مصطفى الآغا
TT

ولا ألف ليلة وليلة!

ما يحدث في الكرة السعودية يدخل في خانة أمور لا تصدق، وهذا قد يكون أحد أسباب إبهارها وسحرها، وقد يكون أحد أسباب عدم دخولها عالم الاحتراف الحقيقي بمفهومه العالمي والمعروف.
لاعب يوقع عقد انتقاله للهلال بعد دخوله فترة الستة أشهر، ويتم نشر الصور، ثم يوقع بعدها بعدة أيام عقد بقائه مع النصر، وهو العارف أنه سيتم إيقافه وتغريمه، وكذلك يعرف النصر أنه لن يستفيد من هذا اللاعب الذي كلفه الملايين. ولاعب آخر يختفي عن الأنظار ولا أحد يعرف مكانه حتى أقرب الناس إليه، ثم يظهر على «تويتر» معلنًا أنه استخار وسيوقع للأهلي، وناديه الشباب يتمسك به ويقول إنه لا يشعر بالفخر بوجوده ضمن تشكيلته، وبالتالي لن يلعب لمدة ستة أشهر، فخسره ناديه والنادي الذي وقع معه والمنتخب الذي يدافع عن ألوانه في أهم تصفيات، وهي تصفيات كأس العالم.
ولاعب يعلن عبر «سنابه» أنه انتقل من الشباب للنصر، وقبله قصة الغامدي وسعيد المولد، وغيرها من القصص التي سمعنا بمثيلاتها في دوريات المنطقة ولكن ليس بهذه الكثافة ولا بهذا العدد، إضافة إلى «احتراف الكباري» الذي بات علامة مسجلة لمنطقتنا، في دليل جديد على أن ثقافة الاحتراف وتوقيع العقود ووجود وكلاء أعمال محترفين أيضًا غير مكتملة نهائيًا، لا بل هي تقترب من قصص «ألف ليلة وليلة»، والجمهور مبسوط ويطقطق بعضه على بعض، بينما الأندية تعاني من مشكلات مالية، والمدربون يتساقطون الواحد تلو الآخر، وبعضهم لا يقضي أكثر من بضع مباريات يأخذ معها شروطه الجزائية وأطقمه الفنية، ومنهم من يذهب للمحاكم شاكيًا فندخل في دوامة جديدة من المشكلات كان يمكن تجنبها كلها لو كان هناك فكر احترافي يقود الأندية واللاعبين على حد سواء.
المقالة لا يمكن تخصيصها على حادثة لاعب أو قصة نادٍ بعينه، بل هي تتحدث عن ظاهرة مستفحلة تصيب الغالبية، وبالتالي لا يمكن فهمها إلا في هذا السياق بعيدًا عن تأويل وتفسير ما نكتبه وما لا نكتبه، فالبعض يدخل حتى في النوايا، والقصد من ورائها هو فقط مصلحة الكرة السعودية بشكل خاص والخليجية والعربية بشكل عام. وأنا مدرك تمامًا أن من يفهمون لا يحتاجون للشرح ومن لا يريدون أن يفهموا لا داعي للشرح لهم؛ لأنك مهما شرحت لن يفهموا سوى ما يريدون.