«اعتداء السويد» الذي توهمه ترمب يشغل العالم

أشار إليه مبررًا سياساته تجاه اللاجئين

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يحادث الصحافيين على متن الطائرة الرئاسية قبل وصوله إلى ملبورن بفلوريدا مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يحادث الصحافيين على متن الطائرة الرئاسية قبل وصوله إلى ملبورن بفلوريدا مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

«اعتداء السويد» الذي توهمه ترمب يشغل العالم

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يحادث الصحافيين على متن الطائرة الرئاسية قبل وصوله إلى ملبورن بفلوريدا مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يحادث الصحافيين على متن الطائرة الرئاسية قبل وصوله إلى ملبورن بفلوريدا مساء أول من أمس (أ.ف.ب)

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مساء السبت، مخاطبًا أنصاره، إن استقبال اللاجئين أمر خطير، بدليل أن السويد، البلد المضياف للاجئين، تعرض لاعتداء مساء الجمعة، لكن المشكلة تمثلت في أن السويد لم تشهد مثل هذا الاعتداء.
وقال ترمب في خطاب حماسي بفلوريدا، دافع فيه عن سياسته المناهضة لاستقبال اللاجئين: «انظروا ما يحدث في ألمانيا، انظروا ما حدث مساء أمس (الجمعة) في السويد. السويد... من كان يصدق ذلك؟! لقد استقبلوا عددًا كبيرًا من اللاجئين. والآن، باتت لديهم مشكلات لم تكن لتخطر في بالهم». كما أشار في خطابه إلى الاعتداءات التي وقعت في بروكسل ونيس وباريس. ولفتت صحيفة «الغارديان» البريطانية إلى أن الرئيس الأميركي ربما يكون قد أشار إلى اعتداء مدينة سيهون في باكستان الذي استهدف مزارًا صوفيًا، والذي أدى إلى مقتل 88 شخصًا.
ورفضت متحدثة باسم ترمب الرد في مرحلة أولى على استفسار وكالة الصحافة الفرنسية بشأن ما قاله الرئيس عن السويد. وسرعان ما انتشرت المعلومة الخاطئة على موقع «تويتر»، مرفقة بوسم (هاشتاغ) «مساء أمس في السويد» و«حادث في السويد».
ورد رئيس الوزراء السويدي السابق، كارل بيلت، بحدة على تصريحات ترمب، متسائلاً على حسابه بـ«تويتر»: «السويد؟ اعتداء؟ ماذا دخن؟»، في إشارة إلى الرئيس الأميركي.
ونقل غونر هوكمارك، النائب الأوروبي السويدي، تغريدة لأحد مواطنيه، قال فيها: «مساء أمس في السويد، سقط سندويتش ابني في نار مخيم؛ إنه لأمر حزين». وتساءل النائب في تعليق: «لكن كيف أمكنه (ترمب) أن يعرف بالأمر؟».
وسخرت تغريدات أخرى من ترمب، تحت عنوان «خطة سرية لاعتداء في السويد»، مرفقة بتعليمات عن كيفية تركيب أثاث شركة «أيكيا» السويدية الشهيرة. وتلقى موقع «ناشيونال سويدن» الرسمي الذي يتولاه كل أسبوع مواطن، نحو 800 سؤال بهذا الشأن في 4 ساعات.
وردت المسؤولة عن الموقع لهذا الأسبوع، وهي تعمل في مكتبة وربة أسرة: «كلا، لم يحدث شيء من هذا القبيل في السويد... لم يحدث هجوم إرهابي ألبتة». وهذه ليست المرة الأولى التي يشير فيها أعضاء في إدارة ترمب إلى هجمات إرهابية لم تحدث، ثم يتداركون أن الأمر زلة لسان.
وفي هذا السياق، كانت كيليان كونواي، مستشارة البيت الأبيض، التي اخترعت مصطلح «وقائع بديلة»، قد أشارت سابقًا إلى ما سمته «مجزرة بولينغ غرين» في مقابلة، ثم أوضحت لاحقًا أنها كانت تقصد «إرهابيي بولينغ غرين»، وهما عراقيان حاولا في 2011 إرسال مال وأسلحة إلى «القاعدة».
كما أشار المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبنسر، 3 مرات في أسبوع، إلى اعتداء وقع في أتلانتا (جورجيا)، قبل أن يتذكر أن الاعتداء وقع في أورلاندو بفلوريدا.
وعودة إلى خطاب ترمب أمام تجمع كبير في فلوريدا، في أجواء مشابهة لأيام حملته الانتخابية، فإنه حمل بشدة على وسائل الإعلام «غير النزيهة». وبعد اضطرابات كبيرة وصمت شهره الأول في البيت الأبيض، ألقى الرئيس الذي تبنى برنامجا شعبويا وقوميا وحمائيا خلال حملته، خطابا اتسم بنبرة هجومية وعدائية إلى حد كبير، أمام الآلاف من الأشخاص الذين تجمعوا في مطار ملبورن، بفلوريدا.
وقال خليفة باراك أوباما وسط صيحات أنصاره وتصفيقهم إن «البيت الأبيض يعمل على نحو سلس (...) صدقوني، لقد ورثت فوضى كبيرة». كما دعا إلى المنبر أحد مناصريه، خارقا بذلك الإجراءات الأمنية المعتمدة.
وشهد البيت الأبيض بعد شهر من تولي الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة مهامه، سلسلة نكسات سياسية مثل استقالة مستشار الأمن القومي مايكل فلين، فضلا عن توترات حادة مع وسائل الإعلام وتزايدت موجة التسريبات المسيئة لإدارته.
وفي خطاب بدأ محتواه ونبرته مشابهين للتجمعات الانتخابية التي نظمها في إطار حملته عام 2016 هاجم الرئيس الأميركي مجددا وسائل الإعلام «غير النزيهة» التي اتهمها بنشر «أكاذيب» و«معلومات خاطئة». وقال ترمب: «نحن شعب حر ومستقل، سنأخذ الخيارات الخاصة بنا. نحن هنا اليوم لنقول الحقيقة، كل الحقيقة ولا شيء سوى الحقيقة».
وكرر شعار حملته «استعادة عظمة أميركا»، واعدا بتأمين حدود الولايات المتحدة، خصوصا من خلال بناء جدار مع المكسيك ومحاربة «الإرهاب الإسلامي المتطرف».
وعن سياسة الهجرة، عاد ترمب لانتقاد القضاء ووعد بإصدار مرسوم خلال الأيام المقبلة لوقف توافد اللاجئين والمهاجرين «الخطرين». أما عن المناطق الآمنة، فأكد ترمب أنه طلب إنشاءها في سوريا «وتمويلها من طرف الخليج».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».