وزير خارجية السودان: الحوار مع أميركا على رفع العقوبات يجري بإيجابية

الخرطوم تنتظر حلول يوليو بفارغ الصبر لبدء مرحلة جديدة

وزير خارجية السودان: الحوار مع أميركا على رفع العقوبات يجري بإيجابية
TT

وزير خارجية السودان: الحوار مع أميركا على رفع العقوبات يجري بإيجابية

وزير خارجية السودان: الحوار مع أميركا على رفع العقوبات يجري بإيجابية

تأمل الحكومة السودانية في أن يتم رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية عنها بحلول الثاني عشر من يوليو (تموز) المقبل، وهو الموعد الذي ضربته الإدارة الأميركية، وفقا للأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس السابق باراك أوباما، والذي يقضي برفع تلك العقوبات جزئياً، على أن ترفع كلياً بعد انقضاء فترة 180 يوماً، حالما تستوفي الخرطوم خمسة شروط، عرفت بخطة «المسارات الخمسة»، وهذا ما أشار إليه وزير الخارجية السوداني بقوله، إن الحوار مع الجانب الأميركي يجري بإيجابية وقوة لرفع العقوبات كلياً.
وتنص الشروط الأميركية المعروفة بـ«خطة المسارات الخمسة» على مساهمة السودان في مكافحة الإرهاب، ووقف دعمه لجيش الرب الأوغندي وزعيمه «جوزيف كوني»، ودعم السلام في جنوب السودان، ووقف النزاعات المسلحة وتحقيق السلام في السودان، والتعاون في الشأن الإنساني بإيصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق النزاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وتعمل الخرطوم جاهدة لإنفاذ والالتزام بهذه المسارات الخمسة بحلول الأجل المضروب، وهي متفائلة بمستوى تنفيذها. وفي هذا السياق يقول وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور في إفادة لـ«الشرق الأوسط»، إن الحوار بين الجانبين يتواصل عبر لجنة مشتركة من الطرفين، تجتمع دورياً لمتابعة تنفيذ اتفاق المسارات الخمسة، مضيفا أن «الحوار بيننا يجري حتى الآن بصورة إيجابية وقوية جداً».
وأوضح الغندور أن تقارير الطرفين وتقويمهما المتواصل للتنفيذ كانت نتائجه إيجابية، ما يجعل من رفع العقوبات كلياً أمراً ممكناً، وتابع موضحاً: «من خلال تقارير الطرفين والتقويم الذي يتم، أستطيع القول إن التقويم إيجابي حتى الآن».
وعلى الرغم من التفاؤل الرسمي برفع العقوبات الأميركية كلياً، فإن محللين يرون أن التكهن بما يمكن أن تفعله الإدارة الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترمب «أمر صعب»، وهذا ما ذكره الخبير ورئيس اللجنة الاقتصادية بالحزب الحاكم حسن أحمد طه، في ورشة نظمتها مجموعة شركات «دال» الاستثمارية قبل أسبوعين، حيث استبعد المسؤول السوداني إعادة فرض العقوبات مجدداً، لكنه توقع تجديد الرفع الجزئي لها لفترة ستة أشهر أخرى. وقال بهذا الخصوص إن «الحكومة ستلتزم بخطة المسارات الخمسة، لكن عليها تكثيف العمل بمواجهة البنية التحتية الأميركية المناوئة لرفع العقوبات».
وحذر طه مما أسماه «تقلب السياسة الأميركية الحالية، وحالة الانقسام التي تعيشها أميركا التي قد تؤدي إلى عكس ما يرغب فيه السودانيون»، بقوله إنه «يصعب التنبؤ بما يمكن أن تفعله الإدارة الأميركية بوضعها الحالي».
ويقول المحلل السياسي الجميل الفاضل، إن عدة مؤشرات تشير إلى أن الحكومة السودانية تعمل بجد لتنفيذ المطلوبات الأميركية، مبرزا أنها حققت الكثير في مسار مكافحة الإرهاب على سرية ملفاته، ونتج عنه نسج علاقة وثيقة بين جهاز الأمن السوداني والاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه»، أدى إلى تبادل كثير من الزيارات بين قادة الجهازين، أبرزها زيارة رئيس جهاز الأمن السوداني الفريق أول محمد عطا المولى لواشنطن، رفقته رجل القصر مدير مكاتب الرئيس الفريق طه عثمان الحسين، وتوقعات بزيارة نائبة رئيس «سي آي إيه» جينا هاسبل الشهر المقبل للسودان، إضافة إلى تسريبات تتعلق باتفاق سوداني - أميركي لاستضافة الخرطوم «محطة سي آي إيه»، ما يؤشر إلى أن التعاون في مجال مكافحة الإرهاب نشط وفعال.
ويوضح الفاضل أن ملف التعامل مع «جيش الرب» شهد عملاً جدياً، بعد إعلان السودان انضمامه إلى مجموعة الدول الأفريقية التي تعمل على القضاء عليه، وتحسن العلاقات بين السودان وأوغندا، انتقلت به من داعم لجيش الرب إلى مساهم في القضاء عليه.
أما في ملف دعم السلام في جنوب السودان، فيوضح الفاضل أن الملف شائك ومعقد، لكن الخرطوم امتنعت – على الأقل ظاهرياً - عن استقبال رموز المعارضة الجنوبية، وأوقفت أي نشاط علني لها، مبرزا أن السودان «صار هو من يتهم حكومة الجنوب بدعم المعارضة المسلحة ضده، ولم تعد جوبا تتحدث عن دعم الخرطوم للمعارضة المسلحة والتمرد الذي يقوده نائب الرئيس السابق رياك مشار».
وعد الفاضل تجديد الحكومة وقف إطلاق النار في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، رسالة فحواها أن الخرطوم أوقفت العمليات والمظاهر الحربية في البؤر الملتهبة، مضيفا أن «هذه رسالة مقصود بها إثبات جدية الحكومة في تنفيذ الشروط الأميركية».
وفي هذا السياق، يشير الفاضل إلى زيارة القنصل الأميركي في الخرطوم إلى دارفور، والسماح له بزيارة مناطق جبل مرة ومناطق كانت تحوم حولها اتهامات باستخدام «أسلحة كيماوية» ولقاء الأطراف الأخرى، كما أن تقديم وفده العسكري نصائح للخرطوم، يشير إلى أن هناك قدراً كبيراً من التعاون مع السلطات الأميركية.
وعد الفاضل مشاركة رئيس هيئة أركان الجيش السوداني الفريق عماد الدين عدوي في اجتماعات القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا المعروفة بـ«أفري كوم»، والمسؤولة عن العمليات العسكرية والعلاقات العسكرية مع 53 دولة أفريقية، والتي تعمل ضد ما تسميه «الدول المارقة»، في مدينة «شتوتغارت» الألمانية، تؤشر على أن علاقة الحكومة السودانية مع أميركا انتقلت إلى مربع جديد، وقال بهذا الخصوص إن «إشراك السودان في اجتماعاتها والاطلاع على أسرارها، يعني أن السودان انتقل من خانة العداء إلى خانة الحليف».
ويقطع الفاضل بأن قبول الخرطوم للمقترح الأميركي بنقل بعض الإغاثات الإنسانية إلى المناطق التي يسيطر عليها التمرد في جنوب كردفان والنيل الأزرق، عن طريق المعونة الأميركية بعد خضوعها للتفتيش، يوضح أن الخرطوم قد سجلت هدفاً في مرمى الحركة الشعبية لتحرير السودان التي لم تقبله بعد، وهدفاً ثانياً لصالحها في الملف الإنساني.
ويؤكد الفاضل أن الخرطوم، وعلى عكس التوقعات، بذلت جهوداً كبيرة في المسارات الخمسة بانتظار «تصحيح أوراقها»، ما انعكس بشكل واضح من خلال ترتيب سفارة واشنطن في الخرطوم للقاءات الوفد السوداني والدوائر المالية الأميركية، على هامش «اجتماعات الربيع» مع مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في الفترة من 21 – 23 أبريل (نيسان) الحالي، وتقديم النصائح لها بشأن التعامل مع هذه المؤسسات. وفي هذا الإطار يقول الفاضل، إن «النصح يعد موقف صداقة، ويدفع الولايات المتحدة لتفكيك الألغام في العلاقات بين المؤسسات المالية الدولية والسودان».
ويقطع الفاضل بأن ما يجري يؤشر إلى الرفع النهائي للعقوبات الأميركية، وأن العقدة الوحيدة المتبقية هي «لوبيات الضغط» المناوئة للسودان، لكن الفاضل يرجح أن يلعب تحسن علاقات السودان الخليجية، لا سيما «السعودية والإماراتية»، دوراً رئيساً في مواجهة هذه اللوبيات، مبرزا أن مشاركة السودان في التحالف لمكافحة الإرهاب، والذي أعلنت إدارة الرئيس دونالد ترمب دعمه بوضوح، سيسهم بشكل كبير في رفع العقوبات، وكذلك الاتفاقات السودانية - المصرية الأخيرة، التي نصت على وقف تسلل عناصر جماعة الإخوان المصرية إلى السودان، كلها رسائل لأميركا.
وفي هذا السياق يقول الفاضل، إن «مشاركة السودان في اجتماعات (أفري كوم)، تعني أن الولايات المتحدة بدأت تتعامل معه كأنه خارج قائمتها للدول الراعية للإرهاب عملياً»، ما يرجح أن اسمه في القائمة لن يبقى طويلاً.
وفرضت إدارات أميركية متعددة حزمة عقوبات اقتصادية على السودان، بعضها صدر بقرارات تنفيذية، والأخرى بتشريعات صادرة عن الكونغرس، بعد أن اتهمته برعاية «الإرهاب». وأدرجت واشنطن السودان في لائحتها للدول الراعية للإرهاب، إثر استضافة الخرطوم زعيم القاعدة أسامة بن لادن، ما اضطرها للتخلي عنه، فغادر البلاد 1996.
وفي 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 1997، أصدر الرئيس الأميركي بيل كلينتون قراراً تنفيذياً، فرضت بموجبه عقوبات مالية وتجارية على السودان، نتج عنها تجميد أصوله المالية، وحظر تصدير التكنولوجيا له، ومنع الشركات والمواطنين الأميريكيين، من الاستثمار فيه.
وفي عام 2002 أصدر الكونغرس «قانون سلام السودان»، والذي رهن رفع العقوبات بتقدم المفاوضات مع متمردي جنوب السودان، ثم فرض عقوبات على «الأشخاص المسؤولين عن الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية» في 2006.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.