شاشة الناقد

سكارلت جوهانسن في «شبح في الصدفة»
سكارلت جوهانسن في «شبح في الصدفة»
TT

شاشة الناقد

سكارلت جوهانسن في «شبح في الصدفة»
سكارلت جوهانسن في «شبح في الصدفة»

* الفيلم: ‫Ghost in The Shell‬
* إخراج: روبرت ساندرز
* أكشن | الولايات المتحدة
* تقييم: (2*)

هناك أتباع مخلصون لسينما «الأنيمي» (الرسوم المتحركة اليابانية المأخوذة عادة عن روايات «المانغا») تربصوا لهذا الفيلم منذ أن أعلن عن النية في إنتاجه. وهؤلاء سارعوا للتعبير عن امتعاضهم مرّتين: الأولى بتعيين سكارلت جوهانسن بطلة للفيلم، والثانية عندما شاهدوا العمل وقارنوه بالتحفة الفنية التي حققها الياباني مامورو أوشي سنة 1995، ذاك كان من الرسوم وهذا من الأفلام الحيّة.
بالنسبة للنقطة الأولى، كانت من بين المرشحات للبطولة الممثلة مارغوت روبي قبل أن يتم القرار على سكارلت جوهانسن، التي لعبت شخصيات مماثلة في سلسلتي «كابتن أميركا» و«المنتقمون»، كما في فيلم «لوسي»: المرأة القوية ذات القدرات الخارقة. لكن للحقيقة، سواء ذهب الدور إلى روبي أو إلى سكارلت، أو إلى أي ممثلة أخرى، فإن الاستعانة بـ«نجمة» أمر ضروري، ما دام أن الأحداث أصبحت أميركية، وما دامت الاستعانة بممثلة يابانية مجهولة عالميا ليس وارداً.
مرّة أخرى نحن في غضون المستقبل الذي باتت تلجأ إليه الأفلام على نحو محدود الفوارق بين الفيلم والآخر. لسنا أمام العالم كما تخيّله فيلم «Blade Runner» الكلاسيكي (إخراج ريدلي سكوت، 1982)، بل أمام معالم لمستقبل وضعه في الواقع وعلى الكومبيوتر أناس أقل قدرة على الإبداع من أولئك الذين صاغوا بعض أفلام الأمس. البطلة اسمها مأجور، وهي لا تختلف كثيرا عن «روبوكوب» (المستند إلى الفكرة الواردة في رواية «فرنكنشتاين») من حيث الجينيات: عقل بشري في رأس وجسد مصنوع للاستخدام حيث تدعو الحاجة إلى منازلة الأشرار.
أحد هؤلاء الأشرار اسمه كَتَر (بيتر فرديناندو) وهو إرهابي يحاول عبر الجريمة والقتل تحقيق سطوته فوق القانون. من سيواجهه؟ سوبر مان مشغول بزيارة للكوكب الذي جاء منه. باتمان نائم الآن ولا يمكن إزعاجه. سبايدر مان لا يزال يحاول حل معضلته العاطفية مع زميلته في الدراسة. فريق «المنتقمون» مشغولون بإنقاذ العالم من شرير آخر… لا يبقى سوى ماجور التي تفعل قليلا من كل ما يفعله كل واحد من أولئك المذكورين فتطير وتتسلق وتقاتل وتقتل.
المقدّمة وما يليها هي أفضل ما في الفيلم. لاحقا العمل ناشف لا دسم فيه. تنفيذ آلي على الرغم من حسن تنفيذ مشاهد القتال عموماً. لكن إذا ما كانت الشخصية الرئيسية تحتوي مخًّا نجا من حادثة سيارة، وتم تركيب جسد امرأة عليه، فإن الفيلم يبدو في أحيان كثيرة باردا كما لو أنه خرج من المشرحة للتو.
النصف الأول من الفيلم فيه كثير من القتل: أناس آليون وآخرون مصنوعة في المختبرات يتقاتلون بعضهم بعضاً. تتمنى لو أتاح المخرج قليلا من الدراما هنا، ليبدو كل ذلك أكثر إفادة أو إثارة. لاحقا يتزن الفيلم قليلا، لكنه يبقى خاليا من القيمة غير الصناعية.
المخرج الياباني تاكيشي كيتانو يمثل هنا دور رئيس شعبة البوليس، ولفترة، وغالبا بسبب ما يضفيه حضوره من قيمة معنوية ناتجة أساسا عن ملامحه القاسية، تتمنى لو أن الفيلم منحه دورا أكبر. لكن شئنا أم أبينا هذا الفيلم مصنوع لغاية تحقيق مسلسل منه إذا أمكن وجوهانسن هي الورقة الرابحة الوحيدة لهذه الغاية.

(1*) لا يستحق
(2*) وسط
(3*) جيد
(4*) ممتاز



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.