خالد القشطيني
صحافي وكاتب ومؤلّف عراقيّ
TT

شجون حيث تتنقل العيون

انتهى المطاف بالشاعر العراقي زاهد محمد زهدي مديراً لشركة سفريات في مدينة جدة. أتاح له ذلك التنقل بين العواصم والأقطار. وكشاعر رومانسي ألقى به ذلك في مهاوي الحسن والجمال بما لم يترك له غير أن يفيض بالقوافي في حسن من التقى بهن من مخلوقات الله. ففاضت بهن دواوينه الشعرية. لقد جرته الأسفار إلى لقاء رسامة بولندية أخذت ترسم وجهه في حين راحت توحي له بهذه الكلمات:
يا بنت بولندا جلست بمرسم
قدام عينيها وقلت لها ارسم
لو تعلمين الشعر أين يقودني
وأنا أطوف بوجهها المتبسم
لكن رأيت الدهر يحفر حزنه
بغضون وجه عابس متجهم
فعذرت ريشتك التي غطت على
قلبي وأضرمت الحرائق في دمي
وحملته الطائرة إلى إيطاليا حيث لفتت نظره وزيرة الثقافة وعضوة الحزب الشيوعي السيدة ميلاندري، فوجدها حسناء باذخة الجمال لم تفت أن توحي له بشيء من شاعريته فقال فيها:
جاءتك من روما يشعشع وجهها
حسناً وتلك مزية الحسناء
عينان في موقيهما سكن الهوى
والفجر أشرق باهر الأضواء
وشفاهها تلقي الحديث كأنه
أنغام موسيقى بلا أصداء
ما بين جنبيها فؤاد خافق
بالحب لـ«العمال والفقراء»
حمله المطاف إلى «حسناء لندن» التي رافقته السفر إلى مطار هيثرو. ولكن الدقائق القليلة التي صاحبته فيها لم تمر حتى دغدغت خلالها مشاعر الشاعر العربي وأوحت له بقصيدة طويلة اقتطف منها هذه الأبيات:
حسناء لندن أي حسن باذخ
هذا الذي جعل المحاسن تنطق
وجه على خديه يبتسم السنا
زهواً ومنه الشمس جذلى تشرق
والثغر كاد النحل يزحف نحوه
فكأن فيه الزهر شتى يعبق
قالوا عشقت فهل رجعت إلى الصبا
فأجبتهم سبحان من لا يعشق
أولاء أهل الشعر ما لاحت لهم
حسناء إلا بالخيال تعلقوا
وسبيلهم في العشق سر مغلق
وكذاك خلق الله سر مغلق
ولكن أبا عمار صادف في لندن جمالاً من لون وسحر آخر. جمال وقيافة الصومال متمثلاً بعارضة الأزياء العالمية (إيمان)، وكانت صورة لها وهي تبكي لما حل في بلدها من مصائب. قال:
صوني المدامع يا ابنة الصومال
ودعي البكاء فإن دمعك غالي
الحزن في عينيك أشعل في الحشا
ناراً يقطع لدغها أوصالي
يا نجمة الأزياء إن مصيبة آل
صومال أبدعها بنو الصومال
الناهشون لحوم بعض مثلما
تتناهش الآساد في الأدغال
فدعي دموعك واسألي رب السما
يخسف طغاة الأرض بالزلزال