بعد مرور 15 دقيقة مملة من مباراة آرسنال وساوثهامبتون المؤجلة من الجولة السادسة والعشرين للدوري الإنجليزي الممتاز، قام المدير الفني لآرسنال آرسين فينغر من على مقاعد البدلاء للمرة الأولى، وذهب نحو المنطقة الفنية المخصصة له، ربما بهدف توجيه تعليمات لتغيير وتيرة اللعب المملة. وبعد بضع ثوان، عاد فينغر إلى مقعده بجانب ستيف بولد دون أن يشير بيديه للاعبيه من أجل اللعب بسرعة أكبر، وربما شعر فينغر، مثل أي شخص آخر داخل ملعب «سانت ماري»، بأنه لا يوجد ما يستحق أن يقوله حتى الآن.
وبعد فوز آرسنال المهم في تلك المباراة، ربما يقول منتقدو المدير الفني الفرنسي إنهم ملوا من سماع كثير عن إنجازات فينغر وعن سيرته الذاتية التي توضح أنه أحدث ثورة في عالم كرة القدم الإنجليزية في بداية التسعينات من القرن الماضي، ولذا ليس هناك جديد في الأمر بعد تلك المباراة، لكن ربما ما يقلق هؤلاء النقاد أكثر من ذلك هو أن فينغر كان هو النجم الأول لمباراة فريقه أمام ساوثهامبتون. وعندما يتعلق الأمر بالجمهور والصحافيين الذين دائما ما يسألون فينغر عن مستقبله مع الفريق في كل مؤتمر صحافي، يضحك فينغر ويتكلم بهدوء عن ثقافة عدم الصبر التي دمرت المجتمع، وهو ما يجعل المدير الفني الفرنسي يبدو وكأنه يلعب دور حكيم قديم يسعى لتنوير وتثقيف العامة.
ولكن قبل هذا الانتصار الحاسم على ساوثهامبتون، ظهرت أولى علامات التمرد والغضب من مجلس الإدارة، وذلك عندما سُئل فينغر عن إمكانية تعيين مدير لكرة القدم. وبعد 13 عاما من تزايد الانقسام، يبدو أن «صراع السلطة» قد اقترب. وبالنسبة لمدير فني ليس هناك حدود لعناده، فلا يبدو هناك أي مجال لفكرة أن يكون هناك شخص يعرف أفضل منه داخل النادي. وقال فينغر ردا على السؤال: «أنا لا أعرف ماذا يعني مدير كرة القدم. هل هو ذلك الشخص الذي يقف في الطريق ويعطي تعليمات باللعب ناحية اليمين وناحية اليسار؟».
وبعد الفترة الوجيزة للغاية التي وقف فيها في المنطقة الفنية، ظل فينغر على مقاعد البدلاء باقي الشوط الأول. وكان الجميع يتوقع أن تكون مواجهة ساوثهامبتون سهلة لآرسنال بعد فوزه في الجولة السابقة على مانشستر يونايتد، لكن الأمور كانت صعبة للغاية على المدفعجية، وكان حارس مرمى الفريق بيتر تشيك هو نجم الشوط الأول بعدما منع عدة فرص محققة من مانولو غابياديني وناثان ريدموند ومنع ساوثهامبتون من التقدم.
وبدا واضحا للغاية أن الأمر يتطلب تدخلا سريعا من فينغر، الذي أشرك مسعود أوزيل وأليكسيس سانشيز أبرز لاعبين في الفريق. ولم يقدم اللاعبان الأداء المنتظر منهما حتى الدقيقة 60 من عمر اللقاء، عندما أحرز سانشيز هدف التقدم لآرسنال، قبل أن يضيف الفرنسي أوليفر جيرو الهدف الثاني قبل نهاية المباراة ببضع دقائق، ليحصل الفريق على ثلاث نقاط ثمينة ويحافظ على آماله في الضغط على ليفربول أو مانشستر سيتي وإنهاء الموسم ضمن المراكز الأربعة الأولى المؤهلة لدوري أبطال أوروبا.
ورغم أن الفوز هو الأول لآرسنال على نادي ساوثهامبتون منذ عصر «الفريق الذي لا يقهر» للمدفعجية، يواجه فينغر خصما آخر من مجلس إدارة آرسنال نفسه، وهو المدير التنفيذي للنادي إيفان غازيديس، الذي يرى أن هناك أسبابا مقنعة لكي يستعين النادي بشخص جديد يتحمل جزءا من العبء الملقى على عاتق المدير الفني الفرنسي.
ويشعر فينغر بأن هناك تهديدا لسلطته. وعلى عكس السير أليكس فيرغسون مع مانشستر يونايتد، فإن التعامل بحكمة في مثل هذه الأمور ليس من نقاط قوة المدير الفني الفرنسي. ويبدو أن فينغر سيقول لمجلس الإدارة: عليكم أن تختاروا إما أنا وإما غازيديس. ولن يكون من المستغرب أن يكون المدير الفني الأكثر نفوذا في تاريخ آرسنال قادرا على الحصول على ما يكفي من الدعم للفوز في هذه المعركة. وفي الحقيقة، يتعين على غازيديس أن يتعامل مع الأمر بحذر، لأنه قد يكون الضحية المقبلة للمدير الفني الفرنسي.
وبعيدا عن «الحرب الأهلية» بين فينغر وغازيديس، ينصب تركيز آرسنال على التفوق على مانشستر سيتي وليفربول وإنهاء الموسم في المراكز الأربعة الأولى في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز. يواصل آرسنال مطاردته وكان من الرائع أن يحقق الفريق الفوز على ساوثهامبتون من دون لاعبه المصاب لوران كوسيلني، الذي يعد أفضل مدافع بالفريق. وعاد شكودران موستافي بمستوى جيد، وقدم مباراة كبيرة أمام لاعب ساوثهامبتون دوسان تاديتش.
ورغم أن فينغر لا يزال يقاوم فكرة التغيير الشامل، فإنه لم يقلق من استخدام «العلاج بالصدمات التكتيكية» بعد الهزيمة الثقيلة بثلاثية الشهر الماضي أمام كريستال بالاس، حيث غير المدير الفني الفرنسي طريقة لعب فريقه إلى 3 - 4 - 3. وحقق آرسنال نجاحا كبيرا بشكله التكتيكي الجديد، حيث فاز بأربع مباريات من آخر خمس لقاءات في الدوري الإنجليزي الممتاز ووصل إلى نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي بعد فوزه في الدور قبل النهائي على مانشستر سيتي، واجتاز اختبارا آخر هنا، حيث نجح في التعامل مع خروج أليكس أوكسليد تشامبرلين للإصابة ونزول هيكتور بليرين مكانه قبل انطلاق الشوط الثاني.
ورغم صعوبة المهمة، فما زال بإمكان آرسنال إزاحة ليفربول من المراكز الأربعة الأولى المؤهلة لدوري أبطال أوروبا نظرا لأن آرسنال قد لعب مباراة أقل. لقد استيقظ اللاعبون، لكن لا يزال هناك كثير من الأسئلة التي يتعين الإجابة عنها فيما يتعلق بأداء ونتائج آرسنال، ولا يزال يتعين على فينغر الاستعداد لإحدى أهم المعارك في مسيرته التدريبية.
فينغر يدخل في حرب مع غازيديس المدير التنفيذي لآرسنال
المدير الفني يرغب بأن يكون الرجل الأكثر نفوذاً في النادي رغم تحديات إنهاء الموسم بالمربع الذهبي
فينغر يدخل في حرب مع غازيديس المدير التنفيذي لآرسنال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة