شهدها عدد من الدول الأوروبية.
وكان وقف الأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية التركي (سيتا) نظم مؤخرا ندوة لعرض تقريره حول «الإسلاموفوبيا الأوروبية» تحدث خلالها وزير شؤون الاتحاد الأوروبي كبير المفاوضين الأتراك، عمر تشليك الذي أشار إلى قرار محكمة العدل الأوروبية الصادر في منصف مارس (آذار) الماضي والذي يجيز لأرباب العمل حظر ارتداء الموظفات للحجاب، قائلا إن من شأنه أن يوجه أوروبا إلى مسار خطير للغاية، ويخلق أرضية قانونية لظاهرة الإسلاموفوبيا.
ولفت إلى أن ظاهرة «الإسلاموفوبيا» باتت أكثر وضوحاً في الحياة اليومية للمسلمين في أوروبا وأن الظاهرة خرجت عن كونها عبارات كراهية بحق المسلمين فقط، لتتحول إلى شكل من أشكال الاعتداءات الجسدية المشروعة ضد المسلمين في المدارس وأماكن العمل والمساجد والمواصلات العامة والشوارع.
وذكر الوزير التركي، أن أزمة المهاجرين والتهديدات الإرهابية ساهمت في تأجيج مشكلة الإسلاموفوبيا موضحا أن أحد أهم العوامل الرئيسية لتحول الإسلاموفوبيا في أوروبا في الوقت الحالي يرجع إلى مفهوم يمكن ترديده بشكل كبير، يتمثل في توجه السياسة الوسطية نحو اليمين المتطرف، وأزمة المهاجرين، والأزمة الاقتصادية في أوروبا، والاعتداءات الإرهابية.
كما لفت إلى أن المواطنين الأوروبيين يعتقدون أن بلادهم باتت محتلة من المسلمين جراء توافد اللاجئين وقال إن «استطلاعات الرأي أظهرت أن المواطنين الأوروبيين يعتقدون أن عدد المسلمين في بلادهم أكبر بخمس أضعاف من الرقم الحقيقي».
وكانت محكمة العدل الأوروبية اعتبرت في قرارها المذكور أن «حظر أصحاب العمل على موظفيهم ارتداء الرموز السياسية والفلسفية والدينية الواضحة في مكان العمل بناء على القواعد الداخلية للمكان، لا يشكل تمييزا».
في السياق ذاته، دعا نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية نعمان كورتولموش إلى وقف استخدام مصطلح «الإسلاموفوبيا»، معتبراً أنه يخدم أهداف واضعيه من الأوساط المعادية للإسلام.
وقال كورتولموش، في مؤتمر بإحدى الجامعات التركية، إن «الفوبيا هي خوف نابع من الشيء ذاته. خوف طبيعي أو غير مصطنع لا يمكن للإنسان السيطرة عليه. أما ما يسمى اليوم في العالم بالإسلاموفوبيا، فهو عداء مصطنع للإسلام».
وأكد كورتولموش أن مصطلح «الإسلاموفوبيا» هو تعبير إمبريالي، وضعته أوساط معادية للإسلام في مراكز البحوث والجامعات. وأشار إلى تعبيرات وأوصاف أخرى تم إلصاقها بالإسلام، من بينها الإسلام الراديكالي، والإسلام الشعبوي وغيرها.
وأضاف أن العالم الإسلامي يعاني مشكلتين رئيسيتين، أولاهما، فقدان المسلمين لقيم مثل القوة والعزة والشرف. والثانية، حالة العداء ضد الإسلام نتيجة انغلاق العالم الإسلامي على نفسه، وفقدانه قوته على مستوى الأمم.
واتهم كورتولموش دولا بالوقوف خلف المنظمات الإرهابية لاستخدامها كأدوات لها في الحرب، دون ذكر أسماء هذه الدول قائلا «إن التنظيمات الإرهابية تقف من خلفها دول... قوى عظمى تستخدم القوى الإرهابية كبيادق في الحرب».
وأضاف أن العمليات الإرهابية في العالم ستتوقف إذا أوقفت بعض الدول دعمها للتنظيمات الإرهابية لافتا إلى أن الإرهاب يتسبب بالنزوح واللجوء والفقر ولذلك علينا أن نعرف من يقف خلف تسليح الإرهابيين.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».