وصفت مصادر دبلوماسية غربية رافقت اجتماعات الرياض التي أفضت إلى تشكيل وفد المعارضة إلى جنيف بأن الأجواء كانت «جيدة» وأن الأمور تمت بـ«سلاسة»، رغم ما أشيع عن خلافات عميقة بين مكونات المعارضة وتجاذبات بين السياسيين والعسكريين. واعتبرت هذه المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أمس أن وفد المفاوضات الذي بدأ سلسلة من الاجتماعات التحضيرية في الرياض جاء «متوازنا»، وفيما يخص هيئة المفاوضات، فإن رياض حجاب سيبقى في موقعه منسقا عاما لها وليس مطروحا في الوقت الحاضر أي تغيير في تشكيلتها.
بيد أن الصعوبة، في نظر المصادر المشار إليها، تكمن فيما سيحصل في الجولة الرابعة من المفاوضات في جنيف لتدوم أسبوعين. وقالت المصادر الغربية إن الجولة الجديدة «ستكون بصعوبة الجولات الثلاث التي حصلت في السابق وآخرها في أبريل (نيسان) الماضي، بسبب ما نتوقعه من تشدد من قبل وفد النظام الذي لم يعط أي مؤشر يمكن أن يدل أنه راغب حقا في التفاوض هذه المرة». ولذا، فإن هذه المصادر تتوقع أن يستمر في استفزاز المعارضة وأن يعمد إلى تكثيف عمليات القصف التي تستهدف مناطقها ومنع وصول المساعدات الغذائية. أما ما تخشاه فيتمثل في «رفض النظام الدخول في مفاوضات جدية» فيما يخص العملية السياسية الانتقالية، وهو ما أعلنت المعارضة تمسكها المطلق بها وتأكيدها أن وفدها سيذهب إلى جنيف لطرح ملف الانتقال السياسي.
من هذه الزاوية، يرى الغربيون أن «مفتاح المفاوضات» في جنيف موجود في موسكو التي تتمتع وحدها بالقدرة على دفع النظام للالتزام بموقف «منفتح يقبل النقاش والخوض في المسائل الأساسية»، فضلا عن احترام الهدنة وتمكين المنظمات الإنسانية كالصليب الأحمر والهلال السوري من الوصول إلى المناطق المحاصرة. لكن المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» رغم اقتناعها بأن الطرف الروسي «يسعى للوصول إلى مخرج» في سوريا، فإنها «غير مقتنعة بأنه جاهز اليوم للي ذراع الرئيس الأسد ولدفعه لتقديم تنازلات أو الخوض في مسائل رفض الخوض فيها في الجولات الثلاث الماضية».
يضاف إلى ذلك عامل «مجهول» آخر، قوامه ما يمكن أن يحصل بين الطرفين الروسي والأميركي خلال الأسبوع الحالي وتحديدا خلال اللقاء المنتظر، الأول من نوعه، بين الوزير سيرغي لافروف ونظيره الأميركي الجديد ريكس تيلرسون على هامش اجتماعات وزراء خارجية مجموعة العشرين التي ستستضيفها ألمانيا يومي الخميس والجمعة المقبلين. وما فهم حتى الآن، أن واشنطن الراغبة في «جب» النفوذ الإيراني في سوريا والقضاء على «داعش»، ستكون مستعدة للسير خطوة باتجاه موسكو التي تحتاج إليها لتحقيق هدفها المنشود، وبالتالي فإنها قد تكون أكثر ميلا للاقتراب من المواقف الروسية والتخلي عن المطالبة برحيل الأسد والقبول بما تقترحه روسيا بهذا الشأن. وثمة رأي آخر يقول إن الرئيس بوتين «القادر على الضغط على الأسد» قد يريد «تسليف» الرئيس ترمب في سوريا موقفا يستطيع المطالبة بمقابله في مكان آخر «مثلا العقوبات المفروضة على بلاده بسبب شبه جزيرة القرم وأوكرانيا».
تبين هذه العناصر أهمية الأسبوع الحالي بالنسبة للأزمة السورية. ومن المقرر أن يشهد مؤتمر الأمن في ميونيخ يومي 17 و18 من الحالي اتصالات دبلوماسية عالية المستوى؛ إذ من المنتظر أيضا أن تلتئم «المجموعة الصلبة» العشرية للدول الداعمة للمعارضة السورية «الولايات المتحدة، بريطانيا، ألمانيا، فرنسا، السعودية، الإمارات، قطر، الأردن وتركيا» بغرض الاستماع للوزير الأميركي والتعرف على مواقف إدارته وشد أزر المعارضة السورية. وينتظر أن يكون موضوع إقامة المناطق الآمنة التي تبنتها الإدارة الأميركية ولكن من غير تحديد شكلها ومكانها والصيغة التي ستتم بها... وتقوم باريس بدور رئيسي في التحضير لاجتماع «النواة الصلبة» من خلال التواصل مع ألمانيا «البلد المضيف» والأطراف الخليجية.
يبقى موضوع مصير المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا الذي تسلم أمس رسميا لائحة الوفد السوري المعارض. وتقول المصادر الغربية إن دي ميستورا «لم يفتح ملف مصيره» كمبعوث دولي رغم أن التقليد في الأمم المتحدة ينص على أن يقدم المبعوثون الخاصون استقالتهم مع انتخاب أمين عام جديد. لكن هذه المصادر ترى أن اللحظة اليوم «غير مناسبة» لاستقالة دي ميستورا مع اقتراب موعد «جنيف4» خصوصا أن تعيين مبعوث خاص جديد سيشل الدينامية الجديدة بسبب حاجته لكثير من الوقت للإمساك بملف معقد مثل الملف السوري. فضلا عن ذلك، يمكن اعتبار أن دي ميستورا الذي لم يستقل من منصبه كما فعل سابقاه كوفي أنان والأخضر الإبراهيمي ربما «يريد أن يترك شيئا إيجابيا وراءه قبل أن يغادر المسرح». ولذا ليس من المستبعد أن يستقيل وأن يعيد الأمين العام البرتغالي الجديد إعادة تكليفه لفترة إضافية.
مصادر غربية: وفد جنيف «متوازن» وأجواء اجتماعات الرياض «جيدة»
قالت لـ «الشرق الأوسط» إنها تتوقع مفاوضات صعبة... مفتاحها في موسكو
مصادر غربية: وفد جنيف «متوازن» وأجواء اجتماعات الرياض «جيدة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة