اتسعت ما بدأت مسيرة واحدة صوب واشنطن العاصمة لتصبح 673 مسيرة في المدن الأميركية وحول العالم، تزامنا مع تنصيب دونالد ترمب رئيسا. وتظاهر مئات الآلاف في أنحاء الولايات المتحدة (السبت) تلبية لدعوات إلى مسيرات مؤيدة لحقوق المرأة؛ تزامنا مع أول أيام رئاسة ترمب. وشهدت واشنطن أكبر مظاهرة، حيث قال نائب عمدة المدينة، كيفن دوناهيو، إن المنظمين رفعوا توقعاتهم لأعداد المشاركين من 200 ألف إلى نصف مليون، مع استمرار تدفق المحتجين إلى شوارع المدينة.
ولا تصدر واشنطن عادة بشكل رسمي أرقاما لعدد المشاركين في المظاهرات، إلا أن أحد أكبر شوارعها اكتظ بالناس لدرجة استحال السير على مدى 1.5 كيلومتر، فيما تحدثت هيئة المواصلات عن تضاعف عدد مستخدمي وسائل النقل العام في المدينة. وخرجت مسيرات مماثلة في بوسطن ونيويورك ودنفر وشيكاغو، حيث قالت الشرطة إنها تتعامل مع «حشد كبير».
من ناحيتها، ذكرت صحيفة «شيكاغو تريبيون» أن 150 ألف شخص خرجوا في المدينة.
وتأتي المظاهرات غداة فوضى وأعمال شغب خلال مواجهات بين مئات المتظاهرين المعادين لترمب وعناصر الشرطة أدت إلى حرق السيارات وتحطيم الواجهات الزجاجية للمتاجر ووضع حاويات النفايات كمتاريس، بينما ردت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع.
في شارع «الاستقلال» على مقربة من مبنى الكابيتول (الكونغرس) وسط العاصمة الأميركية واشنطن رفعت شعارات «المرأة الشريرة»، و«نحن الناس»؛ احتجاجا على برنامج ترمب السياسي وسلوكه اتجاه المرأة بشكل عام، ودعما لمنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.
معارضات ترمب في المظاهرة حظين بدعم كبير من الأوساط السياسية والحقوقية؛ إذ شارك فيها عدد كبير من نجمات هوليوود وعضوات الكونغرس، إضافة إلى وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري، ومباركة هيلاري كلينتون التي شكرت المتظاهرات عبر حسابها في «تويتر».
وبحسب الإرشادات والتعليمات التي أعلنتها إدارة المظاهرة، فإنه تم توفير دورات مياه متنقلة، وخدمات علاجية طارئة لكبار السن والأطفال، مشيرين إلى مشاركة أكثر من 10 آلاف متطوع من الرجال والنساء لتنظيم المظاهرة بجانب رجال الأمن والمختصين. إضافة إلى عدد كبير من الجماعات والمنظمات الحقوقية مثل جمعية المثليين الوطنية، وحزب الخضر، وجمعية الصليب الأحمر، وكذلك المنظمات الأخرى التي تنتمي للحزب الديمقراطي.
واعتبر الكثير من المتظاهرات ممن التقتهن «الشرق الأوسط» أن المشاركة في المظاهرة النسائية المليونية تعبيرًا عن رفض الكثير من السيدات للصورة النمطية التي ينظر بها الرئيس ترمب إليهم، مشيرين إلى دعمهم الكبير للمرشحة الديمقراطية المنافسة لترمب هيلاري كلينتون، وأن المظاهرة هي لإسماع أصواتهم وإيصال طلباتهم.
تقول أريانا راندي، القادمة من ولاية أكلاهوما لـ«الشرق الأوسط»، إنها قطعت مسافة نحو 1400 ميل مع عدد من أفراد عائلتها وصديقاتها للمشاركة في المظاهرة بواشنطن، ودعم حقوق المرأة ومطالباتها بالطريقة المدنية.
وأفادت بأن الدستور الأميركي والحقوق المدنية تحفظ لهم حقوقهم ومعارضة الرئيس ترمب حتى بعد تقلّده منصب رئيس الولايات المتحدة، مضيفة: «لا يشرفني أن يكون ترمب رئيسًا لي وهو لا يحترم المرأة، واليوم اجتمعنا في واشنطن لتكون رسالتنا واضحة للعالم أجمع».
بدورها، أكدت المتظاهرة العربية آية صبري، القادمة من ولاية ميرلاند (شمال واشنطن)، أن الصوت النسائي في أميركا يجب أن يكون مسموعًا ويتم معاملتها باحترام دون تفريق بين اللون والعِرق والمعتقد، معتبرة أن مشاركتها في المظاهرة تعتبر تأكيدًا لها على هذا المبدأ، وتعاونًا مع السيدات كافة القادمات من الـ51 ولاية الأميركية.
وأضافت: «أتيت اليوم وأنا بصفتي فتاة أميركية من أصول عربية. لي في هذا البلد من حقوق وواجبات كما لغيري فيها، والمعاملة السيئة التي تتلقاها المرأة في كل مكان بالعالم يجب أن تتحسن، والرئيس ترمب لا بد أن يستمع للأصوات المخالفة لرأيه، حتى وإن لم يكن يفضلّها».
فيما ترى ويتني آشيملدون، البالغة من العمر 60 عامًا، أن المظاهرة النسائية المليونية سيخلّدها التاريخ الأميركي؛ إذ شاركت فيها بصحبة عدد من حفيداتها وبناتها لترسيخ مبدأ حقوق المرأة وإنصاف مطالبها.
وقالت إنها «ستظل على أمل بأن تقود المرأة يومًا ما أميركا، وهذا تعمل على إحيائه بين حفيداتها وجعلهم يشاركونها في المظاهرات»، مضيفة: «كنت أرغب في أن تفوز هيلاري كلينتون بكرسي الرئاسة الأميركية، إلا أن ما حدث كان مخيبًا للآمال، خصوصًا فوز ترمب بالكرسي وهو شخص لا يحترم المرأة، ولكن عندي أمل في المستقبل بتحقق هذا الحلم».
يذكر أن السلطات الأميركية ألقت القبض على نحو 100 شخص متظاهر أول من أمس، بعد اندلاع أعمال شغب وتخريب وسط العاصمة الأميركية واشنطن، وذلك حين أداء الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليمين الدستورية؛ إذ تم خلال مظاهرات الشغب تكسير زجاج عدد من المحال، وتشابك بين أنصار الرئيس ترمب ومعارضيه؛ ما استدعى إلى تدخل السلطات الأمنية والقبض على المشاغبين.
ونظم مئات الأشخاص مظاهرة تنادي بحقوق النساء أمام السفارة الأميركية في برلين تزامنا مع مسيرة واشنطن لإبلاغ رسالة مماثلة إلى دونالد ترمب في اليوم الأول لرئاسته.
وجرى تنظيم مسيرة التضامن من جانب «الديمقراطيين في الخارج»، الفرع الرسمي للحزب الديمقراطي للمواطنين الأميركيين الذين يعيشون في الخارج، بحسب الشرطة الألمانية.
وردد المتظاهرون هتاف «لا عدالة، لا سلام».
وانطلقت مظاهرات مماثلة في لندن وباريس ومدن أخرى حول العالم؛ احتجاجا على كراهية النساء والعنف والعنصرية وعدم التسامح الديني، وهي الصفات التي قال المتظاهرون إن حملة ترمب الانتخابية اتسمت بها.
كما خرج مئات من السكان المحليين والمغتربين الأميركيين إلى الشوارع في مدن عدة في نيوزيلندا أمس (السبت)، في مسيرة بعنوان «مسيرة نسائية صوب واشنطن».
تدلّت من جسر البرج الشهير في لندن لافتة تقول: «ابنِ الجسور لا الجدران». ورفع المحتجون عند الجسر الشهير رسائل وردية كتب عليها «تحرك الآن» بعد وقت قصير من شروق الشمس في حين ثبّت آخرون اللافتة فوق سور الجسر، بينما كان قارب سريع يرفع علما أسود كتب عليه «ابنِ الجسور لا الجدران» يشق طريقه في نهر التيمس.
وعلى مقربة من البرلمان البريطاني رفع المحتجون لافتات تقول: «المهاجرون مرحب بهم هنا» و«الهجرة أقدم من اللغة» فوق جسر وستمنستر.
ونظمت المظاهرة في لندن جماعة ناشطة تطلق على نفسها اسم «جسور لا جدران» في إشارة إلى تعهد ترمب ببناء جدار على طول الحدود بين بلاده والمكسيك. وقالت نونا هوركمانز من «جسور لا جدران» في بيان «لن ندع سياسة الكراهية التي يروج لها أمثال دونالد ترمب تترسخ». وأثار ترمب غضب خصومه جراء التصريحات التي أدلى بها خلال حملته الانتخابية بخصوص النساء والمهاجرين غير الشرعيين والمسلمين، وبناء جدار على طول الحدود مع المكسيك.
673 مسيرة في مدن الولايات المتحدة وحول العالم ضد ترمب
واشنطن شهدت أكبرها... ولندن ترفع شعار «ابنِ الجسور لا الجدران»
673 مسيرة في مدن الولايات المتحدة وحول العالم ضد ترمب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة