لم يمنع انعدام الخدمات الرئيسية في بلدة تلسقف المسيحية في سهل نينوى سكانها من العودة إليها بعد مرور أكثر من عامين ونصف على نزوحهم منها بسبب تنظيم داعش. لكن وبحسب السكان العائدين الذين بلغ عددهم نحو خمسين عائلة، تَحول مشكلة الخدمات وغياب دور الحكومة العراقية في عملية إعادة الحياة إليها من عودة ما تبقى من سكانها النازحين المتواجدين في مدن إقليم كردستان.
ناطق قرياقوس، أحد وجهاء البلدة كان أول العائدين، لكنه واجه الكثير من العقبات الخدمية، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «رغم التحديات التي تواجهنا قررنا العودة إلى بلدتنا. عدت من دهوك إلى تلسقف مع عائلتي وعائلات إخواني وأخواتي، لكن البلدة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة خاصة الخدمات الرئيسية من ماء وكهرباء وخدمات صحية وبلدية».
ويشير قرياقوس إلى أن حجم الضرر الذي تعرض إليه بيته قليل جدا مقارنة بالأضرار التي لحقت ببيت أخته الذي تعرض إلى قصف بقذائف الهاون شنه مسلحو التنظيم على البلدة أثناء المعارك. ويدعو هذا المواطن المجتمع الدولي إلى الضغط على الحكومة الاتحادية في بغداد لتقديم الخدمات لتلسقف من أجل عودة من تبقى من سكانها إليها.
واحتل مسلحو تنظيم داعش في 6 أغسطس (آب) 2014 مدينة تلسقف خلال هجوم موسع شنوه على مدن وبلدات سهل نينوى، لكن قوات البيشمركة تمكنت من تحرير البلدة ومناطق أخرى كثيرة من سهل نينوى في 17 من الشهر ذاته، لكن لم يعد إليها سكانها لأنها كانت تبعد عن خط التماس مع مسلحي «داعش» نحو أربعة كيلومترات فقط، وكانت تستهدف من قبل التنظيم بالمدفعية والصواريخ وقذائف الهاون بشكل مستمر. وفي 3 مايو (أيار) 2015 سيطر عليها التنظيم مرة أخرى، لكن قوات البيشمركة تمكنت من استعادة السيطرة عليها في اليوم ذاته. وبحسب إحصائيات غير رسمية كانت تسكن المدينة قبل احتلالها من قبل التنظيم عام 2014 نحو 1300 عائلة هاجرت نصفها إلى خارج العراق وبقي منها أكثر من 600 عائلة ما زالت غالبيتها نازحة في مدن إقليم كردستان.
ويبلغ عدد بيوت البلدة أكثر من 1700 بيت، تعرض نحو 20 بيتا منها إلى التدمير الكامل من قبل مسلحي «داعش» الذين لم يقفوا عند هذا بل وأحرقوا أكثر من خمسين بيتا آخر.
من جهته، يجزم مختار تلسقف، منهل رافائي داود، على أن البلدة أصبحت مؤمنة بالكامل، ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «لم تعد لدينا أي مخاوف أمنية في تلسقف، لأن المناطق المجاورة لنا حُررت بالكامل». ويؤكد داود أن بغداد لم تلعب حتى الآن أي دور في إعادة تأهيل المناطق المحررة، ويردف بالقول: «دعم الحكومة العراقية منعدم لمناطقنا، فهي لم تقدم لنا حتى الآن أي نوع من الخدمات الرئيسية ولم تمد اليد لإعمار ما دمره التنظيم من بنية تحتية رئيسية في سهل نينوى بشكل عام».
ويطالب الناشط المدني المسيحي غزوان إلياس بدور دولي لإعمار هذه المناطق، ويقول: «عودة سكان تلسقف إليها تعتبر نقلة نوعية، فهي أول بلدة في سهل نينوى يعود إليها سكانها رغم صعوبة العيش إلا أنهم يَتحَدون كل المصاعب ويريدون العيش، وهناك إصرار من قبل سكانها للعودة لذا نطالب المنظمات الدولية المانحة والمجتمع الدولي إلى مد يد العون لإعمارها وإعادة الخدمات إليها».
عودة 50 عائلة نازحة إلى بلدة تلسقف المسيحية شمال الموصل
عودة 50 عائلة نازحة إلى بلدة تلسقف المسيحية شمال الموصل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة