تحت شعار «بالشعر نستحق الحياة»، نظم مركز الحمراء للثقافة والفكر بمراكش، الملتقى الدولي الثالث لقصيدة النثر، في دورة احتفت بالشاعر العراقي الراحل سركون بولص، بمشاركة نقاد وباحثين وشعراء من المغرب والعراق وفلسطين وإيطاليا والولايات المتحدة وجنوب أفريقيا.
وجاء تنظيم الملتقى بمراكش، حسب منظميه، لكونها مدينة شاعرة منفلتة بطبعها، جامعة بين النقيضين، كما أنها عصية على التصنيف ومتجددة على الدوام، مثلها مثل قصيدة النثر.
ووجد الاحتفاء بالشاعر العراقي الراحل مبرراته في أنه «أسهم، بشكل كبير، في تطوير قصيدة النثر، بتخيل ضارب في عمق الثقافة والتاريخ، وبمقدرة هائلة على اكتشاف نصوص مؤسسة وترجمتها إلى العربية». فيما جاء اختيار شعار الدورة، لثقة المنظمين في أن «الفن، بصفة عامة، والشعر يجعل الحياة محتملة، وفي غياب هذه الفواكه الرمزية لا يمكن أن ننتظر شيئا سوى الكارثة».
وبتنظيم الدورة الثالثة، التي تواصلت على مدى ثلاثة أيام، بـ«قصر الباهية»، و«رياض جبل الأخضر»، واختتمت فعالياتها أول من أمس، استأنف مركز الحمراء، كما جاء في كلمتي الناقد والمترجم محمد آيت العميم، مدير الملتقى، والشاعر نور الدين بازين، رئيس المركز، مشروعه حول قصيدة النثر بـ«مساءلة واقع الشعر في العالم العربي، وفي ضفاف العالم الآخر، غير هياب، ومن دون ادعاء، من خلال رؤية واضحة المعالم، واستراتيجية مرسومة الأهداف، ولا شأن له بالاحتفالات الموسمية»، من جهة أن سؤال الشعر هو «هاجس واهتمام مسترسل». وزاد المنظمون: «ونحن وإن كنا ننظم ملتقى قصيدة النثر الدولي، فليست غايتنا أن نصنف أنفسنا في مجال ضيق، فالشعر أكبر من أجناسه، ويفيض عن أقفاص أشكاله، نحن نبحث عن الذهب في صحراء النثر، ونبحث عن اللغة المتجددة، وعن الدهشة وعن اختلاس الفرح. فالنص الشعري الجديد الذي يسميه النقاد والشعراء بقصيدة النثر، وبمصطلحات كثيرة، عرف تعتيما في لحظة الميلاد وبقي التهميش يلاحقه، وكان ضحية للنقاش البيزنطي، وكان شعراء قصيدة النثر قد تحولوا إلى نقاد وإلى منظرين لما يكتبون، وكانت تنظيراتهم تكتب بمزاج مفارق، وبسخرية عالية، وبلغة حادة وعميقة، أنتجت بلاغة جديدة، حول الخطاب الشعري».
وتميزت دورة سركون بولص بمشاركة أصوات شعرية «انتصرت لهذا الجنس الأدبي، من أجل تبادل الخبرات والإنصات لجديد النصوص الشعرية»، من خلال ثلاث أمسيات شعرية، عرفت قراءات بالعربية والإنجليزية والإيطالية، مع توفير الترجمة، بمشاركة موسيقيين من المغرب والولايات المتحدة قدموا فواصل من موسيقى الجاز، كما رافقوا القراءات الشعرية، التي شارك شعراء، بينهم ماريا ديلمن وجاكي شلتن غرين وأدينا كراسيك وعبد الهادي السعيد وفدوى الزياني وعلي البزاز وإدريس وضول وعبد الرحيم الخصار والحبيب الواعي ومصطفى الرادقي ونصر جميل شعث وفاسكوالو بونجيوناني وفاطمة برودي وخوسي فيليلا ومصطفى غلمان ورشيد الطلبي وإبراهيم بلعواد وسميرة عبيد وجمال أماش وعبد اللطيف السخيري وماريا ديلمن ونور الدين بازين وعبد الله بناجي وصالح لبريني وأمبارك الراجي ورشيد منسوم ومحمد العناز.
كما توقفت الدورة، في لحظة تأمل في مسار ومنجز هذا التجربة، من خلال جلسة نقدية حملت عنوان «قصيدة النثر والمعاينة النصية»، شارك فيها النقاد والباحثون محمد آيت العميم وعبد الكبير الميناوي وبنعيسى بوحمالة ومحمد العناز ومحمد الطلبي، وقام بإدارتها جمال أماش، وقدموا قراءات في مجموعة من التجارب الشعرية العربية والمغربية، بشكل فتح نقاشا حول خصوصيات كتابة قصيدة النثر، وأفرز تفاعلا أكد تواصل الجدل بخصوص هذه القصيدة، التي اعتبرت «شكلا متمردا ومتمنعا وملتبسا»، والحاجة إلى تجاوز الجدل الذي رافقها؛ تسميةً وتجربة، مع الانطلاق من الكتابات التي حاكمت منجزها، بعد ما يناهز ستة عقود من السجال؛ كتابات، بقدر ما تنتقد، في جانب منها، افتقاد كثير مما يكتب، تحت سقفها، لـ«الرؤية» و«الأفق» و«المعنى»، مشددة على أن هذه القصيدة كرست «ضربا من الليبرالية الشعرية»، مع الدعوة إلى «إعلان حالة طوارئ نقدية على الشعر». وفي أحسن الأحوال، دعوة المعنيين بها إلى «تحمل الذهاب في رحلة مضنية لتفجير كل طاقات النثر الشعرية تعويضا عن الإيقاع الذي تؤسس قصيدة الوزن شعريتها ابتداء منه»، تدعو إلى الانتصار للنص في إبداعيته، قبل أي شيء آخر، بحيث يصير «المحك الأساسي» أو «الامتحان الأخير» هو «نوعية الشعر وحجم الإنجاز الشعري»، مع النظر إلى المشهد الشعري العربي من زاوية «المصالحة بين كل الخيارات الشعرية»، بحيث يتحقق المنجز الشعري في أكثر من شكل واحد، بشكل قد يغير مناخ النقاش وطبيعة عناصره، وصولا إلى الحديث عن الشعر، مستقبلاً، بدل الدوران في حلقة التساؤل المفرغة عن شرعية سكنى قصيدة النثر في بيت الشعر العربي.
7:49 دقيقة
الملتقى الدولي لقصيدة النثر بمراكش يحتفي بتجربة سركون بولص
https://aawsat.com/home/article/911431/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%AA%D9%82%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A-%D9%84%D9%82%D8%B5%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%AB%D8%B1-%D8%A8%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%83%D8%B4-%D9%8A%D8%AD%D8%AA%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D8%AA%D8%AC%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D8%B3%D8%B1%D9%83%D9%88%D9%86-%D8%A8%D9%88%D9%84%D8%B5
الملتقى الدولي لقصيدة النثر بمراكش يحتفي بتجربة سركون بولص
الدورة الثالثة رفعت شعار «بالشعر نستحق الحياة»
- مراكش: عبد الكبير الميناوي
- مراكش: عبد الكبير الميناوي
الملتقى الدولي لقصيدة النثر بمراكش يحتفي بتجربة سركون بولص
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة