مصطفى الآغا
TT

فعل ورد فعل

لا شك ولا نقاش أن كرة القدم لعبة عاطفية.. فالجمهور يتلون ويتغير حسب مجريات الأحداث، وكم من مرة شاهدنا جماهير تنتقد أول المباراة ثم تشيد في آخرها، وهذا أمر طبيعي للعبة تتلاعب بأعصابنا.. ولكن غير الطبيعي أن يكون هناك ردود فعل عنيفة بعد الانتكاسات ونبش للماضي ونكش في الحاضر، إنما لفترة محدودة دون أي نتائج ملموسة على أرض الواقع..
ما نحتاجه هو فعل وليس ردود فعل، لأن رد الفعل آني بينما الفعل قد يكون مستداماً وإن لم تظهر نتائجه على المدى القصير.
ونحن كعرب يهمنا جداً، مثلنا مثل بقية دول العالم، أن نكون موجودين في أهم محفل كروي وهو كأس العالم.. وفي آسيا يمثلنا خمسة منتخبات تتناقض مسيرتها بين بدايات غير مقنعة كالمنتخب السعودي، ثم نهايات قوية وصدارة أمام منتخبات مثل اليابان وأستراليا، وبين منتخبات بدأت قوية كالإمارات ثم راوحت بالمكان أو تراجعت، فيما بدأ القطري قوياً رغم خسارته من إيران بخطأ من حارسه في الوقت القاتل، ثم خطأ آخر أمام أوزبكستان، ثم قتال أمام كوريا الجنوبية لم يحل دون الخسارة، ومع هذا بقي القطريون متمسكين بحبال الأمل بعد الفوز على سوريا والتعادل مع الصين، إلى أن جاءت الخسارة في الدوحة أمام إيران لتبدأ سلسلة ردود الفعل، التي لا أتمنى أن تكون آنية بل بحلول جذرية...
أما العراق وسوريا فظروفهما قد تشفع للثاني أكثر من الأول، فالسوري حقق النقطة الثامنة بفوز على أوزبكستان والعراقي تعادل مع الأسترالي وحقق نقطته الرابعة ولكن أغلب المتفائلين به لا يتوقعون أن يصل إلى روسيا.
ووسط كل هذا الضجيج الكروي خرج السعودي والياباني بفوزين خارج الديار جعلاهما الرابحين الأكبرين والأقرب للوصول إلى كأس العالم، لأن أداءهما في تصاعد وليس متذبذباً ولا متراجعاً، وفي عالم كرة القدم من يتعلم من أخطائه ويغير من أساليبه ويعتمد على أكثر من 11 لاعباً ويتمتع بالروح القتالية هو الأكثر حظاً بالبقاء.
أعرف أن المشوار لم ينتهِ بعد، وأعرف من أكثر من ثلاثين سنة تجربة مع الكرة العربية أن من سيتأهل سينسى الماضي ومن سيخرج سيدخل في دوامة التساؤلات ثم سينسى مع أول فوز حتى لو كان ودياً، لهذا نريد فعلاً يجعل من كرتنا العربية منافسة قارياً ودولياً وليس منتخبات مناسبات أو طفرات، ونريد احترافاً حقيقياً لا احتراف الكلمات والعقود والمماحكات المحلية.