بكين تدعو واشنطن إلى «احترام التزاماتها» حول المناخ

دبلوماسيون: الصين تتودد اقتصادياً للاتحاد الأوروبي

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ووزير العدل جيف سيشنز خلال جلسة بالبيت الأبيض أمس حول مكافحة المخدرات (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ووزير العدل جيف سيشنز خلال جلسة بالبيت الأبيض أمس حول مكافحة المخدرات (إ.ب.أ)
TT

بكين تدعو واشنطن إلى «احترام التزاماتها» حول المناخ

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ووزير العدل جيف سيشنز خلال جلسة بالبيت الأبيض أمس حول مكافحة المخدرات (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ووزير العدل جيف سيشنز خلال جلسة بالبيت الأبيض أمس حول مكافحة المخدرات (إ.ب.أ)

دعت الصين الولايات المتحدة، أمس، إلى «احترام التزاماتها» غداة توقيع الرئيس دونالد ترمب مرسوما يعيد النظر في أهداف خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وقد انتقد ترمب الثلاثاء حصيلة سلفه باراك أوباما على صعيد المناخ، وقطع وعدا بتجديد صناعة الفحم. وفي مقر وكالة حماية البيئة، وقع «مرسوم الاستقلالية في مجال الطاقة». ويأمر هذا المرسوم بإعادة النظر في «خطة الطاقة النظيفة» التي تفرض على المفاعلات الحرارية خفض انبعاثاتها من أكسيد الكربون.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لو كانغ، في مؤتمر صحافي أمس: «نحن نؤيد الرأي القائل بضرورة احترام جميع الأطراف التزاماتها، واتخاذ تدابير ملموسة لتطبيق اتفاق» باريس. وبإعلانه عن «عهد جديد» في قطاع الطاقة في الولايات المتحدة، أكد ترمب الحاجة الملحة لإلغاء الكثير من الأنظمة البيئية التي «لا لزوم لها وتقضي على فرص العمل».
ويثير هذا المرسوم تساؤلات حادة حول موقف الولايات المتحدة من اتفاق باريس، في شأن المناخ، الذي وقعه في أواخر 2015 أكثر من 190 بلدا. وأكد المتحدث الصيني أنه «كما أعلن الرئيس الصيني تشي جينبينغ في يناير (كانون الثاني) في الأمم المتحدة، ستتولى الصين التزاماتها بنسبة مائة في المائة».
على صعيد متصل، نقلت وكالة رويترز عن دبلوماسيين أوروبيين أن الصين بدأت تنفيذ حملة تودد للاتحاد الأوروبي منذ تولى الرئيس الأميركي دونالد ترمب منصبه، فغيرت موقفها من المفاوضات التجارية ولمحت إلى توثيق التعاون في عدد من القضايا الأخرى.
ويشعر دبلوماسيون أوروبيون في بروكسل وبكين بإلحاح أكبر من جانب الصين لإيجاد حلفاء مستعدين للدفاع عن العولمة، وسط مخاوف من أن يعمل ترمب على تقويضها بسياسات الحماية التي يتبعها تحت شعار «أميركا أولا».
وقال دبلوماسي يقيم في بكين إن «ترمب يدفع الصين وأوروبا معا»، مستندا في ذلك للدعم الصيني للتجارة ومكافحة التغير المناخي والأمم المتحدة وغيرها من المجالات، التي يسعى الرئيس الأميركي الجديد لتحويل الاتجاه فيها.
وقال أربعة دبلوماسيين ومسؤولين كبار في الاتحاد الأوروبي على صلة وثيقة بالجانب الصيني لـ«رويترز»، إنهم يرون أيضا فرصة لحدوث انفراجة في قضايا الأعمال التي تسير ببطء منذ سنوات، بما فيها إبرام معاهدة خاصة لزيادة التدفقات الاستثمارية.
وتشعر اتحادات الأعمال في الاتحاد الأوروبي بقدر كبير من الارتياب، فتبدي استياء متزايدا، مثل المؤسسات المناظرة لها في الولايات المتحدة، من محدودية المساحة المتاحة لها للنفاذ إلى أسواق الصين، وتطالب برد أكثر حزما.
ويقول الدبلوماسيون إن واحدا من أوضح المظاهر الخارجية لتغير النبرة في اللقاءات الدبلوماسية غير الرسمية، يتمثل في قرار الصين التخلي عن الحملة العلنية التي شنتها لكي يعترف بها الاتحاد الأوروبي كقوة اقتصادية توجهها السوق، لا الدولة.
ويجري تناول هذا الموضوع الآن بعيدا عن الأضواء في منظمة التجارة العالمية في جنيف، فيما قال دبلوماسيون إنه اعتراف من جانب بكين أن الضغط الزائد عن الحد قد يؤدي إلى رد فعل ينطوي على الحماية في أوروبا.
ومن شأن الاعتراف بوضع الصين كاقتصاد يقوم على قوى السوق أن يجعل من الصعب على الاتحاد الأوروبي فرض رسوم عقابية على الواردات الصينية، التي ترى بروكسل إنها رخيصة بدرجة غير عادلة.
وقالت هوا تشون ينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، إن القضية ما زالت تمثل أولوية لبكين، وأشارت أيضا إلى اهتمام الصين بأن يكون الاتحاد الأوروبي شريكا قويا.
وكانت الصين قد أبلغت المسؤولين الأوروبيين أنها تريد تقديم القمة السنوية التي تعقدها مع الاتحاد الأوروبي عن موعدها المعتاد في يوليو (تموز). وقال الدبلوماسيون إن الجهود جارية لإيجاد موعد أقرب مناسب. وقالوا إن القمة تعد وسيلة لتأكيد الصين على رسالة الرئيس تشي جينبينغ في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، في شهر يناير الماضي، التي تمثلت في دفاع شديد عن التجارة الحرة والعلاقات العالمية.
على صعيد متصل، تقول الشركات الأوروبية التي لها نشاط في الصين إنها لم تلمس حتى الآن ترجمة هذا التغير في الأسلوب إلى تقليل سياسات الحماية من جانب بكين. لكن هذا يختلف اختلافا جذريا عما شهده عام 2016 من توتر في القمة الأوروبية - الصينية في ظل حكم لمحكمة دولية، بأن ما تردده الصين عن حقوقها في السيادة على بحر الصين الجنوبي ليس له أساس من القانون. وكانت تلك القمة انتهت دون صدور البيان المشترك المعهود.
وقال الدبلوماسيون إن ترمب غيّر حسابات الصين، إذ أنه اتهم ترمب الصين مرارا بالعمل على إبقاء عملتها منخفضة أمام الدولار بشكل مصطنع حتى تظل الصادرات الصينية أرخص، واتهمها بسرقة «الوظائف» في قطاع الصناعات التحويلية من الولايات المتحدة.
من جهتها، قالت إدارة ترمب إنه من المتوقع أن يلتقي الرئيس تشي بترمب يومي السادس والسابع من أبريل (نيسان) في منتجع مارالاجو الذي يملكه الرئيس الأميركي، رغم أن الصين لم تؤكد موعد المحادثات. وقال دبلوماسي صيني إن بكين تتطلع على مواقف يمكن التنبؤ بها من جانب ترمب.
ولا يزال الاتحاد الأوروبي متحفظا فيما يتعلق بتوجه ثاني أكبر شركائه التجاريين، إذ تقلقه ضخامة صادرات الصين من الصلب واتجاهها لعسكرة جزر في بحر الصين الجنوبي، وكذلك تحول باتجاه قدر أكبر من الحكم الشمولي في عهد تشي. لكنه يتطلع إلى إبرام معاهدة ثنائية للاستثمار في تسهيل أنشطة الشركات الأوروبية في الصين، وإزالة اللوائح المشددة التي تلزمها بتبادل المعارف التقنية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».