مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

ترامب و«تويتر»... حب من طرف واحد

يستخدم الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، حسابه على منصة «تويتر» في الإنترنت، كمدفعية ثقيلة ضد كل خصومه، ليس فقط النشطاء والساسة والفنانون والشخصيات العامة، بل بشكل مباشر، ضد «لوبي» الميديا الأميركية الليبرالية التي أعلنت الحرب عليه، وساندت خصومه، ومن قبل ذلك نسجت أوهام النصر للمرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون.
المفارقة أن شبكة «تويتر»، وكل أخواتها، هي نتاج مزيج من الشعارات الليبرالية، المتياسرة، بُني عليها «لوبي» عالمي، اقتصادي سياسي إعلامي، هائل، يتغذّى على «إدمان» البشر للثرثرة والانكشاف اليومي، والفضول. (مقالة حكومة العالمية الخفية، في هذا المكان، 26 أغسطس (آب) 2016).
لذلك لم يكن غريبًا أن ينتصر ملاك «تويتر» لخصوم ترامب، ويهددوه بإغلاق هذه النافذة له، بدعوى أن ترامب عنصري، وأن «تويتر» لا توافق على أفكاره. حصل هذا بالفعل، وكان ترامب قد أجاب منتقديه قبل أيام عن استمراره بالتغريد على «تويتر» حتى بعد تسلمه الرئاسة مباشرة، بأنه، أي ترامب، لا يحبذ التغريد على «تويتر» لكنه يستخدمه وسيلة دفاعية ضد وسائل الإعلام غير الأمينة.
الحق أنه صادق في هذه الشكوى، ونحن نرى الفضائيات الإخبارية الأميركية تشهر سيوف الحرب على شخص ترامب، وتعبئ الرأي العام ضده.
هل ترامب مصيب في التراشق مع هذه الميديا المتوحشة الضخمة؟
هذا موضع نقاش، لكن تهديد «تويتر»، غير العملي، لترامب بإغلاق حسابه، مراعاة للقيم الإنسانية، مضحك بصراحة!
لم نرَ هذه الرهافة والحساسية والحسم، تجاه حسابات الإرهابيين «الدواعش» و«القواعد» و«الخمينية»، ولم نره تجاه حساب واحد مثل «مجتهد» المفتري المساند لـ«القاعدة» الداعي للفوضى الأمنية في السعودية!
هذا هراء، وقد سمعت من مسؤول سعودي مختص، أن تعاون شركة «تويتر» في الشكاوى الأمنية الصرفة، ضعيف إن لم يكن معدومًا، مقارنة بتطبيق مثل «يوتيوب».
هذه الشكوى لا تخص السعودية والعرب فقط، ففي أغسطس 2016 تذّمر نائب في البرلمان البريطاني من عدم التعاون «الجدّي» من قبل شركات الإنترنت التي تمتلك أشهر التطبيقات التفاعلية، حين طلب منها التحقق من حساب ما أو محتوى ما. النائب فسّر هذا التقاعس، حينها، بحرص هذه الشركات على «حماية العلامة التجارية» لها.
القصة ليست مساندة كلام ترامب ومعاركه السياسية والإعلامية، بل التوقف عند هذا التمويه والخداع لدى صنّاع «تويتر» في سبب إغلاق حساب ترامب. الأمر هو «فزعة» أو غوث من هذه الشركة، للجسم الليبرالي الأميركي والعالمي، وأهل الأهواء اليسارية، فهم سادة الإعلام، القديم والجديد، ولن يسمحوا بمن يناهضهم، ولو عبر حساب شخصي فريد!
ترامب يواجههم وحده!