يفتوشنكو... أسعد الشعراء الروس

يفتوشنكو... أسعد الشعراء الروس
TT

يفتوشنكو... أسعد الشعراء الروس

يفتوشنكو... أسعد الشعراء الروس

قد يكون يفتوشنكو الشاعر الأكثر سعادة، وحظاً إن شئتم، بين الشعراء الروس في القرن العشرين، الذي كان ربما الأكثر مأساوية في التاريخ الأدبي الروسي. ففي 1930 انتحر فلاديمير ماياكوفسكي، شاعر ثورة أكتوبر (تشرين الأول)، وهو في السابعة والثلاثين، بسبب خيبة أمله في الثورة البروليتارية الذي كان منشدها الأول في الشوارع والساحات العامة، أو بسبب خيبة حبه لـ«ليلي بريك»، أو الاثنين معاً وقد اجتمعا. لا أحد يعرف بالتأكيد حتى بعد مرور كل هذه السنوات. وقبله بخمس سنوات، انتحر «الفلاح الجميل «سيرغي يسينين»، وهو في الثلاثين من عمره بنحر ساعده الذي كتب به قصائد هي من الأجمل في الشعر الروسي، ختمها بقصيدته الأخيرة التي كتبها بدمه، بعد أن مزقه الصراع الداخلي الدامي بين الدين والثورة.
ومن المآسي الكبرى الأخرى، مأساة آنا أخماتوفا، أم الأدب الروسي، وإحدى أهم الشاعرات في القرن العشرين، التي أعدم زوجها الأول عام 1921 لـ«نشاطاته المعادية للثورة». ومات زوجها الآخر «نيقولاي بونين» في معسكرات الأشغال الشاقة. وأدينت بعد عام 1922 لـ«ميولها البورجوازية» ومنعت من النشر، وقال عنها آنذاك، السيئ الصيت أندريه جدانوف، المسؤول عن الثقافة في عهد ستالين 1945، إنها «نصف مومس ونصف راهبة». ثم سُجن ابنها في معسكرات العمل القسري حتى اضطرت إلى كتابة بعض المدائح لستالين لتأمين إطلاق سراحه.
أما مأساة بوريس باسترناك، فما تزال حاضرة في الأذهان. فخلال ذروة حملات التطهير في أواخر الثلاثينات، لم يمنعه من الاعتقال غير إعجاب ستالين بشعره، فأمر مسؤولي المخابرات أنذاك بحذف اسمه من القائمة قائلاً لهم قولته الشهيرة: «لا تلمسوا ساكن الغيوم». ومن المعروف أن هذا الشاعر العملاق قد اشتهر بروايته «دكتور زيفاغو»، مع أن شعره يفوق بكثير نثره، التي كانت من الأسباب الرئيسية لفوزه بجائزة نوبل للآداب عام 1958، لكنه تعرض لضغوط هائلة قادته إلى رفض الجائزة.
تاريخ الشعر في روسيا تاريخ تراجيدي، كتاريخها السياسي، الذي لم يعرف الديمقراطية يوما.
نعم، كان يفتوشنكو أسعد شعراء روسيا في القرن العشرين. فقد عرف الشهرة السهلة مبكرا، وخاصة بين الشباب، الذين وجدوا في شعره الغنائي ما يخاطب المستقبل، ويدغدغ مشاعرهم ووجدانهم وأحلامهم الفتية، مقارنة بـ«جفاف» أسلافه الشعراء الصعبين بمواضيعهم الروحية والوجودية. وسياسياً، كان يفتوشنكو يعرف جيداً كيف يقف دائما في المنطقة الوسطى الآمنة. لم يتماه تماما مع النظام، قديمه وجديده، ولم يقف ضده أيضا. وإذا فعل أحياناً، فسرعان ما ينسحب. وفنيا، كان في رأينا، أقل شعراء روسيا في القرن العشرين موهبة، حتى مقارنة بمجايله الشاعر الفذ فوزينسكي، الذي هو واحد من أعظم شعراء العالم الأحياء، لكن لا يكاد يعرفه أحد، فقد اختار العزلة منذ الستينيات ولا يزال. وكان خروشوف قد «منّ» عليه في الستينات بمنحه جواز سفر ليغادر الاتحاد السوفياتي بلا رجعة! فرد عليه بشجاعة نادرة: هذا بلدي ولن أغادره.
وعلى عكس فوزينسكي وغيره، عرف يفتوشنكو كيف يستخدم ما يملك من موهبة غنائية في الوصول ليس إلى المواطن الروسي، وإنما إلى العالم أيضاً بمواضيعه اليومية، ولغته البسيطة، وأيضا بحضوره الشخصي. لم يبق مكان لم يزره، ومنها البلدان العربية، وخاصة مصر، حيث أصدرت عنه مجلة الهلال حينها، نعتقد في بداية السبعينات، عددا خاصا، أطلق شهرته في البلدان العربية الأخرى. كان أيضا مؤديا من طراز نادر، كأي فنان محترف، يملأ القاعة بصوته وحركته. وطالما نصح الشعراء بتعلم فن الإلقاء قبل أن يفكروا بإلقاء قصائدهم. وهو يذكّرنا هنا بمظفر النواب ومحمود درويش إلى حد ما.
ربما كل هذه العوامل مجتمعة، جعلت من يفتوشنكو ظاهرة شعرية عالمية، ولكن منذ وقت مبكر جداً. ولا شك أنه مات سعيداً، مقارنة بأساتذته الشعراء الروس على الأقل.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.