قبل سنوات شعر المدير الفني السابق لنادي برشلونة الإسباني جوسيب غوارديولا بأنه بحاجة لدعم إضافي في خط هجوم فريقه، وقدم له مدير الكرة تكسيكي بيغيريستاين هذا الدعم في شكل لاعب برازيلي نحيل قادم من نادي بالميراس يحمل آمالاً كبيرة واسمًا جذابًا، لكن اتضح بعد ذلك أن اسم «كيريسون» هو أفضل شيء في الصفقة الجديدة التي أبرمها النادي لتدعيم خط الهجوم في صيف عام 2009.
وللأسف، أصبحت مسيرة كيريسون في برشلونة بمثابة رسالة تحذير وعظة لكل من يرغب في إبرام صفقة جديدة. فعندما وصل اللاعب البرازيلي إلى إسبانيا، صرح قائلاً: «أنا سعيد للغاية لأنني حققت حلمي باللعب في أفضل نادٍ في العالم». لكنه لم يلعب مطلقًا مع الفريق الكتالوني، وانتقل على سبيل الإعارة لبنفيكا ومنه إلى فيورنتينا الإيطالي ثم سانتوس وكوريزيرو وكوريتيبا على مدى الخمس سنوات التالية. وتعد صفقة كيريسون مثالاً حيًا على أخطاء النظم الإدارية والتضارب بين احتياجات المدير الفني من جهة وأهواء وهواجس مدير الكرة من جهة أخرى.
الأمر نفسه يحدث بالضبط مع لاعب برازيلي آخر نحيل في الجسم ويحمل اسمًا جذابًا وآمالاً كبيرة في عالم كرة القدم، وهو غابرييل خيسوس، القادم أيضًا من نادي بالميراس. ومرة أخرى غوارديولا هو من يحتاج لشيء إضافي، في حين يحصل بيغيريستاين، الذي يشغل الآن منصب مدير الكرة في مانشستر سيتي، على خدمات لاعب في التاسعة عشرة من عمره ويخوض أول تجربة له خارج البرازيل، الذي قد يكون الصفقة الوحيدة التي يبرمها مانشستر سيتي في فترة الانتقالات الشتوية.
وبعد الخسارة الأخيرة أمام ليفربول، التقطت عدسات التلفاز غوارديولا وهو يتحدث مع بيغيريستاين عن عدم الفعالية الهجومية لفريقه وعن مجموعة اللاعبين الذي وجدهم في النادي لدى قدومه ولم يختر أيًا منهم، وهو ما يدفعنا للتساؤل عن الإضافة التي سيقدمها خيسوس لخط هجوم سيتي.
بالطبع، لا يوجد وجه للمقارنة مع كيريسون، نظرًا لأن خيسوس قد وصل لمرحلة متقدمة في مسيرته الكروية، ويلعب بالفعل مع منتخب البرازيل وظهر بمستوى قوي، إلى جانب نيمار ولوان، خلال دورة الألعاب الأولمبية الأخيرة في ريو دي جانيرو التي توج راقصو السامبا بميداليتها الذهبية لأول مرة في تاريخهم. ومع ذلك، لن يكون من الصعب أن نتوقع مواجهة خيسوس بعض العقبات القليلة لدى انضمامه لمانشستر سيتي الذي يمر بفترة غريبة في واقع الأمر.
يبدو خيسوس من نوعية اللاعبين ضعاف البنية الذين تعتقد للوهلة الأولى أنهم لن يتمكنوا من مجاراة القوة البدنية الهائلة التي يتطلبها اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز. فمثله مثل نيمار عندما كان في تلك السن، يبدو خيسوس هزيلاً وستكون مهمته الأولى أن يثبت قدرته على اللعب وسط لاعبين يتميزون بالقوة البدنية والتدخلات العنيفة.
لا أعتقد أن هذا الأمر سيمثل مشكلة للاعب البرازيلي، الذي سبق أن نال بطاقة حمراء بسبب شجاره وتدخله العنيف على الخصم. كما أنه لا يمكن للاعب أن يتحول من مجرد لاعب بالشارع إلى لاعب دولي في منتخب البرازيل، وهو في تلك السن الصغيرة دون أن يكون قد تعرض لتدخل عنيف من هذا اللاعب أو ذاك. وعلاوة على ذلك، يتميز خيسوس بالسرعة الفائقة والقدرة الهائلة على إنهاء الهجمات بالشكل الذي يجعله ينتقم من الفريق المنافس بطريقته الخاصة.
لكن العقبات الحقيقية ستكون خارجة عن إرادته. أولاً، قد يكون آخر شيء يحتاجه مانشستر سيتي هو ضم مهاجم جديد بحاجة إلى فترة كبيرة للتأقلم على أجواء الدوري الإنجليزي الممتاز.
وثانيًا، هناك ضغوط واضحة على النظام الذي جلب خيسوس إلى هنا، فمنذ وصول بيغيريستاين إلى مانشستر سيتي وآلية التعاقدات تعاني من خلل كبير، إذ أنفق النادي على مدى العامين الماضيين 200 مليون جنيه إسترليني على ضم جون ستونز وكلاوديو برافو وليروي ساني ورحيم ستيرلينغ وفابيان ديلف ونيكولاس أوتأميندي، لكن لم يقدم أي منهم الأداء المأمول حتى الآن. صحيح أن كيفن دي بروين وفريناندينيو حققا نجاحًا كبيرًا، لكن الحقيقة تظل تتمثل في أنه بعد مرور 8 فترات انتقال منذ قدوم بيغيريستاين للنادي، كانت أفضل الصفقات هي ديفيد سيلفا وسيرغيو أغويرو ويايا توريه، وجميعهم وصلوا إلى النادي برعاية المدير التنفيذي للنادي بريان ماروود.
ويرى البعض أن سمعة بيغيريستاين الكبيرة قد بنيت في الأساس على لاعبين كبار في برشلونة لم يكن له دور في التعاقد معهم، مثل النجم البرازيلي رونالدينهو الذي تعاقد معه ساندرو روسيل، والكاميروني صامويل إيتو الذي تعاقد معه خوان لابورتا. وفي مانشستر سيتي، أشرف بيغيريستاين على إنفاق أكثر من نصف مليار جنيه إسترليني دون أن ينجح في التعاقد مع مدافع من نوعية المدافعين الذين يبحث عنهم غوارديولا أو لاعب خط وسط جاهز أو فريق قادر على التكيف مع ما يطلبه المدير الفني. ومع ذلك، يتعين على اللاعب البرازيلي البالغ من العمر 19 عامًا والمنضم حديثًا أن يقاتل من أجل حجز مكان له في التشكيلة الأساسية للفريق في ظل هذه الظروف. وبمجرد أن يستريح خيسوس من عناء السفر ويستقر، يجب عليه أن يثبت موهبته وقدرته على قيادة خط هجوم الفريق، وهناك نقطتان في صالحه في هذا الشأن: أولاً، سوف يعمل غوارديولا جاهدًا لكي يطور أداء خيسوس ويثبت أنه صفقة ناجحة، ووعد المدير الفني الإسباني بالفعل بأنه سيدفع باللاعب في مركز المهاجم الصريح بدلاً من أطراف الملعب. وثانيًا، هناك اتفاق على أن خيسوس يعد موهبة كبيرة في حقيقة الأمر، وهو ما يظهر جليًا في تحركاته ورشاقته ومهارته وقدرته على التمرير والمراوغة وإنهاء الهجمات، وهو ما يجبر الجميع على احترامه والإيمان بقدراته. وعلاوة على ذلك، دائمًا ما كان خيسوس يثبت أنه عند مستوى التوقعات، ويكفي أن نعرف أنه سجل 37 هدفًا في 22 مباراة في بطولة باوليستا البرازيلية، وهو ما دفع جمهور النادي لتقديم عريضة تطالب بتصعيده للفريق الأول للنادي. وقدم خيسوس أداءً قويًا في دورة الألعاب الأولمبية وأصبح أحد عناصر التشكيلة الأساسية لمنتخب البرازيل، وأحد اللاعبين الذين يتحملون ضغط المباريات، وهو ما سيساعده في قيادة خط هجوم مانشستر سيتي بشكل قوي.
من الوارد جدًا أن يبقى خيسوس على مقاعد البدلاء خلال الأسابيع القليلة المقبلة، لكن سيكون لديه الدافع القوي للنزول إلى أرض الملعب لإظهار قدراته ومهاراته، كما سيكون بمثابة اختبار حقيقي لقدرة غوارديولا على الاستفادة من فترة الانتقالات الشتوية لتعزيز صفوف فريقه.
خيسوس... رهان جديد لغوارديولا ومانشستر سيتي
المهاجم البرازيلي الشاب أثبت موهبته لكن عليه مواجهة تحديات القوة في الدوري الإنجليزي
خيسوس... رهان جديد لغوارديولا ومانشستر سيتي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة