بعد جولة ثانية من التحقيق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمام شرطة مكافحة الفساد، استمرت خمس ساعات متواصلة، وصمت من قادة حزب الليكود، الذي يترأسه نتنياهو، تواصل منذ بدأت التحقيقات، ضجت الشبكة الاجتماعية في إسرائيل بكل ما يتعلق بالقضية، وخرج أعضاء في المجلس المركزي في الليكود عن صمتهم، وطالبوا رئيس حكومتهم بالاستقالة الفورية، معتبرين نتنياهو وصمة عار في تاريخ حزبهم. وكتب مدير هذه المجموعة، وهو عضو المجلس المركزي لليكود غيل شموئيلي، من مدينة نهريا، إن مئات النشطاء، وبينهم وزراء وأعضاء كنيست، ممن يعتبرون أنفسهم «مجموعة المخلصين لتقاليد (حيروت)»، وهي الحركة العقائدية التي انبثق منها الليكود، يخجلون من أساليب نتنياهو عمومًا، ومن فساده بشكل خاص. وأضاف شموئيلي: «منذ عشر سنوات ونحن في الليكود نشعر بأننا تحت حكم ديكتاتوري... خلص. لحد هون وبس. حان الوقت لنقول ببساطة: من فضلك، اجلس في بيتك. دعنا وشأننا. فمن لا يفهم معنى الفساد في السياسة، لا يفهم كيف تتهاوى حركات وتفقد القوة. ولأسفي، فإنه كلما مرّ الوقت تتفاقم المشكلات الاجتماعية وتتعمق».
وكتب ناشط آخر في الليكود، يدعى موطي أوحانا، أن «التحقيق ضد رئيس الحكومة لا يضيف احترامًا لليكود. وقال رجل حكيم مرة: (مناحيم بيغن آخر جيل العمالقة ونتنياهو هو أول جيل الفاشلين)». ورد شموئيلي عليه، قائلاً: «أجل، نتنياهو يجب أن يرحل، وأنا أطلب ما طلبه نتنياهو من أولمرت بالضبط»، في إشارة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، إيهود أولمرت الذي اضطر إلى الاستقالة بعد اتهامه بالفساد، وهو يجلس الآن في السجن. وأضاف شموئيلي: «لماذا ينبغي أن يحصل نتنياهو على هدايا بالملايين؟ هل ينقصه شيء؟ هل بات جائعًا للخبز؟».
وأما ليئور هراري، وهو ناشط في الليكود ممن لا يزالون يؤيدون نتنياهو، ويمنعون أي انتقاد ضده، فقد اعترف بأنه ورفاقه يواجهون وضعًا صعبًا في الشارع بسبب فساد نتنياهو. وقال: «يوجد قرابة 3 آلاف عضو لجنة مركزية بالليكود، وهناك بضع مئات الأعضاء الذين يمثلون معارضة صارخة لنتنياهو. لكن الكادر عمومًا مستاء، خصوصًا أنه لا تعقد اجتماعات للجنة المركزية، ويشلون الحزب، ويوجد شعور بالابتعاد عن نتنياهو. وهناك أسباب عدة، بينها (البؤرة الاستيطانية) عمونا. ما هي علاقتنا بعمونا؟ هم (مستوطنو عمونا) لا يصوتون لليكود أصلاً؛ انجرفنا وراء حزبهم (البيت اليهودي)»، لكنه قال إن أغلبية بالليكود تؤيد نتنياهو.
يذكر أن محققي الشرطة الكبار عقدوا جولة تحقيق ثانية مع نتنياهو، في مقر رئيس الوزراء في القدس الغربية؛ بدأت مساء الخميس، واستمرت 5 ساعات حتى منتصف الليل. وقد أبلغه المحققون أنه تحت طائلة التحذير، في قضيتين وليس قضية واحدة، وواجهوه في قضية جديدة، ولم يكن نتنياهو يعلم بتفاصيل هذه الشبهات من قبل، بحسب بيان الشرطة.
كان المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، قد صادق، الأسبوع الماضي، على أن تفتح الشرطة تحقيقًا جنائيًا ضد نتنياهو. القضية الأولى، تتعلق بشبهات حول حصوله على منافع شخصية من رجال أعمال إسرائيليين وأجانب، بينما لم يجر الكشف عن الشبهات في القضية الثانية، لكن جرى وصفها بأنها القضية المركزية والأخطر بين القضيتين. وخلال جلسة التحقيق أول من أمس، أوضح المحققون لنتنياهو أنه يحظر عليه الاتصال مع أي من الضالعين في القضية الثانية والخطيرة، تحسبًا من تشويش مجرى التحقيق، وأنه جرى في سياقها التحقيق مع مشتبه آخر. وذكرت الشرطة، في بيانها، أنه يوجد تخوف من تشويش مجرى التحقيق من جانب مشتبهين في القضية الثانية والأخطر.
واتضح أن القضية الأولى تتعلق بعدد غير قليل من رجال الأعمال الإسرائيليين والأجانب الذين درجوا على تزويد نتنياهو بشكل ثابت ودائم بالسيجار الفاخر، وتزويد زوجته بزجاجات الشمبانيا الثمينة. وأحد رجال الأعمال الضالعين بتزويده بهذه المنافع الشخصية، هو رجل الأعمال أرنون ميلتشين الذي يملك أيضًا 9.8 في المائة من أسهم القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي. وبما أن نتنياهو يشغل منصب وزير الإعلام أيضًا، المسؤول عن قنوات البث التلفزيوني، فإن الحصول على هدايا كهذه يعتبر تجاوزًا للقانون، وهو يثير الشبهات بتضارب المصالح. وكان ميلتشين قد أدلى بإفادة بهذا الخصوص لدى الشرطة، وذكر المحققون أمام نتنياهو أسماء مجموعة كبيرة من رجال الأعمال الذين قدموا له «هدايا» ثمينة، بحسب الشبهات.
وقد اعترف نتنياهو بهذه التهم، لكنه اعتبرها مسألة قانونية، باعتبار أنه يقيم علاقات صداقة قديمة مع رجال الأعمال المذكورين خلال عمله السياسي، وأيضًا في فترات استراحته من العمل السياسي.
تجدر الإشارة إلى أن عضو الكنيست أريئيل مرغليت، والمحامي إلداد يانيف، من حزب العمل المعارض، قدما التماسًا إلى المحكمة العليا، أول من أمس، طالبا فيه بإلزام المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، بفتح تحقيق جنائي ضد نتنياهو، في قضية شراء ثلاث غواصات جديدة من حوض بناء غواصات ألماني، وصفاها بأنها قضية فساد سلطوي. وجمع مقدما الالتماس، عبر الإنترنت، أكثر من 19 ألف توقيع مساند. وطالب الالتماس بأن يشمل التحقيق الجنائي محامي نتنياهو الشخصي، ديفيد شيمرون، وهو ابن خالة نتنياهو، ويمثل مندوب شركة بناء الغواصات الألمانية في إسرائيل. وأكدا أن هناك شبهات قوية بأن نتنياهو دفع باتجاه شراء ثلاث غواصات من دون توصية من الجيش الإسرائيلي، وبخلاف موقف كثير من قادته.
وقالت تقارير إسرائيلية إن إيران تملك نحو 5 في المائة من أسهم شركة «تيسنكروب» الألمانية لبناء الغواصات، وأنها قد تحصل على معلومات حول الغواصات التي ستزود لإسرائيل.
5 ساعات أخرى من التحقيق تهز «عرش» رئيس الوزراء الإسرائيلي
ليكوديون يطالبون نتنياهو بالاستقالة.. ومعارضون بفتح ملف «الغواصات الألمانية»
5 ساعات أخرى من التحقيق تهز «عرش» رئيس الوزراء الإسرائيلي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة