الرئيس الفرنسي: نريد لحل الدولتين أن يبقى هو المرجع

باريس تخفض توقعاتها من مؤتمر السلام إلى بيان بلا آلية متابعة أو قرار دولي

الفلسطيني وحيد بورش يحتفل مع عائلته في مخيم جباليا بعد إطلاق سراحه من السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)
الفلسطيني وحيد بورش يحتفل مع عائلته في مخيم جباليا بعد إطلاق سراحه من السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الفرنسي: نريد لحل الدولتين أن يبقى هو المرجع

الفلسطيني وحيد بورش يحتفل مع عائلته في مخيم جباليا بعد إطلاق سراحه من السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)
الفلسطيني وحيد بورش يحتفل مع عائلته في مخيم جباليا بعد إطلاق سراحه من السجون الإسرائيلية (أ.ف.ب)

خفضت باريس من سقف توقعاتها بالنسبة لمؤتمر السلام الذي تستضيفه الأحد المقبل، بحضور ممثلي ما لا يقل عن سبعين دولة ومنظمة إقليمية ودولية. وسينتهي المؤتمر الذي يفتتحه، صباحا، وزير الخارجية، ويدير أعماله، ويلقي فيه الرئيس فرنسوا هولاند كلمة بداية بعد الظهر، إلى بيان تغيب عنه الإشارة إلى إطلاق «آلية متابعة» كانت ترغب باريس في إيجادها. وفيما سيغيب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني عن المؤتمر، فقد علم في باريس، أن أبو مازن سيأتي يوم الاثنين إلى العاصمة الفرنسية تلبية لدعوة وجهت إليه كما لنتنياهو. وسبق للناطق باسم الحكومة ستيفان لو فول، أن أعلن الأربعاء، أن باريس «لن ترفض استقبال محمود عباس في حال رغب في الحضور إليها». لكن في حال حضوره، فإن عباس لن يكون طرفا في أعمال المؤتمر، بل سيطلعه الرئيس هولاند، وكذلك وزير الخارجية، على نتائجه، كما سيتم البحث في المراحل اللاحقة.
وأمس، تناول هولاند في كلمته السنوية للجسم الدبلوماسي المعتمد في باريس، موضوع المؤتمر، ساعيا إلى تفكيك «نقمة» إسرائيل على بلاده. لكن غضب نتنياهو يبدو بلا حدود؛ إذ لم يتردد أمس، في وصف المؤتمر بأنه «عبارة عن خدعة فلسطينية برعاية فرنسية، تهدف إلى اعتماد مواقف أخرى معادية لإسرائيل». لذا؛ فإن هولاند شدد على أن هدف المؤتمر، هو «إعادة التأكيد على تمسك الأسرة الدولية بحل الدولتين، والعمل على أن يبقى هذا الحل هو المرجع». وأضاف هولاند، أن زوال هذا الحل سيعني «تهديد أمن إسرائيل الذي تتمسك به فرنسا بقوة». وذهب هولاند باتجاه ما يريده نتنياهو ويشدد عليه، بقوله إنه «يعي حدود ما يمكن أن يفضي إليه المؤتمر»، وأن «السلام سيبرمه الفلسطينيون والإسرائيليون وليس أي طرف آخر»، وأن المفاوضات المباشرة «وحدها يمكن أن تفضي إلى الحل».
ليست معارضة إسرائيل جديدة؛ إذ إنها من حيث المبدأ، ترفض أي مقاربات دولية جماعية، ولا تريد لفرنسا أو أوروبا أن تلعب أي دور؛ لأنها تعتبر أن مصلحتها تكمن في مفاوضات مباشرة حيث الفلسطيني هو الطرف الأضعف وهي، بالطبع، ترفض أي ضغوط لتقديم تنازلات. وقالت مصادر دبلوماسية فرنسية أمس، إن معدي المؤتمر «أخذوا بعين الاعتبار، السياق الذي ينعقد المؤتمر في ظله»، وتحديدا وصول إدارة أميركية جديدة ستكون أكثر دعما للمواقف الإسرائيلية. وقالت هذه المصادر، في معرض شرحها للمؤتمر وما سيخرج منه، إن الحضور الذي سيضم سبعين دولة، منها الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن ودول الاتحاد الأوروبي والدول العربية وآسيوية، ناهيك عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية: «ستكون لهم رسالة واحدة» يشددون عليها، وهي أن حل الدولتين الذي «ينازع» هو الوحيد الممكن لوضح حد للنزاع الفلسطيني ــ الإسرائيلي. وتعترف المصادر الفرنسية، بأن هذا القول: «ليس جديدا، لكنه أكثر من ضروري» لإعادة التذكير به ووضعه على الطاولة. وأضافت هذه المصادر، أن باريس «اتهمت بأنها تريد فرض السلام والتفاوض مكان الآخرين وتشجيع الفلسطينيين على التهرب من المفاوضات»، في إشارة لما تقوم عليه الدعاية الإسرائيلية ضد المؤتمر. وتؤكد هذه المصادر مجددا بأن «السلام لن يكون سوى ثمرة الطرفين وقرارهما». لكن دور المؤتمرين في باريس هو المساعدة على «ردم الهوة بين الطرفين المتنازعين والدفع باتجاه إعادة إنتاج مناخ ملائم وتوفير أفق سياسي» يمكن البناء عليه.
من هذه الزاوية، تنبع أهمية ما وفرته مجموعات العمل الثلاث التي جرى إنشاؤها عقب اجتماع باريس بداية يونيو (حزيران) الماضي، وتتناول المحفزات الاقتصادية وكيفية مساعدتها على تركيز بنى الدولة التي تريد بناءها. وأخيرا إعادة تحريك المجتمع المدني داخل إسرائيل وفي فلسطين، وما بينهما، لإعادة إحياء فكرة السلام والحل.
رغم أهمية ما تقوله باريس المقبلة، هي الأخرى، على انتخابات رئاسية وتشريعية في الربيع المقبل، ستشهد على الأرجح، رحيل اليسار عن السلطة، فإنه يتعين التذكير بأنها تراجعت عما كانت قد وعدت به، وهو استعدادها للاعتراف بالدولة الفلسطينية في حال فشلت جهودها السلمية في إعادة تحريك المفاوضات. وأمس، قالت المصادر الدبلوماسية الفرنسية، إن الربط بين الأمرين «لم يعد قائما». وكانت مسألة الاعتراف ينظر إليها على أنها «سلاح ردعي» بأيدي فرنسا. لكنها تخلت عنه ربما بفعل الضغوط الإسرائيلية والأميركية، ومن جانب بعض بلدان الاتحاد.
في أي حال، تقول المصادر الفرنسية، إن ما سيصدر عن المؤتمر سيكون بمثابة رسالة إلى الإدارة الأميركية الجديدة، وهذه الرسالة نابعة من قراءة الوضع الحالي، حيث «حل الدولتين مهدد، والوضع القائم يتدهور، ونبتعد يوما بعد يوم عن حل الدولتين»، الذي سيصبح ماديا صعب التحقيق بسبب الاستيطان المتسارع. لذا؛ كان من المهم، برأي الجانب الفرنسي، إعادة التأكيد على المبادئ الأساسية من دون الخوض في التفاصيل «حتى يتحمل كل طرف مسؤولياته».
هل سيتلقى ترامب الرسالة؟ الشكوك كبيرة، لكن الجواب ستأتي به الأيام المقبلة.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.